قد يُروى تاريخ شعب معين في ضوء تعامله مع التدخلات الخارجية المستمرة في شؤونه، ربما يكون ذلك هو التوصيف الأدق لحالة اللبنانيين وأسلافهم، فالدولة التي ندعوها لبنان اليوم لم تكن بمنأى على الإطلاق ضد الغزاة الأجانب، بدءا بأطماع اليونانيين والرومان في ثروات الفينيقيين إلى محاولات الحملات الصليبية والخلفاء والسلاطين السيطرة على المنطقة، يفسر هذا التنوع الذي يتمتع به المجتمع اللبناني، الذي استخدم الجبال لقرون كملاذ من الاضطهاد الديني.
لم ينته التدخل الأجنبي بانتهاء الانتداب الفرنسي على سوريا عام 1943، واستقلال لبنان تبعا لذلك، لكن مستقبل دولة لبنان لا يزال حتى اليوم رهينة لارتباط أجندات داخلية بأجندات خارجية، وأبرز الأمثلة على ذلك الاغتيال الصادم لرئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري واستمرار حزب الله، المشارك في الحكومة، في العمل كوكيل لرعاته الإيرانيين.
في أقصى الشرق، اعتاد الأفغان على وجود الغزاة الأجانب، ودائما ما كان حكامها يرفضون بناء طرق التجارة التي تربط أفغانستان بجيرانها خشية التحول إلى شبكة لمسارات الغزو.
الشرق الأوسط