خلال عشر سنوات مضت لم تسجل المسماة مجازًا (نقابة) أي موقف مع أي تربوي، ولم توكل محاميًا واحدًا في أي قضية كان أحد طرفيها تربوي، ولم تحمِ أي معلم مستأجر من ظلم مالك السكن، ولم تسعَ لإيجاد حلول لأي مشكلة صغيرة أو كبيرة من جملة المشاكل التي واجهها حملة مشاعل العلم والتنوير.
فجأة وبدون سابق إنذار استيقظ منتسبو قطاع التعليم على وجود نقابة لهم ماتت سريريا منذ عدة سنوات، وأن هذه النقابة فاقت وخرجت من غرفة العناية المركزة مع بدء آلية صرف الرواتب لموظفي الدولة، وقررت هذه النقابة رفع قضية على وزارة المالية في حكومة التغيير والبناء للمطالبة بصرف الرواتب للمعلمين، وتقوم بنشر استدعاء النيابة في وسائل التواصل الاجتماعي وجروبات منتسبي السلك التربوي والمزايدة بأسمائهم ودغدغت عواطفهم نفاقا وكذبا.
هذه اليقظة المتأخرة بعد سبات طويل ما هي إلا يقظة ذات دوافع معروفة وأغراض واضحة، فأي صحوة ستأتي بها نقابة مشكوك في شرعيتها سوى كالذي يسمع جعجعة ولا يرى طحينا؛ فهي مجرد فقاعات شعبوية للاستهلاك المحلي فقط، وليست مستندة على أسس قانونية، وخالية من دوافع المصلحة العامة.
يا سادة، يا كرام، يا حملة الطبشور والكتاب، لا تجركم عواطفكم، ولا تنخدعوا بمن يزايد بأسمائكم؛ لو كان هناك فعلا مطالب فالأمر بسيط جدا والحل أسهل.
لا أقول ذلك من باب النفاق، ولكنها الحقيقة؛ كان بإمكان قيادة النقابة ترتيب لقاء مع معالي وزير المالية الاستاذ عبدالجبار أحمد محمد، ووضع النقاط على الحروف، وشرح مشكلتهم التي يدعونها، والأخ الوزير رجل مكتبه مفتوح للجميع، وتلفونه لا يغلق، وهو رجل دولة حقيقي يتقبل النقد ولديه ما يكفي من رحابة الصدر ودماثة الأخلاق للاستماع إليهم بكل ذوق ورقي... كيف لا؟ وهو صاحب شعار (التحصيل بإحسان) عندما كان رئيسا لمصلحة الضرائب.
ولست هنا للإشادة بجهود وزير المالية وما بذله من عمل عظيم؛ فهو لا يحبذ ذلك، وإنجازاته ونجاحه وأرقامه تتحدث عنه، وتقطع الشك باليقين، وهو رجل صادق صاحب إرادة فولاذية، ولكن كما قال هو في إحدى تغريداته (إرضاء الناس غاية لا تدرك )، وبدلا من أن نقول له شكرا لك بأنك أعدت عجلة الرواتب للدوران ونفذت وعودك عوضا عن ذلك نسعى لمقاضاة وزارة المالية !!
وبرغم من كل إنجازات وزير المالية التي تكاد تصل إلى مستوى الإعجاز تقوم نقابة -جل المحسوبين عليها لا يستطيعون نطق اسمها الكامل صحيحا- برفع قضية على وزارته بدلا من تكريمه وإعطائه درع المعلم بالأصالة عن كل معلمي ومعلمات الجمهورية اليمنية، ولو كنت نقيبا لهم لفعلت ذلك على الفور وبدون اي تردد.
إن ما يحاول أن يقوم به قلة من المحسوبين علينا -كنقابيين- ما هو إلا محاولة ابتزاز بائسة لوزارة المالية، ومساعي فاشلة للتقليل من عظمة الإنجاز، و نغمة نشاز تريد إفساد الفرحة وتعكير أجواء السعادة التي يعيشها الجميع بانتظام صرف رواتبهم أو حتى نصفها.
كنا نأمل من النقابة العامة للمهن التعليمية والتربوية أن تتبنى قضايا وطنية هادفة تحمل طابع المصلحة العامة، وليس البحث عن الشهرة والشعبوية لأغراض خاصة ومصالح شخصية، وأن تكون مساندة وشريكة للجهات الحكومية المعنية في جهود الآلية المؤقتة لصرف الرواتب بدلا من تمثيلية دموع التماسيح التي تذرفها زورا وبهتانا على اللبن المسكوب.