اقتصاد خليجي نُشر

الخليج يواجه صدمة رسوم ترامب بنسبة 10% رغم تحييد النفط

تُظهر الرسوم الجمركية الأميركية الأخيرة التي فرضتها إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب تأثيرات مباشرة وغير مباشرة على دول الخليج مع توقّعات بتأثيرات اقتصادية متفاوتة على الصادرات وأسعار السلع والخدمات، وردود فعل محتملة من دول المجلس، وذلك رغم استثناء صادرات النفط الخام من هذه الرسوم.

الخليج يواجه صدمة رسوم ترامب بنسبة 10% رغم تحييد النفط

فقد أدّت التعرفات الجمركية الجديدة على دول المجلس بنسبة 10% إلى تراجع كل أسواق الأسهم الخليجية، كان أعنفها في دبي، حيث هبط المؤشر الرئيسي بنسبة 1.8% مع انخفاض سهم إعمار العقارية بنسبة 8.9%، وهو أكبر انخفاض منذ أواخر 2021.

 وتشمل القطاعات الخليجية الأكثر تأثّراً بتلك الرسوم المعادن والكيماويات والسلع الصناعية، إذ تعتمد هذه القطاعات بشكل كبير على التجارة العالمية، ما يجعلها عرضة لتكاليف أعلى نتيجة للرسوم الجمركية الجديدة.

وبينما يُقلّل استثناء الصادرات النفطية من التأثير المباشر على قطاع الطاقة، فإن التباطؤ الاقتصادي العالمي الناتج عن هذه السياسات قد يؤثّر سلباً على أسعار النفط والطلب عليه.

وفي هذا الإطار، يشير الباحث في الاقتصاد السياسي ومدير المركز الدولي للدراسات التنموية مصطفى يوسف، لـ"العربي الجديد"، إلى أن فرض الولايات المتحدة رسوماً جمركية جديدة على معظم دول العالم من شأنه أن يؤدي إلى ظهور حالة من التضخّم العالمي المصحوب بتباطؤ اقتصادي واسع النطاق، ما يُنذر بمرحلة من الركود التضخّمي.

الانعكاسات على الخليج

ومن شأن هذا الوضع أن يؤثّر سلباً على اقتصادات دول الخليج، بحسب يوسف، مشيراً في الوقت نفسه إلى أن الصادرات الخليجية إلى السوق الأميركية لن تكون الأكثر تضرّراً نظراً إلى طبيعتها التي تعتمد بشكل أساسي على النفط وبعض المنتجات الأخرى البسيطة نسبياً.

ومن جهة أخرى، يتوقّع يوسف أن تشهد الأسواق العالمية زيادة في أسعار السلع والخدمات نتيجة هذه السياسات الجمركية، وهو تأثير سيشكّل عبئاً إضافياً على اقتصادات دول الخليج. ومع ذلك، يستبعد يوسف أن تلجأ دول مجلس التعاون الخليجي إلى فرض رسوم انتقامية على الواردات الأميركية، نظراً إلى العلاقات الاستراتيجية القوية التي تربطها بواشنطن، بما في ذلك وجود القواعد العسكرية الأميركية على أراضيها.

وبدلاً من ذلك، يرجّح يوسف أن تسعى دول الخليج إلى تعزيز تحالفاتها الاقتصادية مع قوى اقتصادية أخرى مثل الصين وروسيا والاتحاد الأوروبي وكندا ودول آسيا والمحيط الهادئ، بما في ذلك كوريا الجنوبية واليابان، مشيراً إلى أن هذه المحاولات ستهدف إلى تخفيف التبعية للولايات المتحدة أو إعادة صياغة العلاقة الاقتصادية معها بما يحفظ مصالح دول الخليج.

بينما يتوقع الخبير الاقتصادي عامر الشوبكي، في حديث مع "العربي الجديد"، أن تنخفض الصادرات الخليجية إلى الولايات المتحدة، خاصة من البتروكيماويات والألومنيوم والصناعات المعدنية. كما أن فرض ترامب الرسوم الجمركية من شأنه أن يؤدي إلى ارتفاع أسعار السلع والخدمات في الأسواق الخليجية، خاصة إذا اضطرت الشركات إلى إعادة توجيه صادراتها أو تحمّل خسائر في هوامش الربحية، ما يزيد من كُلف الإنتاج أو المدخلات اللازمة له على الأرجح، وهو ما ينعكس سلباً على المستهلكين.

كما يتوقّع الشوبكي أن يؤثّر عدم الاستقرار التجاري على المشروعات المشتركة بين الولايات المتحدة ودول الخليج، لا سيما في قطاعات الطاقة المتجددة والتقنية، حيث ستتردّد الشركات الأميركية والخليجية في توقيع اتفاقيات استثمارية طويلة الأجل.

ورغم هذه التحديات، يستبعد الشوبكي أن تلجأ دول مجلس التعاون الخليجي إلى فرض رسوم انتقامية مباشرة على الواردات الأميركية نظراً إلى العلاقات الاستراتيجية القوية التي تربطها بواشنطن، ويرجّح أن تتبنّى هذه الدول سياسات غير مباشرة، مثل إعادة تقييم الاستثمارات السيادية في السوق الأميركية، أو تعزيز التبادل التجاري مع دول أخرى مثل الصين.

وفي أسوأ الاحتمالات وفق تقدير الشوبكي، قد تفرض دول الخليج معايير بيئية أو جمركية جديدة على بعض الواردات الأميركية، ما يعيد تشكيل الديناميكيات التجارية بين الطرفين.

ويخلص الشوبكي إلى أن التصعيد الجمركي الأميركي يعيد رسم معالم العلاقات التجارية بين واشنطن ودول الخليج، ويضع الحكومات الخليجية أمام تحدّي الحفاظ على تنافسيتها في الأسواق العالمية، مشدّداً على أن المرحلة المقبلة تتطلب سياسات مرنة واستجابات دبلوماسية ذكية لتحقيق توازن بين حماية المصالح الاقتصادية لدول الخليج وعدم خسارة الشركاء الاستراتيجيين.


 

مواضيع ذات صلة :