الأخبار نُشر

المحكمة العليا الأميركية تتحدى ترامب: شكوك حول شرعية الرسوم الجمركية

في مواجهة قضائية قد تُعيد رسم ملامح السياسة الاقتصادية الأميركية، أبدت المحكمة العليا في الولايات المتحدة شكوكاً واضحة حيال مشروعية الرسوم الجمركية الواسعة التي فرضها الرئيس الأميركي دونالد ترامب، معتبرةً أنه ربما تجاوز صلاحياته الدستورية في واحد من أبرز قراراته الاقتصادية المثيرة للجدل.

المحكمة العليا الأميركية تتحدى ترامب: شكوك حول شرعية الرسوم الجمركية

وخلال جلسة استماع استمرت أكثر من ساعتين ونصف، وجّه عدد من القضاة المحافظين تساؤلات حادة إلى ممثل الحكومة حول استخدام ترامب قانون "السلطات الاقتصادية الطارئة" الصادر عام 1977 لفرض عشرات المليارات من الرسوم شهرياً على الواردات.

ورأى رئيس المحكمة العليا جون روبرتس أن تلك الرسوم تُعد بمثابة "ضرائب تُفرض على الأميركيين"، وهو اختصاص لطالما كان من صلب صلاحيات الكونغرس، فيما أبدى القاضي نيل غورساتش تحفظاً مماثلاً، وانضمت إليهما القاضية إيمي كوني باريت في توجيه أسئلة مشككة في مدى قانونية الإجراء، بحسب بلومبيرغ.

وفي حال صدور حكم ضد ترامب، قد تُجبر الحكومة على إعادة ما يزيد عن 100 مليار دولار للمستوردين الأميركيين الذين تكبّدوا تكلفة الرسوم، ما سيشكل ضربة مالية وإدارية قاسية ويقوض إحدى أهم أدوات الضغط التجاري التي استخدمها ترامب ضد شركاء واشنطن الاقتصاديين.

 ويرى مراقبون أن هذه القضية قد تمثل أول كبح فعلي من المحكمة العليا لسياسات ترامب الاقتصادية، التي توسعت إلى حدود غير مسبوقة مقارنة بسابقيه في البيت الأبيض، أما القضاة الليبراليون الثلاثة، فقد انضموا بدورهم إلى المعسكر المشكك، ما يوحي بأن الأغلبية القضائية تميل نحو اعتبار الرسوم غير قانونية.

ورغم جدية الطرح، ساد الجلسة جو غير مألوف من الهدوء والمرح أحياناً، إذ تبادل القضاة بعض النكات الطريفة خلال النقاش، غير أن خلف هذا المشهد الطفيف من الطرافة تكمن قضية معقدة ذات أبعاد اقتصادية كبرى، تتعلّق بما يُعرف بـ"عقيدة الأسئلة الكبرى" التي تمنح الكونغرس وحده سلطة اتخاذ القرارات ذات التأثير الواسع على الاقتصاد والسياسة العامة.

وتعتمد إدارة ترامب في دفاعها على قانون الطوارئ الاقتصادية الدولية لعام 1977، الذي يمنح الرئيس صلاحيات استثنائية لمعالجة الأزمات القومية، غير أن النص القانوني لا يشير بوضوح إلى منح الرئيس سلطة فرض رسوم جمركية.

 ويؤكد المعارضون أن هذا التأويل يفتح الباب لتفويض مفتوح يهدّد مبدأ الفصل بين السلطات، ورأى القاضي غورساتش أن منطق الإدارة قد يؤدي نظرياً إلى السماح للرئيس بإعلان الحرب أو فرض أي ضرائب دون العودة إلى الكونغرس، محذراً من "انزلاق خطير في ميزان السلطات".

انعكاسات سياسية وانتظار القرار بشأن الرسوم الجمركية

هذا وتحظى القضية بمتابعة حثيثة في واشنطن، بحضور مسؤولين بارزين من وزارة الخزانة والتجارة، إلى جانب عدد من أعضاء الكونغرس من الحزبين، وتشير التقديرات إلى أن المحكمة قد تصدر قرارها قبل نهاية العام الجاري، وسط ترقب كبير في الأوساط الاقتصادية والسياسية.

وفي حال إبطال الرسوم، قد تلجأ الإدارة الأميركية إلى أدوات قانونية أخرى أكثر تعقيداً لإعادة فرض بعض الرسوم، خصوصاً تلك المتعلقة بالصلب والألمنيوم والسيارات، لكن النتيجة الأوسع ستكون سياسية بامتياز: إعادة رسم حدود سلطة الرئاسة في إدارة الاقتصاد الأميركي والعلاقات التجارية الدولية.

 

العربي الجديد


 

مواضيع ذات صلة :