اقتصاد عربي نُشر

السعودية ضمن أفضل 20 دولة عالميا في جذب الاستثمار الأجنبي

كشفت المنظمة الدولية التابعة للأمم المتحدة، المعنية بقياس حجم تدفقات الاستثمارات الأجنبية في العالم "الأونكتاد" أمس في الرياض، أن السعودية أصبحت ضمن أفضل 20 دولة في العالم في مجال جذب الاستثمارات، بعد أن قفز حجم الاستثمارات الأجنبية التي استقطبتها المملكة في  عام 2006 إلى أكثر من 18 مليار دولار وبنسبة زيادة بلغت 51 في المائة مقارنة بعام 2005، متصدرة بذلك دول الشرق الأوسط والدول العربية.
هنا أوضح البروفيسور حافظ مرزا رئيس قطاع التنمية والاستثمار في منظمة الأونكتاد، خلال المؤتمر الذي عقد بحضور عمرو الدباغ محافظ الهيئة العامة للاستثمار، لإعلان نتائج تقرير الاستثمار العالمي الصادر عن مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية "أونكتاد"، أن النمو الاقتصادي والتحسن في مناخ الاستثمار الذي شهدته عدد من دول العالم ومنها دول منطقة غرب آسيا أسهم بشكل مباشر في زيادة حجم الاستثمارات الدولية التي استقطبتها تلك الدول.
وقال مرزا" وصلت الاستثمارات الدولية إلى نحو 60 مليار دولار استحوذت كل من تركيا والسعودية على أكثر من 60 في المائة من هذه الاستثمارات لكبر حجم اقتصاداتها وقدرتها على توسيع قاعدتها الإنتاجية وتنوع قنوات الاستثمار فيها والمزايا النسبية التي تتمتع بها".
ودعا رئيس قطاع التنمية والاستثمار في منظمة الأونكتاد، السعودية إلى التوسع في تصدير الأموال، خصوصا في منطقة آسيا، متوقعا أن تزداد الاستثمارات القادمة إلى المملكة من الخارج في السنوات المقبلة، خصوصا تلك القادمة من الشركات عبر الوطنية والعملاقة التي تستثمر أموالها حول العالم.
وقد تصدرت دول العالم في استقطاب الاستثمارات الأجنبية كل من الولايات المتحدة، المملكة المتحدة، وفرنسا، وكانت في الوقت نفسه هي الدول الأكثر تصديرا للرساميل والاستثمارات.
إلى ذلك أشار التقرير إلى أن وتيرة نمو الاستثمارات الأجنبية في المملكة تتسارع بمعدلات عالية، حيث شهدت خلال عامي 2005 و2006 طفرة استثمارية كبيرة بفضل السياسات الاقتصادية التي تنتهجها المملكة والتحسن في مناخ الاستثمار بشكل عام، ما أدى إلى زيادة التدفقات الاستثمارية ونموها في البلاد.
وكان قد صدر الشهر الماضي تقرير أداء الأعمال عن مؤسسة التمويل الدولية IFC التابعة للبنك الدولي وقيم بيئة الأعمال التجارية في 178 دولة ومدى تنافسيتها الاستثمارية، واحتلت المملكة في ذلك التقرير المركز الأول على مستوى الشرق الأوسط والعالم العربي والمركز الثالث والعشرين على مستوى العالم من حيث جاذبية بيئة الاستثمار، مع تصنيف السعودية ضمن أفضل عشر دول في العالم قامت بإصلاحات اقتصادية خلال عامي 2006 و2007.
من جهته قال عمرو بن عبد الله الدباغ محافظ الهيئة العامة، أن السعودية استطاعت خلال العام الماضي جذب استثمارات بلغت نحو 200 مليار ريال منها نحو 125 مليار ريال استثمارات محلية فيما تبلغ الاستثمارات الأجنبية نحو 68 مليار ريال.
وقال الدباغ لـ"الاقتصادية" إن جذب الرساميل إلى السوق السعودية ليس الهدف الرئيسي للهيئة، وأضاف " المعلوم أن السعودية لا تعاني نقصا في السيولة، ولكن ما نسعى إليه هو جذب المعرفة والأفكار والخبرات التي تأتي مع الأموال الأجنبية، فالكمية ونوعية الاستثمار هما المهمان، إذ إنها تساعد على زيادة الناتج المحلي، وخلق فرص عمل واسعة".
وبين محافظ الهيئة العامة للاستثمار أنه لا يوجد تعارض بين حجم تصدير الأموال للخارج أو جذبها للداخل، مشيرا إلى عن أكثر دول العالم جذبا للرساميل هي أكبر دول العالم تصديرا للرساميل.
وأفاد الدباغ أن صدور هذا التقرير الذي يوضح تصدر المملكة للدول العربية في استقطاب الاستثمارات الأجنبية واحتلالها المركز العشرين على مستوى العالم بعد أيام من صدور تقرير البنك الدولي الذي أوضح تحسن بيئة الاستثمار والأعمال في المملكة واحتلالها المركز الثالث والعشرين على مستوى العالم، يؤكد أهمية التحسين المستمر لبيئة الاستثمار من أجل جذب المزيد من الاستثمارات ومدى الترابط بين هذين الجانبين.
وأشار إلى أن تقرير "الأونكتاد" أوضح أن المملكة لديها من الإمكانات والمقومات والمزايا النسبية ما يؤهلها لمراكز أفضل من المركز الحالي في جذب الاستثمار، مما يستوجب بذل مزيد من الجهد من أجل الاستثمار الأمثل لتلك المزايا والمقومات.
وزاد الدباغ "أود التأكيد مجددا على أن الفضل في هذا التطور اللافت في تصنيف تنافسية بيئة الاستثمار في المملكة هذا العام في عدد من التقارير المحايدة يعود – بعد الله – للتوجيهات المباشرة لخادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين نحو الإصلاح الاقتصادي الشامل على درب التنمية والتحديث وتكثيف الجهود من قبل الجهات الحكومية ذات العلاقة بالاقتصاد والاستثمار في المملكة من أجل تحسين بيئة أداء الأعمال في البلاد وإطلاق برنامج شامل لحل الصعوبات التي تواجه الاستثمارات المحلية والمشتركة والأجنبية بالتعاون بين جميع الجهات الحكومية ذات العلاقة".
وأضاف" هذا البرنامج هو امتداد لنهج المملكة في دعم الاستثمار الخاص، الذي يمثل المحور الرئيسي للنمو الاقتصادي، توفير فرص العمل، توسيع القاعدة الاقتصادية، تنويع مصادر الدخل الوطني، وزيادة القيمة المضافة للموارد الطبيعية".

الاستثمار الأجنبي عالميا

شهدت تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر الداخل على الصعيد العالمي بحسب التقرير ارتفاعا نسبيا شديدا للسنة الثالثة على التوالي بلغت نسبته 38 في المائة في سنة 2006، فوصل حجمها 1.3 تريليون دولار. وهذا المبلغ قارب الرقم القياسي البالغ 1.4 تريليون دولار الذي سجل في عام 2000، ويعكس وجود أداء اقتصادي قوي في أجزاء عديدة من العالم. وحدث نمو الاستثمار الأجنبي المباشر في عام 2006 في الفئات الثلاث كلها وهي: اقتصادات البلدان المتقدمة النمو، اقتصادات البلدان النامية، والاقتصادات الانتقالية في بلدان جنوب شرق أوروبا، ورابطة الدول المستقلة.
ومن محركات الارتفاع في التدفقات العالمية للاستثمار الأجنبي المباشر وفق التقرير تزايد أرباح الشركات في جميع أنحاء العالم وما أسفر عنه ذلك من ارتفاع في أسعار الأسهم أدى إلى زيادة في قيمة عمليات الاندماج والشراء عبر الحدود. وظلت عمليات الاندماج والشراء تمثل حصة كبيرة من تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر، لكن الاستثمار التأسيسي زاد أيضا، لا سيما في اقتصادات البلدان النامية وفي الاقتصادات الانتقالية. ونتيجة لارتفاع أرباح الشركات أصبحت الحصائل المعاد استثمارها عنصرا مهما من عناصر الاستثمار الأجنبي المباشر الداخل، فمثلت 30 في المائة تقريبا من إجمالي التدفقات الداخلة على الصعيد العالمي في عام 2006، وقرابة 50 في المائة من تلك التدفقات في البلدان النامية وحدها.
وفيما زادت بنسبة 45 في المائة تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر الداخلة إلى البلدان المتقدمة النمو، وهي نسبة تتجاوز كثيرا النسبة التي سجلت في السنتين السابقتين إذ بلغ حجم هذه التدفقات 875 مليار دولار، أحرزت التدفقات إلى البلدان النامية والاقتصادات الانتقالية أعلى مستويات لها على الإطلاق، فبلغ حجمها في الأولى 379 مليار دولار (أي زادت بنسبة 21 في المائة عما كانت عليه في عام 2005)، وفي الثانية 69 مليار دولار (أي زادت بنسبة 68 في المائة) (الجدول 1). واستعادت الولايات المتحدة مركزها باعتبارها البلد المضيف الرئيسي، وتلتها المملكة المتحدة وفرنسا (الشكل 1). واتجهت أكبر التدفقات الداخلة إلى اقتصادات البلدان النامية إلى الصين، وهونج كونج (الصين)، وسنغافورة، وتلك الداخلة إلى الاقتصادات الانتقالية إلى الاتحاد الروسي.

غرب آسيا

زادت تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر في غرب آسيا بنسبة 5 في المائة، فبلغ حجمها 14 مليار دولار في عام 2006 ممثلا مستوى جديدا في الارتفاع، وذلك نتيجة لارتفاع أسعار النفط وللفائض في الحساب الجاري في البلدان المنتجة للنفط. ونالت الكويت نصيب الأسد 89 في المائة من إجمالي تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر الخارجة من المنطقة، وهي تدفقات اتجهت في معظمها إلى صناعة الاتصالات. وأما قيمة عمليات الاندماج والشراء عبر الحدود التي قامت بها شركات المنطقة فقد بلغ مجموعها 32 مليار دولار، وشملت 67 في المائة من هذه العمليات شركات من الإمارات العربية المتحدة ثاني أكبر مستثمر من بلدان غربي آسيا.
في عام 2006، بلغ حجم تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر الداخلة إلى أوقيانيا 339 مليون دولار، وهذا يمثل هبوطا بنسبة 11 في المائة، وظلت هذه التدفقات متركزة في صناعة التعدين. واتجهت الاستثمارات أيضا إلى أنشطة تجهيز السمك على الشواطئ في بابوا غينيا الجديدة وجزر مارشال، كما اتجهت إلى السياحة في اقتصادات بعض البلدان مثل فيجي وفانواتو.
... بينما ظلت تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر الداخلة إلى غرب آسيا تتصاعد إلى مستويات غير مسبوقة.
شهد عام 2006 زيادة بنسبة 44 في المائة في تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر الداخلة إلى الاقتصادات الـ 14 في غرب آسيا فبلغ حجمها 60 مليار دولار لأول مرة. كما شهد عام 2006 تقدما في عملية تخصيص خدمات متنوعة، وتحسن المناخ العام للأعمال التجارية. وأما النمو الاقتصادي القوي في المنطقة فقد شجع الاستثمار، كما اجتذبت أسعار النفط المرتفعة مزيدا من الاستثمار الأجنبي المباشر في النفط والغاز وفي الصناعات التحويلية المتصلة بهما.
وجعل عدد قليل من عمليات الاندماج والشراء عبر الحدود وكذلك تخصيص الخدمات المالية تركيا أكبر متلقٍّ في غرب آسيا حيث بلغ حجم التدفقات إليها 20 مليار دولار. واحتلت المملكة العربية السعودية المركز الثاني حيث بلغ حجم تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر الداخلة إليها 18 مليار دولار (وفي هذا زيادة بمبلغ 51 في المائة مقارنة بمستويات عام 2005)، وتلتها الإمارات العربية المتحدة حيث اجتذبت المناطق الحرة حصة كبيرة من تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر الداخلة إليها. وظلت الخدمات تشكل القطاع الغالب بالنسبة للاستثمار الأجنبي المباشر في غرب آسيا، فاتجهت نسبة كبيرة منها إلى الخدمات المالية جراء سياسات التخصيص والتحرير في عدد من بلدان المنطقة. وأبرمت أيضا بضع صفقات كبيرة في صناعات الاتصالات في الأردن وتركيا. ونجحت جهود بلدان الخليج المبذولة لتنويع أنشطتها الإنتاجية خارج إطار الأنشطة المتصلة بالنفط في اجتذاب مزيد من تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر.

توصيات التقرير

في المقابل طرح التقرير عددا من التوصيات في مجال السياسات التي تتبناها الدول لتحسين مناخ جذب الاستثمارات، منها بناء القدرات في الدول المضيفة للاستثمارات الأجنبية في تصميم وتطبيق السياسات المناسبة لتحسين بيئة الاستثمار، تقوية القدرات في مجال التفاوض مع الشركات عبر الوطنية، إشراك كل من له علاقة في عملية اتخاذ القرار، تطبيق نظام الضريبة المتصاعد ليتواءم مع تذبذبات الأسعار وتجنب الدخول في المفاوضات المتكررة، التزام الدول والشركات بتحسين الشفافية وخاصة بالنسبة للإيرادات، إلى جانب تطوير معايير الأداء والسلوك المهني في الشركات.

 

مواضيع ذات صلة :