آراء وأقلام نُشر

الاقتصاد الرقمي.. بوابة المستقبل

تظهر البيانات الصادرة عن التوقعات السكانية العالمية للأمم المتحدة أنه هناك الآن 8.08 مليارات شخص يعيشون على الأرض، بحيث زاد عدد سكان العالم بمقدار 74 مليون شخص منذ هذا الوقت من العام الماضي، أي ما يعادل نموا سنويا بنسبة 0.9 في المائة.

Previous Next

بالنسبة للتبني الرقمي واستخدام الأنترنيت، يوجد أكثر من 66 في المائة من جميع الناس على وجه الأرض يستخدمون الإنترنيت وكذلك استخدام الهواتف المحمولة على المستوى العالمي بلغ 5.61 مليارا في بداية عام 2024، بحيث تكشف أحدث البيانات الصادرة عن GSMA Intelligence أنه ما يقرب 70 في المائة من سكان العالم يستخدمون الآن جهازا محمولا، مع ارتفاع الإجمالي العالمي بمقدار 138 مليون (+2.5 في المائة) منذ أوائل عام 2023.

كما يؤكد تحليل كيبيوس أن عدد حسابات مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي النشطة قد تجاوزت عتبة 5 مليارات، بحيث يعادل 62.3 في المائة من سكان العالم بحيث يقضون قدرا كبيرا من الوقت في استخدام هذه المنصات الاجتماعية تصل إلى ساعتين و23 دقيقة يوميا.

بناء على كل ما تم ذكره سابقا، يبدو أن العالم متجه نحو خلق سوق كبيرة افتراضية موازية للسوق الحقيقية، حيث عرفت التجارة الإلكترونية وخصوصا بعد جائحة كورونا نموا ونضجا كبيرين، كما أفاد تقرير جديد للبنك الدولي بأن هذه الظرفية أدت إلى زيادة كبيرة في نمو قطاع تكنولوجيا المعلومات ومرونة الأعمال الرقمية باستخدام تطبيقات حركة البيانات التي قادت وتيرة غير مسبوقة من التحول الرقمي في جميع أنحاء العالم؛ لكن على الرغم من أن استخدام التكنولوجيات الرقمية قد زاد بشكل كبير في جميع البلدان، فإن المكاسب التي تحققت في البلدان منخفضة الدخل لم تكن كافية لمنع أو سد الفجوة الرقمية مع البلدان مرتفعة الدخل، بحيث واحد فقط من كل أربعة أشخاص في البلدان منخفضة الدخل لديه إمكانية الوصول إلى الإنترنيت.

إن هذه التفاوتات في سرعات الإنترنيت وحركة البيانات والاستخدام الرقمي تعيق تحقيق العائد الرقمي للأفراد والشركات في البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل، بحيث يحتاج المجتمع الدولي حاليا إلى مضاعفة جهوده للتقليل من الفجوة الرقمية ومساعدة البلدان النامية على اللحاق بالركب وتسريع وتيرة تبني التقنيات الرقمية وضمان الشمولية والتبني الرقميين.

يؤدي التطور التكنولوجي والرقمي الذي شهده العالم في مجال تكنولوجيات الاتصالات والمعلومات إلى ظهور اقتصاد رقمي كامل الأركان قادر على جذب الاستثمارات الخارجية المباشرة وتحقيق نمو ملحوظ، حيث يبلغ حجم الاقتصاد الرقمي العالمي ما يقارب 13 تريليون دولار، أي ما يعادل 15 من المائة من الاقتصاد العالمي، وفق الإحصائيات الحالية، فحسب تقرير للبنك الدولي في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، فإن اعتماد الرقمنة للأنشطة الاقتصادية من شأنه أن يرفع نصيب الفرد من الثروة المحلية بنسبة لا تقل عن 46 في المائة على مدى 30 عامًا.

اعتمد المغرب استراتيجيات عديدة تخص التنمية الرقمية منذ 2005، حيث لم نصل إلى النضج الرقمي الكافي لخلق ثروة مهمة وكذلك تحسين مناخ الأعمال بشكل كاف يقضي على البيروقراطية الرقمية بكل أشكالها.

حاليا، ومن أجل إتمام ما تم تحقيقه، تم خلق وزارة خاصة بالانتقال الرقمي تعمل على إعداد الاستراتيجية الوطنية للتنمية الرقمية وكذا رصد كل ما هو استراتيجي خاص بالتنمية الرقمية مع وضع مؤشرات تخص الأداء.

من بين الأوراش المهيكلة المتعلقة بخارطة الطريق المعتمدة من طرف وكالة التنمية الرقمية، هناك خمسة أوراش ذات أولوية؛ من بينها الربط البيني بين الإدارات العمومية، حيث تم خلق منصة للربط البيني بين الإدارات والمؤسسات العمومية عبر ربط قواعد المعطيات الخاصة بها.

ومن بين الأوراش المهمة كذلك نجد دور المختبر الرقمي الذي يسعى إلى رقمنة سريعة للخدمات العمومية، وكذلك البوابة الموحدة للمواطن لتجميع ورقمنة الخدمات الإدارية عن طريق تبسيط المساطر وتحسين تجربة المرتفق.

وهناك أوراش مهمة أخرى لها تأثير على المناخ العام للاستثمار تخص رقمنة مسار المستثمر انطلاقا من مراحل خلق المقاولة، وكذلك رقمنة عملية الاستيراد والتصدير من خلال التوطين عبر الخط لرخصة الاستيراد والتصدير، وكذلك تقليص التكاليف والتحكم في المدة الزمنية الخاصة بالتبادلات الخاصة بالتجارة الدولية.

 

شفيق بنصفية- هس برس


 

مواضيع ذات صلة :