الشرق الوسط بنقاطه الأكثر سخونة: العراق والأراضي الفلسطينية وإسرائيل، كان موجوداً بقوة على الخريطة السياسية خلال جولة مرشح الحزب
الديمقراطي لانتخابات الرئاسة الأميركية المقبلة، باراك أوباما، في الشرق الأوسط الأسبوع الماضي.
لكن وجهاً آخر للشرق الأوسط برز إلى الواجهة الاقتصادية الأسبوع الماضي
أيضاً، ويتمثل في مكان -أو بالأحرى عالم جديد- يمتاز بقدر كبير من الثروة
والثقة والطموح.
ففي 22 يوليو (تمّوز)، كشفت «جنرال إلكتريك» عن مجموعة من الصفقات أبرمتها
مع شركة «المُبادلة للتنمية» -وهي صندوق استثماري خاضع لمراقبة حكومة أبو
ظبي-
تعهدت بموجبها باستثمار ما مجموعه ثمانية مليارات دولار ضمن مشروع مشترك
لبيع منتجات مالية في الشرق الأوسط وأفريقيا وفي إطار خطة تنوي «المبادلة»
أن تتحول بموجبها إلى أكبر مستثمر لدى جنرال إلكتريك.
يُذكر أن الصناديق المالية السيادية من أمثال «المبادلة» تتجه إلى
الاستفادة من عائدات النفط والغاز الضخمة من أجل توسيع أنشطتها، في
الولايات المتحدة بصورة خاصة.
وتسعى «المبادلة» من ناحيتها إلى تقليص اعتماد اقتصاد أبو ظبي على الطاقة،
وقد اشترت حصصاً في مصانع المُوصلات «أدفانسد مايكرو ديفايسز» ومجموعة
كارلايل العملاقة للأسهم والسندات بغرض الاستثمار.
كما أصبحت «هيئة أبو ظبي للاستثمار» أكبر مساهم لدى «سيتي غروب» إثر
شرائها ما قيمته 7.5 مليارات دولار من أسهمها وعرض «مجلس أبو ظبي
للاستثمار» ما مجموعه 800 مليون دولار لشراء حصة قدرُها 90 بالمئة من مبنى
كرايزلر في حيّ مانهاتن (الصورة).
وتشكل صناديق أبو ظبي ونظيراتها في الكويت والسعودية وقطر نموذجاً لعصر
التحوّل في قوة الميزان الاقتصادي لصالح دول الخليج الغنية بالنفط، ويوفّر
تراجع الاقتصاد الأميركي وضعف مركز الدولار فرصا لها للسعي إلى إبرام مثل
هذه الصفقات.
ولقد تراجعت قيمة أسهم «جنرال إلكتريك»، التي يعتبرها الأميركيون رمزاً
لإبداعاتهم، بنسبة تزيد على الربع خلال السنة الماضية. وقد استبدّ بهم قلق
كبير عندما حاول مستثمرون من أبو ظبي والصين استملاك حصص رئيسية فيهما قبل
وقتٍ ليس بالطويل.
ويُجمع الخبراء في سوق المال الأميركية المعروفة «وول ستريت» على أن
الاقتصاد الأميركي يترنّح، ومع ذلك فإن أحداً لن يجرؤ على رفع صوته
مُطالباً باتخاذ زمام المبادرة وإعطاء البلاد حقنة مُقوّية من النقد
الأجنبي.
وكما يقول روّاد وول ستريت، فإن السيولة تُعتبُر مثل الأوكسيبجين، لا يدرك
المرء كم هو بحاجة إليه إلا عندما يفقده. وإذا كان لدى قوى الطاقة
الرئيسية ما تملكه، فإنه السيولة في المقام الأول. سيولة بمئات المليارات
من الدولارات.