اقتصاد يمني نُشر

الفرص الاقتصادية أمام اليمنيين تنعدم في ظل العدوان والاقتتال الداخلي

لا يوجد شعب في العالم بات يئن ليل نهار من تدهور معيشته ومستواه الاقتصادي مثلما يحدث مع اليمنيين ، فها هي الظروف قد قست عليهم وبلغت بهم حدا لم يجدوا معه فرصا لبقاء مستوى معيشتهم عند حده الأدنى... ويعد العام 2015م عاما سيئ السمعة على معيشتهم لأن السياسيين جلبوا عليهم الحروب والاقتتال ليس في الداخل فقط بل توجت بعدوان خارجي وحصار من قوات التحالف العربي وطيلة خمسة أشهر منه تزايدت الأعباء المعيشية عليهم وارتفعت فاتورة تكلفة معيشتهم بنحو %300 فيما انخفض مستوى دخلهم %50 عما كان وأصبحت إمدادات المياه وتكلفة المشتقات النفطية وسعر أسطوانة الغاز المنزلي تستحوذ على %60 من دخلهم.
ويستغرب المحللون الاقتصاديون كيف أن اليمنيين مازالوا يمارسون حياتهم بشكل طبيعي في ظل وضع مزر لايوجد له أي آفاق مستقبلية بعد أن وقف العالم يتفرج عليهم والخسائر التي سببها الحصار الاقتصادي والعدوان المتواصل على اقتصادهم وبنيتهم التحتية بلا هوادة.

ولا تفاجئ هذه النتيجة الباحثين والمختصين الاقتصاديين إذ أن النتيجة متوقعة لديهم في ظل ارتفاع معدلات الفقر العالية وتحديات التنمية الاقتصادية التي تواجه اليمن وفي ظل تقاعس الجهات المسؤولة ومن تمثل الدولة في تنفيذ وتطبيق أي إجراءات ملموسة للتنمية والاستثمار.
ووفقاً لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي فاليمن هي واحدة من الدول الأكثر فقرا في العالم العربي علاوة على ذلك هناك مشكلة البطالة التي تتباين تقديراتها إلا أنها مشكلة معترف بها ولاسيما وأن نصف السكان سيصلون إلى سن العمل خلال العشرين السنة القادمة.
ويرى البرنامج أن اليمن يواجه صعوبات جمة في عدد من الجوانب التنموية حيث يعيش 45 % من السكان بمتوسط دخل يومي أقل من 2 دولار أمريكي ويصل نصيب الفرد من الناتج المحلي 930 دولارا .
وهناك العديد من المؤشرات التي تتبين الحاجات التنموية الكبيرة في اليمن فاليمن تحتل المرتبة 133 من بين 169 دولة، وبغض النظر عن الجانب التعليمي فإن اليمن لايتوقع لها تحقيق أي من الأهداف التنموية للألفية مع حلول عام 2015م.
من جانبهم يعرف اليمنيون أنهم يعيشون وضعاً اقتصادياً غير طبيعي منذ العام 2011م فهم يؤكدون أن حقوقهم الاقتصادية منتهكة ليس من اليوم فحسب بل من قديم الزمن وجاءت هذه التأكيدات منسجمة مع نتائج مسح أجرته الأمم المتحدة عام 2013م وعرضت نتائجه مؤخراً عبر أكثر من 25 % من المبحوثين عن حرمان يتعرضون إليه في الحق في مستوى معيشي لائق وفقاً لما تحدده القوانين والاتفاقيات الدولية.
ووفقاً للدراسة التي نفذت في أطار تعزيز قدرات حقوق الإنسان الوطنية من قبل برنامج الأمم المتحدة الإنمائي بالتعاون مع وزارة حقوق الإنسان فقد تم شمل ثلاثة مؤشرات اقتصادية هي التوظيف أو توفر فرص العمل والوصول إلى الأسواق وأماكن ممارسة التجارة والخدمات المالية والمصرفية .
وتبين الدراسة في مجال الفرص الاقتصادية والوصول إليها أنها تشمل الحق في العمل، والمستوى المعيشي اللائق والفرص المتكافئة وهي من مكونات الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان التي صادقت عليها اليمن أن نسبة الرضى والوصول إلى هذا الحق منخفض جداً بالنسبة لتوفر فرص العمل وكذلك الخدمات المالية والمصرفية .
ويقول 75 % من المبحوثين أنهم غير راضين عن التوظيف وفرص العمل في حين أفاد 23.3 % أن تلك الفرص متوفرة، وحسب 52.5 % فإن الخدمات البنكية والمصرفية غير متوفرة في مناطقهم.
وعلى الرغم من أن فرص الوصول إلى الأسواق كانت متاحة بشكل أكبر فقد ذكر 52.2 % فقط بأنهم راضون تماماً عن ذلك ، وأفاد ثلاثة أرباع المبحوثين تقريباً 73 % وغالبيتهم من الرجال بأنهم غير راضين عن فرص التوظيف الحالية أو أن هذه الفرص غير متوفرة .
كما قال نصف المبحوثين 52 % بأن الخدمات المالية والمصرفية غير متوفرة في مناطقهم، وقال 58.7 % بأنهم راضون نوعاً ما بشأن قدراتهم الحالية في الوصول إلى الأسواق للأغراض التجارية.
وأفاد 82 % من المبحوثين في الريف عن عدم رضاهم أو عدم توافر الفرص الاقتصادية وينطبق ذلك على البنوك والخدمات المصرفية ، وقد عبر أكثر الرجال عن عدم رضاهم أو قالوا بانعدام التوظيف وفرص العمل فيما أفادت النساء بعدم توافر إمكانية الوصول إلى الأسواق وبمعدلات أعلى .
ويتوقع أن تواجه اليمن حالياً ومستقبلاً مشاكل مهمة مرتبطة باستنزاف الموارد الطبيعية كالمياه والنفط والتي تناقصت بشدة حيث يتوقع أن تكون صنعاء أول عاصمة في العالم يتم التخلي عنها كعاصمة للبلاد بسبب نقص المياه.
وتشمل التصورات بشأن الحقوق الاقتصادية، كل منهم الحق في مستوى معيشي لائق والحق في أجر عادل وظروف عمل آمنة وحق التملك والحرمان من العطل والإجازات والحق في الإضراب والاسترقاق والعبودية .
وقد كشف أكثر من عشر المبحوثين بأنهم أو أحد أفراد أسرهم قد حرموا من الأجر المتساوي لقاء نفس العمل أو عملوا في ظروف عمل غير آمنة، كما أفاد 12 % أنهم حرموا من حق التملك فيما قال 13.1 %أنهم حرموا من العطل والإجازات ،وكما قال واحد من عشرين مبحوثا بأنهم أو أحد أفراد أسرهم قد حرم من الحق في الإضراب أو اضطر للعمل في طفولته.
ولم يكن هناك نمط متصل أو توافق حول الاختلافات بين الذكور والإناث في ما يتعلق بتصوراتهم بشأن انتهاكات الحقوق الاقتصادية حيث يميل الذكور بشكل أكبر إلى التعبير عن الحرمان من العيش في مستوى معيشي لائق وكذلك الأجر المتساوي وظروف العمل غير الأمنة، وكذلك الحق في تنفيذ الإضرابات ، فيما تميل النساء إلى القول بأن الحق في الحصول على الإجازات والعطل غير متاح بالإضافة إلى حق التملك . وعلاوة على ذلك تميل النساء وبنسبة تصل الى ضعف عدد الرجال إلى القول بأنهن أو أحد أفراد أسرهن كن مضطرات للعمل في الطفولة.
ويميل المبحوثون في الريف بشكل أكبر إلى القول بأنهم أو أحد أفراد أسرهم قد حرموا من العيش في مستوى معيشي لائق ، ومن جهة أخرى فإن المبحوثين في الحضر عبروا بمعدلات أعلى من المبحوثين في المناطق خارج المدن عن الحرمان من حق العطل والأجر المتساوي كما أنهم يعملون في ظروف عمل غير آمنة وكذلك الحرمان من حق الإضراب .

 

الثورة


 

مواضيع ذات صلة :