آراء وأقلام نُشر

لـــهذا صــفق لنا الـــعــالــم

عبد القوي العديني

بــقــلــم / عبــــد القـــوي العدينـــي*

صباح أمس كنت في مكتب رجل أعمال، ودوماً كنت أجد في جميع اللقاءات التي جمعتني به لغة الأرقام والاقتصاد 

والاستثمار والسلام.. «البزنس هو كل شيء في حياته»، لكنه هذه المرة قال لي بالحرف الواحد: الوحدة خط أحمر.. وسندافع عنها بأرواحنا!.
كان إلى جانبي في هذا اللقاء صحفي هو عضو بارزفي الحزب الاشتراكي وكان معجباً للغاية برجل الأعمال وهو يتحدث بحماس وغيرة عن الوحدة لخصها في نهاية حديثه ببساطة: «الوحدة مافيهاش صفاط»!!.
هكذا هي قناعات الشعب كله؛ أحزاباً ومعارضة ورجال أعمال وسيدات وأطفال، كباراً وصغاراً!!.
وقديماً قال الحكماء أن الدول الغنية قد تحتار في أغلب الأحوال بأي المجالات والأعمال تنفق أموالها وأعمالها ووقتها؟!.
ولأن السياسة فن الممكن، نستنتج من هذه الحكمة أن الأزمات التي تعيّق أحياناً الدول الفقيرة التي تعمل على حماية سيادتها وصيانة مبادئها، وتحسين بيئتها وتنمية مواردها الكاملة، قد تخدمها تلك الأزمات وقد تستفيد منها؛ وتحفز المجتمعات؛ دولاً وشعوباً، لمضاعفة الجهود وتنمية العقل بحركة ذهنية واحدة.. وإن اختلفت وتجادلت، إذ تسقط الرهانات والمصالح الشخصية أمام مصلحة الدولة وقداسة الوحدة التي تربى بها وعليها كل اليمنيين، وهنا تكون الكلمة للشعب والمجتمع.
أما علي سالم البيض فقد أختار لشخصه طريقاً مظلماً، أرتد عليه بلعنة التاريخ عندما حاول المساس بوحدة اليمنيين، وإن كانت مواقفه العدائية للوحدة قد تجددت كعادته بمصالح شخصية ورؤى ضيقة فإن ذلك أمر ليس بجديد على شخصية الرجل.
لاقلق.. فالوحدة تعيش وماعداها يموت ويتلاشى ويتبعثر؛ فاليمن نافورة الحكمة، ومنبع المجد وأصالة التاريخ ومهد الحضارة ومقبرة المؤامرات.
اليمن قوية كعادتها.. تتأمل بحكمة ثقافة الوهم التي تحسب أن الدولة تنجر إلى أوضاع محفوفة بالمخاطر.. ولا يفوت هذه البلدة الطيبة تكهنات وافتراضات تصدر هذه الأيام وتلقى بالجملة.
اليمن يقول كلمته الحاسمة.. ويمضي باتجاهه الصحيح. هذه الفترة هي محطة إختبار، ونستطيع أن نصفها بـ«ترمومتر» يمكننا من خلاله أن نقيس مستوى قوة الوحدة والشعب والقيادة، وأن نميز العدو من الصديق، والطيب من الخبيث، وستكون الفترة المقبلة بإذن الله تعالى مختلفة تماما حيثما الموعد الزمني لبدء تدفق المزيد من الاستثمارات.
غير أن السؤال يزداد اتساعاً.. كيف تناسى البعض وقائع التاريخ ونضالات الثورة اليمنية التي تجاوزت كل الدسائس والأزمات ولم تتأثر بما قد يعلق بخطواتها، حيث قدر للآتي أن ينظف كل فعل مضاد تقترفه النفوس المأزومة لمجانبة مبادئ وقيم الثورة والوحدة اليمنية المباركة.
ألا يدرك دعاة الانفصال والساعون لإعاقة اليمن عن النمو والتنمية والاستقرار أن مثل رهاناتهم قد فشلت وخسرت في تجاربهم السابقة أمام شعار الشعب «الوحدة أو الموت» حيث سقط الموت وعاشت الوحدة.
إن من الأحداث التي جرت خلال العامين الماضيين ما أكد للجميع قوة الدولة وقدرتها على التعامل المرن أحياناً، وإدارة الأوضاع السياسية بحكمة وبحزم وفقاً لكافة الظروف وشتى القضايا ومواجهة كل تلك المحن الداخلية حتى في أحرج المواقف المجانبة للنهج الديمقراطي الذي نعتز به كيمنيين.. إذ تجلى حلم الدولة وحكمة موحد اليمن كزعيم وثائر حقيقي غيّر الموازين والمعادلات والقواعد التي كانت تحسب أن النضال من أجل الإصلاحات والتنمية مرهون بحركة الشارع أو بفكر لا ينتمي لحيثيات الواقع.
نجتمع بلا شك حول الوحدة كمصير مقدس..ووطن ليس لبعضه قيمة إن تشتت أو شرد في المناكفات والخلافات والمصالح السياسية.. وليس لكله كرامة إن فرط بذرة من ذرات ترابه أو تهاون بها أمام أي هبة أو عاصفة تلقي بها بعيدا عن جسم حضارتنا وعزتنا وتاريخنا كدولة.
نفخر اليوم بأن العالم يمضي نحو اليمن في زمن باتت رؤوس الأموال تبحث لها عن مناخات إستراتيجية ودائمة.. وكلها تنظر إلى المستقبل؛ فتجد اليمن فيه أقرب إليها وأجمل.
اليمن أيها السادة قادم على استثمارات كبيرة، مدن واستثمار عقاري واسع، وأعمال استثمارية طموحة، استناداً إلى قوانين وسياسات منفتحه على العالم.. وتحديداً مع إخواننا في دول الخليج العربي، وما شهدته العلاقات اليمنية الخليجية من خطوات جادة تأكيد واضح لنهج الجمهورية اليمنية ومضيها على طريق الاستثمار والشراكة.
ولعل مشروع الغاز، الذي يمتد من مأرب إلى بلحاف في محافظة شبوة، وخطوط أنابيبه اليوم التي تشق هيمنة الرمال لتبعث الحياة تحتها من جديد، سيكون فاتحة يمن قادم بقوة، ولعل الخطط والأفكار والطموحات التي نحلم بها ونتخيلها للتنمية والوحدة ستكون أكثر انجازاً وأعمق في مستقبل الاقتصاد والدولة، والمنطقة بصورة عامة.
انتظروا اليمن أيها السادة، فلا قلق عليه ولا خوف مما تروجه الشائعات والحملات الاعلامية والخطابات, فالتحدي أمام متطلبات العصر قائمة والمسئولية التاريخية جسيمة والغاية أعظم وأكبر، فكل اليمنيين مهتمين بخدمة الوطن، ولاشيء يمكنه أن يصرفهم عن هدفهم ومستقبلهم، وقد علمتهم المحن عدم الالتفات إلى الخلف أو التراجع عن مصيرهم المحتوم المتمثل بالوحدة.
علينا أن نستفيد من تجارب الآخرين؛ فالتدرج الحضاري للولايات المتحدة الأمريكية، التي لم يكن لها من الماضي ما يساعد على وجودها اليوم بكل هذا الحجم والحضور والقوة، قد أصبحت الدولة القوية التي تحكم العالم باقتصادها وسياستها وثقافتها لأنها موحدة؛ لذلك فالأمريكيون يحفظون في ذاكرتهم اسم زعيمهم التاريخي ابراهام لينكولن، الذي كان يعرف في قرارة نفسه أهمية استمرار الاتحاد مهما كان الثمن، ويحفظون رؤيته التي آمنت بوحدة أمريكا.. كثيرا ما ردد لينكولن: «اتحاد أمريكا هو الذي سيجعل العالم يصفق لأمريكا إلى الأبد».
ونفس الحال فإن العالم كله صفق لليمن في 22 مايو 1990م، وسيظل يصفق للوحدة اليمنية ولليمن الجديد، ولشعب جدير بتقدير العالم وإعجاب الشعوب.

-----

رئيس تحرير مجلة الاستثمار *



 

مواضيع ذات صلة :