بشقيقها الرجل ، فأصبحت الان ، هي الوزيرة ، والدكتورة ، والمعلمة ،
والحقوقية ، والنائبة في البرلمان ، وأصبحت الرياضية والطيارة ، والفارسة
، وكل ما توفر لها حاليا بعهد فخامة رئيس الجمهورية ، إلا أن هناك منهن لم
ينظرن إلى حولهن في دول الجوار وعلى وجه الخصوص في دول الخليج العربي ،
وأصبحن ينتقدن الوضع الراهن لها .. المحامية اليمنية شذى ناصر ذات الأصول
العدنية التي تعد أول محامية من جنسها في اليمن تنتقد وضع ما أسمته بحرية
المرآة حاليا في اليمن ، وأشارت في تصريحات صحافية لها أوردها موقع الحدث
أن حياة المرآة كان في عدن أيام التشطير ؛ أفضل حالا مما هو عليه الان ؛
إشارة إلى شيء في نفس يعقوب .. لم نطيل عليك عزيزي القارئ ، وسننقل لك
الموضوع كما جاء .. ولك الحكم .
هناك في حياة المحامية اليمنية شذى ناصر، أول محامية في اليمن تقف أمام
القضاء مكشوفة الوجه وأول محامية تعمل في صنعاء، العديد من المحطات المهمة
والمراحل التي صنعت شخصيتها وصقلت موهبتها حتى باتت من أشهر المحاميات
اليمنيات على الصعيدين المحلي والدولي.
ولعل كثيراً من الناس مازالوا
يتذكرون صورتها قبل أشهر وهي تتسلم مع الطفلة نجود جائزة دولية في نيويورك بعد أن نجحت في إظهار قضية تلك الطفلة والدفاع عن حقها في الطفولة وبالتالي انتزاع حكم قضائي بتطليقها (نجود، ذات العشرة أعوام) من زوجها، وهو الأمر الذي استحقت عليه تلك الجائزة الدولية وباتت طفلة شهيرة، لكن الأهم أنها قامت بخطوة غير مسبوقة في اليمن دفعت غيرها من الفتيات إلى الحذو حذوها.
ولدت المحامية شذى ناصر في الأول من مايو عام 1964 بمدينة عدن التي كانت حينها مستعمرة بريطانية.
والدها هو محمد ناصر محمد، السياسي والدبلوماسي المعروف الذي لقي حتفه عام 1973 في حادث انفجار طائرة كانت تقل عدداً من الدبلوماسيين اليمنيين الجنوبيين وهي حادثة ما زالت جل تفاصيلها غامضة.
وتخرجت شذى من جامعة تشارلز كارلوفا ـ ليسانس في القانون (تشيكوسلوفاكيا) براغ 1989، ثم حصلت على دبلوم لمدة سنة بعد الليسانس من الجامعة نفسها. ومن رصيدها المهني العمل مديرة لإدارة الصياغة «الشؤون القانونية» بجامعة صنعاء 90 ـ 1996، كما أنها أسست أول مكتب محاماة للنساء مع زميلات المهنة الرائدات للمحاماة والاستشارات القانونية في مارس 1996.
وشاركت في الانتخابات البرلمانية (مجلس النواب) في أبريل 1997 كأمين عام مساعد للشؤون الفنية بلجنة الرقابة على الانتخابات.
أيضاً كانت شذى ناصر واحدة من ثلاث محاميات يمنيات أسسن مكتب (الرائدات) للمحاماة في العاصمة اليمنية صنعاء التي لم يسبق لامرأة أن عملت فيها كمحامية خلافاً لمدينة عدن التي عرفت عمل المرأة فيها محامية وقاضية وشرطية وضابطة. تعتقد شذى أن إصرارها مكنها من تجاوز المعوقات والعراقيل كي تعمل محامية بدءاً بتلبية شرط أن تتدرب في مكتب محام معروف كي يسمح لها بممارسة المهنة.
وكيف لذلك أن يتم في ظل مجتمع ذكوري يعمل فيه معظم المحامين بعد الظهر في مجالس القات؟ اليوم المهني الأول في حياة المحامية شذى ناصر كان حافلا بالطرائف والغرائب في آن معاً..
تقول لـ«الشرق الأوسط»: «استقللت تاكسياً وطلبت من السائق أن يوصلني إلى محكمة بني الحارث في شمال العاصمة صنعاء.
وكان السائق فضولياً للغاية ومما زاد فضوله أنني كنت مكشوفة الوجه وكان ذلك قبل عشر سنوات، كنت حينها أصغر وأجمل.
سألني السائق: أكيد معك قضية في المحكمة؟ رديت: أيوه.
قال: أكيد تشتي (تريدين) تطلقي؟ قلت له: لا، أنا محامية.
لم يصدق وأصر على أنني ذاهبة إلى المحكمة لطلب الطلاق واستمر في فضوله وتصميمه على رأيه إلى درجة أنه قال لي حينها إذا كنت مستحية قولي من هو زوجك وأنا بضربه من أجلك».
في داخل المحكمة وجدت المحامية شذى عدداً من أصحاب القضايا من رجال القبائل وظلوا ينظرون إليها بدهشة واستغراب «إيش جاب هذه البنت هنا ؟».
ربما كانت المحامية شذى تتهيب الوقوف أمام قاض يمني تقليدي غير معتاد على أن تقف أمامه محامية.
لكن المفاجأة كانت أن تعامل القاضي كان راقياً للغاية تقول شذى: «أول قضية ترافعت فيها كانت أمام القاضي محمد حمران، وبالأمانة رحب بي كعنصر نسائي وشجعني أنا وبقية زميلاتي ولم يشعرنا بتصرفاته أننا نساء أو فتيات قليلات الخبرة أو غير قادرات على تحمل المسؤولية، وكذلك كان بعض القضاة في محاكم صنعاء مثل القاضي محمد الوادعي والقاضي محمد الشرفي الذين كانوا يشجعون المرأة ودورها».
لكن القضاة واليمنيين بالطبع ليسوا نسخة واحدة وليسوا جميعاً يشجعون المرأة، ومن هؤلاء ـ بحسب شذى ـ أحد القضاة الذي أصبح فيما بعد وزيراً حيث تحتفظ المحامية شذى ناصر بذكريات سيئة معه إن جاز التعبير.
تقول شذى «لم يكن يرحب بي. قاض آخر كان يطلب مني أن أنتقل من الصف الأول في القاعة إلى الثاني وعندما كنت أسأله: لماذا؟.
كان يرد بالقول أنت امرأة والصف الأول للرجال فقط سواء كنت محامية أو غير محامية، لكن إصراري على أداء عملي بصورة طبيعية أرغمه في الأخير على احترامي». امرأة كالمحامية اليمنية شذى ناصر التي ولدت في عدن المستعمرة البريطانية السابقة، المدينة المنفتحة والتي درست في أوروبا الشرقية، عادت بعد عام واحد من تخرجها إلى بلادها.
ساعتها كان توحد شطري اليمن (الشمالي والجنوبي) وأصبحت العاصمة صنعاء المحافظة بدلا عن عدن المنفتحة.
ولأن شذى بنت عدن فقد كان الناس في صنعاء يرون أنها متحررة من عادات وتقاليد اجتماعية كانت وما زالت سائدة في شمال اليمن ومنها الحجاب عموماً والنقاب خصوصاً.
وتتذكر شذى: «في إحدى المرات كنت أترافع أمام أحد القضاة وفجأة سقطت من فوق رأسي الطرحة (المقرمة) التي لم أكن أحبها أصلاً ولكني أضطر أن أغطي رأسي وألبس العباية مجاراة للمجتمع. فخاطبني أمين سر المحكمة قائلا بغضب: إيش الذي فوق رأسك.
وكان يقصد أن الطرحة سقطت وأنت تقفين أمام القاضي برأس مكشوف.
وهذا اضطرني فيما بعد، إلى أن أثبت الطرحة بدبابيس كي لا أتعرض لمثل هذه المواقف».
ابنة السياسي والدبلوماسي المنفتح كان يتوقع أن تحذو حذو والدها في السياسة أو الدبلوماسية أو الصحافة.
فوالدها كان صحافياً أيضاً فقد أسس صحيفة «الطريق» في عدن عام 1966 وهي الصحيفة التي يديرها حالياً نجله أيمن، لكن شذى اختارت طريق المحاماة وبالتأكيد فقد تأثرت كثيراً بالمحامية العدنية، من عدن، راقية حميدان عندما كانت تترافع مع عدد من المحاميات في قضية شهيرة تتعلق بأحداث 13 يناير (كانون الثاني) الدامية في عدن عام 1986 وحينها كانت شذى في المرحلة الثانوية.
لكنها تؤكد أنها أحبت المحاماة ليس اقتداءً بشخص معين ولكن لأن والدها توفي في حادث غامض ولم يجر أي تحقيق وكانت تتمنى أن تحاكم الأشخاص «الذين قتلوا أبي».
ليس ذلك السبب فحسب، وإنما أيضاً ـ كما تقول ـ لأنها تحب تقديم المساعدة للآخرين من المظلومين.
وربما تكون المحامية شذى من الشخصيات النسائية العامة القليلات اللاتي لم يلتحقن بحزب سياسي معين وتأثرت كثيراً بوالدها وبأفكاره السياسية، وتقول موضحة: «عشت منذ نعومة أظافري في جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية في ظل البناء نحو الاشتراكية وكان والدي قارئاً بامتياز ومتابعاً للأخبار حتى إنه كان لدينا مذياع صغير في الحمام وإلى جانبه صحف، كان يستمع للأخبار ويقرأ هناك كي لا يضيع الوقت.
وكان يحلم بمجتمع متساو في الحقوق والواجبات ومساعدة العمال والفلاحين ولم يفكر يوماً في تكوين ثروة».
ومن الطرائف التي تحكيها عن والدها، أنه مع شدة ولهه بمتابعة الأخبار كان دائماً يخالف قواعد المرور ويقطع الإشارات دون أن يقصد وبالتالي يضطر لتسديد الغرامات في المرور.
ورغم كثرة القضايا الحقوقية التي عملت عليها المحامية شذى ناصر خلال الأعوام الماضية كقضايا السجينات وقضايا ذات طابع حقوقي بحت صارت من قضايا الرأي العام المحلي والدولي، فإن انتصارها قضائيا للطفلة نجود وتطليقها، يعد مرحلة مفصلية في حياتها المهنية والحقوقية باعتقاد الكثير من المراقبين في اليمن.
وترى هي أن نجود تمثل حالة من آلاف الحالات «لكن نجود هي الوحيدة التي وصلت إلى المحكمة وقالت لا للزواج المبكر ووصل صوتها إلى كافة أنحاء العالم».
إلا أن فرحة شذى بهذا الانتصار لم تكتمل، فأسرة الطفلة المسكينة، اعتقدت أن التكريم الدولي الذي حازت عليه ابنتهم لم يكن مجانياً وأن لتلك الجوائز مبالغ مالية، ظنوا أن محامية ابنتهم أخفتها عنهم وخرج الأمر إلى الصحافة المحلية قبل أن تتدخل تلك المنظمات التي كرمت نجود وأبلغت الأسرة أن الجوائز لا ترافقها أموال وإنما استضافة فقط.
شذى تقول إنها لا تلوم نجود لأنها طفلة وأيضاً لا تلوم الأسرة «لأن الفقر والجهل تمكنا منها ومن أسر كثيرة أخرى».
وتؤكد أن هذه الحادثة لن تؤثر على موقفها من القيام بواجبها ومساعدة المحتاجين إليها قانونياً وحقوقياً، فالبيئة التي ولدت وتربت فيها شذى ناصر تختلف كثيراً عن البيئة التي تعيش فيها حالياً، فالمجتمع والمرأة تحديداً كانت تحظى باهتمام كبير ولديها حرية كبيرة فيما كان يعرف بـ «جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية» أو «الشطر الجنوبي»، وبعد الوحدة انتقلت هي للعيش في العاصمة صنعاء التي كانت عاصمة لـ «الجمهورية العربية اليمنية» أو «الشطر الشمالي»، هنا وجدت مفارقات عديدة، أمية متفشية بنسب عالية والمرأة مضطهدة ومنقوصة حقوقها وإن كانت القوانين تساويها ـ إلى حد ما ـ بالرجل، إلا أن الواقع يقول غير ذلك.
هذا الواقع الجديد بالنسبة للمحامية شذى ربما أحدث لديها نوعاً من الصدمة في البدء وربما أيضاً يمكن القول إنها تكيفت معه اليوم مثلها مثل كثير من قريناتها وأيضاً كثير من الرجال سواء من الذين انتقلوا بعد الوحدة من عدن إلى صنعاء أو أولئك الذين أتيحت لهم فرص الدراسة في الخارج وتمدنوا وتحضروا وعادوا إلى بلادهم.
لذلك تجد الكثيرين ومنهم شذى، دائما ما يتحدثون عن النظام والقانون في دولة الجنوب السابقة وعن الامتيازات التي كانت تلاقيها المرأة وبالطبع لولا ذلك ربما لما كانت شذى ناصر درست في أوروبا ولا كانت اليوم محامية شهيرة.
لذلك تشعر هي أن هناك «مظلومين كثيرين في مجتمعنا وخصوصا الأطفال والنساء ومنهم شريحة السجينات في السجن المركزي بصنعاء اللاتي عدد غير قليل منهن نزيلات مع أطفالهن».
ومن بين الكثير من اليمنيات المتعلمات، كانت شذى ناصر محظوظة لأنها استطاعت أن تعمل بما تعلمته، على العكس من كثير من الفتيات اللاتي يتخرجن من الجامعات أو المعاهد ولا يلتحقن بسوق العمل خضوعاً عند رغبة الزوج.
والزوج هنا بالنسبة للمحامية شذى هو الدكتور محمد علي السقاف، أستاذ القانون الدولي وخريج جامعة السوربون، فقد منحها دفعة قوية من الثقة في نفسها، ليس لأنه «جنوبي» مثلها، أو لأنه زميل مهنة، فحسب، بل لأن ثقافته لا تنتقص من حق المرأة في مجتمع يوصف بـ «الذكوري» ليس فقط في الأوساط القبلية، وحتى أيضاً في أوساط النخب اليمنية المثقفة.
بالتأكيد أن المحامية شذى ناصر تشعر بفخر لانتصارات عديدة، لكنها بالطبع تظل محدودة مقارنة بالواقع اليمني وما يزخر به من قضايا، وأمر آخر لا شك فيه أن هناك من ينظر إلى شذى على أنها فقط امرأة وهناك من يختلف طبعاً معها ومع المبادئ التي تؤمن بها وتناضل من أجلها. إلا أن ذلك لا يمنع من التأمل أمام تجربتها وبحث كيف يمكن أن تؤثر على الأجيال الجديدة في اليمن.. في عدن وفي صنعاء أيضاً.
المصدر: موقع الحدث