تستعرض هذه المقابلة التي أجرتها «الشرق الأوسط» مع السفير المهندس سعد العريفي مدير عام مكتب مجلس التعاون الخليجي في العاصمة اليمنية صنعاء، وهو أول سفير يعين في هذا المنصب منذ استحداثه العام الماضي، جملة من القضايا المتعلقة بالوضع في اليمن والتسوية السياسية القائمة في ضوء المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، ويؤكد السفير العريفي أن الحوار الوطني انتقل إلى المرحلة الثانية، على الرغم من حالة التشاؤم التي كانت لدى البعض بعدم نجاحه أو استمراره، ويشير إلى أن حكومة الوفاق الوطني تعمل بشكل جيد في ضوء ما هو مرسوم لها، ولكن ليس بامتياز، ويعتقد أن من العبث إجراء تعديل حكومي في الوقت الراهن مع قرب انتهاء مدة الفترة الانتقالية. ويتطرق الحوار مع سفير مجلس التعاون الخليجي في صنعاء إلى جملة من القضايا المهمة، كمحاربة الإرهاب والدور الإيراني في اليمن وغيرهما من القضايا، فإلى نص الحوار:
* إلى أين تعتقدون أن التسوية السياسية وصلت في اليمن؟
- طبعا تعلمون أن اليمن عمق استراتيجي للجزيرة العربية، وبين اليمن ومجلس التعاون تقارب شديد من ناحية العرق والدين والنسب والقرب كذلك، ودول الخليج أخذت المبادرة، وأعدت هذه المبادرة التي وقعت عليها الجهات المختلفة في اليمن، وحقنت الدماء في 2011، وغلبت الحكمة اليمانية، والحمد لله، وهذا إنجاز لليمنيين حقيقة، وكان اليمن على حافة هاوية لا يحمد عقباها.. الآن المبادرة الخليجية قطعت شوطا كبيرا؛ قطعت المرحلة الأولى بالكامل، وبدأنا في المرحلة الثانية التي بدأت ببدء الحوار في 18 مارس (آذار).. الحمد لله، الحوار لما بدأ، فنحن صراحة سعدنا وارتحنا، لأن اليمن تردد في بدء هذا الحوار، ولكن الحمد لله انطلق الحوار، وكان هناك تشاؤم من بعض الناس، بأن الحوار لن ينجح، ولن يستمر، ولكن الحمد لله جميع المختلفين جلسوا تحت سقف واحد، كانوا يتحاربون بالأمس، والآن يشربون القهوة معا، ويتحدثون ويطرحون طروحاتهم، والمواطن اليمني حقيقة كريم وعاطفي والكلمة الطيبة تأتي أكلها معه، الحمد لله رب العالمين، نحن نشكر الله أن هذا الحوار بدأ واستمرت الجلسة الأولى، وكل طرح ما في نفسه وطرح كل ما يبدو له، وكذلك بدأت الجلسة الثانية التي بدأ التخطيط لها في طرق العمل والرسم، والحمد لله الآن يبدأ العمل الصحيح، الحوار الحقيقي طرح النقاش وطرح الرؤى، ونحن متفائلون جدا بأن هذا الحوار إن شاء الله سيخرج بنتائج تخرج باليمن من أزمته إلى اليمن الجديد، المطلوب من المواطن اليمني.
* هل تعتقدون أن ثمة مشكلات أو عراقيل تقف أمام استمرار الحوار الوطني، وما نوع هذه العراقيل؟
- أعتقد أن العراقيل موجودة ولكن اليمنيين جديرون بأن يتجاوزوا هذه العقبات.. أنا لمست بعض العقبات في بعض لجان الحوار وفي بعض طرق عمل الحوار، ولكن كذلك رأيت كيف خرجوا من هذه العقبات ونجحوا في تذليلها، أما الوضع في اليمن ككل، فأنت تعلم أن حكومة الوفاق هي حكومة انتقالية مكونة من مكونات سياسية متخالفة، فنحمد الله أنهم بدأوا وأداروا البلد بحكمة مع العلم أنهم مختلفون، ولا نتوقع منهم إنجازا كبيرا، ولكن أنا أحمد الله على ما حقق ويتحقق، الأمن طبعا، كما تعرف، مرّ بمراحل كثيرة، وقرارات الرئيس بهيكلة الجيش خطوة فعلا جيدة في الطريق الصحيح، أنا منذ أن وصلت إلى اليمن ألاحظ أنه يتغير كل شهر نحو الأفضل.
* هناك معضلات أو إشكاليات كبيرة تواجه اليمن، والأزمة اليمنية القائمة فيما يتعلق بالذات بالقضية الجنوبية، وهناك صراع داخلي في الجنوب نفسه، وباتت (القاعدة) موجودة، وبات هناك أيضا اختلافات داخل مكونات الحراك الجنوبي.. كيف ينظر مجلس التعاون إلى هذه المسألة وإلى إمكانية حل إشكالية الجنوب بالضبط؟
- القضية الجنوبية ذكرت في المبادرة الخليجية، وكانت دول مجلس التعاون واعية أهمية هذه القضية، ونعتقد أن انضمام جزء من الجنوبيين إلى مؤتمر الحوار خطوة أولى في سبيل حل هذه المعضلة.. وبالنسبة لموضوع الخلافات بين الجنوبيين، فهذه حقيقة.. فلذلك دول مجلس التعاون ركزت على وحدة اليمن، وأن اليمن الموحد كفيل بأن ينشر العدل والديمقراطية على كل أجزائه سواء جنوبه أو شماله أو شرقه أو غربه.
* أنتم في مجلس التعاون الخليجي ألا تخشون انتشار وتوسع نشاط تنظيم القاعدة في هذه الرقعة الجغرافية؟
- نعم، أعتقد أنا أن فخامة الرئيس ووزارة الدفاع اليمنية والجيش اليمني عملوا الكثير لإضعاف قدرات (القاعدة) في جنوب اليمن، وأعتقد الآن أن نفوذهم تقلص إلى حد ما، وأعتقد أنه بهيكلة الجيش وتطويره وتطوير الأمن سوف يندمجون في المجتمع، وإن شاء الله سوف يكونون مواطنين صالحين ويتركون السلاح والإرهاب.. إلى آخره.
* إلى أي مدى تظن أن قضية نائب القنصل السعودي المختطف في عدن الخالدي يمكن حلها، وهل يعني استمرار احتجازه أن المملكة ترفض الرضوخ لابتزاز (القاعدة)؟
- والله، قضية الخالدي قضية شائكة، ونحن ندعو أن يفك الله أسره، وأن يرجع إلى أهله وأطفاله، ليس له ذنب كونه دبلوماسيا يعمل في عمله، ويؤدي واجبه، ونتمنى له إن شاء الله أن يفك أسره، أما عملية الرضوخ إلى الابتزاز فلا أعتقد أنها واردة البتة.
* كيف تقيم أداء حكومة الوفاق الوطني من خلال الأشهر الحالية، وكيف تقيم أنت أداءهم كسفير لمجلس التعاون الذي قدم المبادرة التي تسير الأمور جميعها في ضوئها؟
- أنا أعتقد أن حكومة الوفاق، كما أسلفت، من مكونات مختلفة من المؤتمر والإصلاح.. إلى آخره، ولكنها حكومة انتقالية، على عاتقها برنامج، وأعتقد أنهم يؤدون البرنامج كما هو مطلوب، ولكن ليس بامتياز.
* في هذه الحالة، هل تعتقد باستمرار الحكومة في ظل ما يطرح بأن هناك مقترحات لتعديلات حكومية؟
- أعتقد أن الحكومة تعمل على البرنامج المرسوم، وأعتقد أن الفترة المتبقية لها لا تتجاوز 9 أشهر، فأعتقد أنه من العبث تعديل الحكومة في هذا الوقت بالذات.
* كيف تنظرون إلى أداء الأجهزة اليمنية في مجال محاربة الإرهاب؟
- أنا أعتقد أن الأجهزة الأمنية اليمنية تعمل بجد واجتهاد، وأعتقد أنهم حققوا إنجازات كبيرة في هذا المجال، وبدعم من المجتمع الدولي، وبدعم من فخامة الرئيس، وهو متحمس جدا لدحض الإرهاب، وأعتقد أن اليمن الآن ليس بيئة جالبة للإرهاب، كما كان سابقا.
* كيف ينظر مجلس التعاون الخليجي إلى الدور الإيراني في اليمن في هذا التوقيت بالضبط؟
- والله، دول مجلس التعاون طبعا دائما تناشد جمهورية إيران الإسلامية بأن تتوخى الدقة، وأن تكف عن هذه الأعمال التي لا تفيد المنطقة أبدا، ولكن هذا شأن إيراني، ومن الممكن أن تطرح السؤال على سعادة السفير الإيراني أو غيره.
* أقصد ما مدى خطورة التدخل الإيراني في اليمن في هذا المرحلة بالذات، خاصة تهريب السلاح؟
- دول مجلس التعاون تتخذ جميع الإجراءات لحماية حدودها، واليمن دولة لها سيادة، واليمن اتخذ إجراءات جادة في هذا المجال، ورفع الموضوع إلى الأمم المتحدة ومجلس الأمن، ويُدرس الآن، وإن شاء الله تتطور الأمور إلى الأحسن.
"الشرق الأوسط"