مرأة ومجتمع نُشر

الكثير من الحب يؤدي إلى "الإدمان العاطفي"

الفروق بين نفسية الرجل والمرأة عديدة، فالنساء مثلا يربطن علاقتهن بالزوج بالحب والجنس، لذلك فان أكثر الإشكالات التي تنشأ في الحياة الزوجية تكمن في ما يطلق عليه تسمية «الإدمان العاطفي».

المختصون النفسيون يرون أن هذا الأمر يتعلق بالنساء أكثر من الرجال محذرين من أن هذا الأمر يمكن أن يعكر الحياة الزوجية، أما أسباب نشوء الإدمان العاطفي فعديدة، غير ان أساسها يكمن في طريقة التعاطي مع العواطف بين الطرفين.

ويرى بعض الاطباء النفسيين بان النساء يلحقن بسرعة جدا بزملائهن في مجال العمل والارتقاء الوظيفي ويصبحن ناجحات ويحققن الاكتفاء الذاتي، غير أنهن يتخلفن عن الرجال في مسألة أساسية وهي طريقة التعاطي مع العواطف.

وهذه المسألة تجعل منهن شخصيات منقسمة على نفسها، فأمام الناس وفي المجتمع يظهرن مبتسمات وسعيدات لذلك يحظين بالتقدير والاعتراف، غير أنهن بعد أن يغلقن أبواب منازلهن عليهن يصبحن حساسات وغيورات ومشككات.

لغة العواطف

وعلى خلاف تعاملهن مع الناس في محيطهن الاجتماعي والمهني، حيث يحكمن على الأمور وفق المنطق ويسعين إلى التصرف العقلاني، فإنهن في التواصل مع الشريك الحياتي لا يسيطرن على الوضع ويتكلمن في اغلب الأحيان بلغة العواطف بشكل قوي. ففي الوقت الذي تكون فيه المرأة بين زملائها وأصدقائها مرحة ضاحكة وواثقة بنفسها، قد تكون في حياتها الشخصية في المنزل باكية وشخصية تابعة عاطفيا.

وتظهر علائم التبعية أو الإدمان العاطفي من خلال أشكال مختلفة، لكنها ترتبط دائما بقلة وجود الاهتمامات الشخصية وعدم الثقة بشريك الحياة، انطلاقا من عدم الثقة بالنفس والخوف من أن يجد الرجل امرأة أخرى.

شك وابتزاز

مثل هذا النوع من النساء يراقبن عادة أزواجهن، ويحرصن على التنصت على مكالماتهم أو البحث في دفاتر هواتفهم وبرامج أعمالهم ومع من يلتقون ويقابلون، كما يحاولن التلاعب برجالهن وابتزازهم عاطفيا. غير أن المشكلة هنا تكمن في أن جميع هذه التصرفات تسعى إلى هدف واحد، هو الرغبة بالعثور على الضمان الذي يؤكد لهن أنهن يشكلن الاهتمام الرئيسي في حياة رجالهن، ما يعني عمليا انهن يردن احتكارهم لأنفسهن.

ويرى الاختصاصيون النفسيون بان الإدمان العاطفي يمكن مقارنته من حيث شدته بالإدمان على التدخين أو الكحول أو المخدرات، لأنه يحد من حرية الشخص ويقيده ويؤثر سلبا على حياته، أما المظهر الأساسي للإدمان على الآخر فيكمن في عدم الرضا عن الحياة الخاصة، وبالتالي البحث عن حل لذلك من خلال تحويل الرجل إلى المحور الرئيسي لها.

نهاية محزنة

وهناك العديد من الحالات التي كان فيها هذا الإدمان السبب في افتراق الكثير من الأزواج، لان الرجل لم يعد يستطيع تحمل الشكوك المستمرة به والاتهامات الموجهة إليه ومحاسبته وهجمات الغيرة التي يشهدها من جهة شريكته.

وتقوم المرأة المدمنة عاطفيا في الحالات الأفضل بالشك بشريكها، وبدلا من الاهتمام بهواياتها واهتماماتها، تصر على مشاركة زوجها اهتماماته على الرغم من أنها تكون مختلفة تماما عن رغباتها وأمنياتها.

إن اغلب النساء يتخلين خلال الحياة الزوجية عن صديقاتهن ويتوقفن عن ممارسة هواياتهن، وبدلا من ذلك يقبلن بأصدقاء وهوايات أزواجهن، الأمر الذي يحدث في اغلب الأحيان بشكل عفوي وتدريجي وغير لافت. غير أن هذا الأمر يمكن أن ينتهي بأزمة كبيرة لان الرجل يصبح في هذه الحالة موضع متابعة مكثفة من قبل زوجته، وبالتالي يتعمق لديها الإدمان العاطفي الذي يخلق عدة مشاكل لاحقا.

وتصبح المشكلة اكبر عندما يقرر الرجل التوقف عن تحمل هذه المعاناة وترك الحياة المشتركة، لأن المراة تشعر وقتها بنوع من اليأس وفقدان الأمل، لهذا تعمد إلى الابتزاز العاطفي بمختلف أشكاله، وتصبح وحيدة بحزنها ويأسها لأنها لا تجد أصدقاء لها يساندونها في محنتها، بعد أن ابتعدت عنهم أثناء الحياة الزوجية.

الخروج من المأزق

وهناك الكثير من الطرق التي تساعد المرأة على تجنب نشوء حالة الإدمان العاطفي، وأهمها توافر الاهتمامات والهوايات لديها، فالسبب الأكثر شيوعا للإدمان العاطفي هو فقدان ما يملأ وقت الفراغ وقلة الأصدقاء، وبالتالي إذا أرادت المرأة أن لا تصبح مدمنة عاطفيا يتعيّن عليها أن تطور اهتماماتها وهواياتها، وان تجد دائما الوقت الكافي لنفسها لتحقيق ذلك، كما يتعيّن عليها على الدوام أن لا تتخلى عن معارفها وصديقاتها، بل على العكس عليها أن تشارك في مختلف الفعاليات والنشاطات التي كانت تحبها في الماضي، أي قبل زواجها.

ومن الحلول العملية المفيدة أيضا لمنع نشوء الإدمان العاطفي الالتحاق بدورات مختلفة لا تؤمن لها فقط ملء الفراغ، إنما تمنحها أيضا الفرصة لعقد صداقات وكسب معارف جدد، لان هذا يساعدها في تحقيق ذاتها وتطويرها.

مواضيع ذات صلة :