شارع القضايا نُشر

شهيد العمالقة

 
أحمد علي عبدالله نشوان
شهيد العمالقة
طب نفسا" يا شهيد الحق
تقديم سفيرالشهداء نصر الرويشان
 
منذ أن خلق الله الإنسان وأستخلفه في أرضه ، وهناك موقفان وقضيتان إثنتان هما الحق والباطل ، والإنسان بتركيبته البشرية وبما تحويه من مكونات مادية وروحية ، تتفاعل معهما وتخضع لعديد من المؤثرات البيئية المحيطة وسواء كانت تلك المؤثرات داخلية أم خارجية.
وقد يقف الإنسان حائرا" تجاهها ولا سبيل للتعامل أو إتخاذ قرار دون الحاجة الإنسانية للمساعدة والعون الإلهي ، وتكون عن طريق هدى الله الذي يرشد ويبين ويزيل كل لبس أو غموض حاصل تجاه حدث ما.
يرسل الله الرسل وينزل آياته للناس لينظم ويرسم معالم لكل إتجاه ولكل موقف يتعلقان بالوجود الإنساني والحاجات المتعددة لدية مع وجود هداية إلهية لغرض الوضوح وإقامة الحجة لأن العدل سبحانه هو المنظم والمسخر والمقدر والمسيطر والعالم والمعلم والخبير بكل ما كان وماهو كائن وما سيكون.
لذا فالحق بحاجه لمن يقوم به ويواجه الباطل ويسخر ذاته وكل ما يملك في سبيل الذود عنه،  ومن وقف مع الحق ونذر نفسه للدفاع عنه فقد فاز وسلك الطريق الصحيح ، ومن وقف مع الباطل وسانده فقد خسر وحل عليه غضب الله وسخطه ، لذلك شرع الجهاد وهو من الجهد والمشقه ، وليس بالشيئ الهين واليسير أن تجاهد، فالجهاد يحتاج لنفسية وروحية إيمانية عالية وراقية ومفعمة بمعرفة الله ومحبته والثقه به .
 الجهاد في سبيل الله عبادة ومن أفضل العبادات وأحبها لله ، وهو لذة للمؤمن ونكال للكافر ، وهو عون للحق لإثباته، وهو مقاومة للباطل لصده وإستئصاله ، وهو كما قال مولانا أمير المؤمنين علي عليه السلام أن الجهاد باب من أبواب الجنة ، فتحه الله لأوليائه ، وهو لباس التقوى ودرع الله الحصينة وجنته الوثيقه.
اليوم نتكلم عن مجاهد في عمر التاسعة عشرة من عمره ، رغم صغر سنه إلا أنه عظيم وكبير في جهاده وتضحياته ، إنه الشهيد / أحمد علي عبدالله نشوان ، الذي أبصر النور في صنعاء في نوفمبر العام 1997م.
في أسرة كريمة نشأ بين سبعة أشقاء وترتيبه السادس بينهم.
نشأ في صنعاء ودرس بها ، وكان يتصف بالهدوء والوقار والصبر والشجاعة ، وهو الخدوم الذي يقدم الكثير لمن حوله ومن يعيشون في محيطة ، فهو المتواضع المحسن ، وعلاقته جيده مع من حوله مبنية على الإحترام والمحبة ، وكان بارا" بأبيه وأمه وأخوته الذين يكبرونه سنا " .
كان الشهيد يتمتع بقناعة وعزة نفس وكان ملتزما" وورعا" يحرص على تزكية نفسه وحفظها من كل شوائب الدنيا ومغرياتها ، ويزهد ويتعفف عن متاعها وملذاتها التي تستهوي الكثير ممن هم في سنه.
أنطلق أخاه حمير مع أنصار الله في العام 2011م ، وسافر إلى صعده وألتحق بدورات توعويه وثقافية وعسكرية لمدة عام وكانت على فترات متقطعة ، وبعد عودة أخاه من صعده ، رأى تغيرا" ملحوظا" في واقعه وواقع من حوله ، وكان يتكلم عن المسيرة القرآنية ويوضح الكثير عنها،  ويشرح مبادئها وأهدافها وركائزها الأساسية التي تأتي من ثقافة القرآن ، تأثر الشهيد بثقافة القرآن وأنطلق على هذا الأساس، وأنطلق في المسيرة القرآنية ليروي ظمأه ويرتقي بمستواه الإيماني لينتقل لمرحلة الجهاد وتحمل المسؤولية الجهادية المنوطه به.
درس حتى وصل للصف الثاني الثانوي ولم يتمكن من إكمال دراسته بسبب عزمه على التحرك في سبيل الله أثناء العدوان السافر من قبل أعداء الدين والوطن أمريكا وإسرائيل وأدواتهم من صهاينة العرب، فأنطلق للجهاد في تعز ليقاوم الباطل وقوى الإستكبار التي تسعى لتدمير الوطن ، وذهب دون أن يخبر أباه خوفا" أن يمنعه أباه من الذهاب ، فوصل لتعز ورابط هناك ما يقارب أربعة أشهر بمعية المشرف أبو يحيى المروني ، وأوكل إليه أعمال التسليح ومعرفة إحتياجات المجاهدين من الذخائر والأسلحه ونقلها إليهم، ولم يتوقف عند هذا الحد بل شارك مع رفاقه  المجاهدين  بقتال المرتزقه والمنافقين.
ذكر لنا أحد أصدقائه الذين كانوا برفقته في جبهة تعز عن موقف حصل له ،  أنه ذات مره خلال إشتباكهم مع العدو، قام بإطلاق رصاصة على أحد المرتزقة ، ولم تقتله ، فأنحنى برأسه وأستغفر الله، فقال له صديقه لماذا أنت حزين ، فأجابه أن سبب عدم تمكنه من قتل المرتزق بتلك الرصاصة قد يكون بسبب تقصير في برنامج رجال الله، فقال له صديقه لا بأس نحن نخطئ أحيانا"، فقال الشهيد لا يجب أن نخطئ فرصاصة سبيل الله لها قيمه بينما رأس المرتزق ليس له قيمه.
جرح الشهيد بقصف من طيران العدوان  في منطقة بير باشا أثناء تواجده في بناية سكنية مكونه من أربعة أدوار،  وكان في الدور الثالث ، فلم يدري بنفسه إلا وهو في سيارة الإسعاف ، وكانت جروحه بليغه ،وتم نقله إلى صنعاء ثم سافر للشقيقه عمان لتلقي العلاج ،  فمكث بها لمده شهرين ونصف ، وأصر على نزع ضماداته والصفائح الحديدية في يده والمسامير التي في قدمه ليتمكن من العودة للوطن برغم ضرورة بقائه في عمان لإستكمال علاجه.، إلا أنه أصر على عودته.
مكث في منزله بصنعاء بعد عودته من عمان لمدة شهر ونصف ، وبرغم أنه مثخن بجراحه قرر العودة لتعز ليستأنف عمله الجهادي ، فوصل إليها وألتقى بالمشرف أبو يحيى وعندما رأه والضمادات على قدمه ويتكئ على عصاته ، طلب منه العوده فرفض وبعد إصرار من المشرف عاد لصنعاء ، وبرغم جراحه لم يستسلم لها ، وقام بتفعيل دوره الجهادي في حيه وشارك بالعمل الأمني وحراسة الحي ليلا"، وخلال تلك الفترة إلتحق بدورات ثقافية وعسكرية ومكث بصنعاء ثلاثة أشهر .
كان سلام الله عليه يرغب بالمشاركة في جبهة الحدود وحاول ولكنه لم يتمكن ، وبرغم قرب موعد الإمتحان للصف الثاني الثانوي ، إلا أنه رفض البقاء وعزم على إستئناف عمله الجهادي ، فالتقى بالمشرف أبو يحيى وقرر الذهاب معه ، وأنتقل معه لسفيان ورابط في معسكر العمالقه ،وأثناء ضرب الطيران كان يستبسل ويسعف الجرحى برغم كثافة الغارات، وفي يوم الإثنين الموافق 30/5/2016 نال الإستحقاق الرباني وأصطفاه الله شهيدا" مع رفاقه ومشرفه إثر بغارة جوية من الطيران السعودي الأمريكي .
وتم نقل جثمانه الطاهر لصنعاء وذهب أباه لرؤيته في مستشفى الكويت،  وحينما رأه قبله وضمه لصدره ضمة تحكي علاقة حب وطيده بين والد وإبنه الشهيد الذي سيغادره ولكن إلى خير سكن وحسن جوار وبرعاية ربانية ونعيم أبدي لا ينقطع ، وفي عرس ملائكي مهيب ، وزغاريد أمه العظيمه وفرحة إخوته بنيل أخاهم هذا الفضل وهذه المكرمه الإلهيه والمنحة العظيمة التي يستحقها من أحبهم الله وأصطفاهم شهداء، تم تشييع جثمانه الطاهر إلى روضة الشهداء بحي الجراف في تشييع مهيب،  وحضور كبير .. فسلام عليك يا شهيدنا العظيم وعلى جميع شهدائنا أزكى سلام.                        
 
 
 
 
 

 

مواضيع ذات صلة :