آراء وأقلام نُشر

التدقيق الداخلي ودوره في تحسين وظيفة الامتثال في مؤسسات القطاع المصرفي

التدقيق الداخلي ودوره في تحسين وظيفة الامتثال في مؤسسات القطاع المصرفي

*د. طه محمد عبدالله الرحومي *

Previous Next

الامتثال في المؤسسات المالية وغير المالية بما فيها البنوك يعني الالتزام بالمعايير الدولية والمحلية وتعليمات جهات الرقابة والإشراف المعنية بمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وتنشأ في البنوك وحدة خاصة بمكافحة هذه الجريمة تسمى وحدة الامتثال (وحدة مستقلة)، تُعد المعنية بإدارة كافة جوانب الامثال وتنفيذها داخل البنوك، كون وظيفة الامتثال تعتبر خط الدفاع الثاني في البنوك لأنها المعنية بمراقبة ومواجهة المخاطر المحتملة على مستوى البنك.

ويتم التخطيط لمهمة التدقيق الداخلي بشأن الامتثال لإجراءات مكافحة غسل الأموال من خلال تحليل البيئة الداخلية والخارجية للبنوك وتحديد المعلومات بحيث تكون ذات صلة لتحقيق أهداف المهمة، يلي ذلك تقييمها للوصول إلى نتائج واستنتاجات يتم عكسها في توصيات تصحيحية.

 

أهداف وغايات التدقيق الداخلي

حيث أن التدقيق الداخلي في البنوك يسعى إلى تقييم إجراءاتها ويقيس بدقة مدى تحقيق الأهداف والغايات المطلوبة، ويهدف لمقارنة الأداء الفعلي مع المعايير المحددة مسبقاً في خطة أو استراتيجية البنك بما يساعد على كشف الانحرافات والاختلالات في فترة تسمح باتخاذ الإجراءات التصحيحية، ويهدف التدقيق الداخلي بشأن مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب إلى تقييم كفاءة وفعالية البرنامج في البنوك، من خلال مقاييس داخلية تشمل (السياسات والإجراءات والضوابط الداخلية للبنوك)، ومقاييس خارجية تشمل (المعايير الدولية، والقوانين المحلية ولوائحها التنفيذية، وتعليمات جهات الرقابة والإشراف)، وتطبيق تلك المقاييس يحسن من وظيفة الامتثال ويخفف من مخاطرها، حيث يقوم بالتدقيق أشخاص لا تربطهم علاقة بموظفي الامتثال، وينبغي ان يكون التدقيق قائما على المخاطر وذلك من خلال التعرف على حجم البنوك وأنشطتها والخدمات التي تقدمها والبدء بالتقييم للمخاطر المرتفعة يليها المتوسطة، والهدف من التدقيق على إجراءات مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب هو التعرف على ما إذا كانت البنوك  تتبع الإجراءات الخاصة بمكافحة هذه الجريمة أم لا؟ لمنعها من خلال اتخاذ الإجراءات.

وقد شهدت وظيفة التدقيق في السنوات الأخيرة اهتماما متزايدا من قبل المؤسسات المالية وغير المالية، وذلك في نواح عديدة يأتي في مقدمتها إنشاء إدارات مستقلة للتدقيق الداخلي، مع ضرورة العمل على تزويدها ودعمها بالكفاءات البشرية المؤهلة، لتمكينها من تحقيق أهدافها بقدر من الكفاءة والفعالية المطلوبة.

 

مهارات وممارسات التدقيق

لتطوير أنشطة التدقيق الداخلي لجعلها وظيفة حيوية تتركز جهودها في المؤسسات بشكل عام والقطاع المصرفي بشكل خاص لابد من توافر المهارات المهنية اللازمة أثناء تأدية مهام التدقيق، ويجب أن يبذل المدققون العناية المهنية اللازمة في أعمالهم، وذلك من خلال ملاءمة وفاعلية مسار إدارة المخاطر والرقابة، واحتمال حدوث أخطاء بسبب عدم الالتزام بالمعايير الدولية والقوانين المحلية ولوائحها التنفيذية وتعليمات جهات الرقابة والإشراف المعنية بمكافحة غسل الأموال وتمويل الارهاب، وأيضاً يجب أن يشمل التدقيق الداخلي الممارسات المهنية للتدقيق بهدف تقديم التأكيدات الخاصة بالمؤسسة المصرفية وتحديد مبادئ النزاهة والكفاءة والمهنية المتبعة من قبل المدقق، وأن يكون المدقق من ضمن موظفي المؤسسة كونه المسؤول عن تحديد مدى كفاءة وسلامة إجراءاتها، وتكون وظيفة التدقيق الداخلي محل ثقة يتم الأخذ بمقترحاتها ونتائجها واستنتاجاتها، لأنها تهدف إلى تقييم وتحسين فعالية إدارة المخاطر والرقابة الداخلية والحوكمة، وتمثل وظيفة التدقيق الداخلي حجر الزاوية في المتابعة المستمرة لتلك البنوك على أرض الواقع من خلال التدقيق الداخلي والذي يتم بشكل دوري من خلال التدقيق المستند على المخاطر، والتحقق من أنظمة المراقبة الداخلية والتحقق من سلامتها بهدف تحسين سير العمل.

لذا فإن تدقيق الامتثال لإجراءات مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب في البنوك يخفف من مخاطرها ويحميها من أي مشاكل قد تواجهها ويعتبر خط دفاع لتقييم إجراءات البنوك بهدف التوصل إلى نتائج سواءً كانت سلبية أو إيجابية ووضع اقتراحات تصحيحية للمشاكل التي تواجهها البنوك ورفعها لمجلس الإدارة لمعالجتها.

استراتيجية الامتثال وأهدافه

كون الامتثال يهدف إلى تحقيق الالتزام بالقوانين والتشريعات المحلية والدولية لضمان سلامة العمل وتعزيز الثقة بين البنوك والعملاء، فإن الامتثال يعد أحد أهم أساسيات تطبيق الحوكمة لضمان إطار قانوني وأخلاقي متكامل.

كما يُعد الامتثال استراتيجية فعالة تعزز من أداء البنوك على المدى الطويل من خلال القدرة على التكيف مع المتغيرات من خلال تطبيق معايير الامتثال بشكل استراتيجي لمواجهة المتغيرات بشكل مرن والإسهام في استدامة البنوك وقدرتها في الحفاظ على المنتجات والخدمات المقدمة بشكل قانوني وأخلاقي على المدى الطويل.

ومن خلال تبني سياسة الامتثال في البنوك يمكن تعزيز ثقافة الامتثال على مستوى المؤسسات بشكل عام والبنوك بشكل أساسي من خلال الالتزام بسياساتها وإجراءاتها بفعالية بهدف بناء ثقافة مؤسسية قائمة على الامتثال لتحقيق الامتثال بشكل مستمر ويصبح الامتثال جزءا من ثقافة البنوك، ويتجسد ذلك عبر تعزيز القيم كالنزاهة والشفافية، ويتم تطوير ثقافة الامتثال من خلال البرامج التدريبة وخلق ثقافة الإبلاغ عن التعاملات المشبوهة وتدريب الموظفين على سياسات وإجراءات الامتثال بشكل مستمر وتعزيز وعيهم بها.

ولابد من بناء ثقافة الامتثال في البنوك من خلال استخدام التكنولوجيا كونها تسهل الرقابة على عملياتها وخاصة للعمليات التي تم تصنيفها كمخاطر عالية، والإبلاغ عن التعاملات المشبوهة عبر الأنظمة الإلكترونية، ويتم تطوير قدرات موظفي البنوك بشأن الامتثال بشكل مستمر من خلال البرامج التدريبة على سياسات وإجراءات الامتثال، وهذا يعزز من قدرة الموظفين على كيفية التعامل مع إجراءاتها بكفاءة، وترتبط ثقافة الامتثال خارجياً بعملائها من خلال توعيتهم بوضع لوحات إعلانية وإرشادات وصور معبرة عن تعاملات استهدفت عملاء سابقين ( احتيال مالي) والهدف من ذلك بناء ثقافة امتثال بين موظفي البنوك والعملاء.

وهناك مبادئ لتعزيز ثقافة الامتثال منها دعم مجلس إدارة البنك لجهود الامتثال ومشاركة المعلومات ذات العلاقة بالامتثال بين الإدارات وتخصيص موارد كافية لتفعيل برنامج الامتثال.

 

* مدير إدارة الإخطارات ( وحدة جمع المعلومات ) البنك المركزي اليمني*


 

مواضيع ذات صلة :