آراء وأقلام نُشر

مخاطر التكنولوجيا المالية الــFintech

 ويرى الكثير من المهتمين أن التكنولوجيا المالية  اليوم أصبحت أحد أهم الصناعات الواعدة على مستوى العالم لقدرتها على استخدام الآليات والتقنيات التكنولوجية الحديثة

بقلم/ نبيل الشهالي*

مخاطر التكنولوجيا المالية الــFintech

    يعتبر مصطلح التكنولوجيا المالية  Financial Technology والذي يعرف "" Fintech من أهم المصطلحات المالية التي ظهرت في القرن الواحد والعشرين، ويشمل هذا المصطلح الابتكارات المالية في الخدمات ووسائل تقديمها والابتكار في طريقة تنفيذ المدفوعات والتحويلات المالية، وتقديم خدمة المحافظ والنقود الإلكترونية والنقود المشفرة والتعامل مع الأموال بشكل الكتروني مستخدمةً التطور التكنولوجي ، الذي يقوم على أساس المزج بين التكنولوجيا الحديثة والبرمجيات المتطورة .

وتتمتع التكنولوجيا المالية (Fintech) بقدرة هائلة على تغيير هيكل الخدمات وجعلها أسرع وأرخص وأقل كلفة وأكثر شفافية وإتاحة، وتستهدف شرائح العملاء التي لم تتمكن البنوك من الوصول إليهم من قبل، وقد تمكنت هذه التكنولوجيا من تبسيط عملياتها إلى درجة كبيرة وقدمتها بطريقة تفوق ما قدمته البنوك في جميع المستويات ؛ وبالتالي فقد دخلت الشركات الناشئة وشركات تكنولوجيا المعلومات على خط تقديم الخدمات المصرفية وأوجدت لنفسها سوقا كبيرا ؛ الأمر الذي أدى إلى تجزئة وتوسيع سوق الخدمات المالية وجعل السلطات الرقابية في كثير من الدول تستسلم للواقع . وتحت ضغوط كبيرة بدأت بإصدار تراخيص لهذه الشركات لتقديم الخدمات المالية مثل خدمات ( التمويل أونلاين، تقديم خدمة الحوالات، سداد الأقساط، مدفوعات مالية، جمع أموال لتمويل مشاريع أونلاين).

 ويرى الكثير من المهتمين أن التكنولوجيا المالية  اليوم أصبحت أحد أهم الصناعات الواعدة على مستوى العالم لقدرتها على استخدام الآليات والتقنيات التكنولوجية الحديثة، والاستفادة منها في توسيع نطاق تقديم الخدمات والمنتجات المالية والمصرفية، ولقد أدى التطور الهائل الذي يشهده العالم اليوم في مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات إلى ظهور العديد من التطبيقات والحلول المالية والمصرفية المبتكرة، والتي تساعد بشكل كبير في زيادة كفاءة الخدمات المالية وتوسيع انتشارها، وما يترتب على ذلك من تأثير إيجابي على الاقتصاد العالمي.

هذا التقدم التكنولوجي مثلما له مزايا فإن له تهديدات حيث تظهر تهديداته على البنوك في مختلف أنحاء العالم مما يستوجب التحوط له والتعامل معه وعمل الخطط اللازمة للاستجابة له لتكون البنوك مستعدة لمواجهة المنافسة الشرسة من شركات التكنولوجيا المالية من أجل تقليل آثار هذه المنافسة لتكون قادرة على البقاء في السوق.

وقد أدركت لجنة بازل هذه التهديدات وأثرها على مستقبل الصناعة المصرفية في العالم وقامت بإصدار ورقة استرشادية تتحدث فيها عن الخدمات المصرفية التي ستتأثر بالتكنولوجيا وكيف سيكون مصير البنوك في مواجهة هذه التحديات وما هي الخطط التي يجب أن تتبناها البنوك ومقدمو الخدمات المصرفية لاستغلال الفرص والتقليل من الآثار المباشرة للتهديدات وأكثر ما يجعل هذا التهديد كبيرا في الفترة القادمة هو حجم الاستثمارات في التكنولوجيا المالية الذي وصل إلى أكثر من 200 مليار دولار بحلول نهاية العام 2018م.

ووفقا للجنة بازل للرقابة المصرفية فإن التكنولوجيا المالية ستحدث أثرا مباشرا على هيكل الخدمات التالية وهي: 1) الائتمان والإيداع وجمع رأس المال 2) المدفوعات والتسويات المالية 3) وإدارة الاستثمارات/ الثروات، إضافة إلى تكنولوجيا البلوكشين Blockchain وعمليات التداول بالعملات الرقمية المشفرة.

وقد قامت لجنة بازل بعمل استبيان ووزعته على أعضائها من البنوك في العالم لمعرفة نوعية الخدمات المالية المعرضة بشكل كبير لمخاطر التأثير القادم من التكنولوجيا المالية والشركات الناشئة وجاءت نتائج استبيان كما يلي :-

ما هو المصير المنتظر  للبنوك في المستقبل القريب؟

حيث والتقدم التكنولوجي يتطور بشكل كبير في كل عام وفي مختلف أنحاء العالم والتكنولوجيا المالية تنافس بقوة لتقديم الخدمات المالية وتزاحم البنوك ،فإن هذا يعني أن جميع البنوك في العالم  سواء في الدول المتقدمة أو في الدول النامية أصبحت وستصبح في مواجهة مباشرة مع مخاطر التكنولوجيا المالية وسيعتمد مصيرها على حسب درجة الاستجابة للتهديد ، وقد استشعرت لجنة بازل هذا التهديد وقامت بإصدار ورقة استرشاديه بعنوان Sound practice: Implications of Fintech Development for Banks and supervisors of banks  حيث حددت لجنة بازل خمس سيناريوها محتملة أكدت أن الFintech  سيحدثها على مستوى الصناعة المصرفية في العالم ومن المتوقع أن تكون استجابة البنوك لهذه التأثُيرات وفقا للسيناريوهات التالية :-

السيناريو الأول :- البنك الأفضل Better Bank :- وهو أن تقوم البنوك في ظل هذا السيناريو برقمنة وتحديث نفسها لمنافسة الشركات الناشئة في تقديم الخدمات الجديدة لتبقى محافظة على قاعدة عملائها.

السيناريو الثاني : البنك الجديد The New Bank : في هذا السيناريو سيتم استبدال البنوك التقليدية القائمة ببنوك جديدة كليا حيث لا يمكن للبنوك التقليدية الحالية أن تبقى في ظل موجة التقدم التكنولوجي وبالتالي سيتم استبدالها ببنوك جديدة تعتمد على التكنولوجيا في تقديم خدماتها أو ستظهر بنوك مملوكة لشركات التكنولوجيا الكبرى.

السيناريو الثالث: البنك الموزع The Distributed bank :في ظل هذا السيناريو ستدخل البنوك بشراكات وتحالفات مع شركات التكنولوجيا المالية في تقديم الخدمات المالية ليكون دور البنوك تقديم الخدمات المالية ويكون دور شركات الFintech في توصيل الخدمات للعملاء وتشغيلها في واجهاتها وأنظمتها.

السيناريو الرابع :- البنك الهابط The Relegated Bank : ستصبح البنوك في ظل هذا السيناريو مجرد مقدم للخدمات المالية فقط متخلية عن عملائها الى شركات التكنولوجيا المالية حيث تأتي الشركات المالية الى هذه البنوك وتطلب منها إستئجار ترخيصها لتقديم الخدمات المالية مقابل نسبة معينة من المبيعات وبهذه الحالية يصبح العملاء مملوكون لشركات التكنولوجيا المالية وليس للبنوك .

السيناريو الخامس :- البنك الزائل The Disintermediated bank: هذه البنوك هي البنوك التي ستستمر في تقديم خدماتها بالطريقة التقليدية وبسبب ذلك سيهاجر عملائها إلى بنوك أخرى متقدمة أو إلى شركات التكنولوجيا المالية ما سيؤدي إلى انقراضها.

السيناريوهات المحتملة لتأثير التكنولوجيا المالية على البنوك:

 وفي الفترات القادمة سيكون أمام البنوك السير بأحد خيارين مع الشركات الناشئة :-

الخيار الأول :- الشراكة مع الشركات الناشئة في تكنولوجيا المعلومات وإيجاد فرص مشتركة لتطوير الأعمال .

الخيار الثاني :- المنافسة مع الشركات الناشئة في مجال تكنولوجيا المعلومات وسيفوز الطرف الذي سيتمكن من تطوير خدمات تلبي احتياجات العملاء.

مخاطر  وفرص البنوك في ظل التكنولوجيا المالية

لا شك أن المنافسة الشديدة في التكنولوجيا المالية الFintech سينتح عنه فرص وتحديات للبنوك ومزودي الخدمات المصرفية وبالتالي يجب على البنوك أن تبقى يقظة وبشكل متواصل وتعمل على الاستفادة من الفرص المتوفرة وتقليل أثر التهديدات الذي سيأتي من الشركات الناشئة ، وعليها أن تضع الخطط الاستراتيجية لشكل الخدمات المالية التي ستقدمها في الأعوام القادمة وتختار إما الشراكة مع الشركات الناشئة وتجنب كبرياء التعاون مع هذه الشركات لتضمن البقاء ، أو المضي قدما في خيار المواجهة مع هذه الشركات وهنا قد تخسر السباق وقد تربحه.

*مدير المخاطر - بنك التضامن

مواضيع ذات صلة :