اقتصاد يمني نُشر

السياحة المصرية تدفع فاتورة فوضى الإعتصامات

وصف خبراء السياحة والعاملون بها ، الأحداث التي شهدتها مليونية «تصحيح مسار الثورة » يوم الجمعة الموافق 9 سبتمبر 2011 ومحاولة إقتحام مقر السفارة الإسرائيلية بالقاهرة وهدم الجدار العازل ، وإشعال النيران فى احد المباني التابعة لوزارة الداخلية ، ومحاولة اقتحام مديرية امن الجيزة ، بأنها أحداث «مؤسفة وفوضوية» ومحبطة وستعيد القطاع السياحي للخلف بعد التعافي الملحوظ الذى شهده مؤخراً ، مؤكدين ان القطاع السياحى يدفع الفاتورة ،فلم تهنأ حركة السياحة الوافدة إلى مصر من بداية التعافى التدريجى الذى شهدته خلال الشهرين الماضيين إلا وعادت الضربات الموجعة من جديد، الأمر الذى أثار التخوفات من صدور قرارات من الدول الأجنبية والعربية بفرض حظر سفر على رعاياها إلى مصر من جديد ، خاصة بعد الهلع والرعب الذى عاشه السياح النزلاء بفندق (الفور سيزون – الجيزة ) وتخوفهم من اقتحام الفندق والاعتداء عليهم.

آمال تتحطم

كما أن فنادق القاهرة الكبرى من أكثر الفنادق التى أضيرت بعد أحداث ثورة 25 يناير، حيث إنخفضت نسب الإشغال عقب الثورة 90%، وعلى الرغم من بدء إستعادة فنادق القاهرة لروادها تدريجيًا منذ شهر أبريل الماضى، إلا أن نسبة الإشغال فى هذه الفنادق لا تزال بعيدة عن مستوياتها الطبيعية.

أوضح أن العاملين بالقطاع السياحى علقوا آمالهم على عودة السياحة العربية خلال الشهر المقبل لإنعاش القطاع الفندقى، إلا أن ما حدث يوم الجمعة حطم تلك الآمال ولن تعود السياحة هذا العام، مشيرا إلى أن جميع الوسائل الترويجية التى تضعها هيئة تنشيط السياحة والزيارات التى قام بها وزير السياحة مؤخرا لتنشيط الحركة الوافدة لمصر أصبحت بلا جدوى، مؤكدا أن حجم الخسائر المتوقعة من انهيار السياحة سيزداد خلال الفترة القادمة.

من جانبه أكد اسامة العشرى وكيل أول وزارة السياحة رئيس قطاع الفنادق، إن نسبة الإشغال الفندقى فى مصر شهدت تراجعًا كبيرًا بعد الثورة بنسبة وصلت إلى 90% فى فنادق القاهرة، إلا أن نسبة الإشغال بفنادق القاهرة بدأت فى العودة لطبيعتها مرة أخرى بشكل تدريجى ابتداء من شهر مارس الماضى، ثم زادت نسبة الإشغال تدريجيًا فى الشهور الاخيرة ، لكنها لم تصل إلى مستواها الطبيعى قبل ثورة 25 يناير.

«وفي ذات الصدد أوضح محمد القطان رئيس غرفة المحال والسلع السياحية أن هناك حالة من الهرج والمرج لا يمكن السكوت عليها أكثر خاصة وإنها ستؤثر سلبياً على القطاع السياحي ، فمصر حالياً تعيش أيام ستعيدها للخلف وليس للأمام كما نادى الثوار، فاستمرار السكوت على هذه الفوضى سيؤثر سلبا على إقتصاد مصر بالكامل،فكيف يطمئن السائح النزول لمصر وسط هذه الأحداث والمصريين أنفسهم يخشون مما يحدث.

» وأضاف القطان أن ما يحدث سيؤدى لتوقف الرحلات النيلية التى كان من المقرر بدأها من القاهرة لأسوان فى محاولات تنشيط السياحة ،مطالبا بالحزم والشدة تجاه كل من يضر بأمن البلد حتى وان كان من الشباب الذين يطلقون على أنفسهم لقب ثوار ويقومون بتخريب البلد،مضيفاً أن «ألتراس الأهلي هو السبب الرئيسى وراء أحداث السفارة الإسرائيلية ،خاصة وأن سلوكهم هذا ظهر مرارا وتكرارا فى مبارايات الأهلي وخاصة المباراة الأخيرة .

 
مليونيات الدمار

» وفى السياق ذاته أشار محمد غريب نقيب المرشدين السياحيين،إلى أن ما يحدث لا يخدم القطاع السياحي أو إقتصاد مصر سواء من قريب أو بعيد،ولا يمكن السكوت على هذا الأمر فالبلد أصبحت فوضى للغاية وغياب الأمن والإستقرار منها بشكل كبير أصاب مصر ب «التدهور الشديد.

قال إن مصر بلد تعتمد على السياحة بشكل أساسى ،وفى ظل الأوضاع الحالية فإن الاقتصاد المصرى يحتاج لسنوات طويلة لكى يتعافى، فالمليونيات المتتالية التى يشهدها ميدان التحرير كل جمعة ويعقبها أحداث مؤسفة ليست فى صالح مصر نهائيا وليس بهذه الطريقة يخدم الثوار مصر.
 

الفتنة الطائفية تفاقم الوضع

وعلى صعيد أخر أثرت الفتنة الطائفية التى وقعت في مصر خلال شهر مايو على نشاط السياحة بشكل ملحوظ وهذا ما صرح به وزير السياحة المصري منير فخري عبد النور ان البلاد خسرت 13.5مليار جنيه (2.27 مليار دولار) من عائدات قطاع السياحة منذ الاطاحة بنظام حسني مبارك قبل ثلاثة اشهر.

» واضاف نفسة ان حجوزات الفنادق في مختلف المناطق السياحية تراجعت بـ15% «بسبب احداث الفتنة الطائفية بامبابة وتداعياتها حيث قتل 15 شخصا واصيب 200 بجروح في العاصمة السبت الماضي.

» وقال عبد النور ان «خسائر قطاع السياحة بلغت 2.2 مليار دولار منذ بداية ثورة 25 يناير.

» كما قال محمد رحمي من بنك الاستثمار بلتون فايننشال ان «حجم التدفق السياحي العام الى مصر تراجع بين كانون الثاني/يناير واذار/مارس 2011 بـ45.3% بالمقارنة مع الفترة نفسها من العام السابق.

» وتوقع رحمي انخفاض عائدات السياحة خلال النصف الثاني من العام المالي الحالي باكثر من 40% بسبب «التوترات السياسية وانخفاض نسبة اشغال الفنادق بصورة كبيرة.

وسعت مصر جاهدة لاعادة احياء قطاع السياحة منذ الثورة حيث اضرم متظاهرون النار في عدد من مراكز الشرطة مما ادى نزول الجيش الى الشوارع.

وبلغ عدد السياح 15 مليونا العام الماضي قسم كبير منهم قصد منتجعات البحر الاحمر والآثار الفرعونية.
 

بعيون مصرية .. مأساة السياحة بعد الثورة

لايخفى على أحد أن السياحة قد ضُربت فى الصميم وتأثرت بقوة ولاتستطيع المانشيتات الوردية التى تخرج علينا من حين لآخر أن تخفى الواقع المؤلم الذى يعيشه هذا القطاع.

ومن يعملون في القطاع وعددهم كبير سواء شركات السياحة والفنادق والبواخرالنيلية والعنصر البشرى فى كل هذه القطاعات حتى أقل فئة كالسائق أو الشيال الذى يحمل حقائب السياح وبالطبع المرشدين ، من أكثرالعناصر المتضررة من ضرب السياحة.

وللأسف حالة الفوضى والانفلات تطول حتى السياح الذين يزورون مصر كأننا نريد أن نلقنهم درسا حتى لايفكروا فى العودة مرة أخرى، وكأنه لايكفى البلطجة التى تمارس علينا فى الشارع وفى كل مكان، لكن المؤسف الآن أنها تمارس داخل المناطق السياحيه التى كان يحظر دخولها من الباعة الجائلين وعلى مرآى ومسمع رجال شرطة السياحة.

وعن ذلك يحكى محمد عبدالعزيز (مرشد سياحى) قائلا: منذ أن التحقت بإحدى شركات السياحة كمرشد سياحى باللغه الإسبانية حيث خرج مع أفواج من إسبانيا والأرجنتين والمكسيك ومعظم دول أمريكا اللاتينية المتحدثة باللغة الإسبانية نزور المناطق السياحية فى الهرم والأقصر، وكان من المألوف أن يلتزم الباعة بأماكن معينة يعرضون فيها بضائعهم من الهدايا التذكارية أو فى البازارات وأن تكون معاملة السائح طيبة.

» لكنه يقول: « فوجئت بعد الثورة بفوضى ومشاهد غريبة فالباعة موجودون داخل المناطق الأثرية يدخلون داخل المقابر فى وادى الملوك وداخل معابد الأقصر لعرض بضاعتهم على السياح بطريقة مستفزة، وعندما يتضجر سائح من ملاحقة البائع له يتم الاعتداء عليه بالسب والتطاول، وللأسف عندما شكوت لرجال شرطة السياحة فكان رد فعلهم فى منتهى السلبية ربما خوفا من اعتداء هؤلاء الباعة البلطجية عليهم .

» ويضيف: «للأسف صور عديدة للتطاول على السائح تحدث ولا أحد يتحرك وبعض المناطق السياحية بلا حراسة ويتعرض السائح للسطو والسرقه، هذه الفوضى والبلطجة التى يراها البعض حرية كبدتنا خسائر فادحة، وتسببت فى خراب بيوت العاملين فى قطاع السياحه وأنا منهم ولدينا أسر وأولاد وفقدنا مصدر الدخل الوحيد، ولايمكن أن يعود السائح إلا إذا عاد الاستقرار والآمان واختفت البلطجة، وليعلم هؤلاء أن كل سائح يزور مصر يدخل خزينة الدولة مائة يورو ويدفع مباشرة للمرشد والسائق وكل العاملين .

أما طارق حسن(مرشد سياحى) فيؤكد أن نسبة تأثر السياحة 80% وأن النسبة الباقية 20% فقط هى التى تزور مصر، والدليل أنه منذ فبراير الماضى لم يصل عن طريق الشركة التى أعمل بها سوى فوج واحد أوروبى ومن المفترض ألا يقل عدد السياح فى الفوج عن 30 لكن الفوج الأخير كان 12 فقط برغم أننا فى عز الموسم للسياحة الإسبانية التى تبدأ من شهر أغسطس .

 ويضيف: « عددنا 14 مرشدا فى الشركة كلنا قاعدين فى بيوتنا بدون عمل» وإذا حضر سياح يلف علينا الدور وطبعا مفيش دخل طالما مفيش شغل , ونفس الحال بالنسبة للبواخر النيلية أغلبها متوقفة وللأسف مفيش عمل بديل لأن البلد مقفولة وكل حاجة ماشية خطوة خطوة مش عارفين بكره فيه إيه وأنا وغيرى من العاملين فى السياحة هنصمد لحد إمتى مش عارف ؟.

 ويستطرد طارق: « لكن أود أن أشير إلى شيىء لمسته بنفسى» .. الأجانب فى الخارج ينظرون لما يحدث فى مصر على أنه ثورة إسلامية على نمط الثورة الإيرانية وخصوصا فى ظل ما يحدث على الساحه الآن هناك ريبة وقلق ورد فعل لايبعث على التفاؤل بالإضافه لعدم الاستقرار على حدودنا ..إذن ليس سهلا أن يعود السائح فى ظل عدم الاستقرار.

ويقدم محمد نظمى صاحب شركة سياحة روشتة تساعد على عودة السياحة أهمها كما يقول : المصارحة من جانب الإعلام.. لابد أن نقول الحقيقة للناس . إن الساحة متأثرة بنسبه 75% وإن حالة عدم الاستقرار السياسى والأمنى تقف عائقا أمام عودة السياحة، ولذلك أدعو لجعل السياحة مشروعا قوميا، لأن النهوض بهذه الصناعه سوف يعود بالخير على البلد، فهى صناعة كبيرة ولابد أن نشارك فيها من خلال التعليم والصحة والنقل والطرق.

ويضرب نظمي مثالا بالصحة من خلال موقف تعرض له، حيث كان مع فوج أمريكى فى سانت كاترين وتعرضت سائحة لوعكة صحية وذهب بها لمستشفى هناك ففوجئ بالطبيب نائم والإمكانيات متواضعة للغاية، فلابد أن يعى الجميع أهمية قطاع السياحة للنهوض به.


 

مواضيع ذات صلة :