اقتصاد يمني نُشر

«ضمان الاستثمار»: الأحداث السياسية الأخيرة إيجابية لمناخ الاستثمار العربي على المدى الطويل

توقعت المؤسسة العربية لضمان الاستثمار وائتمان الصادرات ان تنعكس الأحداث السياسية التي تشهدها بعض الدول العربية بشكل سلبي على مناخ الاستثمار فيها في المدى القصير والمتوسط بدليل ان معظم الدول التي شهدت أحداثا سياسية وحراكا شعبيا بدرجات متفاوتة (مصر وليبيا وتونس والبحرين والأردن) طالتها عمليات المراجعة والخفض للتقييمات السيادية من قبل وكالات التصنيف الدولية فيما ترى المؤسسة ان تلك التطورات يمكن ان تنعكس إيجابا على المدى الطويل خصوصا اذا ما تم انجاز العديد من الاصلاحات التي تعزز من جاذبية تلك الدول للاستثمارات الأجنبية.
وأوضحت المؤسسة في دراسة أجرتها تحت عنوان «التأثيرات المتوقعة لتداعيات الأحداث السياسية في المنطقة العربية على مناخها الاستثماري» ضمن نشرتها الفصلية الأولى «ضمان الاستثمار» لعام 2011 والتي صدرت أمس أنها قدمت ضمن الدراسة آلية مقترحة لتحليل الآثار الناجمة عن التطورات السياسية على بيئة ومناخ الاستثمار في الدول العربية، من خلال حصر النتائج والأحداث وأبعادها المختلفة وكذلك تداعياتها المحتملة وآجال تأثيرها وقنوات تأثيرها.

وأضافت المؤسسة ان الآثار المترتبة على تلك الأحداث تختلف من دولة الى أخرى، سلباً وايجاباً، وذلك وفقاً لهيكلها السياسي والاقتصادي والاجتماعي وطبيعة التكوين المؤسسي والتغيرات التي تشهدها الدولة، محلياً وخارجياً، ومدى مناسبة ردود أفعالها وسرعتها التي يجب ان تتنبأ بدقة بالأحداث المحيطة بها بل وتسبقها.كما ستختلف درجة تأثير تلك الأحداث على المدى القصير والمتوسط والطويل خصوصا وان طبيعة الأثر وحجمه وطريقة حسابه تختلف من مرحلة الى أخرى، والاهم من ذلك ان حساب الأثر يستلزم رصد كل المؤشرات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تتأثر بالتطورات الحادثة على أرض الواقع، أيا كانت طبيعتها وحجمها.
وأشارت المؤسسة الى انه على المدى القصير، هناك تأثيرات سلبية على مناخ الاستثمار وبيئة الأعمال فمثلا سوف يتراجع عدد الشركات الجديدة ويتم تأجيل قرارات تأسيس عدد من المشاريع أو صفقات الاندماج والتملك سواء على المستوى المحلي أو عبر الحدود الدولية.كما سوف تتأثر مؤشرات أداء أسواق المال والأوراق المالية مع تراجع لقيمة العملة الوطنية وخروج للاستثمارات قصيرة الأجل أو ما يسمى بالأموال الساخنة والمضاربية نتيجة التوترات الأمنية والسياسية وقيام مؤسسات التقييم الدولية للمخاطر القطرية باعادة تقييم وخفض تصنيفها السيادي لهذه الدول وقد تشهد خسائر أكبر اذا ما صاحبت تلك التحركات الشعبية أعمال تخريب ونهب للممتلكات الخاصة والعامة.
وعلى المدى المتوسط، فقد تشهد تلك الدول تراجع مؤشرات الأداء الاقتصادي والمتمثلة في معدلات النمو والصادرات والعائدات من الأنشطة الخدمية مثل السياحة، وكذلك تدفقات الاستثمارات الأجنبية المباشرة المتوقعة، وما يصاحب ذلك من تراجع في قيم الأصول بأنواعها.
أما على المدى الطويل، ربما ستكون الصورة أكثر اشراقا مع نجاح الحراك الشعبي في تسريع وتيرة ورفع سقف الاصلاحات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، والتي ستصب في النهاية في تحسين مناخ الاستثمار سواء في تلك الدول أو الدول العربية الأخرى في المنطقة التي ستقوم بتسريع وتيرة اصلاحاتها طوعا لتفادي تكرار ما حدث في دول الحراك وبما سيصب في النهاية في تحسين مناخ الاستثمار في المنطقة برمتها.

نتائج الحراك
واستعرضت الدراسة ابرز تداعيات الحراك الشعبي في عدد من النقاط منها:
التغيرات السياسية والادارية، خصوصا مع ما ينجم عن الحراك من درجات متفاوتة للتغيرات في التشريعات والاجراءات الادارية والحكومات والوزراء والمسؤولين واحتمالات حدوث ضبابية في الأطر الحاكمة والاجراءات المعمول بها وأسس سيادة القانون والتسرع في اتخاذ القرار.

التوترات الأمنية، وما ينتج عن غياب الأمن، في بعض الأحيان، وما يترتب عليها بالطبع من آثار تختلف من حالة لأخرى بحسب درجة الانفلات واتساعه الجغرافي والقطاعي وحدته والتي بالطبع تنعكس سلبا على مناخ الاستثمار وأداء الأعمال بشكل عام.

الاضطرابات العمالية الفئوية، وما ينجم عنها من تداعيات معظمها سلبي، ويتمثل في تعطيل العمل والانتاج وارتفاع تكلفة عنصر العمل، والبعض الآخر ايجابي في حالة حصول هؤلاء على حقوق عادلة قد تؤدي لتخفيف حدة الاحتقان وزيادة روح الانتماء والرضاء الوظيفي ومعدلات الانتاجية.

< اجراءات محاربة الفساد، وتشمل سحب مشاريع وأراض وغيرها من بعض المستثمرين، مراجعة الامتيازات المالية التي كان يحصل عليها بعض المستثمرين، وعمليات تجميد الأرصدة الخارجية لعدد من المسؤولين ورجال الأعمال في الداخل والخارج.وتتوقف طبيعة نتائج تلك الاجراءات على مدى عدالتها والتزامها بالقانون وان كانت في الغالب ستنعكس سلبا في المدى القصير، وايجابا في المدى المتوسط والطويل بحسب قدرتها على توفير موارد اضافية للحكومات تسهم في تحسين عدد من المؤشرات، فضلا عن خفض تكلفة الفساد على المستثمرين في المستقبل.

< هروب رؤوس الأموال للخارج، سواء التي تخص مستثمرين محليين أو أجانب أو مسؤولين وما يترتب على ذلك من آثار سلبية على حجم الاستثمار المحلي والأجنبي، والأثر السلبي على ميزان المدفوعات وأسواق الصرف وقدرات الدولة التنافسية، ومناخ الاستثمار فيها بشكل عام.

< الموقف من القطاع الخاص، بشكل عام والمستثمرين الأجانب بشكل خاص، حيث قد يترتب على القرارات الحكومية موجة معادية للقطاع الخاص في دول الحراك، وخصوصا المؤسسات ذات الصلة الوثيقة بالنظم الحاكمة السابقة، وما يترتب على ذلك من تغيرات ادارية أو تشريعية تمس الامتيازات والضمانات الممنوحة للقطاع الخاص، وما يرتبط بذلك من قضايا الاخلال بالعقود الموقعة مع القطاع الخاص، ومدى حيادية القضاء المحلي والقدرة على الاحتكام الى الاتفاقيات والأطر الدولية الحاكمة للاستثمار وأداء الأعمال، ومن بينها اللجوء الى التحكيم الدولي وفعاليته.


 

مواضيع ذات صلة :