آراء وأقلام نُشر

فرصة استثمار

كغيرهن من النساء اللواتي ينتمين إلى الطبقة الوسطى من الأسر التي تعمل فتياتها في أفضل المهن المتوفرة في اليمن  لحاملات الشهادات العلمية الأجنبية  والخبرات اللغوية اللازمة، حاولن تأمين أنفسهن.
هؤلاء النساء يعرفن أن المعاشات التقاعدية صعب أن توفر نوعا من الحياة المريحة، بعد انتهاء الوظيفة، والطريقة الوحيدة للأمان هي الحصول على مصدر دخل آخر إضافي. ولهذا كانت فرحتهن عارمة عندما اتضح أن قانونا جديدا قد صدر عن وزارة الصناعة يجبر الشركات الحديثة النشأة أن تسمح بوجود أسهم يمكن للناس شراؤها وبالتالي ضمان أرباح سنوية في المستقبل.
وهكذا ترقبن أول إعلان عن نشأة شركة جديدة وحاولن الحصول على استمارات التسجيل وشراء الأسهم. وكانت المفاجأة أن الإعلان هو فقط لكي يتساير مع شروط القانون في الإعلان عن الأسهم.
أما الحقيقة فهي أن الأسهم سبق بيعها على شركاء مخصوصين لأصحاب الشركة الأصليين. الحكاية كما يشبه ان ترى إعلانا عن وظيفة طبقا للقانون وعندما تتقدم لها تكتشف إن الوظيفة قد تم تعيين من يشغلها وان الإعلان هو مجرد تطبيق شكلي للقانون الذي ينص على إعلان الوظائف ولا يراقب طريقة التنفيذ ولا يحاسب الخداع والكذب.

الاستثمار الفردي:
وإذن المشكلة في طريقة للحصول على مصدر دخل إضافي بعد التقاعد لهذه النسوة لا تزال قائمة. وربما يعاني هذه المشكلة آخرون ممن لديهم وفورات مالية لا يريدون تجميدها في البنوك ويرغبون في جعلها تتحرك وتدر شيئا ما. الكثير كانوا يعتمدون على بناء عمارات أو فلل للتأجير كوسيلة للاستثمار.
وصار الآن حجم المعروض من البيوت الفاخرة أكبر بكثير من الطلب، خاصة إن المستأجرين الأجانب أو العاملين من الجاليات الأجنبية القادرة على الدفع يقل عددهم يوما بعد يوم، بينما يتزايد معدل البناء الغالي عن الحاجة. والشباب والأسر الصغيرة التي تحتاج إلى شقق أو بيوت متواضعة الإيجار يصعب عليها الحصول على ذلك لأن حجم المعروض أقل من الطلب.
وقد نقترح على هذه المجموعة من النساء الراغبات في مصدر دخل إضافي لضمان الستر في فترة ما بعد التقاعد، أن يقمن بالاستثمار في بناء بيوت توفر شققاً متواضعة الإيجارات. وهنا سنجد إشكالية غريبة صارت ظاهرة في أغلب مدن اليمن تتعلق بشراء الأرض وعدم ضمان أن البائع هو المالك الأصلي وليس مغتصبا لأملاك أيتام أو أفراد آخرين من العائلة أو غائبين خارج الوطن، يظهرون فجأة عند البدء في البناء.
فصار الاستثمار في قطاع البناء بشكل مصغر مغامرة غير مأمونة. وأعرف على نحو شخصي نساء حاولن الاستثمار عبر شراء سيارات وتسليمها لأشخاص يعملون عليها إما كتاكسي أو كدباب وبسبب الإهمال من السائقين والقيادة الرعناء التي صار مشهورا بها معظم سائقي الأجرة اليمنيين فإن التلف والحوادث سرعان ما تلتهم وسيلة المواصلات المشتراة بحيث لا تغطي حتى تكاليف ما تم دفعه فيها.
الهيئة العامة للاستثمار تقدم مشاريع ضخمة للمستثمر الخارجي العربي والأجنبي، ولا تقترح مشاريع صغيرة أو ضمانات مساهمة في مشاريع متوسطة يمكن أن تساعد الناس الذين لديهم ودائع توفير أن يساعدوا أنفسهم ويساعدوا غيرهم.
فكل مشروع مهما كان حجمه سيعني أن هناك فرص عمل للباحثين عن عمل. وهناك أموال كثيرة تمتلكها نساء على صورة ذهب ومصوغات يمكن لهن لو وجدت الفرص إن يستثمرنها بطريقة تؤمنهن غائلة الأيام التي قد تكون كبيسة.

التشاؤم والخوف من المستقبل:
هذا النوع من التفكير قد يسميه البعض تشاؤما. لكن دعونا ننظر إلى الواقع الكل يشكو والكل يهدد بالويل والثبور وعظائم الأمور. وروح الاعتماد على الذات وعدم انتظار الأسوأ حتى يحدث هي روح متفائلة وليست متشائمة.
فالمستقبل يعلمه الله، لكن الله خلق لنا العقول كي نستخدمها في تسيير أمور حياتنا.والاستعداد للغد صار ضرورة. ومهمة الاقتصاديين وأصحاب العقليات الاستثمارية إن يقدموا الآن للناس طرقا يستخدمون بها أموالهم كي يساهموا في تأمين أنفسهم من ناحية وكي يساهموا في توفير فرص عمل لشباب يزيدون عن المليون يبحثون عن مصدر رزق ووسيلة للعمل.
أتذكر عندما كنت أدرس وأسكن مع عائلة تتابع الأحداث في بلادها أن هذه العائلة كانت تقوم بتجديد وصيانة أسوار المنزل، وإعادة طلاء النوافذ عبر إعلانات تقدمها للطلاب في الجامعات. كان الهدف مساعدة أولئك الشباب في الحصول على دخل شريف عن طريق عمل يستطيعون القيام به في الإجازات وأيام نهاية الأسبوع.
والمجتمعات التي تشعر بآلام بعضها البعض تجد طرقا للمبادرة تفيدها وتفيد غيرها في نفس الوقت. فأين فرص الاستثمار يا ترى؟.

raufah@hotmail.com
عن صحيفة الثورة*


 

مواضيع ذات صلة :