ومن بين هذه القمامة عظام حيوانات و قوارير بلاستيكية وقشر بطاطس وقطط نافقة.
بين أسباب أزمة القمامة الصراع بين شركات النظافة الكبيرة التي استنفرت قبل عدة أعوام لحل المشكلة وبين عائلات العاملين في جمع القمامة التي كانت تعيش منذ عقود على الاستفادة من الأشياء الصالحة ضمن القمامة.
وتصاعدت حدة الأزمة العام الماضي عندما أعطت الحكومة أوامرها في خضم هستيريا انفلونزا الخنازير بقتل جميع الخنازير التي يربيها جامعو القمامة في العاصمة المصرية والتي كانت تلتهم جزءا كبيرا من القمامة العضوية.
لم تأبه الحكومة المصرية آنذاك لتصنيف منظمة الصحة العالمية هذا الإجراء بانه غير صالح تماما في مكافحة الانفلونزا، لأنها كانت تعتبر منذ سنوات حي جامعي القمامة الذي لا يبعد كثيرا عن منطقة وسط القاهرة والذي كان يقوم فيه البالغون والأطفال بفصل القمامة وتدويرها في مساكنهم بمنزلة شوكة في حلقها.
بل إن هناك أخبارا عن عزم الحكومة المصرية تهجير «ناس القمامة» من مساكنهم.
في البداية حاول «الزبالون» مواجهة قرار الحكومة ولكن ولأنهم ليس لهم مجموعة ضغط فإن احتجاجهم ذهب أدراج الرياح. وحاولت بعض العائلات تربية الماعز بدلا من الخنازير ولكن الماعز يأكل كميات أقل بالإضافة إلى أنها تنتقي طعامها بحذر أكثر مما يجعلها تزهد في الكثير من القمامة.
وفي النهاية انتقل جامعو القمامة إلى فصلها أمام البيوت عند جمعها مباشرة آخذين معهم البلاستيك والورق وغير ذلك مما يمكن الانتفاع به ويتركون القمامة العضوية.
أدى ذلك إلى تلوث جوانب الشوارع و مداخل البيوت ومنطقة الدرج في المنازل التي تعود لعصر الاستعمار. أما الأماكن التي يدفع سكانها «بقشيش» لرجال القمامة إضافة إلى الرسوم الرسمية التي تحصلها السلطات مع فاتورة الكهرباء فكانت نظيفة نسبيا.
ورغم أن وزير البيئة المصري ماجد جورج بدأ يفكر في التخلص من النفايات عبر الطريقة الحديثة المسماة بالهضم اللاهوائي التي يتم من خلالها الاستفادة من المخلفات في توليد الغاز العضوي فإن ذلك لم يسفر حتى الآن عن أي إجراءات عملية، مما جعل السكان المحبطين في بعض أحياء القاهرة ينظمون حملات احتجاج وأياما «لتنظيف المنطقة المحيطة بهم».
وأطلق سكان حي الزمالك الذي يعيش فيه الكثير من الأغنياء والأجانب مبادرة في يونيو الماضي تعتمد على فصل القمامة بشكل طوعي، حيث أبلغ القائمون على المبادرة أصحاب المنازل والمطاعم والمحلات وغير ذلك أن عليهم وضع قمامتهم في كيسين منفصلين أمام الأبواب، أحدهما للقمامة العضوية والثاني للأنواع الأخرى من القمامة، وفق ما قالت ليلى اسكندر، خبيرة القمامة التي أضافت: وذلك حتى يستطيع الزبالون أخذ الكيس الذي يحتوي على المواد التي ينتفعون بها وإلقاء الكيس الآخر في سيارة القمامة».