قال الدكتور حميد صغير سعد الريمي نائب عميد (كلية علوم وهندسة الحاسوب) لشئون الطلاب/جامعة الحديدة, إن هجرة الكفاءات والخبرات
أو ما اصطلح على تسميته " هجرة الأدمغة " أو هجرة العقول: تعتبر واحدة من أكثر المشكلات حضوراً على قائمة المشاكل الاجتماعية والاقتصادية التي تعاني منها البلدان النامية، منذ أن باشرت هذه البلدان بوضع البرامج للنهوض بأوضاعها المتردية الموروثة عن حقب طويلة من الحكم الاستعماري والهيمنة الأجنبية.
وأشار الريمي, في محاضرته التي ألقاها عصر اليوم في مركز "منارات" إلى أن هذه المشكلة تمثل ، بالنسبة للبلدان العربية جرحاً نازفاً يثخن الجسد العربي، وتقف حاجزاً كبيراً في طريق التنمية العربية من خلال استنزاف العنصر لأثمن ، والثروة الأغلى من بين العوامل الضرورية للنهوض بتنمية حقيقة متينة الأسس، قابلة للتطور والاستمرار.ولكي ندرك أبعاد هذه المشكلة وخطورتها على واقع البلدان العربية ومستقبل عملية التنمية فيها قد يبدو من المفيد أولاً إيراد بعض الأرقام حولها. تشير الإحصاءات المأخوذة من الدراسات التي قامت بها جامعة الدول العربية ومنظمة العمل العربية ومنظمة اليونسكو وبعض المنظمات الدولية والإقليمية المهتمة بهذه الظاهرة إلى الحقائق التالية:
• يساهم الوطن العربية في ثلث هجرة الكفاءات من البلدان النامية. وإن 50 % من الأطباء و23% من المهندسين و15% من العلماء من مجموع الكفاءات العربية المتخرجة يهاجرون متوجهين إلى أوروبا والولايات المتحدة، وكندا بوجه خاص.كما إن 54% من الطلاب العرب الذين يدرسون في الخارج لا يعودون إلى بلدانهم. و يشكل الأطباء العرب العاملون في بريطانيا حوالي 34% من مجموع الأطباء العاملين فيها.
• إن ثلاث دول غربية غنية هي الولايات المتحدة وكندا وبريطانيا تصطاد 75% من المهاجرين العرب. وبلغت الخسائر التي منيت بها البلدان العربية من جراء هجرة الأدمغة العربية 11 مليار دولار في عقد السبعينات. وتعتبر منظمة اليونسكو أن هجرة العقول هي نوع شاذ من أنواع التبادل العلمي بين الدول يتسم بالتدفق في اتجاه واحد ( ناحية الدول المتقدمة ) أو ما يعرف بالنقل العكسي للتكنولوجيا، لأن هجرة العقول هي فعلا نقل مباشر لأحد أهم عناصر الإنتاج، وهو العنصر البشري.
وفي دراسة أخرى حول هذ الجانب أعدها مركز الخليج للدراسات الإستراتيجية أكد فيها بأن, هجرة العقول العربية تكلف الدول العربية خسائر لا تقل عن 200 مليار دولار مضيفة أن الدول الغربية الرأسمالية تعد الرابح الأكبر من هجرة ما لا يقل عن 450 ألفا من هذه العقول ورأت الدراسة أن المجتمعات العربية أصبحت بيئات طاردة للكفاءات العلمية العربية وليست جاذبة أو حاضنة لهذه الكفاءات الأمر الذي أدى إلى استفحال ظاهرة هجرة العقول والأدمغة العلمية العربية إلى الخارج خاصة إلى بلدان الغرب. وذكرت الدراسة أن 45 بالمائة من الطلاب العرب الذين يدرسون في الخارج لا يعودون إلى بلدانهم وأن 34 بالمائة من الأطباء الأكفاء في بريطانيا هم من العرب مضيفة أن هناك نحو 75 بالمائة من الكفاءات العلمية العربية مهاجرة بالفعل إلى ثلاث دول تحديدا هي أمريكا وبريطانيا وكندا ونوهت بأن الوطن العربي يساهم بـ31 بالمائة من هجرة الكفاءات من الدول النامية إلى الغرب الرأسمالي بنحو 50 بالمائة من الأطباء و 23 بالمائة من المهندسين و 15 بالمائة من العلماء النابهين من العالم الثالث. وأوضح الريمي أن الإنفاق على البحث العلمي والتقني في الوطن العربي يبلغ درجة متدنية (ويعد هذا من أهم أسباب هجرة العلماء) مقارنة بما هو الحال عليه في بقية دول العالم موضحة أن الإنفاق السنوي للدول العربية على البحث العلمي لا يتجاوز 0.2 بالمائة من إجمالي الموازنات العربية وذكرت أن هذه النسبة المتدنية تأتى في حين تبلغ في إسرائيل 2.6 بالمائة في الموازنة السنوية وذلك مقارنة بما تنفقه أمريكا 3.6 بالمائة والسويد 3.8 بالمائة وسويسرا واليابان 2.7 بالمائة وفرنسا والدنمرك 2 بالمائة.
ورأت الدراسة أن ضعف الاهتمام بالعلم والبحث العلمي يعد أحد العوامل المركزية في الضعف الإستراتيجي العربي في مواجهة إسرائيل وأحد الأسباب الرئيسية وراء إخفاق مشاريع النهضة العربية ودعت إلى مضاعفة الإنفاق العربي على البحث العلمي إلى 11 ضعفا عن المعدلات الحالية وتطوير السياسات المشجعة على تطوير البحث العلمي في كل قطاعات المجتمع. وتعاني مصر وغيرها من الدول العربية من أثار هذه الظاهرة حيث يقدر الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء المصريين المتميزين من العقول والكفاءات التي هاجرت للخارج بـ 824 ألفاً وفقا لآخر إحصاء صدر في عام 2003 من بينهم نحو 2500 عالم وتشير الإحصاءات إلى أن مصر قدمت نحو 60% من العلماء العرب والمهندسين إلى الولايات المتحدة الأمريكية، وان مساهمة كل من العراق ولبنان بلغت 10% بينما كان نصيب كل من سوريا والأردن وفلسطين نحو 5%. ويؤكد الدكتور عبدا لسلام نوير مدرس العلوم السياسة بجامعة أسيوط في دراسة حديثة أن الخسائر التي منيت بها البلدان العربية من جراء هجرة الأدمغة العربية بلغت 11 مليار دولار في عقد السبعينيات، وان الدول الغربية هي الرابح الأكبر من 450 ألفاً من العقول العربية المهاجرة. وتضيف الدراسة أنه في حين تخسر الدول العربية وفي مقدمتها مصر من ظاهرة هجرة العقول فإن إسرائيل المستفيد الأول من هذه الظاهرة بفعل الهجرة عالية التأهيل القادمة إليها من شرق أوروبا وروسيا وبعض الدول الغربية. وتذكر الدراسة أن مصر تعد الخاسر الأكبر من هجرة الكفاءات في الكم المطلق ففي أميركا حوالي 318 كفاءة مصرية، كندا 110، استراليا 70 و35 في بريطانيا، 36 في فرنسا، 25 بألمانيا، 14 في سويسرا، 40 في هولندا، 14 في النمسا، 90 في ايطاليا، 12 بأسبانيا وفي اليونان 60 وتحظى الولايات المتحدة بالنصيب الأكبر من الكفاءة والعقول العربية بنسبة 39% تليها كندا 3، 13% ثم أسبانيا بنسبة 5، 1% وتتضمن هذه الأرقام العديد من الفئات في مهن وتخصصات مختلفة وتتجلى الخطورة في أن عدداً من هؤلاء يعملون في أهم التخصصات الحرجة والإستراتيجية مثل الجراحات الدقيقة، الطب النووي والعلاج بالإشعاع والهندسة الالكترونية والميكرو الكترونية، والهندسة النووية، علوم الليزر، تكنولوجيا الأنسجة والفيزياء النووية وعلوم الفضاء والميكروبيولوجيا والهندسة الوراثة مضيفا أنه حتى في العلوم الإنسانية كاقتصاديات السوق والعلاقات الدولية، هناك علماء متخصصون.
وتلفت دراسة الدكتور نوير إلى القنوات الرئيسية لهجرة الكفاءات العربية إلى البلدان الغربية وهي الطلاب في الجامعات الغربية لاسيما المبعوثين الذين ترسلهم الجامعات والمراكز البحثية ولا يعود هؤلاء إلى بلدانهم الأصلية مؤكدا أن مصر تعد من أكثر الدول معاناة من هذه المشكلة حيث قدر عدد من تخلف من مبعوثيها في العودة إليها منذ بداية الستينات وحتى مطلع عام 75 بحوالي 940 مبعوثا بنسبة 12%من مجموع المبعوثين خلال تلك الفترة وتركز معظمهم في أميركا، كندا، فرنسا، بريطانيا وكانوا من المتخصصين في الهندسة والطب والأبحاث الزراعية وخلال الفترة من 70 إلى1980 لم يعد إلى مصر 70% من مبعوثيها في الولايات المتحدة.
ونوه الريمي بأن بعض المفكرين يرى إن الوطن العربي لا يعاني من نزيف الدم فحسب بل هناك ما هو اشد من ذلك يقول المفكر والكاتب نايف كريم : ليس الدم وحده الذي ينزف في الوطن العربي بل إننا نعاني من نزيف أعمق وأخطر وأشد إيلاما، إنه نزيف الأدمغة. ومكمن الخطورة في هذا النزيف القاتل أنه يتم بهدوء من دون ضجيج كالذي يثيره نزيف الدماء مع أن آثاره أشد وطأة على مستقبل الوطن العربي وتصيب أضراره كل مواطن عربي ولعدة أجيال. ذلك أن حرمان عجلة التقدم في أي بلد من العقول والأدمغة والخبرات اللازمة لتحريكها يترك آثاره السلبية على مختلف نواحي الحياة الاقتصادية والصحية والتربوية... إلخ.
ويقول تقرير الأمم المتحدة للتنمية البشرية في الوطن العربي للعام 2002 إن أكثر من مليون خبير واختصاصي عربي من حملة الشهادات العليا أو الفنيين المهرة مهاجرين ويعملون في الدول المتقدمة ليسهم وجودهم في تقدمها أكثر ويعمق رحيلهم عن الوطن. العربي آثار التخلف والارتهان للخبرات الأجنبية. ويذكر تقرير رسمي حول العمالة العربية المهاجرة أعده المدير العام لمؤسسة العمل العربية الدكتور إبراهيم قويدر أن عدد حملة الشهادات العليا فقط من العرب المهاجرين إلى أميركا وأوروبا يبلغ 450 ألف عربي. ما يعني أن الولايات المتحدة ودول غربي أوروبا توفر مليارات الدولارات نتيجة لهجرة العقول والمهارات إليها. إذ لم تتعب هذه الدول لتنشئة وتدريب هذه العقول ولم تتكلف عليها، فيما تحمل الوطن العربي كلفة تنشئتها وتدريبها. وهكذا يذهب إنتاج هذه العقول الجاهزة ليصب مباشرة في إثراء البلدان المتقدمة ودفع مسيرة التقدم والتنمية فيها في ما يخسر الوطن العربي ما أنفقه ويخسر فرص النهوض التنموي والاقتصادي التي كان يمكن أن تسهم هذه العقول في إيجادها. كما تشير المصادر إلى أن بلدا كالعراق هاجر منه 7350 عالما في مختلف المجالات ما بين عامي 1991 و 1998 نتيجة الأوضاع التي كانت سائدة في العراق وظروف الحصار الدولي التي طالت الجوانب العلمية, ولا يوجد إحصائية دقيقة تشير إلى عدد العلماء الذين هاجروا من العراق بعد الغزو الأمريكي ولا إلى عدد العلماء الذين قتلتهم المخابرات الغربية والصهيونية. وعن الأسباب الأساسية لهجرة الأدمغة العربية ذكر الريمي أن الدكتور فاروق الباز، وهو من كبار العقول العربية التي هاجرت من مصر منذ ستينات القرن الماضي،يرى أن لكل عالم وخبير عربي أسبابه الخاصة التي دفعته إلى الهجرة. وهذه تضاف إلى الأسباب العامة المشتركة في الوطن العربي حيث لا احترام للعلم والعلماء ولا تتوفر البيئة المناسبة للبحث العلمي والإبداع. وبالتالي فمن الطبيعي أن يبحث العالم العربي وطالب المعرفة عن المكان الذي تتواجد فيه شعلة الحضارة. إذ عندما كان العالم العربي يحمل شعلة الحضارة قبل مئات السنين كان يأتيه المفكرون والخبرات والعقول من كل حدب وصوب، وبما أن شعلة الحضارة انتقلت إلى الغرب فمن الطبيعي أن يهاجر الخبراء والعلماء إلى المراكز التي تحتضن هذه الشعلة وتجمع الدراسات التي تناولت موضوع هجرة الأدمغة في الوطن العربي أن هذه الهجرة هي نتيجة لتشابك جملة من الأسباب و العوامل السياسية والاقتصادية والاجتماعية والشخصية. ويصنف الباحثون هذه الأسباب في نوعين هما:
1. الأسباب الأساسية الدافعة إلى الهجرة، المتمثلة في:
• ضعف أو انعدام القدرة على استيعاب أصحاب الكفاءات الذين يجدون أنفسهم إما عاطلين عن العمل أو لا يجدون عملاً يناسب اختصاصاتهم في بلدانهم.
• ضعف المردود المادي لأصحاب الكفاءات.
• انعدام التوازن في النظام التعليمي، أو فقدان الارتباط بين أنظمة التعليم ومشاريع التنمية.
• عدم الاستقرار السياسي أو الاجتماعي والإشكالات التي تعتري التجارب الديمقراطية العربية والتي تؤدي في بعض الأحيان إلى شعور بعض أصحاب الخبرات بالغربة في أوطانهم، أو تضطرهم إلى الهجرة سعياً وراء ظروف أكثر حرية وأكثر استقراراً.
• إلى جانب هذه الأسباب الأساسية يمكن أن توجد عوامل أخرى موضوعية أو ذاتية تدفع أصحاب الخبرات إلى الهجرة كالبيروقراطية الإدارية وأنظمة الخدمة المدنية وبعض التشريعات والتعهدات و الكفالات المالية التي تربك أصحاب الخبرات ، إلى جانب أسباب عائلية أو شخصية فردية. 2
.الأسباب الجاذبة لهجرة الأدمغة المتمثلة في:
• الريادة العلمية والتكنولوجية للبلدان الجاذبة ومناخ الاستقرار والتقدم الذي تتمتع به هذه البلدان.
• توفرز الثروات المادية الضخمة التي تمكنها من توفير فرص عمل هامة و مجزية مادياً تشكل إغراءً قوياً للاختصاصين.
• إتاحة الفرص لأصحاب الخبرات في مجال البحث العلمي والتجارب التي تثبت كفاءاتهم وتطورها من جهة أخرى، وتفتح أمامهم آفاقاً جديدة أوسع وأكثر عطاءً، من جهة أخرى. وعن الآثار السلبية لهجرة الأدمغة على البلدان العربية حددها نائب عميد (كلية علوم وهندسة الحاسوب) لشئون الطلاب/جامعة الحديدة في الآتي:
• ضياع الجهود والطاقات الإنتاجية والعلمية لهذه العقول العربية التي تصب في شرايين البلدان الغربية بينما تحتاج التنمية العربية لمثل هذه العقول في مجالات الاقتصاد والتعليم والصحة والتخطيط والبحث العلمي و التقانة .
• تبديد الموارد الإنسانية والمالية العربية التي أنفقت في تعليم وتدريب الكفاءات التي تحصل عليها البلدان الغربية دون مقابل.
• ضعف وتدهور الإنتاج العلمي والبحثي في البلدان العربية بالمقارنة مع الإنتاج العلمي للعرب المهاجرين في البلدان الغربية. ومما يلفت النظر في الوطن العربي أنه مع ازدياد معدلات هجرة العقول العربية إلى الغرب يزداد اعتماد غالبية البلدان العربية على الكفاءات الغربية في ميادين شتى بتكلفة اقتصادية مرتفعة ومبالغ فيها في كثير الأحيان..
وبعبارة أخرى فإن البلدان العربية تتحمل بسبب هذه الهجرة خسارة مزدوجة لضياع ما أنفقته من أموال وجهود في تعليم وإعداد الكفاءات العربية المهاجرة، ومواجهة نقص الكفاءات وسوء استغلالها والإفادة منها عن طريق استيراد الكفاءات الغربية بتكلفة كبيرة.
الجــهل الـسبب الرئيسي لما نحن فيه وأكبر خطر يهددنا بسبب الجهل والتخبط الذي عاشته وتعيشه أمتنا اليوم فرضت علينا نضريات وأفكار هي في الأساس دخيلة على مجتمعاتنا وفي معضم الأحيان منافية لتعاليم ديننا الذي يدعوا للعلم وإلى تحكيم العقل.فلقد جربت امتنا منذ سقوط الحضارة الإسلامية نظريات ومذاهب شتى فجربنا النضرية الغربية الداعية إلى ترك الدين وأن الدين سبب تخلفنا(العلمانية), وجربت أمتنا الاشتراكية والرأسمالية ثم القومية والليبرالية والنظام العالمي الجديد وغيرة من الشعارات الكثيرة مثل الديمقراطية والدعوة إلى تحرير المرآة وغيرة من الشعارات التي لا تراعي خصوصيات مجتمعاتنا, وقد اثبت التاريخ وبما لا يدع أي مجال للشك إن كل هذه المشاريع الدخيلة على هذه الأمة قد باءت بالفشل الذر يع. هذه المشاريع البالية والتي عفا عنها الزمن تذكرنا اليوم بالتجارب المريرة والفشل الذر يع في تحقيق أي نجاح يذكر بل على العكس لقد أفقدتنا هذه المشاريع الدخيلة على الأمة أفقدتنا الشعور بالانتماء لهذ الوطن الإسلامي الكبير هذ الوطن الذي يربط أبنائه بأغلى رابطة, ألا وهي رابطة الإخوة في الدين أفقدتنا الشعور بالوحدة وأصبح هذا لوطن الإسلامي مجزئ إلي دويلات صغيرة لا ترتبط جغرافيا في ما بينها بجغرافية الشعور بالكيان الواحد. وما هذ المسلسل الذي لم تنتهي حلقاته بعد, مسلسل نزيف العقول العربية إلا واحد من إفرازات هذه المشاريع الدخيلة التي جربتها امتنا . ما كل هذ التخلف وفي جميع المجالات التي تعيشه امتنا إلا من إفرازات هذه المشاريع. وما هذ الضياع الذي يعيشه شبابنا وشعوره بفقده للهوية الإسلامية إلا من مخرجات هذه المشاريع الشيطانية. إن كل ما نشاهده اليوم في كل من العراق وفلسطين ولبنان, وفي السودان والصومال وأفغانستان وفي كشمير وغيرها من البلاد الإسلامية التي تنتهك فيها الحرمات, وعجزنا جميعا عن عمل أي شيء, إلا مؤشر خطير لما نحن فيه. إذا لم نحقق أي شيء يمكن إن يذكر ولازلنا نغوص في الجهل والتخلف, أصبحنا امة المليار والنصف عالة علي غيرنا ولا يعطي لنا أي اعتبار وقضايانا الأساسية والمصيرية يناقشها غيرنا, وتفرض علينا الاملائات تلو الاملائات وما علينا إلا تقبل ذالك شئنا أم أبينا. العـــلم هو الحل للخروج من ما نحن فيه لقد شخص لنا علمائنا المرض العضال الذي نعاني منه, ألا وهو البعد عن تعاليم الدين الحنيف وشخصوا لنا العلاج الشافي بإذن الله لهذ الفيروس الخبيث الذي ينهش في جسد الأمة منذ زمن طويل وافقدها كل طاقاتها وكل مواردها وأصبحنا بذالك امة لا يحسب لها حساب فلماذا هذ العناد المرير من أبناء هذ الأمة في تناول ما وصف لنا من العلاج. الإسلام إنها العودة إلى الأصل إن هذ الدين العظيم بتعاليمه السمحاء التي اخرجت أسلافنا من تبعية الفرس والروم بل وجعلهم سادة الأرض, هو وحده الكفيل إن يخرجنا اليوم من تبعية الحضارة الغربية. الإسلام الذي بدا تعاليمه للإنسانية بالحث علي العلم وطلب المعرفة, هذ السلاح الذي نفتقره اليوم للذود والدفاع عن عقيدتنا التي نستهدف من اجلها, السلاح الذي نحافظ به على كياننا المهدد دوما, السلاح الذي نحافظ به علي هويتنا,علي تراثنا , السلاح الذي نخيف به أعداء امتنا فلتكن عودتنا إلى تعاليم ديننا هو الجهاد الحقيقي الذي ينشده كل أبناء الأمة,كما أن طلب العلم أصبح فرض عين على كل مسلم ومسلمة, وذالك بهدف دفع الشر عن هذه الأمة التي تكالبت عليها الأمم. وبذا يكمننا القول إننا أبناء الأمة الإسلامية نقف اليوم على مفترق الطرق وأمام خيارين لا ثالث لهما. أما الخيار الأول فهو أن يضل حالنا كما نحن عليه اليوم, ونضل نتغنى بماضينا المشرق, ونحمل أعداء الأمة وحدهم ما أل إليه حالنا مكتفيين بهذ التبرير السخيف الذي نردده مساء وصباح, ناسيين أو متناسين أننا مشاركين في تردي أوضاع الأمة من خلال زرعنا في أنفسنا وفي نفوس أبنائنا الإحباط والتشاؤم والتسليم بالأمر الواقع. وأصبحنا كذلك نتغنى بهذه الحضارة الغربية التي لا تعطي أية اعتبارات للجانب الروحي, هذه الحضارة التي جعلتنا عبارة عن أدوات و مكائن للعمل فقط. وسيزداد حالنا سوءا ونفقد ما تبقى لنا من قيم نبيلة, ونذوب بذالك وننصهر في بوتقة هذه الحضارة. أما الخيار الثاني فهو وجوب أن نقتنع جميعا بأن العلم والإيمان الذي يعدان من صلب الإسلام وأن والذي يجب أن نسعى جميعا إلى حشد الطاقات نحو تطبيق تعاليم الإسلام الداعية إلى فرضية طلب العلم على كل فرد من أفراد الأمة خصوصا في وقتنا الراهن وفي ضل هذه الضروف المأساوية التي تعيشها أمتنا. الأمة اليوم بحاجة للعلم أكثر من أي وقت مضى!! ونحن اليوم على أعتاب القرن الواحد والعشرين عصر التطور العلمي والتكنولوجي في شتى المجالات, العلم الذي لا يتنافى بأي شكل من الأشكال مع الإيمان. نحن أمة الإسلام اليوم بحاجة للعلم أكثر من أي وقت مضى, ليس فقط بهدف الدفاع على أنفسنا من الغزو الثقافي والفكري المنظم وغير المنظم, واستخدام لتكنولوجيا الحديثة وتجنيدها لهدم ما لدى هذه ألامه من قيم وعادات. وكذا تجنيد هذه التكنولوجيا للحرب المباشر على الإسلام عبر القنوات الفضائية, وعبر الانترنت.بل نحن بحاجة للعلم لمعرفة عظمة الخالق وإلى دعوة الغير لهذ الدين باستخدام حجة العلم, هذ العلم الذي يبرهن على وحدانية الخالق, العلم الذي أثبت وبما لا يجع مجالا للشك صدق ما جاء به النبي الأمي الخاتم مصداقا لقوله تعالى "إن هو إلا ذكر للعالمين, ولتعلمن نبئه بعد حين" وقوله تعالى "وقل الحمد لله سيريكم آياته فتعرفونه" وبما أن الحق ما شهد به الأعداء فهذه أبحاث الغرب في مختلف المجالات تشهد بصدق هذ النبي الخاتم وصدق ما جاء به, ولعل كتاب "الله يتجلى في عصر العلم" للعالم الأمريكي كريسي موريسون, الذي وضح تطابق العلم الحديث في شتى المجالات مع كل ما ورد في القرآن والسنة. ولكن نتيجة للتخلف التكنولوجي الذي نعيشه اليوم لا نستطيع الدفاع علي أغلي ما نملكه في حياتنا ألا و هي عقيدتنا الإسلامية فكيف لنا إن ندافع وقد غزت هذه التكنولوجيا منازلنا وبدون أي إذن مسبق؟ فلينظر كل منا ما أل إليه حالنا بابتعادنا عن تطبيق تعاليم الدين في طلب العلم أليس حالنا يشبه حال أسلافنا قبل البعثة النبوية علي صاحبها أفضل الصلاة والسلام, امة ضعيفة ومستضعفة, تتخطفها الأمم, تفرض عليها الإملائات تلو الاملائات, وهن من بعده وهن. امة لا تستشار حتى في قضاياها المصيرية. مقدساتنا محتلة, قرأننا يداس بأقدام الأعداء, نبينا الكريم علية الصلاة والسلام يتعرض للإهانة, ونحن امة المليار والنصف المليار لا نحرك ساكنا وكأن كل هذه الأحداث لا تعنينا. ماذا ننتظر إذا؟ فكيف لنا إن ندفع الشر عن أنفسنا وعن شبابنا ما لم يكن العلم هو وسيلتنا الوحيدة. أين نحن من تعاليم ديننا الحنيف لقد حث القرآن في آياته على تتبع علوم الكون كله، علوية وسفلية، أرضه وسمائه، واستنباط خفاياه وأسراره. قال الله تعالى: {أوَلَم يَنظُروا في مَلَكوتِ السنوات والأَرضِ ومَا خَلَق اللهُ مِن شَيء} [يونس الآية: 101]. وقال:{ويتفكرون في خلق السموات والأرض ربَّنا ما خلقْتَ هذا باطلاً سُبْحانك} [آل عمران الآية: 191]. ]قل سِيروا في الأرض فانظُرُوا كيف بَدَأ الخلق[ [العنكبوت:20].
حلول ومقترحات للخروج من ما نحن فيه اليوم
• العودة الحقيقية إلى تعاليم الدين الإسلامي الذي يأمرنا بالتعليم ويجعل منه فرضا مثله مثل سائر الفرائض وذلك للأخذ بالأسباب ثم التوكل على الله مصداقا لقوله تعالى "واعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل, ترهبون به عدو الله وعدوكم "
• استغلال مخزون الأمة من الكادر البشري, هذه الثروة التي لا تنضب بمرور الزمن, بعكس الثروات الأخرى المتمثلة بالثروات التي تكمن في باطن الأرض, ويمكن الإشارة هنا إلى نجاح التجربة الصينية وكذ التجربة الهندية التي راهنت وبشكل أساسي على مخزون الأمة من الكادر البشري وسعة إلى تدريبه وتأهيله, تأهيلا يلبي احتياجات العصر, " العمالة اليمنية في دول الجوار"
• إعادة النضر في مناهجنا التعليمية واتخاذ طرق علميه حديثه لإحداث نقله نوعيه في مناهجنا الدراسية في مراحل التعليم المختلفة, مناهج تلبي متطلبات العصر,
• إعداد كوادر تربوية وأكاديمية مؤهله تحمل على كاهلها مسئولية تأهيل الكوادر في شتى المجالات, للارتقاء بأمتنا وتجنيبها المخاطر المحدقة بها,
• إنشاء البنى التحتيه الحديثه للبحث العلمي,حيث لايمكن إحداث إي تطور مالم يكون الإهتمام بالبحث العلمي أولى أولوياتنا, والعمل على زيادة الدعم المقدم لهذ المجال, حيث تشير الأبحاث بأن عدم توفر البنى التحتيه للبحث العلمي وكذا قلة الدعم المالي للبحث العلمي هو أحد أسباب هجرة العلماء.
• إنشاء صندوق خاص لدعم للبحث العلمي , يشارك في تمويل هذ الصندوق المجتمع بجميع فئاته,
• الإرتقاء بمؤسساتنا الأكاديميه المتمثله باالجامعات لكي تؤدي الدور المعول عليها في النهضة بالأمة, و ذلك بإتباع إسلوب البحث العلمي في طرق تدريسها, والإبتعاد عن إسلوب التلقين, وكذا إنشاء مراكز للبحث العلمي لتقديم الحلول العلميه لمختلف القطاعات الحكوميه والخاصة.
• حشد طاقات الأمه ومقدراتها وخوض حرب حقيقيه ضد الجهل المخيم على أمتنا الذي يعد السبب الرئيسي لما نحن عليه اليوم, حرب يشارك فيها المجتمع بجميع فئاته, ويقع الدور الكبير في التحضير لهذ الحرب على الأسره الجامع والإعلام بكل وسائله المرئيه المقروئه والمسموعه,
• يجب أن يستشعر كل فرد في الأمة ذكرا كان أم أنثى بعظيم المسؤلية الملقاة على عاتقه, المتمثلة بتطبيق الدين الحنيف في ما يدعو له من ضرورة التسلح بالعلم والمعرفة.