ربما تحد الإضطرابات التي تجتاح الشرق الأوسط من الطاقة الإنتاجية الفائضة لدى منظمة أوبك على المدى الطويل -ناهيك عن المدى القصير- مع اتجاه الحكومات القلقة في المنطقة لارجاء تنفيذ اصلاحات مطلوبة لترشيد استهلاك الوقود في الداخل.
وقد يؤثر تعطل معظم إنتاج ليبيا البالغ 1.6 مليون برميل يوميا بقوة على كمية النفط التي يمكن أن تضيفها أوبك سريعاً الى الاسواق في حالة حدوث نقص في المعروض والتي تقل عن خمسة ملايين برميل يومياً.
والمملكة العربية السعودية (أكبر دولة مصدرة للنفط في العالم) بطاقتها الانتاجية الاجمالية التي تبلغ نحو 12.5 مليون برميل يومياً تستحوذ على القدر الاكبر من الطاقة الفائضة في العالم والتي يمكن تعريفها بأنها كمية النفط التي يتسنى ضخها في غضون 30 يوماً والحفاظ على مستواها على مدى 90 يوماً.
وقال مصدر سعودي بارز يوم الأثنين الماضي 28 فبرايرأن المملكة تنتج حوالي تسعة ملايين برميل يومياً ومازال بامكانها إنتاج نحو 3.5 مليون برميل يوميا. وأكدت السعودية أيضاً أن الكمية تشمل نوع النفط الخفيف سهل التكرير الذي تصدره ليبيا الى أوروبا أساساً. لكن هذا لم يقنع البعض.
فأحد العوامل وراء حدوث قفزة في أسعار النفط الخام إلى ما يقرب من 120 دولاراً للبرميل الاسبوع الماضي كان تقريرا لجولدمان ساكس جاء به أن تعطل الانتاج الليبي قد يمتص ما يصل الى نصف طاقة أوبك الانتاجية الفائضة.
وقبل الانتفاضة الشعبية في ليبيا كان كثيرون يقارنون بين ارتفاع الأسعار الذي صعد بسعر الخام الى حوالي 100 دولار للبرميل هذا العام وبين صعوده القياسي في 2008 الى ما يقرب من 150 دولاراً عندما كانت الطاقة الفائضة أقل من مليوني برميل يومياً.
ويرى بعض المحللين الان من أوجه الشبه ما يزيد على أوجه الاختلاف مع تراجع هامش النفط الفائض لدى أوبك عن مستوى 5% «أي ما يقرب من خمسة ملايين برميل يومياً» من الطلب العالمي الذي يعتبره المحللون مريحاً.
وتتوقع وكالة الطاقة الدولية أن يزيد الطلب النفطي لمستوى قياسي يتجاوز 90 مليون برميل يومياً بحلول نهاية العام.
ويمكن أيضا أن تؤثر أعمال الصيانة في الحقول مؤقتاً على طاقة الانتاج.
«وقال ديفيد كيرش مدير خدمات معلومات السوق بمؤسسة » بي.اف.سي انرجي « للإستشارات في واشنطن » رأينا أنهم وافقوا على ميزانية تغطي كل أعمال الصيانة في حقولهم ومن ثم قد تنخفض الطاقة الفائضة القصوى خلال الصيانة الى نحو 500 ألف برميل يوميا في أوقات مختلفة.
وعلى المدى الابعد قد تتمثل المشكلة في زيادة الإستهلاك المحلي الذي تأمل السعودية والأعضاء الأخرون بمنظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) منذ فترة في الحد منه من خلال خفض الدعم ورفع أسعار الوقود.
«وقال سامويل سيزوك كبير محللي الطاقة لمنطقة الشرق الاوسط وشمال افريقيا في اي.اتش.اس جلوبال انسايت » أحد أكبر ضحايا هذه الاضطرابات هو حملة خفض الدعم. ما من أحد سيجرؤ على الاقدام على هذا الان.
وأطاحت موجة الغضب الشعبي برئيسي تونس ومصر بينما يكافح الزعيم الليبي معمر القذافي للاحتفاظ بالسلطة كما تدور احتجاجات في البحرين المجاورة للسعودية.
وما كان من العاهل السعودي الملك عبد الله سوى أن أعلن عن مزايا للسعوديين تقدر قيمتها بنحو 37 مليار دولار.
«وقال محلل طلب عدم نشر أسمه ان هذه الإجراءات ستساعد على زيادة الإستهلاك » وهو ما يعني طلبا اضافيا على الطاقة وضغطا أكبر على انتاجها من الخام ومنتجات التكرير.
وأظهرت أرقام بقطاع النفط السعودي اطلعت عليها رويترز أن المملكة تتوقع زيادة الاستهلاك المباشر للوقود بغرض توليد الكهرباء الى 540 ألف برميل يوميا هذا العام مقارنة مع 403 الاف برميل يوميا في العام الماضي.
ومن المتوقع زيادة استخدامات المصافي الى 1.987 مليون برميل يوميا من 1.827 مليون برميل في 2010 .
وقال جون سفاكياناكيس كبير الإقتصاديين بالبنك السعودي الفرنسي ان الدعم الممنوح بقطاع الطاقة(والذي قدر تكلفته السنوية بنحو 27 مليار ريال (7.20 مليار دولار) في مجال النقل وحده) يجب التعامل معه على نحو عادل للحفاظ على طاقة إنتاج النفط بالمملكة.
«وأضاف » يجري حرق نحو 50 ألف برميل من النفط يوميا في السعودية على بند توصيل الابناء الى مدارسهم.
ومسألة زيادة استهلاك الطاقة مثار حديث في أنحاء الخليج بما فيه الامارات والكويت.. الدولتان الوحيدتان باستثناء السعودية اللتان لديهما طاقة انتاجية فائضة كبيرة.
وتوقع تقرير لشركة وود ماكنزي للاستشارات في العام الماضي أن تكافح دول الخليج لتوفير قدر من الغاز يكفي لتوليد الطاقة وهو ما سيؤدي الى استخدام المزيد والمزيد من النفط في توليد الكهرباء وليس في التصدير.
والطاقة الفائضة في الامارات والكويت محدودة بالفعل.
وتختلف توقعات المحللين بقوة حتى أن البعض يعتقد أنها لا تتجاوز 500 ألف برميل يوميا بالنسبة للبلدين مجتمعين.
وقال مصدر بشركة البترول الوطنية الكويتية ان الكويت لديها طاقة انتاجية فائضة تتراوح بين 600 و700 ألف برميل يومياً.
وقالت الإمارات ان طاقتها الاجمالية تبلغ نحو 2.8 مليون برميل يومياً وانها تنتج نحو 2.3 مليون برميل في اليوم أي أن لديها طاقة فائضة قدرها 500 ألف برميل.
ويمثل خام مربان الخفيف نصف كمية الطاقة الاجمالية البالغة 2.8 مليون برميل يومياً.
ومعظم انتاج السعودية من الخام الثقيل لكن انتاجها الاضافي الذي رفع طاقتها الاجمالية الى 12.5 مليون برميل يوميا اشتمل على خام خفيف.
واصطحب مسؤولون بالمملكة صحفيين الى حقل خريص في الاسبوع الماضي وقالوا ان بالامكان ضخ ما يصل الى 1.4 مليون برميل يوميا من الخام الخفيف.
«وقال كامل الحرمي وهو محلل نفطي مستقل يقيم بالكويت » يمثل الخام الثقيل حوالي 60 % من الطاقة السعودية الفائضة بينما يمثل الخفيف 40%. ومن بين اجمالي طاقة أوبك الفائضة التي تتراوح بين خمسة وستة ملايين يمثل الخام الخفيف 30 %.