البحث في مجالات علوم الأرض ليست وليدة العصر, كما يخيل إلى الكثير, وإنما هو قديم بقدم الزمن, فقد اكتشف الأستاذ الدكتور مطهر علي
الإرياني مسندا قام بترجمته وتحقيقه, وهذا المسند سوف يبتح آفاقا رحبة
للبحث العلمي في مجالات علوم الأرض الموثقة في النقوش والمخطوطات.
وقال الدكتور محمد عبد الباري القدسي من جامعة صنعاء كلية العلوم وأمين عام اللجنة الوطنية اليمنية لليونسكو, في المحاضرة التي ألقاها عصر اليوم في خيمة منتدى منارات الثقافي الفكري التابع للمركز اليمني للدراسات التاريخية واستراتيجيات المستقبل, بعنوان ( خلفية علمية لعلوم الأرض ومناقشة موضوعية لـ"نار ضروان" في نقش مسندي وفي كتب التراث) : إن ما وجد في هذا النقش المسندي يعد مكسبا علميا لعلماء الأرض, وقد فتح أبوابا عديدة للبحث العلمي ورسم الموقع بتفاصيله التي تستوجب مزيدا من البحث وأكد اهتمام الأجداد بالعلوم ووصف حوادث البراكين وأضاف مفردة ثيل التي ستسجل كأفضل مفردة لشرح الطفوح البركانية, , ويؤصل لاهتمام الأجداد بالظواهر الأرضية, ويدلل على اختيارهم للمفردات العلمية عند شرحهم لتلك الظواهر, الأمر الذي مكننا من اقتراح إضافة بعض تلك المفردات (ثيل) إلى قواميس علم البراكين. وأشار القدسي إلى أن النقش المسندي يؤكد واقع المنطقة (ضروان) الجيولوجي وأن هذه المنطقة بركانية تحتوي على على العديد من المخاريط البركانية الرباعية التي نشطت قبل حادثة أصحاب الجنة, ولذلك فإن الاستنتاجات تؤكد أن خصوبة التربة دليل على المكونات البركانية وأن المكونات البركانية (الرماد الحار الملتهب) كان أداة العقاب الذي أحرق يخضور الجنة. وعن براكين اليمن أكد القدسي أن اليمن تقع بين أخدودي البحر الأحمر وخليج عدن ما جعلها عرضة للحركات الزلزالية والأنشطة البركانية, وقد تعاقبت البراكين على اليمن منذ العصور القديمة ثم عمتها في العصر الثلاثي فيما يعرف ببراكين اليمن الثلاثية, ثم تلتها بعد ذلك أنشطة بركانية تزامنت مع بوادر خسف البحر الأحمر, وهي ما تسمى بالبركانيات الرباعية, ومنها حقل صنعاء- عمران, الذي يقع فيه حقل همدان ومخاريط وفرشات البازلت المشهورة بأرض أصحاب الجنة, ومن خواص البراكين الرباعية في اليمن أن منها ما هو حامضي وما هو قاعدي (فلسي ومافي), ومنها ما هو انفجاري يرمي الرماد إلى ارتفاعات عالية (قد تصل إلى عشرات الكيلومترات) ومنها ما هو انشقاقي يتسلل عبر الشقوق الأرضية فيسيل دون أن يرتفع له رماد مكونا ثيلا لعشرات الكيلومترات. وأوضح القدسي أن للبراكين فوائد ربما تفوق مضارها, ومن فوائدها أنها المخصب الجيد للتربة الزراعية ومصدر من مصادر الخامات المعدنية والصخور الإنشائية والتربة الزراعية وقد تشكل مناطق سياحية إلى جانب أنها منفذ من منافذ خروج الطاقة الحرارية الأرضية, وعليه يمكن استخدامها في توليد الكهرباء. واستغرب الدكتور محمد عبد الباري القدسي عدم استخدام الثروة الجرانيتية التي تمتلكها بلادنا واعتمادها على الجرانيت والرخام المستورد من الخارج, وقال لو أن بلادنا استغلت هذه الثروة المهدورة التي تقدر بمليارات الأطنان لأمكن تشغيل الكثير من الأيدي العاملة التي تعاني من البطالة.