الأخبار نُشر

ماذا صنعت 2022 في أسعار النفط العالمية؟

حققت أسعار النفط خلال عام 2022م قفزة غير مسبوقة سببتها الأحداث الجيوسياسية غير المتوقعة في شرق أوروبا، وبداية تعافي الاقتصاد من جائحة كورونا وتخفيف قيود التنقل والسفر ورجوع النشاط الصناعي مما ساهم في رفع معدلات الطلب.

ماذا صنعت 2022 في أسعار النفط العالمية؟

وبلغ متوسط سعر النفط العماني لعام 2022 ما يقارب 94 دولارا، مقارنة بـ64.3 دولار أي بزيادة قدرها 46.1 بالمائة، أما خام برنت فقد تعدى مستوى 139 دولارًا للبرميل في مارس الماضي، عدا أن إبقاء الصين -أكبر مستهلك للنفط في العالم- لبعض القيود وتشديدها في عدد من مدنها الصناعية حدّ من مكاسب الأسعار، إضافة إلى تنامي المخاوف حيال تباطؤ الاقتصاد العالمي بسبب وصول التضخم إلى مستويات غير معهودة، وغيرها من العوامل التي سنسردها خلال هذا التقرير المفصل.

قادت مؤشرات قوة الطلب على النفط في يناير وتوقعاته الإيجابية خلال العام مع انحسار موجة الإصابات بالمتحور «أوميكرون» سريع الانتشار من فيروس كورونا في الاقتصادات الرئيسية المخاوف أسعار النفط للارتفاع، حيث بلغ متوسط سعر خام برنت 86.5 دولار، كما دعم شح الإمدادات وسط تصاعد التوترات الجيوسياسية في شرق أوروبا الأسعار لمزيد من الارتفاع بالإضافة لاستمرار قيود الطاقة الإنتاجية في بعض دول أوبك+ مثل نيجيريا وأنجولا.

وانتعشت الأسعار مع تراجع مخزونات النفط الأمريكية إلى أدنى مستوى لها في الشهر ذاته من عام 2021، إلا أن إشارة مجلس الاحتياطي الأمريكي إلى أنه سيبدأ تشديد السياسة النقدية لمواجهة التضخم حدّ من المكاسب الشهرية.

وحققت الأسعار أعلى مستوياتها بالأسواق الآجلة منذ عام 2014 في فبراير حيث ارتفع متوسط سعر خام برنت لـ97.13 دولار، بدعم من مخاوف شح الإمدادات على خلفية التوترات الجيوساسية التي شهدت الكثير من التصاعد حين ذاك، كما ارتفعت مع قرار دول أوبك + بالحفاظ على آلية زيادة الإنتاج التدريجية وتعطل الإنتاج الأمريكي متأثرًا باضطرابات الطقس، وانخفاض مخزونات النفط الأمريكية إلى أدنى مستوى منذ أكتوبر 2018، مع ارتفاع متوسط الطلب إلى مستوى قياسي بسبب قوة النشاط الاقتصادي، إضافة إلى التوقعات بارتفاع طلب مصافي التكرير في الهند على النفط لتلبية أهدافها الإنتاجية لعام 2022.

كما ساهم رفع وكالة الطاقة الدولية من توقعاتها حيال الطلب العالمي خلال العام لمستوى قياسي الأسعار وسط انتعاش اقتصادي قوي في رفع الأسعار، إلا أن التقدم المحرز في المحادثات بين الولايات المتحدة وإيران بشأن إحياء الاتفاق النووي لعام 2015، والذي قد يسفر عن عودة صادرات النفط الإيرانية إلى الأسواق قد حدّ من المكاسب، إضافة إلى ظهور احتمال رفع أسعار الفائدة من قبل مجلس الاحتياط الفيدرالي الأمريكي لمواجهة التضخم.

وارتفعت الأسعار في مارس وبلغ متوسط خام برنت وقتها 117.2 دولار، على إثر نقاشات دول الاتحاد الأوروبي لإمكانية فرض حظر على واردات النفط الروسية، والأعمال العدائية المتكررة التي استهدفت منشآت النفط بالمملكة العربية السعودية مما شكّل تهديدًا لأمن واستقرار إمدادات الطاقة العالمية، إضافة إلى توقعات انخفاض صادرات النفط من روسيا وكازاخستان عبر خطوط أنابيب بحر قزوين بما يصل لمليون برميل يوميًا بسبب الأضرار الناجمة عن اضطرابات الطقس والتي قد تمتد عمليات إصلاحها إلى نحو شهرين.

وبالرغم من المكاسب التي تحققت في مارس، حدّت مخاوف تباطؤ الطلب في الصين وسط تجدد عمليات الإغلاق من المكاسب، عززها مخاوف من إمكانية التوصل إلى اتفاق نووي مع إيران، مما يعني عودة صادراتها النفطية إلى الأسواق العالمية، وارتفاع عدد حفارات النفط الأمريكية بمقدار 7 حفارات في مؤشر مبكر للإنتاج المستقبلي.

وتباينت الأسعار في أبريل وانخفض متوسط خام برنت لـ104.5 دولار أمريكي بعد ارتفاعه لمستويات غير مسبوقة في مارس، جاء ذلك بعد خفض توقعات الطلب العالمي على النفط بسبب ضعف النمو الاقتصادي والتوترات الجيوسياسية في شرق أوروبا وعمليات الإغلاق في الصين التي حدّت من المكاسب، بالإضافة إلى ارتفاع مخزونات النفط الأمريكية بنحو 9.4 مليون برميل، مدفوعة جزئيًا بانتقال مخزونات النفط الاستراتيجية المقرر سحيها مؤخرًا إلى المخزونات التجارية، إلا أن الأسعار تلقت دعمًا بعد الإعلان عن وصول المفاوضات الروسية-الأوكرانية إلى طريق مسدود، وتحذير منظمة أوبك من أن العقوبات الحالية والمستقبلية على روسيا قد تؤدي إلى أحد أسوأ صدمات الإمدادات النفطية على الإطلاق، إضافة إلى توقع وكالة الطاقة الدولي انخفاض إنتاج النفط الروسي بما يقرب 3 ملايين برميل يوميًا، واحتمالية توجه الاتحاد الأوروبي نحو تبني حظر تدريجي لوارداته من النفط الروسي، لإعطاء الوقت للدول التي تعتمد بدرجة كبيرة عليها للبحث عن مصادر بديلة.

وسجلت أسعار النفط في مايو أعلى مستوياتها خلال فترة تزيد عن شهرين مدعومة بانخفاض مخزونات النفط الأمريكية مع انخفاض المخزونات الاستراتيجية إلى أدنى مستوى لها منذ سبتمبر 1987، والتفاؤل بشأن تعافي الطلب في الصين مع تخفيف قيود كورونا، وتوقعات أن يكون موسم القيادة والسفر خلال إجازة يوم الذكرى في الولايات المتحدة الأمريكية هو الأكثر ازدحامًا خلال عامين، مما سيؤدي إلى ارتفاع الطلب على الوقود وسط انخفاض مخزونات الجازولين لأدنى مستوى له منذ ديسمبر 2021م.

وحدّت مجموعة من العوامل مكاسب النفط في مايو، كان من أهمها تنامي مخاوف ركود الاقتصاد العالمي في ظل ارتفاع معدلات التضخم ووصولها إلى مستويات قياسية في بعض الدول، مما يضعف الطلب على النفط، بالإضافة إلى ارتفاع معدلات تشغيل مصافي التكرير الأمريكية، وإمكانية توجه الولايات المتحدة الأمريكية نحو استخدام قيود التصدير للحد من ارتفاع الأسعار المحلية للوقود التي سجلت مستويات قياسية.

وتلقت الأسعار في يونيو دعمًا من دراسة مجموعة الدول الصناعية السبع الكبرى إمكانية إنشاء آلية لوضع حد أقصى لأسعار بيع وشراء النفط الروسي على المستوى العالمي، والمخاوف حيال شح الإمدادات بسبب نقص الطاقة الإنتاجية لدى بعض دول أوبك+ واضطرابات الإنتاج في الإكوادور وليبيا، والانقطاع المتوقع في الإمدادات النفطية من النرويج وبلغ متوسط خام برنت حينها 122.7 دولار، إلا أن تنامي المخاوف حيال تباطؤ نمو الاقتصاد العالمي ومن ثم الطلب على النفط، مع قيام البنوك المركزية برفع أسعار الفائدة لكبح التضخم، وارتفاع إنتاج النفط الخام الأمريكي إلى أعلى مستوى له منذ أبريل، إضافة إلى إعادة تأكيد دول أوبك+ على آلية زيادة الإنتاج المخططة لشهر أغسطس والبالغة 648 ألف برميل يوميًا ساهم في الحد من مكاسب مايو.

وسجلت أسعار النفط الخام الآجلة خسائر شهرية في يوليو، متأثرة بالإعلان عن بيع 20 مليون برميل من النفط الاستراتيجي الأمريكي كجزء من خطة سابقة تهدف لكبح أسعار النفط الخام، وانكماش الاقتصاد الأمريكي خلال الربع الثاني من العام مما أثار مخاوف حدوث ركود اقتصادي محتمل من شأنه أن يضر بالطلب على الطاقة، إضافة إلى ارتفاع عدد حفارات النفط الأمريكية إلى أعلى مستوى لها منذ مارس 2020، وهو 605 حفارات، مسجلة أطول سلسلة مكاسب شهرية على الإطلاق في مؤشر مبكر على مزيد من الإمدادات المستقبلية.

وتلقت الأسعار دعمًا من تنامي التوقعات بشأن حفاظ مجموعة أوبك+ على آلية زيادة الإنتاج الشهرية وعدم ضخ كميات إنتاج إضافية عن المتفق عليها، وانخفاض تدفقات الغاز الروسية إلى أوروبا عبر خط أنابيب «نورد ستريم 1» إلى 20 بالمائة فقط من طاقته، مما قد يؤدي إلى ارتفاع الطلب على النفط، وتراجع مؤشر الدولار إلى مستوى له منذ بداية الشهر مما جعل النفط أقل تكلفة بالعملات الأخرى.

وتراجعت أسعار النفط الخام الآجلة في أغسطس مسجلة أطول سلسلة خسائر شهرية لها منذ أبريل 2020م، جاء ذلك بسبب تنامي مخاوف تباطؤ النمو الاقتصادي وتراجع الطلب على الوقود مع توقع قيام البنوك المركزية العالمية برفع أسعار الفائدة لكبح التضخم المتزايد، ومخاوف ضعف الطلب في الصين وسط تجدد قيود كورونا، وارتفاع مؤشر الدولار الأمريكي لأعلى مستوى له منذ ديسمبر 2002، مما جعل النفط الخام أكبر تكلفة بالعملات الأخرى.

وتلقت الأسعار دعمًا مع استمرار تعثر محادثات إحياء الاتفاق النووي لعام 2015، مما يعني عدم عودة صادرات النفط الإيرانية الخاضعة للعقوبات إلى السوق في المدى القريب، وانخفاض مخزونات النفط الخام التجارية بنحو 3.3 مليون برميل، فضلًا عن انخفاض المخزونات الاستراتيجية إلى أدنى مستوياتها منذ ديسمبر 1984م.

في سبتمبر انخفضت أسعار النفط مسجلة أدنى مستوياتها في ثمانية أشهر، وذلك على خلفية رفع مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي لأسعار الفائدة إلى أعلى معدل له منذ الأزمة المالية العالمية في عام 2008، للحد من التضخم، مما يزيد من احتمالية حدوث ركود قد يؤثر سلبًا على آفاق الطلب على النفط، وارتفاع مؤشر الدولار الأمريكي إلى أعلى مستوى له منذ منتصف عام 2002، مما جعل النفط الخام أكبر تكلفة بالعملات الأخرى، إلا أن مجموعة من العوامل حدّت من خسائر النفط في سبتمبر من أهمها المخاوف بشأن شح إمدادات النفط الخام على خلفية البيانات التي تشير إلى عدم تمكن بعض دول أوبك+ من تحقيق مستوى الإنتاج المستهدف، إضافة إلى تعافي الطلب على النفط في الصين عقب تخفيف القيود المرتبطة بسياسة «صفر كوفيد»، وتصاعد التوترات الجيوسياسية في منطقة أوروبا، مما يزيد من المخاوف بشأن أمن إمدادات الطاقة العالمية.

عاودت الأسعار للصعود في أكتوبر مسجلة أول مكاسب شهرية لها منذ مايو 2022م نتيجة تنامي الآمال بشأن نمو الطلب، في ظل ارتفاع صادرات النفط الخام الأمريكية إلى أعلى مستوى لها على الإطلاق، واستقرار معدلات تشغيل مصافي تكرير النفط الأمريكية عند أعلى مستوى مسجل لها في مثل هذا الوقت منذ عام 2018، كما تدعمت بتراجع مؤشر الدولار الأمريكي إلى أدنى مستوياته في نحو أربعة أسابيع، مما جعل النفط الخام أقل تكلفة بالعملات الأخرى.

ودفعت موجة التفاؤل التي أحدثتها البيانات الاقتصادية الإيجابية من الولايات المتحدة الأمريكية وألمانيا بأسعار النفط على الارتفاع على الرغم من ارتفاع معدلات التضخم.

وتأثرت الأسعار سلبا بمخاوف ضعف الطلب في الصين على خلفية توسيع القيود المرتبطة بسياسة كورونا وأزمة قطاع العقارات، وانخفاض واردات النفط الصينية خلال سبتمبر 2022 بسبب تراجع نشاط مصافي التكرير المستقلة، إضافة إلى ارتفاع مخزونات النفط الخام التجارية الأمريكية.

وفي نهاية نوفمبر أدى عدد الإصابات بفيروس كورونا في الصين إلى مستوى قياسي وتجدد قيود الإغلاق الصارمة في بعض المدن الرئيسية إلى انخفاض الأسعار لأدنى مستوياتها في 10 أشهر.

عزز ذلك ارتفاع مخزونات الجازولين الأمريكية بأكبر وتيرة مسجلة منذ يوليو من العام ذاته، رافق ذلك التوقعات بأن تحدد مجموعة الدول السبع الكبرى سقفًا لأسعار النفط الروسي المحمول وهو ما حدّ من المخاوف حيال نقص الإمدادات الروسية في الأسواق العالمية، كما ساهمت توقعات تباطؤ نمو الاقتصاد العالمي خلال العام القادم في خفض الأسعار.

وحدّت مجموعة من العوامل من خسائر النفط كان أهمها تأكيد دول أوبك+ على التزامها بتخفيضات الإنتاج المتفق عليها في إطار جهودها المبذولة والهادفة لتحقيق التوازن في الأسواق العالمية، إضافة إلى انخفاض مخزونات النفط التجارية الأمريكية بشكل أكبر من المتوقع مسجلة أدنى مستوى لها في شهرين والتوقعات بشأن إمكانية توجه مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي نحو إبطاء وتيرة رفع أسعار الفائدة في المدى القريب.

ودعمت الأسعار في نهاية ديسمبر نتيجة إشارة روسيا إلى أنها قد تخفّض إنتاجها النفطي بنسبة تتراوح بين 5 و7 بالمائة في أوائل عام 2023م، استجابة للسقف السعري المفروض من قبل الاتحاد الأوروبي ومجموعة الدول السبع على صادراتها من النفط الخام المحمول بحرًا، إضافة إلى انخفاض مخزونات النفط الخام التجارية الأمريكية بشكل أكبر من المتوقع بلغ 5.9 مليون برميل، إلا أن تراجع الطلب على الوقود في الولايات المتحدة الأمريكية بسبب العاصفة الثلجية حدّ من مكاسب النفط، وذلك إضافة إلى المخاوف حيال استمرار مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي في سياسته الخاصة برفع أسعار الفائدة، مما قد يبطئ الاقتصاد ويضر بالطلب على الوقود.

 

عمان اليوم


 

مواضيع ذات صلة :