ثقافة وفنون نُشر

أبوظبي تنجز أضخم مشروع لترجمة الحكايات الشعبية في العالم

بمناسبة مرور عامين على تأسيسه، أعلن مشروع "كلمة" للترجمة الذي أطلقته في نوفمبر/تشرين

الثاني 2007 هيئة أبوظبي للثقافة والتراث، عن إطلاق مبادرة جديدة تحمل عنوان "ثقافات الشعوب"، وهي كناية عن 72 كتاباً سيجري إطلاقها دفعة واحدة، تتضمن ترجمة لمئات الحكايات والقصص من التراث الشعبي العالمي، والتي يجري تقديمها للقارئ العربي للمرة الأولى.
وكشف محمد خلف المزروعي مدير عام هيئة أبوظبي للثقافة والتراث أن بادرة "ثقافات الشعوب" التي جعلها مشروع "كلمة" عنواناً للاحتفاء بإضاءة شمعته الثالثة، هو إحدى المبادرات الكبرى العديدة، التي يعدّ لها المشروع، وسيجري الإعلان عنها تباعاً.
وأشار إلى أن الخطة الاستراتيجية لهيئة أبوظبي للثقافة والتراث تنطلق للفترة (2008- 2012)، من رؤيتنا بأن تصبح إمارة أبوظبي مركزاً ثقافياً إقليمياً وعالمياً، وتعتبر "الترجمة" وعملية التبادل الثقافي في هذا الصدد أحد أهم محاور هذه الاستراتيجية، وعنصراً أساسياً في التطور الحضاري لمسيرة الإنسانية، ويوفر الإمكانات التي تسمح بتعزيز ثقافتنا، وتوسيع آفاقنا وعلاقاتنا مع الآخر، وقد أولت الهيئة من خلال استراتيجيتها اهتماماً كبيراً لتعزيز قدراتها في هذا المجال.
وأكد المزروعي أن هذا المشروع الضخم أراده مشروع "كلمة" تعبيراً عن روحيته ونهجه، بوصفه مشروعاً معرفياً يحرص على خلق صلة متجددة ودائمة بين الثقافة العربية والمنتج الثقافي الإنساني العالمي، وقد عمل عليه 32 مترجماً من مختلف الدول العربية، ناقلين الحكايات الشعبية لشتى شعوب الأرض، والتي سيجد القارئ العربي فيها صدى لحكايات يعرفها، أو حتى موجودة بأشكال أخرى باللغة العربية، وفي الوقت نفسه سيفاجأ بعدد ضخم من الحكايات التي يطلع عليها للمرة الأولى.
وقال مدير مشروع كلمة د. علي بن تميم: "تأتي هذه السلسلة التي تجمع تراث الشعوب من الحكايات والأساطير والخرافات الشعبية، منسجمة مع الأهداف والقيم التي اختطتها لنفسها مبادرة كلمة منذ البداية، كمشروع رائد للترجمة في العالم العربي. تلك القيم والأهداف التي تسعى أبوظبي إلى تجسيدها ، لتشيع ثقافة التسامح والحوار، وبناء جسور التواصل بين شعوب الأرض وحضاراتها ، وتعزيز العمق الثقافي الجامع بين مختلف الأعراق والجنسيات والثقافات، وجمعها تحت سقف واحد، هو سقف الثقافة والمعرفة والكلمة التي تجمع ولا تفرّق".
وأضاف: "وليست حكايات الشعوب هذه، التي تقدّم للمرة الأولى لقرّاء العربية بمثل هذه الشمولية والكثافة والاتساع، إلا ترسيخاً لهذا المشترك الإنساني الجامع. وكأن ما اصطلحت البشرية على تسميته عولمة منذ عقدين من الزمان ونيّف، كان متحقّقاً بالفعل منذ مئات بل آلاف السنين، عبر حكايات نجدها تتنقّل بحرية من أرض إلى أرض، ومن لسان إلى آخر، حيث تطرأ عليها تعديلات هنا أو هناك، لتناسب ثقافة هذا الشعب أو ذائقة تلك الأمة، أو ظروف تلك الجماعة. وفي بعض الأحيان نجد الحكاية نفسها – مع تغيير في أسماء الناس والأمكنة - تروى في أقاصي الشرق، على نحو ما تروى في أقاصي الغرب، أو شمال الأرض أو جنوبها. فإذا كانت الحكايات تتمتع بميزة أساسية فهي قدرتها على اختراق الحدود الجغرافية والعرقية والنفسية والسياسية والدينية واللغوية، لتولد في كل مرة، وعند كل قوم من الأقوام، بصورة خاصة وفريدة، تشير إلى خصوصية الذات".
تتوزع الحكايات تحديداً على 72 كتاباً، وقد جرى اختيارها غالباً من كتب أنجزها علماء أنثروبولوجيا بارزين في نهايات القرن التاسع عشر والربع الأول من القرن العشرين، أي في ذروة صعود علم الأنثروبولوجيا، عندما دأب عدد كبير من العلماء على استكشاف ميراث الشعوب، وتسجيل وتوثيق حكاياتهم قبل أن تضيع.
أما خارطة البلدان التي تشتمل عليها هذه الحكايات فتتضمن: الهند، البنغال، بريطانيا، فرنسا، إيطاليا، السويد، النروج، هولندا، آيسلندا، أيرلندا، الدانمارك، إقليم الباسك، قبيلة زوني، أفريقيا الغربية، نيجيريا، اليابان، الصين، كوريا، الفلبين، روسيا، أستراليا، كندا، الهنود الحمر، شعب الآينو، تشيكيا، رومانيا، ويلز، بولندا، اسكتلندا، التيبت، تركيا، صربيا، جورجيا، الإسكيمو، الغجر، هاواي... وغيرها.
وعمل على هذا المشروع 32 مترجماً بعضهم من المحترفين الذين لهم باع طويل في الترجمة، وبعضهم من المترجمين الجدد، وذلك بما ينسجم أيضاً مع أهداف مشروع كلمة بالبحث عن المواهب الجديدة في مجال الترجمة، ودعمها، وفي كثير من الأحيان الإشراف المباشر على عملها.
أما منسق مشروع ثقافة الشعوب ومحرره سامر أبو هواش، فتوقف عند مراحل تنفيذ هذا المشروع قائلاً: "كان علينا أولاً أن نختار هذه الحكايات بحيث تكون ممثلة لمعظم ثقافات العالم، وهذه مهمة اضطلع بها عدد من الخبراء ممن قرأوا مئات النصوص والكتب بهدف اختيار ما ستجري ترجمته. بعد ذلك جاءت عملية اختيار المترجمين ومتابعة العمل معهم، إذ أننا أردنا أن تكون لغة الترجمة، وبقدر ما تحافظ على روحية كل مترجم ولغته، ذات سمات مشتركة، بمعنى أننا لم نرد لغة مغرقة في التبسيط، لأننا لسنا أمام كتب للأطفال فحسب، بل هي لكل الأعمار، ولا مغرقة في الفصاحة، لأن هذا العمل موجّه أيضاً لجميع فئات المجتمع، فكان من الضروري الحرص على أن تأتي اللغة متناسبة مع هذه الاعتبارات، ومع منطق السرد الحكائي في الوقت نفسه".
وحول أهمية تقديم هذا المشروع اليوم للقارئ العربي قال أبو هواش: "الأهمية الأولى من حيث المبدأ تكمن في تقديم هذا العدد الهائل من الحكايات دفعة واحدة، وثانياً في أنها تعيد إحياء الحكاية الشعبية التي تشهد حالة من الركود منذ زمن، وثالثاً وهذا الأهم، أن هذه الحكايات تأتي في زمن الحروب والانقسامات والصراعات لتؤكد على المشترك الإنساني الكبير، والممتد كما سيكتشف قراء هذه الحكايات، إلى آلاف السنين".

 

مواضيع ذات صلة :