ولأن الشيء بالشيء يُذكر، أخبرني أحد الأصدقاء بقصة إثنين من مكتب الواجبات نفذا نزولا ميدانيا إلى متجره؛ تذكرت مشروع تطبيق كتبته، وأعددت تصورًا متكاملًا لتنفيذ عملية تحصيل زكاة الفطر بواسطة خدمات المستثمر موبايل SMS، في 2014 تقريبًا.
ولأن عصر خدمات الاتصالات والرسائل انتهى، تجددت الفكرة لدي مؤخرًا، إذ طورتها إلى فكرة تطبيق تحصيل زكاة الفطر، وناقشتها مع متخصصين وخبراء فنيين، ومع مسؤولين، منهم مدير عاما للزكاة في إحدى المحافظات، الذي أعجب بها كثيرًا، واعترض على عدم أهمية الاستفادة من تجارب الدول الأخرى، ومنها السعودية، في تحصيل الزكاة والجمارك والضرائب إلكترونيًا، كون إجراء المقابلة المباشرة مع كبار المكلفين وصغارهم، والنزول الميداني، جزءًا من أركان وشروط صحة الزكاة.
وعليه نقول إن عملية البناء المؤسسي الرقمي سترفع من إيرادات الدولة والسلطات المحلية.. وسيكون الأفراد والمؤسسات الخاصة أحرص على تسديد ما عليهم طوعًا عبر تطبيقات بسيطة على الهواتف الذكية أو من خلال المواقع الإلكترونية.. إذ إن هذه التطبيقات توفر إمكانية حساب ما عليهم للدولة، مما يجعل الإجراءات سليمة وأكثر سهولة وشفافية.
وحتما فإن التطبيقات والخدمات الرقمية ستجد طريقها طوعًا أو كرهًا لتجفيف الفساد وفرض النزاهة الإجبارية في كل المرافق.. فلا شيء يبدو مستحيلًا في ظل الذكاء الاصطناعي الذي حوّل الخدمات على مستوى العالم إلى مجرد أرقام.
وفي النهاية، يتحمل عبء القرارات والجبايات الخارجة عن القانون، مواطن منهك، إذ يتم فرض ضرائب وإتاوات ومسميات عبثية جديدة، وفي ذات الوقت لا توجد خدمات ملموسة لتحسين معيشة الناس.. وفوق ذلك كله، يتعرض التجار لابتزاز ومساومات وغرامات شبه يومية، مما يؤدي إلى إغلاق الأعمال أو تضييق الحياة عليهم وتجميد مشاريعهم وأحلامهم المستقبلية.
لقد بات من الضروري على الجهات المعنية التحرك لحماية الأنشطة التجارية من هذه الضرائب غير العادلة، وفرض آليات تحصيل عادلة وشفافة، وتوفير خدمات حكومية فعّالة تُسهم في تحسين معيشة المواطنين، وتجنب مزيدًا من التدهور الاقتصادي الذي يهدد استقرار البلاد.
لا شيء يبدو مستحيلا.. أمام تحول مذهل نسف الحواجز والأسوار المرتفعة وألغى المسافات وأصبح بإمكانك اليوم أن تتحدث بكل اللغات كتابيا ونطقا بشكل مباشر مع الطرف المتلقي أينما كان، من خلال تطبيق تحمله إلى هاتفك الذكي أو جهاز كمبيوترك الشخصي، وبالتالي، فإن الترجمة من الوظائف التي ستختفي وستغلق مكاتب الخدمات بمجرد رقمنة المؤسسات والخدمات، فالوقت لا ينتظر والضرورات لا تؤجل.
وليس ذلك على الله بعزيز.