خادم الحرمين.. ثلاثة أشهر مدة غير كافية

أولا ينبغي علينا إزجاء الشكر والعرفان لخادم الحرمين الملك عبدالله بن عبدالعزيز لأن القوى العاملة اليمنية في السعودية بلغت في عهده مستوى لم تبلغه حتى في فترة ما قبل 1990. ونشكره كذلك على دعمه المتواصل من أجل استقرار اليمن وأمنها وجهوده في العام 2011 في سبيل إنجاح المبادرة الخليجية لتجنيب اليمن ويلات العناد. وأخيرا قراره بإيقاف حملات الملاحقة للعمالة اليمنية وإعطائها مهلة لتكييف أوضاعها مع القرارات الأخيرة غير أن واقع الحال يقول أن الثلاثة أشهر مدة غير كافية من عدة أوجه:

فمن جهة، تؤكد وقائع الحال أن كثيرا من المغتربين في الظروف الطبيعية يقضون فترة تتجاوز الـ3 أشهر وهم يتابعون كفلاءهم من أجل الموافقة على تأشيرة الخروج أو نقل الكفالة.

ومن جهة ثانية، فإن من يستطيع خلال 3 أشهر المخارجة مع كفيله الحالي فليزمه مدة أكبر من أجل الحصول على فرصة عمل لدى كفيل جديد.. وهذا أمر ليس بالسهل على الاطلاق. وبالتالي لا يليق أن تُفهم هذه المهلة على أنها مهلة لترتيب حقائب المغادرة لا مهلة لتصحيح أوضاع الإقامة.

ومن جهة ثالثة فإن قِصَر المدة سيسبب حالة ارتباك شديدة وضغطا مضاعفا على المغتربين وسيدفع بهم للارتماء في الخيارات المؤسفة والتعرض للابتزاز، وهو أمر لا ينسجم مع مقاصد العدالة التي تحرص عليها دولة خادم الحرمين التي جعلها الله تعالى بلدا آمنا ينعم بالرخاء حينما طابت نفوس أهلها وحكامها وعم خيرها المعمورة جمعاء، فلا يليق بها الآن وهي نخلة العز والسؤدد والرخاء، أن تقصر عوارفها على نفسها وأن تفصل ظلها على جسدها وأن يغدوا أهلها على حرد قادرين.

يا خادم الحرمين أدام الله عزك.. بيئة اليمن في 2013 تختلف عنها في 1990، إذ هي اليوم بيئة طاردة يستحيل عليها الاستقبال والامتصاص.. تعيش وضعا مأساويا لم يسبق له مثيل طيلة نصف قرن. فكيف تنقُض المملكة بقرار العمالة ما بنته من خلال المبادرة الخليجية؟! وهل يأمن الدار إذا احترق بيت الجار؟!

يا خادم الحرمين.. تحويلات المغتربين هي الحد الأدنى الذي تعيش عليه اليمن وتقتات، ولا تستطيع الاستغناء عنه على الأقل في ظرفها الراهن الذي لا يخفى عليكم سوءه.. فاتقوا الله ولا تأخذكم العزة بالاثم، واذكروا أن لنا حقا عليكم في الجوار نصت عليه راية "لا إله إلا الله محمد رسول الله".

كلنا أمل أن صوت الانسانية الذي اتسم به عهدكم لازال هو الأعلى، وأن منطق العقل الذي ساد نهجكم لازال هو المتَّبَع، وأنكم ولابد، ستصلون إلى حلول أنجع لا تحبل بالمشاكل، وقد كنا والله نعشم في ما هو أكثر من إعطائنا مهلةً حتى وإن طالت أمدها. والله المستعان.