رثى فنانو اليمن زميلهم الفنان الكبير فيصل علوي الذي رحل يوم الأحد بعد صراع مرير مع المرض عن عمر ناهز 61 سنة رفد خلالها
الأغنية اليمنية بعددٍ وافرٍ من الأغاني التي شكلت منه مدرسة غنائية ذات خصوصية تؤكد عبقرية صاحبها وديمومة منجزها.
وأكدوا في أحاديث بثتها وكالة الأنباء اليمنية أن المسيرة الفنية للفنان فيصل علوي شاهدة على مستوى التطور الذي تحقق له ومكانة الأثر الذي سجله في سفر الأغنية اليمنية حتى بات واحداً من أعلامها وعمالقتها، ورمزا من رموز لونها اللحجي.
* أجمل الأصوات
اعتبر الفنان أحمد بن غودل عميد معهد جميل غانم للفنون الجميلة بعدن أن فيصل علوي من كبار الفنانين الشعبيين، الذين أسسوا مدرسة للفن والغناء الشعبي "ومن الفنانين الذين نقشوا تراث المرحوم القمندان ونشروه على مستوى الخليج والوطن العربي".
وأكد بن غودل أن فيصل علوي كان يحوز واحداً من أجمل الأصوات الغنائية وقد مُنح في حياته فرصتان الأولى حين بدأ بالأعمال الحديثة من اللون اللحجي، ولكنه لم ينجح في ذلك بشكل كبير فأتجه إلى التراث الذي مثل له الفرصة الثانية وتمكن من خلاله إحياء تراث القمندان والتراث اللحجي ونشرة والتعريف به إلى خارج حدود الوطن.
وأشار إلى أن فيصل علوي كان من أبرز وألمع الأسماء في الفن والألوان الغنائية اليمنية خاصة اللون اللحجي، داعيا وزارة الثقافة والجهات المعنية إلى الاهتمام بالموروث الغنائي والفني الذي خلفه الراحل والعمل على توثيق أعماله وتسجيلها صوتيا والإشارة إلى مدرسته الفنية التي ستظل باقية من بعده.
* خسارة فادحة
فيما قال الفنان عصام خليدي: إن رحيل الفنان الكبير فيصل علوي خسارة فنية فادحة بكل المقاييس ولا يمكن تعويضها على المدى المنظور أو البعيد فقد كان في واقع الأمر ثروة فنية قومية.
وذكر أن الفنان فيصل علوي كان منذ بداياته الأولى واحداً من أهم مطربي الغناء اليمني وتحديداً اللون اللحجي (القديم والمعاصر) وممن ساهموا بفاعلية في استنهاض وبروز دور الندوات اللحجية في خمسينيات القرن المنصرم.
وأكد خليدي أن الفنان فيصل استطاع بما حباه الله من ملكات ومواهب استثنائية متميزة في عزفه المتقن والبارع على آلة العود وغنائه الساحر الأخاذ وصوته العذب الرخيم نشر الأغنية اللحجية بنكتهتها ومذاقها المتفرد بكل حرفية وأمانة وصدق ونجح في توصيلها بمستوى فني عال وراق ليبعث الروح إليها والحياة مجددا لها نافضا غبار الزمن من عليها بإبداعاته الغنائية الفذة.
* رائد الأغنية اللحجية
من جانبه يقول صديقه الفنان فضل كريدي: أنا وهو بدأنا في 59 وكنا نخرج معا للغناء في حفلات وحتى 1963م، بدأنا في عزف الكبنجات وظللنا مع الفنان فضل محمد اللحجي إلى عام 1964م ثم انضمينا إلى فرقة تبن الفنية حتى عام 1966م ... وعموما من خلال تجربتي مع هذا الفنان العملاق فقد بالفعل جديرا بصفة رائد الأغنية اللحجية، وبالذات الأغنية القمندانية حيث وصل بهذه الأغنية إلى مستوى الخليج والوطن العربي بشكل عام. وأشار إلى أن الفنان الكبير فيصل علوي كان عازف ماهر وملحن متفرد وفنان محبوب له مكانته في قلوب الناس.
* فنان أحبه الجمهور
بدوره جدد الفنان عوض أحمد التأكيد على الريادة التي حازها الفنان فيصل علوي في مجال الغناء الشعبي و دوره المشهود في إحياء التراث الفني بأشكال وألوان متعددة.
وقال: إن الفنان فيصل علوي علم من أعلام الغناء اليمني وفنان كبير أحبه الجمهور داخل اليمن وخارجه ويعتبر فنان لحج الأول وقد قام بنشر أغاني القمندان، وتقديمها للجمهور بأدائه الرائع وصوته الطروب.
وشدد على ضرورة أن تعمل الجهات المعنية على إعطاء هذا الفنان حقه، والاهتمام بأعماله وإبداعاته كرد جميل لهذه القامة الفنية التي قدمت الكثير لخدمة الفن والغناء والطرب.
ونوه بتمتع فيصل علوي في حياته بسيرة عطرة ومشوار فني حافل وحضور كبير في قلوب الناس والمحبين داخل اليمن وخارجه.
وقال عوض أحمد: ستظل أعمال الفنان فيصل علوي خالدة من بعده ومدرسة لأجيال قادمة ينهلون من نبعها الإبداعي للوصول بفن الغناء في اليمن إلى أعلى المراتب التي كان يطمح إليها الفنان الراحل. وابتهل إلى الله العلي القدير أن يتغمد الفنان الراحل بواسع رحمته، وأن يتقبله قبول الأبرار و يرزقه الجنة.
* أمير الغناء اللحجي
قال لفنان نجيب سعيد ثابت: الفنان فيصل علوي رحمة الله أعطى الفن اليمني واللحجي على وجه الخصوص كل جهده ووقته فقد استطاع أن يخرج الغناء اللحجي إلى كل البقاع على الساحة المحلية والخارجية، وبالأخص دول الجزيرة والخليج...
وأضاف ثابت: أنا اعتبره دوماً أمير الغناء اللحجي، وكنت اسميه الخارق دوماً في الأداء والعزف.
وتابع: ربطتني بالفنان فيصل علاقات حميمة، فقد أحببته وأحببت فنه، وكان يبادلني نفس الشعور، وكان رحمة الله صاحب واجب أمام أصدقائه فكان لا يتأخر برهة أمام أي صديق، وقد عرفته في أكثر من موقف معي أو مع فنانين آخرين..
وأضاف: لقد خسرت الساحة الفنية في اليمن فيصل علوي، ولن تستطيع تعويض مثله ولو بعد مئه عام.
* مرجعية غنائية
من جهته عبر الفنان أحمد الخالدي عن حزنه العميق بوفاة الفنان فيصل علوي. وقال: لقد خسرت الساحة الفنية علم من أعلام الفن اليمني، ومرجعاً من مراجع الألوان الغنائية اليمنية وخاصة اللون اللحجي، كما فقدت وطنياً غنى لليمن وأطرب الشعب بألحانه وأغانيه.
وأضاف: لقد عُرف الفنان فيصل علوي وطنياً ومناضلاً أحب وطنه وبلده، فقد عرفته قبل الوحدة اليمنية حينما كنا نشارك في الاحتفالات الوطنية بعدن قبل الوحدة وكانت مشاركاته تنال الإعجاب وتلقى ترحيباً كبيراً.
* نكهة خاصة
فيما قالت وكيل وزارة الثقافة لقطاع الفنون والمسرح نجيبة حداد: لقد تميز الفنان الراحل فيصل علوي بنكهة خاصة في فنه من خلال نكهة محافظة لحج التي تميزت بالفل والكاذي والبساتين الخضراء التي أعطت لأغنية الفنان القدير فيصل علوي نكهة بإيقاعات راقصة وبأزياء متميزة ومن خلال تقديمه للأغنية الراقصة والإيقاع اللحجي.
وأضافت: إلى جانب القصيدة والموسيقا التي وصلت إلى الإنسان في اليمن والخليج والجزيرة العربية وغيرها من البلدان حيث بقيت هذه الأغنية تتجدد بالأحاسيس والمشاعر التي تفاعل معها الفنان في عطائه متميزاً بالأغنية الوطنية والأغنية السياسية والأغنية الفرائحية والشعبية.
وتابعت: لقد تحدثت أغاني الفنان فيصل علوي عن الإنسان والأرض منذ الصباح الباكر مع صوت الأذان والزمان والمكان وتفاعل معها الإنسان، فارتسمت روحاً حية من خلال أنغام الفنان فيصل علوي، بقيت متواصلة في استمرارية هذا اللون من الغناء اللحجي والإيقاع اللحجي، الذي أعطى هذه الأغنية وهذا اللون الغنائي موقع الطرب والمشاركة على مستوى اليمن والجزيرة والخليج العربي.
وقالت: أعتقد إن الفنان فيصل علوي لن يكون غائباً بيننا، وإنما سيكون حاضراً على الدوام باستمرارية هذا اللون الغنائي اللحجي.
* الدور المطلوب
من جهته أكد المدير التنفيذي لتريم عاصمة الثقافة الإسلامية معاذ الشهابي أن وزارة الثقافة ستعمل على توثيق كافة الأعمال الفنية للفنان الكبير فيصل علوي والتنسيق مع السلطة المحلية بمحافظة لحج لتخصيص أحد المباني بالمحافظة لتكون مؤسسة فنية ومتحفاً يضم كافة أعماله الفنية وبعض الأشياء المتعلقة بالفنان من أعمال ومشاركات فنية وغيرها بما يسهم في تواصل الاحتفاء بتراث هذا الفنان الذي قدم لليمن الكثير، وكان أنموذجاً للفنان المحب لليمن والمعطاء للوطن والإنسان.