عربي ودولي نُشر

قمة العشرين: السياسة تتسلل الى الأزمة الاقتصادية

Imageيتطلع ملايين المسحوقين والمسرحين من العمل عبر مختلف القارات بقليل من الأمل الى العاصمة البريطانية حيث يجتمع قادة الدول الأكثر نفوذا في العالم من اجل وقف انقاذ الاقتصاد العالمي من كارثة عظمى. ولا يعول الكثيرون على نجاح قمة العشرين في الحد من تدهور الاقتصاد العالمي خصوصا بعد تسلل السياسة والأيديولوجية الى مقترحات واجراءات مكافحة الازمة التي بدأت مالية في الولايات المتحدة ثم عبرت المحيط وزحفت على بقية انحاء دول العالم متحولة الى ازمة اقتصادية. ومن الواضح اليوم أنه ليس ثمة ''كيمياء'' مناسبة لتفاعل قادة قمة العشرين من أجل إعادة بناء جذري لأساسات البيت المالي العالمي.
فالرئيس أوباما يريد من القمة أن تركز على إنعاش النمو وإنشاء أماكن عمل عن طريق حقن الاقتصاد بأموال الدولة.
وفي أوروبا، فرنسا وألمانيا خصوصا، يرون أن دولهم ضخت من المال ما يكفي، وقد آن أوان تغيير قواعد اللعبة في أسواق المال بشكل شامل، وتصر برلين أكثر من غيرها على غلق ما تسميه ''بكازينوهات المال'' واستوديوهات ''فقاعات البورصات'' وتغيير نظم عمل البورصات وإيجاد الرقابة الصارمة على صناديق التحوط وجميع ''المنتجات الاشتقاقية'' وكل عوامل ''نفخ'' الاقتصاد وتعظيم سلطان المال فيه.
كل ذلك يعني، بشكل أو بآخر، الأخذ بمبدأ تدخل الدولة الصارم في تنظيم أسواق المال، الأشبه بالذي تنتهجه الاشتراكية في الصين. بينما ترى الدول التي لا نصيب لها في النظام الاقتصادي العالمي الحالي ان الوقت حان لعادة صياغة هذا النظام وبالأحرى "الاعلان عن وفاة النظام الرأسمالي". والحقيقة التي يمكن استخلاصها من الخلاف الاميركي الاوروبي حول سبل معالجة الازمة هو ان كلا الطرفان لا يردان انقاذ الاقتصاد العالمي من الازمة بل يريدان انقاذ الرأسمالية وبالأحرى الابقاء على سيطرة المؤسسات المالية الغربية على بقية الاقتصاد العالمي. وهكذا، فبينما يرى الأميركيون إطلاق آلة الإقراض الحكومي بأقصى طاقاتها لتفادي الانهيار الائتماني للقطاع الخاص، وتخشى ألمانيا أن ذلك سيعني زرع بذور تضخم مقبل،
فإن رجل المال الأميركي والاقتصادي المعروف جورج سوروس في مقالة له في الفايننشال تايمز يرى أن مثل هذا التناقض يهدد بفشل قمة العشرين. وحتى رئيس الوزراء البريطاني غوردن براون اقر بانه يتوقع "مفاوضات شاقة" خلال قمة مجموعة العشرين التي ستعقد الخميس في لندن، مؤكدا بالمقابل ثقته بان الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي لن ينسحب من جلسة القمة. وقال براون خلال مؤتمر صحافي مشترك مع الرئيس الاميركي باراك اوباما في لندن "امامنا مفاوضات شاقة".
 واضاف ان التوصل الى اتفاق في القمة "لن يكون امرا سهلا"، معربا بالمقابل عن "قناعته" بان ساركوزي لن ينسحب من جلسة القمة. وكان الرئيس الفرنسي هدد بالانسحاب من القمة في حال لم تكن قراراتها على مستوى توقعاته. وقال براون "انا على قناعة بان الرئيس ساركوزي سيشارك اولا في العشاء وسيبقى حتى النهاية". ولا يعتبر خبراء كثيرين قمة لندن وهي العاصمة الروحية للرأسمالية قادرة على حل المسائل المعقدة التي يواجهها العالم. فإذا كانت مجموعة ''الثمانية الكبار'' تعاني من اختلافات جوهرية، فما بالك بالعشرين؟ وإذا كانت ''الثمانية'' قد استبدلت نفسها ''بالعشرين'' معلنة عجزها في مواجهة تحديات الأزمة، فإن قمة العشرين ستبين فقط ما إذا كانت المجموعة قادرة على البقاء، وإلى متى.

 

مواضيع ذات صلة :