آراء وأقلام نُشر

كيف أدارت الشرعية الاقتصاد؟

هشام المحيا

مع اندلاع أي حرب عسكرية بين طرفين أو دولتين او حتى تحالفين، تندلع معارك أخرى تكون تبعاتها أشد وطأة وأكبر تكلفة بل وأخطر على حياة الشعوب...ومن تلك المعارك المعركة الاقتصادية.

كيف أدارت الشرعية الاقتصاد؟



فإذا كانت الحرب العسكرية تتسبب بمقتل الكثير من الناس، وتدمر البنى التحتية والممتلكات، فإن الحرب الاقتصادية تقتل الجميع ببطء وتدمر كل شيء، فهي تفتح الباب على مصراعيه لهجرة رؤوس الاموال والاستثمارات ونفوق العملة الصعبة وتوقف أي مشاريع استثمارية، وتجعل من الصعوبة إقناع المستثمرين بإقامة مشاريع كبيرة تدعم الاقتصاد، وترمي بالكثير من الشباب على رصيف البطالة، وقبل كل ذلك تسرع انهيار العملة وهذا كله يتسبب بارتفاع الاسعار ومضاعفة العجز والتضخم والانكماش الاقتصادي، ما يجعل عامة الشعب على شفا المجاعة المؤدية الى الموت في الغالب ان لم يتم تدارك الكارثة.

لسنا هنا بصدد الحديث عن تأثيرات انهيار العملة وما رافقها من مشاكل، بل لنسلط الضوء على المعركة الاقتصادية وكيف أدارتها الشرعية والاخطاء للتي ارتكبتها وتسببت بكل ما نعيشه اليوم، وسنلخص هنا أهم ما في الامر.

- بدأت المعركة منذ نقل البنك المركزي من صنعاء الى عدن في 2016، بقرار جمهوري، وبالطبع رفض الحوثي هذا الاجراء وقرر الاستمرار بالتعامل مع بنك صنعاء كفرع رئيس وليس تابع لعدن، وهنا كانت بداية الانقسام المالي للدولة.

- طبعت الشرعية عملة جديدة رفضها الحوثي أيضا وبهذا تعمق الانقسام المالي لتبدأ المعركة الحقيقية.

- استمرت الشرعية في طباعة العملة بدون غطاء، دون مصادرة العملة القديمة على الاقل في مناطق سيطرتها وهي بالترليونات وليس المليارات، وهذا خطأ كبير ارتكبته الحكومة، وبالتالي لم يفوت الحوثي الفرصة فقام بسحب العملة القديمة الى مناطق سيطرته ومصادرة كل الاوراق النقدية من العملة الجديدة وبهذا ضرب عصفورين بجحر واحد.

- تراجعت اسعار العملة الجديدة وحافظت القديمة على قيمتها وهذا ما خلق فارق التحويل بين مناطق الشرعية والحوثي وصلت الى اكثر من 50٪.

- استمر الحوثي بالتقدم في المعركة فصنع سوقا سوداء للعملة جذبت اليه الكثير من الاموال وفتح شبكات صرافة في مناطق الشرعية والكثير منها غير مرخصة، وهذا خطأ فادح للحكومة ضاعف خسائرها وسرع من وتيرة انهيار العملة التابعة لها.

- نجح الحوثي في ابقاء المنظمات الدولية في صنعاء وهذا سمح بتدفق العملة الصعبة الى مناطقه، وعجزت الشرعية عن اقناع المنظمات بنقل مكاتبها رغم ان هذا قرار يمكن اتخاذه بسهولة وهو من حقها الشرعي.

- كان أمل تعافي الاقتصاد بالنسبة للشرعية باستعادة تصدير النفط والغاز لكن حتى الان لم تحقق في هذا المجال سوى نجاح بسيط لا يلبي الحاجة.

- وفوق ذلك كله.. فيما يبدو ان البنك المركزي فاقد للسيطرة على السوق المالي بمناطق الشرعية نظرا لعدم امتلاك رؤية وسياسة واضحة وان وجدت لا تطبق على الواقع.

هناك نقاط كثيرة غير هذه مهمة للغاية لا يتسع المجال لذكرها، لكن بالمجمل نحن امام كارثة... وما نأمله أن تتحرك الحكومة وجميع الاطراف السياسية لتوحيد الجهود لمواجهة الانقلاب اقتصاديا بالتوازي مع المعركة العسكرية.


 

مواضيع ذات صلة :