كيف أصبحت إثيوبيا إحدى أعلى الدول نمواً في العالم؟
أرقام
أصبحت إثيوبيا إحدى أهم الدول التي تحقق نموًا اقتصاديًا لافتًا على مستوى العالم أجمع، وأصبحت الأعلى نموًا في القارة السمراء، خلال الأعوام الأخيرة، إذ رجحت معدلات نمو الدولة الأفريقية قدرتها على الانتقال سريعًا إلى مصاف القوى الناشئة في الاقتصاد العالمي.
طبقة سحرية
ووفقًا لتقديرات البنك الدولي شهد اقتصاد إثيوبيا نموًا قويًا واسع النطاق بلغ متوسطه 10.3٪ سنويًا من عام 2006/2007 إلى 2016/2017، مقارنة بمتوسط إقليمي بلغ 5.4٪، بينما تباطأ نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي لإثيوبيا إلى 7.7 ٪ في 2017/18، بسبب بعض الاضطرابات السياسية ولكن من المتوقع عودته للنمو.
ويمكن القول بأن لدى إثيوبيا ما يُعرف بـ"الطبقة العُمرية السحرية"، فعلى الرغم من أن 50% من المواطنين هناك دون سن العمل (16 عامًا في إثيوبيا) إلا أن 20% هم بين 16-30، و20% دون الخمسين بما يجعل إنتاجية هذا القطاع في أعلاها.
وما يدعم الصعود الإثيوبي السياسة التي اتبعتها قبل أعوام بوضع نسبة للتعليم التكنولوجي إلى الإنساني، حيث يتلقى 70% من الطلاب علومًا تكنولوجية ومعملية، بينما تتلقى النسبة الباقية علومًا إنسانية، وفي ظل عالم تقدم الخدمات 65% من ناتجه المحلي فإن هذا الأمر يؤتي أكله بكل تأكيد.
كما تركز إثيوبيا بصورة كبيرة للغاية على الاتصالات والتنمية فيها، بما ينعكس إيجابا على الاقتصاد ككل وبصورة سريعة، ومن ذلك نمو نسبة اتصالات الإنترنت المستقرة من 12% إلى 22% خلال الأعوام الثلاثة الأخيرة فحسب، فضلًا عن زيادة نسبة الهواتف الذكية من 43% إلى 56% في ظرف عامين أيضًا.
خطط طموحة
واعتمدت الحكومة الإثيوبية قبل 10 سنوات خطة طموحة لإقامة عدد من المراكز الصناعية، التي أمدتها بكافة أشكال البنية التحتية، ووفرت شبكة علاقات عامة واسعة لضمان تسويق منتجات تلك المصانع، بما ساهم في نمو نسبة الناتج الصناعي من 5% إلى 20% خلال عقد واحد، وهو زمن قياسي.
ويقدر البنك الدولي أن استمرار استراتيجية التصنيع الحالية لإثيوبيا من شأنها السماح بتوسع القطاع الصناعي بنسبة 20٪ في المتوسط، مما يوفر المزيد من فرص العمل، كما يساعد في الإبقاء على ارتفاع القيمة المضافة للمنتجات باستمرار بما يسهم في نمو مضطرد للاقتصاد.
والفكرة الرئيسية في أهمية نمو الناتج الصناعي والخدمي على حساب نظيره الزراعي يتمثل في ارتفاع القيمة المضافة لهما بهامش كبير، بما يجعل الناتج المحلي يرتفع بنسب قياسية، خاصة في ظل عدم احتياج الزراعة هناك لاستثمارات كثيفة لاعتمادها في الري على الأمطار بصورة كبيرة.
وأدى النمو الاقتصادي العالي إلى ظهور نتائج إيجابية في الحد من الفقر في المناطق الحضرية والريفية على حد سواء، حيث انخفضت نسبة السكان الذين يعيشون تحت خط الفقر المحلي من 30٪ في عام 2011 إلى 24٪ في عام 2016.
قلق حول النمو
وتنفذ الحكومة المرحلة الثانية من خطة النمو والتحول والتي ستستمر حتى نهاية العام الحالي وتشمل مواصلة توسيع البنية التحتية المادية من خلال الاستثمارات العامة وتحويل البلاد إلى مركز تصنيع، وذلك سعيًا للوصول إلى متوسط نمو إجمالي الناتج المحلي بنسبة 11٪ سنويًا.
ويقدر البنك الدولي أن البلد الأفريقي سيكون قادرًا على تحقيق تلك النسبة إذا تلافى التقلبات السياسية خلال السنوات المقبلة، خاصة في ظل تاريخ طويل من الانقلابات العسكرية والاضطرابات الداخلية التي حال التأكد أنها من الماضي ستسهم في توسع الاستثمارات المحلية والأجنبية بدرجة كبيرة.
وعلى الرغم من النجاحات السابقة إلا أن البنك الدولي يحذر من أن إثيوبيا أهملت في غمرة نموها "أفقر الفقراء" في المناطق النائية، حيث ظلت نسبة الفقر هناك فوق نسبة 40%، مشيرًا إلى أن هذا الأمر قد ينعكس بالسلب على نمو البلاد في المستقبل في ظل اضطرابات اقتصادية واجتماعية بسبب ذلك.
ويبدو مستقبل الدولة الأفريقية الاقتصادي مزدهرًا في ظل حصادها لما زرعته سابقاً من إصلاح للتعليم ومن توجيه لقطاعات النمو الاقتصادي والخدمي ومن إصلاح للنظم المالية، ليبقى التحدي الرئيسي في استمرار الاستقرار السياسي والاجتماعي بما يدعم النمو الاقتصادي.