ينتظر المصريون مع انتهاء عام 2009 الإجابة عن سؤال الخلافة السياسية، خاصة وأن الرئيس حسني مبارك الذي يدخل عامه الثاني والثمانين بعد شهور لم يعلن موقفه النهائي بعد من الترشح لولاية سادسة في الانتخابات المقررة عام 2011.
ولا يزال مبارك -الذي يحكم منذ العام 1981- يرفض تعيين نائب رئيس بدعوى أن الدستور الذي عدل عام 2007 يسمح بإجراء انتخابات رئاسية بين أكثر من مرشح.
كما أنه لم يُظهر حتى الآن موقفا صريحا من دعم ترشيح نجله الأصغر جمال -مساعد الأمين العام للحزب الوطني الديمقراطي الحاكم- لخلافته، وهو سيناريو يبدو أن أطرافا عديدة داخل النخبة المصرية تتوقعه.
ويبدو أن إمكانية توريث السلطة لجمال مبارك (45 عاما) تتعرض لصعوبات مع ظهور مطالبات بترشيح شخصيات مستقلة كالمدير السابق لوكالة الطاقة الذرية محمد البرادعي أو رموز من داخل النظام كمدير المخابرات اللواء عمر سليمان.
ترشيح البرادعي
وكان البرادعي (67 عاما) -وهو دبلوماسي مصري سابق- أعلن الشهر الحالي استعداده لخوض الانتخابات الرئاسية في حالة إجراء تعديل دستوري يسمح للمستقلين بالمنافسة من دون قيود، داعيا إلى تشكيل لجنة لوضع دستور جديد للبلاد يضمن مبادئ الديمقراطية والعدالة الاجتماعية.
وشنت صحف حكومية مصرية حملة على البرادعي واتهمته بأنه يحمل الجنسية النمساوية وبمحاباة إيران وإسرائيل وعدم امتلاكه خبرة كبيرة في الوضع المصري لأنه قضى السنوات التسع والعشرين الأخيرة خارج مصر.
البرادعي هوجم من قبل صحف الحكومة لأنه مثل تهديدا لترشح جمال مبارك (الفرنسية-أرشيف)
وعزا مراقبون الهجوم الإعلامي على البرادعي -الذي قلده مبارك أعلى وسام مصري عام 2006- إلى كونه يمثل تهديدا لسيناريو توريث الحكم.
وقال رئيس تحرير مجلة "البوصلة" المعنية بشؤون الديمقراطية شريف يونس إن البرادعي يمثل تحديا حقيقيا لجمال مبارك بسبب خبرته السياسية الواسعة وعلاقاته الدولية المتشعبة.
وأشار يونس إلى أن مهاجمة البرادعي لا يمكن فهمها إلا في ظل مخاوف الدوائر القريبة من جمال مبارك من وجود منافس قوي قد يحظى بدعم قطاعات واسعة من المصريين إذا ما قرر الترشح.
وكتب الخبير في الشؤون المصرية إيساندر عمراني أن اللواء عمر سليمان (73 عاما) يعد أحد أبرز المرشحين لخلافة مبارك بسبب كونه ابن المؤسسة العسكرية ويترأس جهاز المخابرات منذ العام 1993، وهو الجهاز الذي يمسك ملفات خارجية مهمة كالملفين الفلسطيني والسوداني بالإضافة إلى سيطرته على الأوضاع الأمنية داخليا.
ترشح العسكريين
لكن عمراني أوضح أن الدستور المصري يمنع ترشح العسكريين الذين ما زالوا في مناصبهم للرئاسة، وهو ما يعد عائقا أمام سليمان، مضيفا أن استمرار الجدل حول الخلافة السياسية بشخصي جمال مبارك أو عمر سليمان يظهر انخفاض سقف التوقعات السياسية لأن أيا من الرجلين لا يمثل استجابة لطموح الملايين من المصريين الذين يرغبون في عقد اجتماعي جديد.
وشهد العام 2009 تأكيدا إضافيا على إحساس المصريين بصعوبة التغيير، لا يتمثل فقط في استمرار ضعف المعارضة، وإنما أيضا بتخلي الإدارة الأميركية الجديدة عن الضغط باتجاه تبني إصلاحات ديمقراطية.
وخلال هذا العام ضربت الخلافات جماعة الإخوان المسلمين -أقوى جماعات المعارضة- على خلفية انتخابات مكتب الإرشاد، وهو أعلى هيئة تنفيذية داخل الجماعة، والتي أجريت في منتصف ديسمبر/كانون الأول الحالي وانتهت بفوز ما يسمى التيار المحافظ داخل الجماعة.
وأعلن بعض رموز من يسمون الإصلاحيين داخل الجماعة -التي تأسست عام 1928- ومنهم الرجل الثاني محمد حبيب والقيادي عبد المنعم أبو الفتوح، رفضهم لنتائجها بدعوى أنها أجريت خلافا للائحة التنظيمية الداخلية.
الإحتجاجات العمالية
بموازاة ذلك تصاعدت وتيرة الاحتجاجات العمالية عام 2009 حيث وصلت إلى 100 تحرك عمالي وفقا لتقارير حكومية، في حين تضعها تقارير مستقلة عند حدود 350 تحركا بين إضراب واعتصام وتوقف عن الإنتاج.
وأرجع مدير المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية خالد علي ازدياد الاحتجاجات العمالية إلى تدهور حالة العمال المعيشية جراء ارتفاع معدلات التضخم، وخصخصة المزيد من الشركات، وفقدان ثقة العمال بالاتحاد العام لعمال مصر الذي تسيطر عليه الدولة