آراء وأقلام نُشر

بايدينا الفقر والثـروة

عبد القوي العديني

عبد القوي محمد العديني

ستكون احوالنا افضل لواننا رشدناو اقتصدنا..سنتمكن من بناء اقتصاد قوي وعملاق وثقافه عملية مسئولة على حماية ثروه وامكانياتئمهدورة بامكانها ان تغير وجه الارض وحياه الانسان اليمني تحديداً.. بعد زيمبابوي الأولى بنسبة 91 في المائة؛ تأتي اليمن في المرتبة الثانية بنسبة 89 في المائة بين الدول التي تشهد قرصنة معلوماتية والكترونية في أجهزة الكمبيوتر الشخصية في منطقة الشرق الأوسط ؛ لتتكبد نحو 13 مليون دولار خلال 2007!!. خبر القرصنة قد يبدو قليل الأهمية لدى البعض وقد لا يقف لقراءته الكثير, غير ان السؤال الأهم: حجم ما تتكبده بلادنا سنوياً جراء قضايا الفساد وتجاوز القانون وتجاهل الواجبات.. كم يكون؟.
للأسف ليست هناك احصائيات واضحة أو أرقام محددة بإجمالي ماتخسره اليمن سنوياً نتيجة الأعمال الادارية في كافة الاجهزة الحكومية , أو الفرص غير المستثمرة أو في الأعمال والمشاريع والبنى التحتية  التي تدار بآليات وقرارات تفتقر للدراسة والتخطيط المسؤول !. بالقطع لوكانت لدينا احصائية عن كل الأعمال والقطاعات الفاشلة والمتعثرة ماذهبنا إلى مؤتمرات خارجية غير مجدية, نستجدي المساعدات والمعونات، وفي أرضنا الخير والكنوز والثروة .
ذات مساء من هذا الشهر اتصل بي صديق يعد من الاسماء القليلة جداً كخبير في التخطيط والاحصاء والمتابعة.. حدثني هاتفياً وفي صوته الحسرة والغضب: هل تعرف أن خسارتنا كيمنيين في السنوات السابقة بلغت عشرات المليارات من الدولارات!!. المعلومة بدت لي باهضة لذلك حسبت أن المتحدث مبالغاً وغير واقعي.. مع أنه محق تماماً فيما يدرك و يقول. اسمعوا كذلك لحديث مسؤول في مشروع يوصف الآن بأنه قليل الجدوى والفائدة: إنه يقول بأن احدى الشركات ورطت الدولة بمنشآت قيمتها 400 مليون دولار، اتضح بعد انشائها عدم جدواها، وأن الشركة التي قامت ببناء هذه المنشآت لم تستند على دراسة جدوى اقتصادية .. وإنما قامت هذه المنشآت لأسباب يعلمها المسؤولون في تلك الشركة ويجهلها المسؤولون الحكوميون الممثلون للدولة أو بتواطؤ منهم . تقرير برلماني للعام الماضي 2007 يقول إن نحو مليار دولار اهدر في النفقات وسوء توظيف للإيرادات..
كم من المليارات كلفتنا عمليات الارهاب والتمرد التي قامت بها جماعات الحوثي والأيادي المحركة لاعمال التخريب والشغب والفوضى في بعض المحافظات..وحدها حرب الانفصال كلفتنا خسائر فادحة تجاوزت تقديراً الـ (11) مليار دولار , أما السياحة والتجارة والاستثمار فقد خسرت الدولة اليمنية مليارات الدولارات لمعالجة آثار مالحق بمجالات حيوية من خسائر وكانت النتائج أن شهدت السنوات السابقة انخفاض الاستثمار في الصناعة بنسبة 34 في المائة , وفي السياحة 47 في المائة , لنخسر أكثر من 7300 فرصة عمل. وفي مجال الاسماك خسرنا الكثير .. وتصل هذا الخسارة إلى أرقام فلكية وباهظة تتمثل باضعاف مضاعفة من العائدات التي نحققها, وعلى سبيل المثال : عائدات الاسماك في العام 2007 وصلت إلى نحو 4 مليارات ريال مع اننا نمتلك شواطئ واسعة وفريدة وغنية بهذه الثروة ..
 وهناك دول أخرى ترى في الأسماك جنة معيشتها واقتصادها، منها موريتانيا التي تحقق 50 في المائة من عملتها الصعبة من جنان المحيط. خبراء واقتصاديون يقولون: إن ما نخسره بسبب القرصنة البحرية والاستغلال العشوائي وتدمير الحياة البحرية سنوياً يوازي ضعف العائدات الاقتصادية بعشرات المرات عما تحققه من عائدات اقتصادية، ولوتم حصرها فانها ارقام مخيفة. لعل السياحة أكثر القطاعات الحيوية في الدولة؛ لكن الأعمال التخريبية والأحداث التي شهدتها الجمهورية اليمنية أثرت في هذا المجال تأثيراً بالغاً نتيجة الضربات الموجعة التي وجهت للسياحة ولسمعة البلد .
تقول معلومات وزارة السياحة إن دخل السياحة في اليمن خلال العام 2007 بلغ 450 مليون دولار بزيارة 400 ألف سائح، وبالمقارنة بدولة تونس فقد بلغت عائدات السياحة هناك 2 مليار و350 دولاراً نتيجة 6.7 ملايين سائح.. أما المناطق الحرة والصناعية وقطاع المعادن فإن الحديث فيها يطول. لعّل مثل هذه الارقام والمعلومات ستقول لكل مواطن في هذا الشعب إن مصلحتك ايّها اليمني , حاضرك ومستقبلك.. مصيرك كله, هنا تحت الأرض وفوقها؛ في سمعة السياحة وحماية الثروة في البر والبحر .
 أشعر بالذهول بعد قيامي بحسبة افتراضية بسيطة , تتبعتُ فيها حجم الأموال التي نخسرها كأفراد وكمجتمع وكدولة مع نهاية كل عام؛ مبالغ خيالية نبددها لعدم كفاءتنا في إدارة الوقت والمجالات الحيوية الخصبة. بإمكان أي شخص أن يجري هذه العملية ببعض الأرقام وبأشتات من المعلومات، عندها سيجد أن اليمن تخسر سنوياً عشرات المليارات؛ نتيجة عدم استغلال الفرص وقّلة الوعي , للأسف الشديد, وهناك الذين يحسبون أنفسهم على السياسة في صفوف المعارضة ويخلطون أوراق الاقتصاد بالسياسة والهروب من واجباتهم في تنمية الحياة إلى تطلعات عقائدية تؤمن فقط بالتمرد على القانون وعرقلة التنمية الديمقراطية كمنهج حضاري للحكم العادل والرشيد.. جميعنا يتطلع الى حياة اقتصادية مستقرة، غير أن كثيرين لا يدركون أن الأفعال الصغيرة تدمر الصورة الايجابية للبلد وللقطاعات الاستراتيجية .. وقد تهز ثقة الآخرين, وتقدم لهم صورة سوداء..
فلماذا يحدث كل هذا ويغيب الشعور الجماعي الايجابي وتأتي ثقافة التواكل والمكايدات وتتمتع بكل هذا الحضور ؟لماذا تقاعسنا كمجتمع عن مساعدة الجهات المختصة والسلطات المتعاقبة في مجال استثمار خيراتنا وحمايتها بالحكمة والفضيلة التي عرفها العالم عنا كيمنيين ؟. لن أتحدث هنا عن منجزات عظيمة حققتها الدولة، ومناخات استثمارية اصبحت مغرية ومشجعة للغاية، بل تعمدت أن يكون هذا الموضوع عن السلبيات وحسب، فبتجاوزها ستكون أحوالنا أفضل ؛ لو أننا رشدنا واقتصدنا..
ستكون اليمن أجمل لو أن كل فاسد كفّ عن فساده وقال: كفى ضرباً وطعناً في هذا الجسد المنهك.. ستكون أحوالنا أنقى لو أن بعض المسؤولين اللافاعلين فعّلوا وحداتهم وقللوا الانفاق .. ستكون حياتنا آمنة ان لم ننتهك حرمة القانون سواءَ في الشارع العام أو الوظيفة .. وحتى في بيوتنا ونحن نربي أبناءنا ونؤدبهم بقيم العدل وفضيلة الاستقرار والتعايش السلمي ونبذ الافعال المضادة للقانون، وعدم المساس بالثوابت الوطنية, وفي مقدمتها الحفاظ على وحدتنا الوطنية التي جعلت كل العالم يصفق لليمن في 22 مايو 1990م، وسيظل يصفق لوحدته إلى الأبد.

 

مواضيع ذات صلة :