لا تزال المبادرة الخليجية لحل الأزمة اليمنية تتأرجح بين التفسيرات والشروط بشأن مكان التوقيع وصفة الموقعين، فبينما يصر حزب المؤتمر الشعبي العام الحاكم على ضرورة أن يوقع الرئيس علي عبدالله صالح على الاتفاقية بصفته الحزبية أو يصدق عليها بمعية رئيس الدورة الحالية لمجلس التعاون الخليجي بعد التوقيع عليها من الأطراف الحزبية المختلفة، تتمسك المعارضة بالمبادرة كما جاءت دون تعديل، خاصة بعد أن وافق عليها الطرفان بصيغتها الحالية، وسط أجواء سياسية مشحونة بالتوتر وتوقعات بانهيار اقتصاد البلد إذا لم يتم التوقيع على المبادرة في فترة قريبة وعدم إعطاء التفسيرات المختلفة والتعجيزية لتنفيذ المبادرة سعياً للحصول على مكاسب سياسية لما بعد استقالة الرئيس صالح .
وكانت مصادر رسمية قد قالت إن “الجهود تتواصل لإعداد مشروع اتفاق حل الأزمة السياسية المقدم من قبل الأشقاء في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية في إطار المبادرة الخليجية، وذلك على ضوء الملاحظات التي أبداها المؤتمر الشعبي العام، متوقعاً أن يتم التوقيع على مشروع الاتفاق في صنعاء من قبل عبدالكريم الإرياني، المستشار السياسي لرئيس الجمهورية، النائب الثاني لرئيس المؤتمر الشعبي، كممثل للمؤتمر الشعبي العام وحلفائه، وأن توقعها كذلك قيادة اللقاء المشترك وحلفاؤها، على أن يجري التصديق عليها عقب ذلك من قبل الرئيس صالح ورئيس الدورة الحالية لمجلس التعاون الخليجي” .
من جانبها تمسكت المعارضة اليمنية بالمبادرة كما جاءت نصاً وروحاً لأن أي تعديل فيها يفتح الباب لتعديلات تريد المعارضة إدخالها على المبادرة، خاصة أنها تواجه بمعارضة من شباب ساحات التغيير، وجددت المعارضة تأكيدها إصرارها التزقيع على المبادرة كما جاءت، بضمنها توقيع الرئيس صالح عليها بصفته الرسمية، إلا أنها لا تمانع من إضافة أية صفة أخرى للرئيس، إلى جانب الصفة الرسمية، مثل رئيس حزب المؤتمر، أو رئيس أحزاب التحالف الوطني الديمقراطي .
وأشارت المعارضة إلى أنها تلقت اتصالات من الأمين العام لدول مجلس التعاون الخليجي بإرسال قائمة بأسماء 15 قيادياً من المعارضة وشركائها، مقابل 15 اسماً من الطرف الآخر تمهيداً للتوقيع على المبادرة، وكان مصدر في حزب المؤتمر الشعبي العام قد أكد هو الآخر أنه بعث إلى أمين عام مجلس التعاون الخليجي بأسماء ممثلي الحزب وحلفائه الذين سيوقعون على مشروع الاتفاق، وقال في تصريح نشرته صحيفة “26 سبتمبر” الناطقة باسم القوات المسلحة إنه “من أجل ضمان نجاح المبادرة الخليجية لابد من التعامل معها كمنظومة متكاملة من دون تجزئة أو انتقاء، وتنفيذ ما ورد في مشروع الاتفاق بنداً بعد بند وفقاً للأزمنة الواردة فيه” .
وأشار المصدر إلى أن “نجاح المبادرة يقتضي أن تلتزم الأطراف المعنية بإزالة عناصر التوتر سياسياً وأمنياً، حسبما ورد في مشروع الاتفاق وأن يتضمن بالضرورة التزام اللقاء المشترك وحلفائه بإزالة أسباب الاحتقان من خلال إنهاء الاعتصامات ووقف التظاهرات وكل أعمال التخريب وقطع الطرق واقتحام المباني الحكومية، فضلا عن إنهاء التمرد في بعض وحدات القوات المسلحة، وخروج بعض العناصر المسببة للأزمة من البلاد لفترة مؤقتة حتى إجراء الانتخابات الرئاسية في الموعد المحدد في مشروع الاتفاق” .
وجدد المصدر التأكيد على أن “تحقيق ذلك يعد ضرورياً لإنهاء الأزمة وتصفية مظاهرها ومعالجة تداعياتها وتهيئة الأجواء لتحقيق الوفاق الوطني والحفاظ على أمن واستقرار ووحدة البلاد” .
وتأتي هذه التطورات في وقت تعيش فيه البلاد أزمة اقتصادية خانقة، حيث يحذر خبراء اقتصاديون من خطورة بقاء الأزمة السياسية تتراوح في ملاعب السياسيين، وعدم النظر إلى ما تعانيه البلاد من أزمات اقتصادية خانقة، وأنه كلما تأخرت الأطراف في التوقيع على المبادرة الخليجية التي تعد مخرجاً للجميع وإنقاذاً لليمن من الانهيار كلما دخلت البلد في أزمة اقتصادية خانقة أكثر وأكثر، بخاصة إذا ما استمرت المواجهات في الشوارع ومظاهر العنف بين السلطة والمعارضة وشباب ساحات التغيير المطالبين بإسقاط النظام للشهر الثالث على التوالي .




