ورغم تعدد أسباب الطلاق كوجود خلافات زوجية أو الظروف المادية الصعبة أو غيرها من المشاكل فإن المثير للقلق والدهشة أن يكون إنجاب الأنثى هو السبب الرئيسى فى آلاف من حالات الطلاق، رغم تصورنا أن رفض الأنثى أصبح جزءا من الماضى، وأن المرأة باتت مساوية للرجل فى معظم شؤون الحياة إلا أن الإحصائية التى أصدرها الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء والتى كشفت فيها أن هناك أكثر من عشرة آلاف زوجة مصرية تُطلّق سنوياً بسبب إنجاب الإناث تثبت عكس ذلك.
حول هذه الظاهرة تقول الدكتورة سعاد صالح، أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، إن ما يحدث الآن من بعض الأزواج هو عادة جاهلية يجب التخلص منها، لأنها مخالفة لمشيئة الله تعالى وتنبئ عن جهل شديد بالعلم الذى أثبت أن المرأة ليس لها دخل إطلاقا فى تحديد جنس الجنين، وجهل بديننا الحنيف الذى كرّم المرأة ومسألة إنجاب الذكر أو الأنثى ترجع لإرادة الله سبحانه وتعالى وهذا لا يقلل أبدا من المرأة، فلكل منهما دوره فى الحياة.
وتضيف: إن هذا اتهام صريح للإسلام بتفضيل الذكر على الأنثى وهذا غير صحيح ولا فضل لأحدهما على الآخر قال تعالى:
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى}، فالإسلام يقرر أن جنس الرجال وجنس النساء من جوهر واحد وعنصر واحد وقال تعالى:
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِى خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ}.. وقال تعالى: {وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا}، كما قال تعالى: {فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّى لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ}، لقد سما القرآن بالمرأة حتى جعلها بعضاً من الرجل وجعل الرجل بعضاً منها فكلاهما يكمل والمسؤولية تقع على الإعلام الذى يجب أن يقدم برامج لتوعية الناس بحق المرأة وأهمية الخطاب الدينى فى التأكيد على سماحة الدين الإسلامى، وكيف كان الرسول عليه الصلاة والسلام والصحابة رضى الله عنهم يعاملون زوجاتهم.
وترى الدكتورة نعمت عوض الله، مستشارة اجتماعية وخبيرة علاقات زوجية، أن هناك موروثا ثقافيا مازال موجودا فى عقول بعض الرجال (بعدما تصورنا أنه اختفى) بأن البنات يمثلن عبئا معنويا على كاهل الأسرة وليس ماديا فلم تعد الفتاة تمثل عبئا ماديا كما كان فى الماضى بل قد تكون أوفر حظا من الولد فى إيجاد فرص عمل.
الطلاق والعنوسة وجهان لعمله واحده
كما تعكس أيضا عدم وجود وعى بأهمية البيت والأسرة فى حياتنا وهو ما يحث عليه الدين الإسلامى فرغم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أباح تعدد الزوجات فإنه رفض أن يتزوج على بن أبى طالب على ابنته فاطمة لأنه يعلم ما فى ذلك من إيذاء للمرأة، وكان رده عليه الصلاة والسلام (إن فاطمة بضع منى وما يؤلمها يؤلمنى).
بينما ترى الدكتورة إيمان شريف، أستاذ علم النفس بالمركز القومى للبحوث الاجتماعية، أن هذه الظاهرة قد تظهر بشكل واضح فى بيئات معينة كالريف والوجه القبلى، خاصة بين طبقة الأثرياء والأعيان، حيث لا تزال هناك تقاليد وموروثات ثقافية قديمة لها علاقة بأفضلية الولد على البنت، على أساس أن الولد هو امتداد لأسرته لأنه يحمل اسم العائلة وميراثها، وقد يضطر الزوج تحت ضغوط العائلة أن يطلّق زوجته من أجل الارتباط بزوجة أخرى تهبه الوريث الذى ينتظرونه.
ونجد أيضا هذه الظاهرة منتشرة بشكل واضح داخل العشوائيات حيث الضغوط الاقتصادية الصعبة التى تجعل من الولد الورقة الرابحة فبمجرد بلوغه الثامنة يجد طريقه للعمل داخل ورشة حدادة أو نجارة لمساعدة الأب فى الإنفاق على الأسرة بينما تظل النظرة للأنثى يشوبها القلق والمخاوف من أن مجرد خروجها من المنزل قد يجلب لهم العار.
المصدر: متابعات