الأخبار نُشر

مخاطر الاستقرار المالي من ديون الثمانينيات إلى عصر التشفير

يشدد صندوق النقد على ضرورة تحديد نقاط ضعف القطاع المصرفي ودراسة الأزمات الجديدة

مخاطر الاستقرار المالي من ديون الثمانينيات إلى عصر التشفير

كشف تقرير حديث عن أنه قبل 20 سنة أصدر صندوق النقد الدولي تقرير الاستقرار المالي العالمي الافتتاحي لتعزيز مراقبة الأسواق المالية بعد سلسلة من الأزمات في اقتصادات الأسواق الناشئة وكساد الإنترنت، وتطور هذا المنشور نصف السنوي من قبل إدارة أسواق النقد ورأس المال، منذ سنوات من التحولات الزلزالية في المشهد الاقتصادي والمالي العالمي إلى واحدة من أدوات المراقبة الرئيسة متعددة الأطراف. إلى جانب تقرير "آفاق الاقتصاد العالمي" و"مراقب المالية العامة"، يهدف هذا التقرير الرئيس إلى تعزيز الاستقرار النقدي والمالي الدولي.

وتُعد مراقبة الحالة الصحية والتوقعات الخاصة بالاقتصاد العالمي والدول الأعضاء حجر الأساس لعمل الصندوق. وهذا الدور الرقابي، الذي تم توضيحه في تعديلات مواد الاتفاق التي تم تبنيها لأول مرة في مؤتمر "بريتون وودز" عام 1944، يكلف الإشراف على النظام النقدي الدولي وحمايته.

وخلال السنوات الأولى ركزت المراقبة على سياسات الاقتصاد الكلي وسعر الصرف للدول الأعضاء، لكن النمو في الخدمات المصرفية الدولية في أوائل السبعينيات سلط الضوء على الحاجة إلى تتبع أسواق رأس المال العالمية بشكل أفضل وتقييم الآثار المترتبة على الاستقرار المالي. ونتيجة لذلك، بدأ الصندوق مناقشات مع السلطات النقدية في المراكز المالية الرئيسة، وفي عام 1974 بدأ بكتابة تقارير داخلية حول تطورات السوق وآفاقه.

تحديد نقاط الضعف الدورية

وبدءاً من عام 1980، أصبح التقرير المعروف باسم "أسواق رأس المال الدولية" هو الوسيلة الرئيسة لمراقبة الظروف في الأسواق المالية، والتحذير من المخاطر، وتحليل الاضطرابات مثل أزمة ديون أميركا اللاتينية في الثمانينيات أو أزمة آلية سعر الصرف في أوروبا في أوائل التسعينيات، لكن التوسع السريع في تلك الحقبة وتكامل أسواق رأس المال العالمية، والأزمات المالية التي تلت ذلك في آسيا وعديد من الأسواق الناشئة الأخرى، سلطت الضوء على الحاجة إلى تقييم المخاطر النظامية بشكل أفضل، فيما كان تقديم تقرير الاستقرار المالي العالمي بمثابة خطوة مهمة نحو إجراء تقييم أكثر شمولاً وتكراراً لتدفقات رأس المال عبر الحدود ومخاطر السوق المالية، وأشار المدير العام آنذاك، هورست كوهلر، في تقديمه لتقرير الاستقرار المالي الأول، إلى أن جذور التقرير ترجع إلى الأزمة.

وكتب أن "التوسع السريع في الأسواق المالية أكد أهمية التقييم المستمر لتدفقات رؤوس أموال القطاع الخاص التي تعد محرك النمو الاقتصادي العالمي، ولكنها في بعض الأحيان في صميم تطورات الأزمة أيضاً... ويجب موازنة الفرص التي تتيحها أسواق رأس المال الدولية لتعزيز الرخاء العالمي من خلال الالتزام بمنع الأزمات المالية المنهكة".

ومنذ ذلك الحين، ركز التقرير العالمي على تحديد نقاط الضعف الدورية والهيكلية في القطاعات المصرفية وغير المصرفية في اقتصادات الأسواق المتقدمة والناشئة، والمخاطر التي تشكلها، وخيارات السياسة العامة للتخفيف من هذه المخاطر. وتميل نقاط الضعف مثل الرافعة المالية، إلى التراكم عندما تكون الظروف المالية سهلة، وعندما تكون الرغبة في المخاطرة لدى المستثمرين قوية، وفي أوقات كهذه، تركز تقارير الاستقرار الخاصة بنا بشكل أكبر على التهديدات المحتملة التي نرى أنها تتزايد.

فيما وصلت إحدى أكثر اللحظات المحورية بالنسبة لتقرير الاستقرار المالي العالمي في عام 2007، عندما هزت العدوى من ركود الإسكان في الولايات المتحدة الاقتصادات والأسواق في العالم، وفي عالم متكامل بإحكام، أكدت الأزمة المالية العالمية مدى أهمية ربط النقاط بين المؤسسات والقطاعات والبلدان بشكل أفضل. ومنذ ذلك الحين، زاد الصندوق جهوده لتحليل وفهم الروابط المتبادلة والمخاطر النظامية، والترابط العابر للحدود والتداعيات، ودور السياسات الاحترازية الكلية في تعزيز مرونة النظام المالي.

نقاط ضعف تقود إلى تضخيم الصدمات

وخلال السنوات الأخيرة، اعتمد صندوق النقد الدولي إطاراً مفاهيمياً لتقييم ورصد مخاطر الاستقرار المالي بشكل أكثر منهجية. تتمحور حول نقاط الضعف التي تؤدي إلى تضخيم الصدمات السلبية، مما يخلق حلقة ردود فعل سلبية بين هبوط أسعار الأصول وتشديد الأوضاع المالية، وتقليل المديونية من قبل الشركات المالية، وإضعاف النشاط الاقتصادي.

ويعتمد التنفيذ التجريبي للإطار على أداتين، الأولى هي مجموعة واسعة من مؤشرات الضعف الرئيسة للقطاعات المالية والحقيقية (مثل قدرة خدمة الديون ونسبة الأصول السائلة إلى الخصوم قصيرة الأجل) التي يمكن أن تكون بمثابة أهداف وسيطة للسياسات الاحترازية الكلية (مثل الاحتياطيات الرأسمالية ونسب تغطية السيولة)، والثانية هي مقياس إجمالي لكيفية تأثير مخاطر الاستقرار المالي على النشاط الاقتصادي العالمي المتوقع، والذي تمت تسميته "النمو المعرض للخطر".

وتعد هذه الأدوات مكملة لأغراض الرصد وصنع السياسات، حيث يوفر التحليل الدقيق لحالات التعرض المحددة الفروق الدقيقة والعمق اللازمين للمقياس الموجز للتهديدات التي يتعرض لها النمو الاقتصادي.

كما دعا تقرير الاستقرار المالي العالمي بنشاط إلى إصلاح المشهد التنظيمي الدولي لمعالجة الثغرات التي كشفت عنها الأزمة المالية العالمية، إضافة إلى ذلك، دعمت تعزيز الرقابة على المؤسسات المالية غير المصرفية، التي اضطلعت بدور أكبر في الوساطة منذ الأزمة ويمكن أن تجعل النظام أكثر ضعفاً.

مخاطر جديدة تتطلب يقظة مستمرة

وذكر الصندوق أنه على الرغم من إحراز تقدمات كبيرة، فإن التطور المستمر في الأسواق المالية العالمية - ليس أقله بسبب الوتيرة المذهلة للابتكار التكنولوجي - يقدم دائماً نقاط ضعف ومخاطر جديدة تتطلب يقظة مستمرة، على سبيل المثال، أدى ظهور تكنولوجيا الكمبيوتر السريعة والمتطورة للغاية إلى تسهيل نمو التجارة عالية التردد، والتي يمكن أن تحسن كفاءة السوق، ولكنها يمكن أن تكون أيضاً مصدراً لعدم استقرار السوق.

وفيما تعمل التقنيات الناشئة الأخرى مثل الذكاء الاصطناعي ودفتر الأستاذ الموزع على إحداث ثورة في الأسواق المالية من خلال أصول التكنولوجيا المالية والعملات المشفرة التي تحمل فرصاً، ولكن أيضاً المخاطر الأساسية التي تبرز في المقدمة، كما يشكل تغير المناخ تهديداً آخر للاستقرار نقوم بتحليله بشكل متزايد، إلى جانب الدور الذي يمكن أن يلعبه التمويل المستدام والقطاع الخاص في تعزيز التحول الأخضر.

في الوقت الحالي، أدى الوباء المستمر والحرب في أوكرانيا إلى تفاقم المخاطر المالية من خلال تفاقم الهشاشة الموجودة مسبقاً، والمساهمة في أكبر الضغوط التضخمية منذ عقود، ومواجهة أسواق رأس المال الدولية بمخاطر أكبر للتجزئة.

وأوضح الصندوق أنه، أكثر من أي وقت مضى، يجعل التغير التكنولوجي السريع وكذلك الصدمات المتكررة والمتنوعة من الرقابة أمراً ضرورياً لحماية الاستقرار النقدي والمالي الدولي من أجل تعزيز النمو والشمول، ومن الواضح بشكل متزايد أنه للقيام بذلك، يجب تكييف أدوات الرقابة المالية وصقلها لتقييم المخاطر من أجل مسح المشهد المالي العالمي بشكل أفضل وتعزيز مرونته.

 

اندبندنت عربية


 

مواضيع ذات صلة :