في حياتها القصيرة، لكن الصاخبة بالتطورات والغنية بالعبر، كانت مارلين مونرو تصارح أصدقاءها المقربين بأنها لا تثق بأن مجد شهرتها يكفي ليضمن لها عيشا كريما بعد أفول نهار جمالها وعهد نجوميتها.. وتقول «الماس الصديق الأفضل للمرأة».
لم تجمع مارلين ما يكفي من حبات الماس في حياتها التي انتهت قبل ان تصل سنوات عمرها الى شيخوخة تحتاج فيها الى العون، لكن النجمة الخالدة تركت كتابات تفوق في قيمتها ما يوازيه اي عقد فاخر من الماس.
مارلين الفاتنة، التي كرستها السينما نجمة الاغراء الأولى في أفلامها، خلال خمسينات وستينات القرن الماضي، خصوصا في فيلمها الأشهر «الرجال يحبونها حارة» أمضت سنوات عمرها القلقة (قبل ان يفجر انتحارها الغامض الجانب المأساوي من حياتها الحافلة بالأسرار) وهي تعد وليمة انتقامها على نار الأيام المتتالية، وتمدها على صفحات من الورق، لا يخضع ترقيمها لتتالي أوراق الروزنامة، بل لتسلسل أفكار لا تعثر على ما يشابهها الا في كتابات المثقفين..
الكتاب المنتظر يتضمن الكتابات الحميمة، وغير المعروفة من قبل، لمارلين، وهي تضم أشعارا وخلاصات من الصحف ورسائل ونسخا من الكتابات المرسلة بالتلكس، فضلا عن صور شخصية لم تنشر من قبل (نحو 30 صورة).. وفي كل هذا تفاجئنا النجمة الراحلة بصدمة رائعة: الجميلة الفاتنة لم تكن تنجذب الى الكتب المصنفة سهلة، بل كانت تفضل النقيض والكتابات المعمقة.
نتعرف من خلال الكتاب، الذي يتولى نشره برنارد كومونت وتصدره عدة دور نشر، على تعليقات مارلين مونرو على كتب الكبار، ومن بينهم الروائي والمسرحي المثير للجدل ارثر ميلر (كان أحد ثلاثة تزوجتهم في حياتها)، والمسرحي الرائد في عصره صموئيل بيكيت والروائي الملحمي جيمس جويس، الذي اكتشفته مارلين عندما كانت في السادسة والعشرين. لكن الاكتشاف الأكثر مفاجأة في اهتمامات مارلين الأدبية، هو افتتانها بقصائد والت ويتمان رائد الشعر الأميركي.
الكتابات مبعثرة، وهي تمتد من 1943 حين كانت في السابعة عشرة، الى عشية وفاتها ليلة 5/4 اغسطس 1962 وهي في السادسة والثلاثين. لكننا -كما يؤكد الناشر- أمام صندوق من الجواهر النفيسة، حيث نحن أمام الوجه غير المكتشف، لكن الحقيقي، لنجمة لا يزال انتحارها لغزا.
الروائي الايطالي انطونيو طابوتشي كتب مقدمة الكتاب المنتظر، حيث يقول: {داخل هذا الجسم (يقصد الكتاب) تعيش نفس مثقفة وشاعرة، لا جدال فيها».
كانت الصورة النمطية لمارلين انها الأنثى التي اكتفت بفتنتها بديلا عن العقل، والتي ينطبق عليها القول االذكوري «كوني جميلة واصمتي!». لكنها في كتاباتها التي سيتعرف عليها العالم بعد أقل من ثلاثة أشهر، ترد بأنها لم تكن صامتة وتفرض على الآخرين أن يقولوا ما يجب قوله، ولو متأخرا 48 سنة!