وحسب تقارير نشرتها صحيفة فايننشال تايمز ووكالة بلومبرغ ومجلة "ذا بانكر" الاقتصادية يوم الخميس الماضي، استناد لمذكرة نشرتها الشركة الرائدة عالمياً في مجال الخدمات المصرفية الاستثمارية وأسواق رأس المال "جيفريز" (Jefferies)، فإنّ نائبة رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي ميشيل بومان تقود جهوداً لخفض نسب الرافعة المالية المطبقة على البنوك من 5% إلى 3.5%، وتطبيق نسخة أخفّ من متطلبات رأس المال التي تقتضيها اتفاقية بازل الثالثة.
ولا تزال بنوك أوروبا تلتزم بحد أدنى لنسب الرافعة المالية المحددة بـ3%، وترتفع في بعض البلدان لتصل إلى قرابة 4%، ما سيعرضها للخسارة أمام بنوك أميركا.
ونسب الرافعة المالية المطبقة على البنوك هي مقياس لمدى اعتماد البنك على الديون لتمويل أصوله، وتحسب عن طريق قسمة رأس مال البنك من المستوى الأول على إجمالي تعرضه لنسبة الرافعة المالية، والذي يشمل الأصول والبُنود خارج الميزانية العمومية، وتفرض الجهات الرقابية كالبنك المركزي الأوروبي حداً أدنى لهذه النسبة، يبلغ 3% وفقاً لمتطلبات بازل الأخيرة.
وتعتمد البنوك الأوروبية على مجموعة من المعايير الدولية التي أصدرتها لجنة بازل للرقابة المصرفية لتعزيز استقرار القطاع المصرفي والمعروفة بـ"بازل 3" لتحديد نسب الرافعة المالية، إذ لا توجد نسبة واحدة موحّدة، ولكن هناك نسبة الحد الأدنى للرافعة المالية، والتي تبلغ 3% من الأصول المرجحة بالمخاطر، وتضاف إلى هذه النسبة متطلبات رأس المال التنظيمية الأخرى التي تفرضها الجهات الرقابية، مثل المتطلبات المحدّدة من هيئة الرقابة المصرفية الأوروبية.
تخفيف اللوائح لتجنّب الخسارة
وبدأت البنوك في الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة بمطالبة المنظمين بتخفيف اللوائح الصارمة، وخفض احتياطات رأس المال المرتفعة، خوفاً من خسارة المزيد من الحصة السوقية لصالح البنوك الأميركية، وتجري مناقشات مالية مكثفة لتلافي خسارة بنوك أوروبا وبريطانيا أمام الأميركية.
وتشير التقارير الاقتصادية إلى أنه في حال قام مجلس الاحتياطي الفيدرالي بخفض نسب الرافعة المالية المطبقة على البنوك إلى 3.5%، بدلاً من 5% الحالية، وتخفيف اختبارات الضغوط السنوية، وتطبيق نسخة أخف من متطلبات رأس المال التي تقتضيها اتفاقية "بازل 3" (التي تلتزم بها بنوك أوروبا)، سوف تؤدي تلك الإصلاحات لتحرير سيولة بقيمة 2.6 تريليون دولار لتستخدمها البنوك الأميركية في الإقراض.
ونقلت صحيفة فايننشال تايمز يوم الخميس الماضي عن تقرير لشركة "ألفاريز آند مارسال" أن البنوك الأوروبية والبريطانية ترى في هذا التحول الأميركي ترسيخاً لهيمنة "وول ستريت"، إذ يُتوقع أن تمنح هذه الخطوة "وول ستريت" مجالاً أوسع لزيادة الائتمان والتداول وتعزيز الميزانيات العمومية، بالإضافة إلى دعم نشاط البنوك في سوق سندات الخزانة الأميركية البالغ حجمه 29 تريليون دولار، وسيؤدي ذلك فوراً إلى تحرير ما يصل إلى 140 مليار دولار من رؤوس أموال البنوك الأميركية، ما سيعزز نمو القروض وبرامج إعادة شراء الأسهم وتوزيع الأرباح.
وصرح مسؤول تنفيذي أوروبي بارز لصحيفة "فايننشال تايمز" بأن هذا التباين في نسبة الرافعة المالية يمثل "أخباراً سيئة للغاية" في ما يتعلق بالتنافسية، إذ تزداد المخاوف من خسارة البنوك لمزيد من حصتها السوقية لصالح البنوك الأميركية.
إجراءات تحفظية
ودفعت هذه المخاوف بنك "يو بي إس" السويسري إلى دراسة نقل مقره الرئيسي إلى الولايات المتحدة، بينما يترقب قراراً حكومياً قد يرفع متطلبات رأس المال الخاصة به بمقدار 26 مليار دولار، في خطوة تهدف إلى تشديد الرقابة على البنك بعد انهيار بنك "كريدي سويس".
ويراجع بنك إنكلترا نظام الرافعة المالية وقد يخفف قواعدها جزئياً، وسط تقديرات بأنه إذا حذت المملكة المتحدة حذو أميركا، فقد تنخفض متطلبات رأس المال للبنوك البريطانية بنحو 8%، لكن المحللين يتوقعون أن تخفف المملكة المتحدة قواعدها بنصف ما تخطط له الولايات المتحدة.
واحتلت البنوك الأميركية العام الماضي المراكز الخمسة الأولى عالمياً من حيث إيرادات الخدمات المصرفية الاستثمارية، واستحوذت على سبعة من المراكز العشرة الأولى، وفقاً لبيانات "ديالوجيك".
وتشير التقديرات إلى أن أكبر 13 بنكاً أميركياً تمتلك بالفعل فائضاً في رأس المال يناهز 200 مليار دولار فوق الحد الأدنى التنظيمي، ما يمهد لها الطريق لتحقيق مكاسب ضخمة من الإصلاحات المرتقبة.
من ناحية أخرى، تخضع مجموعة "جيفريز" المالية وذراعها للتمويل التجاري "بوينت بونيتا كابيتال"، للتحقيق من هيئة الأوراق المالية والبورصات الأميركية بسبب إفصاحاتهما المتعلقة بالتعرض لشركة "فيرست براندز جروب" لتوريد قطع غيار السيارات المفلسة.
ولا يقتصر هذا التحقيق على فحص مدى كفاية إفصاحات المستثمرين، بل يثير أيضاً أسئلة حول الضوابط الداخلية والصراعات المحتملة للمصالح داخل شركة "جيفريز"، كما يطرح تساؤلات حول كيف يؤثر هذا التدقيق التنظيمي لممارسات الإفصاح الخاصة بشركة "جيفريز" على سرد استثمارات الشركة وسمعتها.


