آراء وأقلام نُشر

حاضنات الأعمال .. فكر و إبداع مجتمعي

يعتبر برنامج حاضنات الإعمال من البرامج التي تهتم بعملية التطوير  للكيانات التجارية حيث توفرا المساعدات الإدارية وكذلك المساعدة في حصولها على التمويلات المالية إلى جانب تقديم خدمات الدعم الفني التجاري أو التكنولوجي ، كما إنها تيسهم في تقديم خدمات مكتبية مشتركة و مع إمكانية الوصول إلى المعدات و الأجهزة ،عن طريق خلق شركات قادرة على إحداث تنمية اقتصادية في المناطق التي تقام فيها وذلك من خلال العمل والتفاعل البناء فيما بينها و بين مراكز الأبحاث و المعلومات و التكنولوجيا حيث نرى العالم تحول تدرجيا من الرأسمالية الصناعية والمالية إلى الرأسمالية العقلية و حقوق الملكية الفكرية وهذا ما يستدل علية من ضخامة حجم الإعمال في التجارة الاليكترونية حيث بلغت إلف ومائتين و أربعة ثلاثون بليون دولار أمريكي في نهاية عام 2002.

وتعرف حاضنات الإعمال بأنها مؤسسات تعمل على احتضان و دعم أولئك الذين تتوافر لديهم القدرة على خلق وابتكارا لأفكار المبتكرة والطموحة من خلال الدراسة الاقتصادية السليمة لمشروعاتهم و أفكارهم خلال فتره المشروع و توفير كافة الرعاية لهم من الدعم الفني و الإداري لمشروعاتهم خلال المراحل الأولى للمشروعات و التي يكون فيه المشروع كطفل صغير يحتاج إلى احتضان و رعاية كبيره يصعب على أصحابة الاعتناء به فتسهم هذه المؤسسات في إخراج المشروع إلى الحياة العملية مولود قادر على المنافسة ومواجهة تحديات السوق وتوجيه طاقات أصحاب المشاريع إلى النواحي الرئيسية و الحساسة في المشروع ثم يتضاءل هذا الدعم في بعد نجاح المشروع لتوجهه إلى مشروع آخر جديد.
و ترجع أهمية استخدام الدول برامج حاضنات الإعمال للعمل على خلق مناخ جيد و داعم لإنجاح المشاريع الجديدة ، من خلال توفير بيئة عمل مناسبة لنشأة هذه المشاريع و خاصة في المراحل الأولى لها ، كما تعمل على توجيه كافة البحوث و الدراسات إلى خلق مشروعات صالحة للتسويق ، كما تعمل على دعم القدرات الإبداعية لدى أصحاب هذه المشاريع ، والعمل على تحقيق التكامل الصناعي بين هذه المشروعات فيما بينها.مما يقدم للمجتمع مشاريع قادرة على الاستمرار و التطوير ،والعمل على الاستخدام الأمثل لعنصر البطالة بتحويله من قوة عاطلة إلى قوة دفع للمجتمع من حلال العمل على تحقيق التنمية الاقتصادية لإفراد المجتمع.
وبدأ ظهور حاضنات الإعمال في ولاية نيويورك في عام 1959 بإنشاء مركز صناعات باتافيا ثم توالت نجاحات حيث قدرة المشروعات التي تضمها الجمعية القومية لحاضنات الإعمال بالولايات المتحدة في عام 1985 عدد ثمانمائة حاضنة أعمال على مستوى الولايات المتحدة الأمريكية وبلغت نسبة نجاح هذه المشاريع الجديدة 87% مما ساهم ذلك على توفير عدد كبير من فرص العمل الجديدة.و قد أخذت حاضنات الإعمال في التزايد و الانتشار على مستوى العالم فقد تجاوز عددها الثمانية ألف حاضنة أعمال حول العالم وقد بدأت البلدات النامية في استخدام هذا المفهوم مؤخر و كذلك بعض الدول العربية و منها مصر عن طريق الصندوق الاجتماعي و المملكة العربية السعودية عن طريق جامعة البترول و التعدين و الإمارات العربية المتحدة عن طريق برنامج ديجيتال أيديا أوسس و دولة البحرين بالتعاون مع اليونيدو و كذلك و الكويت عن طريق الهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب .
و تكمن المشكلة الرئيسي للدول النامية في عدم قدرتها في تحقيق نجاحات مماثلة لدول مثل الصين في هذا الصدد إلى عدم قدرة هذه الدول في تحقيق دمج للعلم و التكنولوجيا ومفاهيم الإبداع ليحقق تكامل مع الكيان القومي لهذه الدول حيث أن هذه الدول لا تمتلك قاعدة علمية و تكنولوجيا حديثة ومتطورة ، كما أن هذه الدول لا تمتلك المرونة في استخدام التكنولوجيا المستوردة من الخارج. لذا يجب على هذه الدول العامل على تطوير مناهجها الدراسية بالتركيز على الهندسة و العلوم والتكنولوجيا لتحقيق تطور نابع من بيئة كل دولة إلى جانب ربط هذه المناهج بالواقع التطبيقي مع ضرورة مساندة الجهات الأهلية والحكومية لعملية البحث العلمي في هذه الدول.
و تتعد أنواع حاضنات الإعمال فتنقسم إلى ثلاثة أنواع وهى النوع الأول هو حاضنات إعمال مغلقة و تتمثل في حاضنات إعمال متخصصة تكنولوجية ، طبية ، هندسية و خلافة و كذلك حاضنات إعمال غير متخصصة ، إما النوع الثاني وهو حاضنات إعمال مفتوحة و النوع الثالث حاضنات إعمال افتراضية أو انترنت ونستخلص مما سبق أن نجاح الدول في تحقيق تفاعل بناء بين مراكز البحث العلمي والتكنولوجيا التي تقدم مشروعات مبتكرة و متواكبة مع البيئة المحلية لهذه الدول مع الالتزام بأحدث المعايير العلمية الحديثة مما ينعكس ذلك على أصحاب هذه المشروعات من خلال حصولهم على دعم كامل فني وأدارى و تسويقي فيحقق ذلك طفرة إبداعية في كافة قطاعات سواء الحكومية والأهلية منها مما تتحقق مبادئ المسئولية الاجتماعية، كما ستحقق هذه الدول تطوير في أداء اقتصادها القومي من خلال توفير فرص عمل جديدة فيقل معدلات البطالة مع العمل على تحقيق التكامل بين المشروعات الكبيرة والصغيرة مما يحسن الأداء العام لهذه الدول من خلال تحقيقها لمعدلات تنمية مرتفعة .

* مستشار مالي


 

مواضيع ذات صلة :