الأخبار نُشر

الأصول الناشئة معرضة للخطر وسط صراع الحكومات مع البنوك المركزية

العلاقات المتوترة ليست بالأمر الجديد.. لكن التحديات الحالية تعني الوصول لمستوى ساخن

الأصول الناشئة معرضة للخطر وسط صراع الحكومات مع البنوك المركزية


أصبح استقلال البنك المركزي ساحة معركة رئيسة متزايدة في الأسواق الناشئة، وهذا نذير سوء بالنسبة للمستثمرين في العملات والسندات.

تعرض البات التايلاندي لضغوط متكررة في الأسابيع الأخيرة بسبب المواجهة بين رئيس الوزراء وصُناع السياسة حول توقيت خفض أسعار الفائدة، كما اقترب الفورنت المجري من أدنى مستوى له منذ عام مقابل اليورو الأسبوع الماضي وسط صراع مستمر بين رئيس الوزراء فيكتور أوربان ورئيس البنك المركزي في البلاد.
وتراجعت قيمة الريال البرازيلي والليرة التركية لفترة طويلة بسبب مطالبة زعماء البلدين بخفض تكاليف الاقتراض.
وقال راجيف دي ميلو، مدير المحفظة الكلية العالمية في شركة “جاما أسيت مانجمنت” في جنيف: “بالنسبة للمستثمرين، فإن استقلالية البنوك المركزية تعد اعتبارًا أساسيًا في تخصيص رأس المال ضمن عملات الأسواق الناشئة والديون السيادية”.
وتابع: “أفضل الاستثمار في سندات وعملات تلك البلدان التي عالجت بشكل استباقي الارتفاعات التضخمية، وكنت حذرًا تجاه الأسواق التي تواجه فيها البنوك المركزية معوقات بسبب التدخل السياسي”.
وذكرت وكالة أنباء “بلومبرج” أن العلاقات المتوترة بين البنوك المركزية والحكومات ليست بالأمر الجديد، لكن التحديات الحالية التي تواجه الاقتصاد العالمي- حيث بدأت أسعار الفائدة الأعلى منذ عقود في إعاقة النمو- تعني أن التوترات تصاعدت إلى مستوى مرتفع بشكل غير عادي، واشتعلت حتى في الدول المتقدمة.

عادة ما يتفاعل المتداولون مع مثل هذه الصراعات عن طريق بيع العملات، لأن التصعيدات تبدأ عادةً بحكومة تتراجع عن السياسة النقدية المتشددة، إذ تفضل الحكومة تحفيز الاقتصاد على كبح التضخم، ومن ثم فإن انخفاض أسعار الفائدة وضغوط الأسعار المستمرة يؤدي إلى تدفقات رأس المال للخارج وانخفاض العائدات من العملات والسندات.
ضغوط كبيرة

انخفض البات التايلاندي بحوالي 5% هذا العام، حيث كثفت رئيسة الوزراء سريتا تافيسين الضغط على البنك المركزي لخفض أسعار الفائدة لتخفيف التباطؤ الاقتصادي.

ورد محافظ البنك المركزي التايلاندي سيثابوت سوثيوارتنارويبوت بالقول إن تخفيضات أسعار الفائدة ليست حلاً سحريًا للمشاكل الهيكلية التي يعاني منها الاقتصاد.

ولاحظ المتداولون ذلك من خلال تعزيز التسعير على خفض أسعار الفائدة على مدى الأشهر الستة المقبلة، فيما سحبت الصناديق العالمية 478 مليون دولار من السندات التايلاندية منذ بداية يناير، وهو أكبر تدفق خارجي في آسيا الناشئة للاقتصادات التي تقدم بيانات محدثة.
هجوم كبير

في المجر، تعمق الخلاف الطويل الأمد عندما حذر محافظ البنك المركزي جيورجي ماتولسي مؤخرًا من أن حكومة أوربان تخطط لإجراء تغييرات تنظيمية تمثل “هجومًا كبيرًا” ضد استقلال البنك المركزي.

ووصلت هذه التعليقات إلى ذروتها بعد يومين فقط من تسريع صناع السياسة لوتيرة التيسير النقدي وسط ضغوط لتقديم مزيدًا من التحفيز.

ويسعى التشريع المزمع إلى توسيع نطاق المجلس الإشرافي للبنك المركزي، والذي يشمل المعينين من قبل الحكومة، وسيُسمح للمجلس بالنظر في الاستثمارات، بما فيها المؤسسات المثيرة للجدل التي أنشأها البنك المركزي، والتي فحصها البنك المركزي الأوروبي أيضًا في الماضي.

في الوقت نفسه، قالت الحكومة المجرية إنها تحترم استقلالية البنك المركزي وتهدف فقط إلى تعزيز الشفافية والإدارة المالية الحكيمة في المجالات التي لا علاقة لها بالسياسة النقدية، وفقًا لما نشره وزير المالية ميهالي فارجا عبر منشور على موقع “فيسبوك”.
بؤرة توتر محتملة

ربما تكون إندونيسيا بؤرة التوتر المحتملة التالية، إذ تهدد خطط الرئيس القادم لتعزيز الإنفاق بتوسيع عجز الميزانية وخلق صراع مع السلطة النقدية.
قال جيروم تاي، مدير الاستثمار في “أبردن” في سنغافورة: “عندما يقول الناس بالفعل أنه سيكون هناك خطر محتمل على الإنفاق المالي- أي زيادة الإنفاق المالي- يمكن أن تكون هناك أيضًا دفعة أخرى للتخفيضات”.

وفي الوقت نفسه، فإن التضخم تحت السيطرة في إندونيسيا، لذلك قد لا يكون رد فعل المستثمرين سلبيًا للغاية إذا قام البنك المركزي بخفض أسعار الفائدة، حسب ما أضافه تاي، ورغم أن الصراع حول سياسة البنك المركزي تزايد في الأشهر الأخيرة، إلا أنه كان لفترة طويلة جزءًا من المشهد الاستثماري.

قال فيليب ماكنيكولاس، الخبير الاستراتيجي السيادي الآسيوي لدى مجموعة “روبيكو” في سنغافورة، إن “علامات الاستفهام حول استقلال البنوك المركزية في الأسواق الناشئة هي مجرد جزء من اللعبة”، مضيفًا أن الساسة سيسعون دائمًا للضغط على البنوك المركزية المتشددة لأن ذلك سيضر بفرص إعادة انتخابهم.


 

مواضيع ذات صلة :