من هنا وهناك نُشر

باحث يمني يخترع جهازاً طبياً يعد الأول مـن نوعه فــي العالم يقلل من خطر الجلطات

إبراهيم سيلان العبيدي طالب دكتوراة في كلية الهندسة بالجامعة التكنولوجية الماليزية ..سيكمل أطروحته قريبا..العبيدي شارك بثلاث أوراق علمية في ثلاث مؤتمرات دولية في الولايات المتحدة الأمريكية والسويد، وفي تايوان.. وشارك بأوراق علمية في مؤتمرات داخل ماليزيا.. للعبيدي أنشطة أخرى غير أكاديمية.. إذا انتخب رئيساً لاتحاد للطلاب اليمنيين في جامعته وشارك في عدة أعمال تطوعية.

كان يحلم أن يقدم شيئا ينتفع الناس به وأن تكون لحياته معنى في تقديم ما يضيفه لخدمة البشرية.

جاءت الفرصة بعد تفكير مضنٍ استمر لسنوات اهتدى بعدها إلى اختراع جهاز يمكن أن يعالج أو يحل مشكلة مرضى الضغط العالي والمنخفض والجلطات ومرضى السكري وما تؤدي هذه الأمراض إلى وفيات بالجملة يمنيا وعربيا ودوليا ..وكان الدافع الأول لتوصله لفكرة الاختراع دراسته الجامعية في تخصص الهندسة الطبية بالأردن ..في الجامعة تلك تعمق في هذا الموضوع واكتملت فكرته بعد دراسته للماجستير في تخصص هندسه الاتصالات والالكترونيات في ماليزيا للاستفادة في دمج العلمين للخروج بهذا الجهاز.

كان العبيدي يتابع كثيرا في طفولته أفلام الكرتون التي تتحدث عن المستكشفين والمخترعين مثل نيوتن وباسكال وغيرهم ويستمتع كثيرا في قراءة كتب التاريخ والعظماء.

المخترع الذي ينحدر من أسرة علمية إذ يعمل والده مدرساً في كلية التجارة جامعة صنعاء سكن منذ طفولته في صنعاء وعاش حياة الطفولة في جو علمي ومستقر، وقد استفاد كثيرا من الجو العلمي الذي كان يحيطه به والده.

اختراع متفرد 

الجهاز الذي يعد أول اختراع للدكتور العبيدي عبارة عن شبكة لا سلكية محيطة بالجسم عن طريق هوائيات ذات تصاميم خاصة ، وهذه الهوائيات تعمل على تقليل تشتت الموجات الكهرومغناطيسية عند ملامستها للجسم من أجل قراءة بيانات دقيقة لحالات الدم داخل جسم الإنسان.

ويتميز هذا الاختراع بصغر حجمه حيث يمكن وضعه على جسم المريض عند مزاولته لحياته الاعتيادية كساعة يد أو سلسلة في الصدر لمراقبة خصائص وكثافة دم المريض باستمرار وإرسال موجات تنبيهية إلى تلفون المريض أولا ووحدة التحكم للمستشفى، أو الطبيب المختص ثانيا.

ويعمل بنفس اللحظة عند وجود أي خلل في كثافة دم المريض أو وجود هبوط أو ارتفاع حاد في السكر أو ضغط الدم على إنقاذ المريض من حدوث جلطة أو سكتة قلبية قد تؤدي إلى وفاته . وسيساعد هذا الاختراع الكثير من المرضى الذين يحتاجون إلى متابعة طبية دائمة كالمصابين بالسكري والمصابين بالضغط العالي والمنخفض وأيضا الذين أصيبوا بجلطة سابقا.

أعداد الوفيات المتزايدة جراء الجلطات والارتفاع والانخفاض الحاد في ضغط وسكر الدم ولد للعبيدي هما في محاولة السيطرة على هذه الأمراض للتقليل من مضارها على الناس وذلك بالاستفادة من ثورة الاتصالات الحالية وربطها بأجهزة مراقبة ليكون جسم المريض مراقباً دائماً وهو يمارس حياته اليومية لتجنب أي موت مفاجئ لا قدر الله.

نعرف جيدا أن عدد الوفيات بالجلطات يتزايد بشكل مطرد ولم يستطع أحدا احتواء هذا المرض أو حتى الحد منه ’وكانت قد كشفت دراسة أمريكية أن 128 جلطة لكل 100 ألف شخص تحدث سنوياً، هذا في دول متقدمة أما في اليمن لم يكن هناك شيء ما يعمل على الحد من وقوع الجلطات المستمرة ولذا كان هذا الاختراع.

سنوات من التجريب 

بعد اكتمال فكرة العبيدي في تصنيع الجهاز جربه لأول مرة على جسم الإنسان ولم تكن النتائج إيجابية لكنه لم ييأس لأنه كان يدرك أن البداية دائما تكون صعبة ومتعبة، وبعدها أعاد صنع الجهاز أكثر من خمس مرات حتى تحققت النتائج التي أرادها .. يقول" وكانت فرحتي لا توصف بأن حلمي تحقق".

وقد تم تسجيل براءة الاختراع للجهاز في الجامعة التكنولوجية الماليزية بحكم أن لديها مركز متخصص في تسجل براءة الاختراع.

عندما انتهى العبيدي من اختراعه قام بتقديمه لهذا المركز وهم بدورهم لديهم لجنة من عدة أخصائيين لتفحص الجهاز ومعرفة.. ما إذا كان الجهاز فكرة جديدة وذات منفعة من أجل تسجيل الاختراع أو رفضه.

"اجتمعت اللجنة ووافقت على تسجيل اختراعي كبراءة اختراع".

ومن ثم ستتولى الجامعة تسجيله في ماليزيا ودوليا كبراءة اختراع وتسويقه إلى الشركات

 

استغرق هذا الاختراع عامين من الوقت وهي محصلة بحث المخترع ودراسته الدكتوراة الآن في الجامعة التكنولوجية الماليزية من أجل اكتمال الفكرة أولاً ثم تنفيذها وتصنيع الجهاز وتجربته وقياسه على جسم الإنسان من أجل الخروج بنتائج إيجابية له، واستفاد المخترع كثيرا من وجوده في جامعة عريقة تمتلك إمكانيات كبيرة في المعامل والأدوات المتوفرة للباحثين و التي مكنته من تنفيذ الفكرة وتصنيع الجهاز وقياسه على جسم الإنسان.

من أهم طرق النجاح الإصرار والإرادة لتحقيق النجاح الذي تتطلع إليه ومنذ ولدت الفكرة لديه واجه الكثير من الصعوبات أولها عندما كان في اليمن حيث لا يوجد أي معمل أو دعم مالي من أي جهة حكومية من أجل تصنيع الجهاز أو قياسه على الإنسان لكي يتحقق من نتائجه ، وبعد انتقاله إلى ماليزيا وإكماله الماجستير ودخوله في برنامج الدكتوراة.. اكتملت فكرته وبدأ تصميم الجهاز عن طريق برامج محاكاة، وأخذ من وقته وجهده سنة من أجل أن يكون الجهاز مناسب للإنسان ودون أضرار جانبية ثم انتقل بعدها إلى مرحلة التصنيع في الجامعة وواجه عدة عقبات في التصنيع أولها أن الجهاز صغير جدا بحجم ساعة يد ويحتاج منه إلى الوقت والجهد الكبير لكي يكون التصنيع دقيقاً، وقد فشل أربع مرات في التصنيع وكانت النتائج سلبية حتى تمكن في المرة الخامسة من تصنيعه بشكل مناسب وحقق الاختراع نتائج ايجابية.

حصل العبيدي على كل الإمكانيات المادية في تنفيذ وتصنيع الجهاز من الجامعة التكنولوجية الماليزية والتي يحضر فيها الدكتوراة حالياً.

لدى العبيدي عدة ابتكارات وأفكار جديدة في تحسين بعض الهوائيات من أجل تقوية التغطية في شبكة ألجي أس أم في برنامجه الماجستير وأيضا لديه بعض التصاميم الجديدة لتحسين نظام (الويرلس) والتي شارك بها بأوراق علمية في المؤتمرات الدولية لكنها لا تعتبر اختراعات بل ابتكارات وتحسينات لأنظمة معينة. 

مواهب لا ترى أعمالها النور

اليمن مقبرة المواهب هكذا توصف حيث لا دعم للمبدعين ولا اهتمام بالإبداع أصلاً.

"أهم نقطة هي عدم وجود الإمكانيات داخل اليمن مثل المعامل المتخصصة والحديثة التي من خلالها يستطيع الباحث أو الطالب الاستفادة منها في إخراج مشروعه بشكل تطبيقي وعملي ، ونلاحظ أن هناك مشاريع لطلاب ودارسين في الجامعات اليمنية ذات أفكار إبداعية لكن عدم وجود الإمكانيات والتشجيع حجب هذه الأفكار الإبداعية دون أن تخرج إلى النور".

أيضاً من النقاط النفسية، الإحباط الذي بعاني منه الكثير من الطلاب والباحثين سواء في اليمن أو الدول العربية ويرجع إلى أسلوب التعقيد الممارس من قبل نظام الجامعة والمدرسين لإحباط أي فكرة إبداعية.

و من الملاحظ انه لا توجد جامعة عربية تدخل ضمن تصنيف أقوى خمسمائة جامعة عالمية ويرجع ذلك في الأساس إلى عدم اهتمام الجامعات اليمنية والعربية بالبحث العلمي الذي أصبح المعيار الأول لتصنيف الجامعات القوى عالمياً.

ويتطلع العبيدي في المستقبل أن يتغير مفهوم الدكتور الجامعي في بلادنا إذ أقصى ما يتطلع إليه هو أن يصبح أستاذاً في الجامعة لتدريس الطلاب فقط ، وأعتقد انه حان الوقت ليتغير هذا المفهوم خاصة في الجامعات اليمنية والمطلوب أن يكون الدكتور باحثاً يوجد الحلول لمشاكل موجودة في نظام معين لمؤسسة معينة وأتوقع أن هذا هو المطلوب منا في المرحلة القادمة ، وتطلعاتي تأسيس مركز علمي للأبحاث العلمية التطبيقية في بلادي في المستقبل.

إهداء

ويهدي العبيدي هذا العمل المتفرد إلي روح أخته سمية رحمة الله عليها يضيف: كما أهديه إلى والدي ووالدتي اللذان علماني كل حرف وما أنا عليه اليوم هو بفضل الله أولا ثم فضلهما , وأهديه إلى زوجتي العزيزة ، وأهديه إلى أخوتي وإلى جميع أبناء وطني الغالي وإلى البشرية جمعاء.


 

مواضيع ذات صلة :