اقتصاد خليجي نُشر

خبراء: إعتماد نظام ضريبي في الخليج ضرورة ملحة لتعزيز قدراتة الإقتصادية خلال 2010م

يستدعي الظرف الراهن، من دول مجلس التعاون الخليجي اعتماد نظام ضريبي لتنويع مصادر دخلها، وتعزيز القدرات المالية لاقتصاداتها في العام 2010.

بهذه العبارة استهل ناصر السعيدي، رئيس الشؤون الإقتصادية في «سلطة مركز دبي المالي العالمي»، حديثه الخاص لـ«الرؤية الاقتصادية»، على هامش فعاليات الورشة الاقتصادية التاسعة للمركز، التي تركز على مناقشة القضايا المهمة المرتبطة بدور الضرائب في مواجهة تحدي تنويع مصادر الدخل الحكومي في دول مجلس التعاون الخليجي بعيداً عن الاعتماد على عائدات النفط والغاز.

وقال السعيدي، إن الدول الخليجية، تعتمد أساساً في مواردها المالية على ضرائب التجارة الخارجية «الجمارك»، والإيرادات النفطية والغازية، معتبراً أن هذه الموارد هي معرضة لمخاطر متنوعة بسبب التقلبات الواسعة والمستمرة التي تشهدها الأسعار.

القيمة المضافة

وبحسب السعيدي، فقد تم البحث على مدى السنوات العشر الماضية، في نموذج القيمة المضافة، لكن من دون أن يتم تفعيلها، واليوم أصبح ملحاً أكثر من أي وقت مضى في تطبيق هذا النظام، وجعله سارياً، حتى يكون بديلاً للخسارة المرتقبة في قطاع «الجمارك».

وقال رئيس الشؤون الاقتصادية في «سلطة مركز دبي المالي العالمي»، «تقوم دول مجلس التعاون الخليجي بعقد اتفاقات تجارة مع الكثير من الدول، بحكم انضمامها لـ(منظمة التجارة الحرة)، وهذا لما له من نتئج إيجابية، إلا أنه يجعلها تحقق خسارة في مواردها المالية، بسبب الضرائب على الجمارك، وبالتالي، يجب عليها أن تستعيد هذه الخسارة المحققة في الإيرادات انطلاقاً من نوع آخر من الضرائب، وهو ضريبة (القيمة المضافة) و(ضريبة المبيعات)».

معدل الخسارة

وفي السياق نفسه، قال احتشام أحمد، المستشار في مكتب رئيس الوزراء الإماراتي، وكبير المسؤولين في «وحدة الأبحاث الاقتصادية» في جامعة «بون»، إن معدل الخسارة المحققة من مجموع الواردات (بموجب اتفاقية التجارة الحرة) بالنسبة لدول مجلس التعاون الخليجي، يصل إلى 68.5 بالمئة من إجمالي الواردات في الإمارات، و75.9 بالمئة في السعودية، و83.1 بالمئة في قطر، و80.7 بالمئة في عمان، و82.2 بالمئة في الكويت، و76.6 بالمئة في البحرين.

وبحسب السعيدي، هناك ضرائب غير نفطية مخفضة في منطقة دول مجلس التعاون الخليجي، وتتكون أساساً من ضريبة الدخل على الشركات، ما عدا في سلطنة عمان، التي تخضع شركاتها المحلية أيضاً للضرائب، مستثنياً في الوقت نفسه كلاً من الإمارات والبحرين، حيث لا تخضع حكومات البلدين الشركات لضرائب الدخل، أو ضرائب الأرباح الرأسمالية أو الاقتطاع الضريبي.

ووفقاً للسعيدي، فإنه رغم أن معظم الإمارات أصدرت مراسيم ضريبية على الشركات منذ سنوات، إلا أنها لا تطبق إلا نظرياً على الشركات المنشأة في الإمارات العربية.

إصلاحات ضريبية

وأكد السعيدي، أنه خلال السنوات الأخيرة، بدأت كل من عمان وقطر والكويت والسعودية، بالقيام بإصلاحات ضريبية عن طريق خفض معدل الضريبة على الشركات، مشيراً إلى أن الكويت خفضت الضريبة على الشركات من 55 بالمئة إلى 15 بالمئة، وعمان من 30 بالمئة إلى 12 بالمئة، وقطر من 35 بالمئة إلى 10 بالمئة، فيما السعودية خفضت هذا المعدل من 30 بالمئة إلى 20 بالمئة فقط.

وقال السعيدي، «تعتمد مالية حكومات دول مجلس التعاون الخليجي بشكل كبير على عائدات صادراتها النفطية، مما يجعلها عرضة لتقلبات أسعار النفط والغاز».

ويؤثر تقلب الإيرادات الحكومية في خطط الصرف والإنفاق الاستثماري في مشاريع التنمية، الأمر الذي يهدد بدوره مسيرة النمو الاقتصادي المستدام.

ولمعالجة هذه الثغرات المالية والاقتصادية، تحتاج الدول الخليجية لإدراك مدى أهمية إصلاح نظام المالية العامة وتنويع مصادر إيراداتها الحكومية من خلال النظر في مصادر ضريبية مختلفة بما في ذلك الضرائب على المبيعات وضريبة القيمة المضافة، بحسب السعيدي.

النظام الضريبي

وتناول المتحدثون الآليات اللازمة لإدارة نظام ضريبي واسع النطاق، ومدى تأثير اعتماد ضريبة القيمة المضافة على اقتصاد منطقة تعتبر ملاذاً آمناً من ضرائب الدخل الشخصي وضرائب الشركات في كثير من الأحيان.

كما ناقشت ورشة العمل دور هذه الضريبة في تسهيل مهمة الاتحاد النقدي الخليجي المنتظر.

وفي هذا الصدد أكد السعيدي، أن اعتماد نظام الضريبة المضافة بالنسبة لدول الخليج، سيكون له انعكاس إيجابي على مهمة الاتحاد النقدي الخليجي، وسيجعل أداءه أكثر مرونة.

معتبراً أن مشروع «الاتحاد النقدي» لم يغلق بعد، ولايزال المستقبل يبشر بحلول سترضي جميع الأطراف وتخرج المشروع إلى أرض الواقع وتدخله حيز التفعيل.

المشهد الضريبي

وفي معرض حديثه عن المشهد الضريبي المتبدل في المنطقة، قال دين رولف، رئيس القطاع الضريبي بالشرق الأوسط في «برايس ووترهاوس كوبرز» «إن البيئة الضريبية في منطقة الشرق الأوسط تتطور بوتيرة سريعة، ويعزى هذا التطور في جانب منه إلى الحاجة للتنافس على استقطاب الاستثمار الأجنبي المباشر، بينما يعود في جانبه الآخر إلى ضرورة تنويع مصادر الدخل، كل ذلك يأتي في الوقت الذي تتصاعد فيه وتيرة إصلاح الأنظمة الضريبية في دول قطر وعمان والكويت التي أعادت مؤخراً صياغة قوانينها المتعلقة بضريبة دخل الشركات».

وتحدث هاورد هال، الشريك الضريبي ورئيس مجلس إدارة فرع الاتحاد المالي الدولي بدولة الإمارات العربية المتحدة، عن دور الاتحاد في تطوير التشريعات الضريبية قائلاً «يجب أن تدار الاستثمارات الخارجية بعناية بالغة لاغتنام الفرص الضريبية وتخفيف المخاطر.

ويعتبر الاتحاد المالي الدولي منبراً أساسياً للعاملين في الحقل الضريبي لمعالجة قضايا الساعة والتطورات الأحدث في القوانين والممارسات الضريبية العالمية».

وإضافة إلى خطابات المتحدثين، ضمت ورشة العمل كذلك جلسة نقاش حول موضوع تنويع مصادر الدخل وتحديث الأنظمة الضريبية في دول مجلس التعاون الخليجي فضلاً عن مجموعة من المواضيع الأخرى مثل نتائج المكاسب الضريبية وتنفيذ السياسات الضريبية في دول مجلس التعاون الخليجي ودور وأنشطة الاتحاد المالي الدولي في منطقة الشرق الأوسط، ومزايا وفوائد تطبيق اتفاقات الازدواج الضريبي.

 


 

مواضيع ذات صلة :