اقتصاد عالمي نُشر

تحذيرات من دخول العالم في اقتصاد حرب مع توسع الصراعات

يرجح "جيه بي مورغان" مواجهة دول كثيرة لأزمات هي الأسوأ على مدار التاريخ

تحذيرات من دخول العالم في اقتصاد حرب مع توسع الصراعات

بدأ الرئيس التنفيذي لبنك "جيه بي مورغان" جيمي ديمون موسم أرباح الربع الثالث بتحذير شديد اللهجة من التهديدات الجيوسياسية التي يمكن أن تضر بالاقتصاد العالمي. وكتب في بيان، "الأحداث الأخيرة تظهر أن الأوضاع غادرة وتزداد سوءاً. والاقتصادات والأسواق في مرمى نيران التوترات". وأضاف "هناك معاناة إنسانية كبيرة، ونتائج هذه المواقف يمكن أن يكون لها آثار بعيدة المدى على النتائج الاقتصادية قصيرة المدى، والأهم من ذلك أنها ستكون الأسوأ على مسار التاريخ"، في إشارة إلى الحرب في أوكرانيا وحرب إسرائيل مع "حماس" و"حزب الله"، مما تسبب في تحول منطقة الشرق الأوسط إلى إقليم لتوترات جديدة.

وأشار ديمون إلى أن التضخم يتباطأ وأن الاقتصاد الأميركي بدأ في تجنب الركود، لكن "لا يزال هناك عديد من القضايا الحرجة، بما في ذلك العجز المالي الضخم، وحاجات البنية التحتية، وإعادة هيكلة التجارة وإعادة عسكرة العالم، وكلها أزمات تواجه الاقتصاد الأميركي على المدى القصير".

أكبر تهديد للاقتصاد العالمي في عقود

وفق البيانات تجاوز أكبر بنك في العالم توقعات المحللين في الربع الأخير، حتى مع خفض أرباحه بنسبة اثنين في المئة عن العام السابق، وفي أسواق الأسهم، قفزت أسهم "جي بي مورغان" بنحو 30 في المئة منذ بداية العام الحالي وحتى التعاملات الأخيرة.

وقبل تصريحاته الأخيرة، ظل ديمون يدق ناقوس الخطر في شأن عدم الاستقرار الجيوسياسي منذ أكثر من عام، ووصفه مراراً وتكراراً بأنه أكبر تهديد للاقتصاد العالمي في عقود، وقال إن النظام العالمي الذي تأسس في ختام الحرب العالمية الثانية يتعرض لهجوم صعب وأزمات عنيفة في الوقت الحالي.

وخلال الشهر الماضي قال ديمون إن هذه المخاوف تفوق كل المخاوف الأخرى، وأوضح في مؤتمر جودة الأسواق المالية الذي عقد في سبتمبر (أيلول) الماضي في واشنطن، "أعتقد أنه يمكنك وصف إيران وكوريا الشمالية وروسيا بمحور الشر... هناك من يعمل لجعل كل يوم أسوأ بالنسبة إلى العالم الغربي ولأميركا"، في إشارة إلى المصطلح الذي استخدمه جورج دبليو بوش للمرة الأولى عام 2002 لوصف أزمة إيران وكوريا الشمالية في تسعينيات القرن الماضي.

وأعرب ديمون أيضاً عن بعض عدم اليقين في شأن توقعاته للاقتصاد الأميركي، لكنه قال إنه ظل مرناً بصورة عامة، فيما ردد المدير المالي لبنك "جيه بي مورغان" جيريمي بارنوم المشاعر نفسها التي يحملها ديمون، وأشار إلى قوة الإنفاق الاستهلاكي، وقال "نرى أن أنماط الإنفاق قوية ومتسقة مع السرد القائل إن المستهلك يقف على أساس متين ويتمتع بسوق عمل قوية".

وأوضح أن هذه الأنماط تدعم حالة "سيناريو عدم الهبوط"، في إشارة إلى وقت يتجنب فيه الاقتصاد الأميركي مرحلة الركود والتباطؤ الحاد، ويستمر في النمو بصورة مطردة على رغم ارتفاع أسعار الفائدة.

ومع ذلك تجاوزت الديون الفيدرالية الأميركية نحو 35 تريليون دولار هذا العام، وكانت مصدر قلق كبيراً لديمون الذي حذر كثيراً من أن ارتفاع الدين الحكومي يمكن أن يؤجج التضخم ويعقد قدرة "الاحتياطي الفيدرالي" على إدارة الاقتصاد.

وفي حين أصبح بنك الاحتياطي الفيدرالي أكثر تفاؤلاً، إذ خفض توقعاته للتضخم لهذا العام والعام المقبل، فإن ديمون غير مقتنع بأن ضغوط الأسعار ستتراجع بهذه السرعة، وأشار في تصريحات الشهر الماضي، إلى أنه لا يرى سوى فرصة بنسبة 35 في المئة إلى 40 في المئة لأن يتجنب الاقتصاد الركود.

وفي تصريحاته الأخيرة اعترف ديمون أيضاً بالخسائر البشرية التي خلفها إعصارا ميلتون وهيلين في الولايات المتحدة، لكنه قلل من تأثيرها في الاقتصاد، وأضاف "أولاً وقبل كل شيء، قلوبنا تتوجه إلى جميع الأشخاص المتضررين والعائلات التي فقدت أرواحها. نحن نساعد أيضاً موظفينا وعملاءنا، على بذل كل ما في وسعنا للاستعداد على مستوى الولاية"، لكنه قال إن الأعاصير لن يكون لها على الأرجح عواقب كبيرة ودائمة على الاقتصاد، وتابع "لم يكن للأعاصير تأثير مؤلم على الإطلاق في الاقتصاد العالمي".

الدخل الفصلي يتراجع إلى 12.9 مليار دولار

كان الجمعة الماضي هو آخر إعلان لأرباح "جيه بي مورغان"، قبل الانتخابات الرئاسية الأميركية المقبلة في الخامس من نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، وابتعد ديمون عن الخوض في المياه السياسية، مؤكداً أنه لن يدعم أي مرشح ولا يريد التعليق على الانتخابات. وجاء تردده في أعقاب منشور على وسائل التواصل الاجتماعي من الرئيس السابق دونالد ترمب الأسبوع الماضي يدعي فيه أن ديمون أيده – وهو تصريح نفاه "جيه بي مورغان" بصورة سريعة.

وتطرق ديمون أيضاً إلى ما إذا كان سيفكر في تولي منصب حكومي في ظل الإدارة القادمة أم لا، وقال "أعتقد أن الفرصة تكاد تكون معدومة. أكاد أضمن أنني سأفعل ذلك لفترة طويلة من الزمن، أو في الأقل حتى يطردني مجلس الإدارة".

وبينما فاق بنك "جيه بي مورغان" توقعات المحللين في شأن أرباحه أفاد البنك أيضاً أنه خصص مليار دولار إضافية من الاحتياطات لتغطية الخسائر المتزايدة من القروض غير المدفوعة. وخلال الربع الثالث خصص البنك نحو 3.1 مليار دولار لتغطية خسائر القروض المحتملة – أكثر من ضعف ما كان عليه في العام الماضي – ويرجع ذلك أساساً إلى زيادة بنسبة 40 في المئة في القروض غير المدفوعة، بخاصة في قسم بطاقات الائتمان.

وعلى رغم بعض الدلائل على تحسن الاقتصاد، قال "جيه بي مورغان" إنه أضاف إلى احتياطاته بسبب ارتفاع أرصدة البطاقات وعدم اليقين الاقتصادي، مما أسهم في خفض صافي الدخل الفصلي اثنين في المئة إلى 12.9 مليار دولار.

وقال ديمون، "إن النقد هو أصل قيم للغاية في عالم مضطرب. أرى صديقي وارن بافيت يقوم بتخزين الأموال النقدية الآن. أعني أنه يجب على الناس أن يكونوا أكثر تفكيراً في شأن الطريقة التي نحاول بها التنقل في هذا العالم والنمو على المدى الطويل لشركتنا".

 

اندبندنت عربي


 

مواضيع ذات صلة :