وهذه الاتجاهات، التي تمتد من التكنولوجيا الحيوية إلى الطاقة النووية والأمن السيبراني، مرشحة للعب دور محوري في إعادة رسم ملامح اقتصادات المنطقة خلال السنوات المقبلة.
وبحسب تقرير نشره موقع (AGBI) فإن التركيز المفرط على الذكاء الاصطناعي يخفي وراءه تحولات تقنية عميقة لا تقل أهمية، تشهدها دول الخليج والشرق الأوسط، وتفتح آفاقاً جديدة للنمو وتوليد الوظائف وتعزيز السيادة التقنية.
التكنولوجيا الحيوية تكتسب زخماً
تُعد التكنولوجيا الحيوية من أسرع القطاعات التقنية غير المرتبطة بالذكاء الاصطناعي نمواً في المنطقة، وتشمل مجالات متعددة مثل تطوير الأدوية، والتقنيات الطبية، وعلم الجينوم، والوقود الحيوي.
ورغم أن السوق بات يُقدَّر بمليارات الدولارات، إلا أن التوقعات تشير إلى نمو متسارع مع انتقال الاستثمارات من مرحلة التخطيط إلى التنفيذ.
وتقود السعودية والإمارات هذا التوسع من خلال ضخ استثمارات كبيرة في البنية التحتية للبحث والتطوير، في حين تخصص دول أصغر، مثل البحرين، مليارات الدولارات لبناء قدرات الفحص والاختبار.
ووفق تقرير صادر عن «ستراتيجي&» التابعة لشركة «برايس ووترهاوس كوبرز» (PwC) يتوقع أن تصل قيمة سوق الجينوم وحدها في الشرق الأوسط إلى 1.2 مليار دولار بحلول 2027، مع استحواذ السعودية والإمارات على نحو 60% من هذه القيمة.
تقترب الحوسبة الكمية من التطبيق
رغم أن الحوسبة الكمية لا تزال في مراحلها المبكرة، فإن عام 2026 قد يشهد خطوات عملية نحو استخدامها التجاري في المنطقة.
وفي الإمارات، يعمل «معهد الابتكار التكنولوجي» مع شركة «كوانتينوم» (Quantinuum) الأميركية-البريطانية على تطوير الخوارزميات والتطبيقات التجارية للحوسبة الكمية.
كما دخلت شركة «أرامكو السعودية» في شراكة مع شركة «باسكال» (Pasqal) لإطلاق أول حاسوب كمي تابع لها، يركز على التطبيقات الصناعية.
بدورهم، يرى محللون أن هذه التقنية قد تحدث تحولاً في قطاعات الطاقة والصناعة، لكنها في المقابل تفرض تحديات جديدة على أنظمة الأمن السيبراني التقليدية.
تسريع «توطين البيانات»
يشير مفهوم (Geopatriation) أو توطين البيانات إلى نقل أحمال العمل الرقمية إلى سحابات وطنية ومراكز بيانات محلية تخضع للسيادة القانونية للدول.
وتتسارع هذه الظاهرة في الشرق الأوسط، مع التوسع في استخدام الذكاء الاصطناعي، ما يخلق فرصاً كبيرة لمشغلي مراكز البيانات المحليين.
كما نجحت شركة (Mastiska) الناشئة في الإمارات في جمع 10 ملايين دولار في جولة تمويل أولية لتطوير قدرات تصميم أشباه الموصلات محلياً، بدعم من صناديق سيادية.
ويعكس تعاون مركز محمد بن راشد للفضاء مع شركة (Kongsberg Nanoavionics) الأوروبية، أهمية برامج الأقمار الصناعية السيادية.
الطاقة النووية والمفاعلات الصغيرة
وتتوقع «الوكالة الدولية للطاقة» أن تتضاعف القدرة النووية في الشرق الأوسط ثلاث مرات بحلول 2035.
وبينما توجد حالياً خمسة مفاعلات نووية كبيرة عاملة، يزداد الاهتمام بالمفاعلات النووية الصغيرة المعيارية، التي تتميز بانخفاض تكلفتها وسرعة بنائها، ويتوقع أن تصبح هذه المفاعلات خياراً مثالياً لتغذية مراكز البيانات العملاقة بالطاقة.
وأشارت مجموعة «جي42» التكنولوجية الإماراتية، الشريك في مشروع (Stargate UAE)، إلى أن الطاقة النووية ستكون ضمن مزيج الطاقة المستخدم لتشغيل ما يصل إلى 5 غيغاواط من قدرات مراكز البيانات.
الأمن السيبراني
تتزايد مخاطر الهجمات السيبرانية، مع تسارع التحول الرقمي، ووفق استطلاع أجرته «برايس ووترهاوس كوبرز» (PwC)، فإن نحو 15% من المؤسسات في الشرق الأوسط تعرضت لاختراقات تجاوزت خسائرها 100 ألف دولار.
في هذا السياق، يكتسب نموذج الأمن السيبراني القائم على انعدام الثقة زخماً متزايداً، حيث لا يُمنح أي مستخدم أو جهاز صلاحيات تلقائية دون تحقق مستمر.
ويتوقع خبراء أن يصبح هذا النموذج معياراً أساسياً في المؤسسات الحكومية والصناعية في المنطقة خلال السنوات المقبلة.
ارم بيزنس