العربي الجديد.. قالت رئيسة مجلس سيدات الأعمال اليمنيات إن الأعمال في اليمن تعرضت لانتكاسة، نتيجة الحرب، كما أن رؤوس الأموال غادرت إلى الخارج للبحث عن بيئة آمنة، مشيرة إلى أن الاستقرار السياسي والأمني، وسيادة القانون عوامل تساعد على نهضة الاقتصاد اليمني.
نص المقابلة:
* تمر اليمن بمرحلة صعبة غير مسبوقة، ما تأثير ذلك على بيئة الأعمال؟
تعيش اليمن وضعاً صعباً وفي غاية التعقيد، سياسياً واجتماعياً واقتصادياً. كما أن الحرب رفعت المخاطر في بيئة الأعمال إلى مستويات قياسية. فهناك خسائر مباشرة وغير مباشرة للاقتصاد بشكل عام من خلال تدمير رأس مال المنشآت العامة والخاصة، وهناك نوع من الشلل العام. كما أن القطاع الخاص اللاعب الرئيسي في كثير من الأنشطة الاقتصادية متوقف، وغالبية الشركات هاجرت من اليمن، كما نزحت رؤوس الأموال إلى الخارج للبحث عن بيئة آمنة، واليمن في أمس الحاجة لها.
* ما هو تقديركن لحجم رؤوس الأموال اليمنية التي تركت اليمن؟
للأسف انسحبت الاستثمارات الأجنبية المباشرة، ومعظم المؤسسات التجارية المحلية سحبت مدخراتها من المصارف المحلية. وتقدر الأموال التي نزحت بنحو 10 مليارات دولار على أقل تقدير. جميعها هاجرت إلى الخارج للبحث عن بيئة استثمارية آمنة. وأتوقع أن ما نسبته 80% من الاستثمارات الأجنبية المتوسطة و90% من الاستثمارات الكبيرة غادرت اليمن، وهذا بالطبع يضاعف من حدة أزمتي الفقر والبطالة، ويشكل ضغطاً كبيراً على اقتصاد هش وصغير مثل الاقتصاد اليمني الذي يحتاج إلى الاستقرار السياسي والأمني، وتنشيط العملية الاستثمارية وتوفير مناخ مناسب من أجل التخلص من مشاكل اليمن الاقتصادية المزمنة.
*إلى أين نزحت هذه الأموال، وهل لديها وجهات استثمارية في بلدان النزوح؟
نزحت هذه الأموال إلى الأردن ومصر والإمارات والسعودية وماليزيا وجيبوتي، وتستثمر في القطاعات الصناعية والتجارية والعقارية، وقد لا تعود إلى اليمن، لأن ثقة المستثمرين بالبيئة الاستثمارية اليمنية اهتزت، وقد تمتد لسنوات مقبلة.
*ما مدى تأثير هذه الأزمة الراهنة في اليمن على قطاع سيدات الأعمال؟
أستطيع القول، إنها انتكاسة أصابت قطاع سيدات الأعمال. فقد اهتزت المؤسسات التجارية والاستثمارية. وتعرضت سيدات الأعمال لانتكاسة حقيقية أوصلتهن إلى الإفلاس فيما سيدات كثيرات تركن ممارسة العمل التجاري نتيجة الخسائر وارتفاع تكاليف الإنتاج، إضافة إلى العجز عن دفع أقساط القروض للبرامج والصناديق الحكومية.
*ما هي نوعية الخسائر التي تكبدها قطاع سيدات الأعمال؟
ينشط قطاع سيدات الأعمال في اليمن في المجال التجاري والصناعي، والخدمات، وغالبية هذه المنشآت صغيرة، دُمرت بسبب الصراعات المسلّحة، ومنشآت أخرى تكبدت خسائر في المحافظات التي تشهد وضعاً أمنياً خطيراً. بينما شكلت خسائر المنشآت العاملة في مناطق أخرى تقل فيها الخطورة الأمنية بنحو 60 % بحسب مسح أولي أعدّته وكالة تنمية المنشآت الصغيرة التابعة للصندوق الاجتماعي للتنمية، ويقوم الاتحاد العام للغرف التجارية الصناعية في اليمن حالياً بحصر الأضرار والخسائر التي لحقت بالمنشآت والمشاريع التجارية والصناعية بفعل الحرب، وذلك عبر لجنة فنية متخصصة شُكلت لهذا الغرض.
* لماذا يعتبر قطاع سيدات الأعمال ضعيفاً؟
في منتصف التسعينات لم يكن مفهوم سيدات الأعمال موجوداً في اليمن. ولا يُسمح للمرأة اليمنية بممارسة النشاط التجاري، نتيجة للثقافة الذكورية السائدة والأعراف والتقاليد التي ترى في ممارسة المرأة للعمل التجاري عيباً. لذا شكلنا إدارة في الغرفة التجارية الصناعية في أمانة العاصمة خاصة بالمرأة، ولجنة في الاتحاد العام للغرف التجارية الصناعية، وكافحنا وواجهنا التحديات. كما أسسنا مجلس سيدات الأعمال اليمنيات في مارس/ آذار من العام 2007، واستطاعت المرأة اليمنية اقتحام عالم المال والأعمال، وتعاملنا مع برامج وصناديق تُقرض المرأة، حتى بلغ مجتمع سيدات الأعمال نحو 400 سيدة أعمال يمارسن العمل التجاري.
* ما هي أبرز المصاعب التي تواجه سيدات الأعمال في اليمن؟
في الحقيقة تجاوزت المرأة اليمنية الأعراف السائدة، وأثبتت وجودها. لكن هناك ضعف في الدعم الحكومي، كما أن المصارف لا تثق بإقراض المرأة، ودائماً تحتاج المشاريع إلى رأس المال. ومع ذلك فإمكانية الوصول إلى التمويل ليست العائق الوحيد أمام سيدات الأعمال، فانتشار الفساد يشكل عائقاً إضافياً أمامهن، كما أن المرأة اليمنية تواجه المزيد من العوائق داخل سوق العمل رغم الإنجازات التعليمية التي حققتها.
* كيف يمكن لسيدات الأعمال اليمنيات أن يتجاوزن انتكاستهن؟
الأمن والاستقرار عاملان أساسيان في ظل وجود دولة قادرة على فرض النظام والقانون، وتحقيق العدالة الاجتماعية، وإشراك المرأة في إعداد خطط التنمية وإقرار برامج خاصة بسيدات الأعمال.
* ما هي هذه البرامج التي تحتاجها سيدات الأعمال؟
لاحظنا خلال السنوات الماضية أن العديد من سيدات الأعمال يتعرضن لحالات تعثر في مشاريعهن وتوقف نشاطهن التجاري، نتيجة لجملة من العوامل منها ما يتعلق بالأوضاع التي تمر بها البلاد، وأخرى متعلقة بكفاءة وجدوى المشاريع نفسها، فمن هذه التجارب نجد أن البرامج التي يمكن أن تعمل على تسريع إعادة سيدات الأعمال إلى ممارسة أعمالهن، تكمن في قيام برنامج الحاضنات الذي سيكون بمثابة مرحلة هامة ونقلة جديدة لمشاريع النساء التي ستحظى باهتمام واسع من قبل إدارة الحاضنات. وستكون الخطط التطويرية للحاضنات قادرة على التحويل والتغيير، ومعرفة ما تحتاجه المشاريع حتى وإن كانت متعثرة أو غير قادرة على المنافسة أو تحقيق القيمة المضافة لها، وفكرة الحاضنات ليست وليدة اللحظة وقد أحرزت نجاحات ملموسة على مستوى التجارب العربية، حيث ستهيئ حاضنات الأعمال لخلق بيئة مساندة وداعمة للمشاريع والأفكار الإبداعية للمرأة اليمنية، والتي يتم إتاحتها وتعزيزها بآليات متكاملة لضمان نجاح مشاريعهن.
* ما الذي تحتاجه اليمن لاستغلال فرصها الاستثمارية المتعددة؟
كما ذكرت سابقاً، نحن بحاجة إلى دولة قوية وقادرة على أن تحكم قبضتها وتفرض سيادة القانون وتنهي كافة المظاهر المسلحة، كما يتطلب الوضع في اليمن أن تتفق جميع الأطراف والقوى السياسية على رؤية محددة وواضحة وموحدة على شكل الاقتصاد بحيث تجعل هذه الرؤية الحكومة قادرة على تنفيذ خططها الاقتصادية والإصلاحية، دون أن تواجه معارضة من أي طرف. وهذا شرط أساسي يرافق أي إصلاح اقتصادي، وسيكون المنصة التي من خلالها ستتمكن الحكومة وشركاؤها من خلق بيئة استثمارية جاذبة وآمنة، وتمتلك اليمن فرصاً استثمارية مجزية في مختلف القطاعات الاقتصادية.
سيدة أعمال يمنية:10 مليارات دولار حجم الأموال التي غادرت اليمن
الاستثمار نت