انشغلت وسائل الإعلام العربية والغربية طيلة الأسابيع القليلة الماضية بالحديث عن احتمال نشوب حرب ضد حزب الله في لبنان.
وقال د. صالح بكر الطيار رئيس مركز الدراسات العربي الأوروبي في تقرير نشر يوم الجمعة في باريس انه ذهب البعض إلى رسم سيناريو يفيد إن شظايا هذه الحرب ستصل إلى سورية، وسيعاد اثر ذلك رسم خارطة سياسية جديدة للمنطقة• ونقلت وسائل الإعلام إن الرئيس ميشال سليمان سمع من نظيره الأميركي باراك أوباما أثناء لقائه في البيت الأبيض ان واشنطن قد رفعت الغطاء عن منع اسرائيل من القيام بأي عمل عسكري ضد حزب الله، كما تردد ان رئيس الحكومة سعد الحريري قد سمع كلاماً مماثلاً أثناء لقائه الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي.وتنقل وسائل الإعلام يومياً تصريحات لكبار المسؤولين السياسيين والعسكريين الإسرائيليين التي تهدد وتتوعد وتنذر بأنه في حال نشوب أي حرب فإن الجيش الإسرائيلي سيعتبر كل لبنان هدفاً عسكرياً له، فيما يذهب البعض إلى حد تهديد سورية والتلميح بأنها ستكون ساحة حرب لكي لا تمد مقاتلي حزب الله بالصواريخ والسلاح في حال نشوب الحرب المقبلة.
كما تنقل وسائل الإعلام يومياً عن مناورات تقوم بها إسرائيل وعن توزيعها اقنعة ضد الغازات السامة وعن استحداث شبكات صواريخ باتريوت مضادة لصواريخ حزب الله وعن بناء مجسمات شبيهة بالقرى اللبنانية الجنوبية والتدرب على اقتحامها .
وتصل هذه التهديدات إلى إسماع قادة حزب الله ولكن لا يعيروها أهمية كبيرة إذ يجمع هؤلاء على القول ان إسرائيل اعجز من ان تشن أي حرب قريبة على لبنان، وأنها في حال ارتكبت مثل هذا الخطاً فإن الحرب ستكون اقسي من سابقتها عام 2006 لأن حزب الله لديه مفاجآت كثيرة قد اعد لها العدة وأكمل التجهيزات اللازمة بشأنها.
وتذهب التأويلات هنا الى حد الحديث عن امتلاك حزب الله صواريخ مضادة للطائرات، او عن تجهيزه فرق عسكرية لاقتحام المستعمرات الإسرائيلية، أو عن قدرته على رمي مئات الصواريخ يومياً والتي ستطال حتماً ما هو ابعد كثيراً من تل ابيب .
ودخلت سورية مؤخراً على خط المواجهة الإعلامية حيث صرح وزير خارجيتها وليد المعلم بأن سورية ستدخل الحرب في حال تم استهداف حزب الله او حركة حماس او أي منطقة سورية .
وأضاف الطيار انه برأي المتابعين لهذه الموجة الإعلامية والراصدين لتداعياتها فإن احتمال نشوب حرب قريبة في المنطقة بعيدة جداً وأن كل ما يقال يدخل في خانة التهويل الإعلامي .
وتسربت معلومات تفيد ان وزير خارجية اسبانيا ميغيل موراتينوس نقل الى السوريين مؤخراً رسالة إسرائيلية تفيد ان سورية لن تكون بمأمن في حال نشوب حرب بين اسرائيل وحزب الله، ووضع هذه التهديدات ضمن إطار محاولة الدفع بدمشق للقبول بمفاوضات مباشرة مع تل ابيب دون شروط مسبقة، فما كان من الوزير المعلم إلا إن رد على التهديد بتهديد ليبعث من وراء ذلك برسالة الى الإسرائيليين ان لا مفاوضات دون تعهد مسبق بإعادة الجولان وان دمشق ليست ضعيفة وان التهديد بالحرب يرد عليه بتهديد مماثل.
وتقول معلومات أخرى وصلت إلى دوائر رسمية لبنانية نقلاً عن تقارير غربية موثوقة إن التهديد الإسرائيلي بالحرب إنما له هدفان:
الهدف الأول : إن هناك تبايناً كبيراً بوجهات النظر بين الإسرائيليين أنفسهم وأن تهديد وزير الخارجية افيغدور ليبرمان بمهاجمة سورية انما هو رد على محاولة وزير الدفاع أيهود باراك بإعادة احياء المفاوضات غير المباشرة مع سورية .
وهذا التناقض في وجهات النظر برز أيضا بشأن العلاقة الإسرائيلية مع تركيا حيث افتعل ليبرمان حادثة دبلوماسية مع أنقرة عشية استعدادها لاستقبال أيهود باراك وأضاف الطيار أن ثمة معلومات واردة من باريس إن المشكلة ليس فقط في تشدد ليبرمان بل وجود صقور متطرفين في حضن تكتل ليكود وهذا ما يمنع نتنياهو من الالتزام بأي مبادرة سلام جدية، وإن هؤلاء الصقور لا يجيدون إلا قرع طبول الحرب .
الهدف الثاني : إيصال رسالة إلى طهران بأنها إذا لم تتساهل في الملف النووي فإن الرد سيكون ضد حزب الله في لبنان وضد حركة حماس في غزة لأن استهداف إيران مباشرة يعني إدخال منطقة الشرق الأوسط في أتون حرب من غير الممكن تقدير حجم خسائرها ولا تداعياتها ولا فترة محددة لنهايتها .
وأضاف الطيار هذا يعني إن الحرب لا زالت على المدى المنظور مستبعدة إلا إذا حصلت تطورات استدعت عكس ذلك .
وبانتظار رصد التطورات فإن طبول الحرب التي تقرع في لبنان ليست سوى محاولة لمعرفة مدى قدرتها على وصول أصدائها إلى تل أبيب أو إلى طهران .




