اقتصاد يمني نُشر

الرياضة زعزعت إستقرار الإستثمارات المصرية في الجزائر

صدى الملاعب لم يصدع العلاقات المصريه الجزائرية الرياضيه فحسب بل وصل للعلاقات الإقتصادية

بين البلديين من إتصالات وبنوك وشركات المقاولات المصرية ؛ فلم يخيل لأحد منا أن تنحدر العلاقات إلى هذا المستوي.
فربما تكون مباراة الجزائر قد هزت ثقة الكثير من المستثمرين والشركات المصرية فى الجزائر، غير أن المشكلة الرئيسية التى يتوقع أن يكون لها الأثر الأعظم هى بدء السلطات الجزائرية فى تطبيق ما وصف بإجراءات ضريبية غير مقبولة عالميا ومحليا على الاستثمارات الأجنبية ومن بينها المصرية التى تعد الأولى فى الجزائر حاليا.
وحتى كتابة هذه السطور، ظل الحذر والحيطة هو مسار الشركات المصرية فى التعامل مع هذه الإشكالية التى فرضتها السلطات الجزائرية بأثر رجعى، حيث لم تبد أى شركة رد فعل فورياً لحين دراسة أبعادها، خاصة أنها تقتصر حتى الآن على شركة أوراسكوم تليكوم العاملة فى مجال الهاتف المحمول التى تتجاوز استثماراتها ٤ مليارات دولار هناك.
ورغم التباين حول تأثير الإجراء الجزائرى الأخير على الاستثمارات المصرية، فإن الجميع اتفق على أنها ستعصف على المدى الطويل بنتائج الإصلاحات الاقتصادية التى انتهجتها الحكومة الجزائرية منذ مطلع التسعينيات، ومساعيها للتنويع لجذب استثمارات بنحو ١٠٠ مليار دولار عبر سياسات جديدة لتحفيز الاستثمار الأجنبى

الإتصالات المصرية تعيد حاسباتها
أصاب قرار الحكومة الجزائرية فرض ضرائب بنحو ٦٠٠ مليون دولار على شركة أوراسكوم تليكوم/ الجزائر "جيزى" على سنوات تدخل ضمن فترات الإعفاء، العديد من شركات الاتصالات المصرية بالصدمة، الأمر الذى أكد العديد من الخبراء والعاملين فى قطاع الاتصالات، أنه سيؤثر سلبا على توجه استثمارات الاتصالات المصرية إلى الجزائر خلال الفترة المقبلة.
وأكد المهندس طارق الحميلى رئيس جمعية اتصال، أن الخطوات الجزائرية الأخيرة ستدفع العديد من شركات الاتصالات المصرية إلى إعادة النظر فى التوجه نحو سوق هذا البلد.
ووصف الحميلى قرار فرض ضرائب على فترات معفاة على شركة أوراسكوم تليكوم بغير المتوقع، معتبراً أن هناك أموراً لا تتعلق بالاستثمار تدخلت فى صدور مثل هذه القرارات.
وأثارت التطورات الأخيرة تساؤلات بعض العاملين فى قطاع الاتصالات، حول موقف أوراسكوم تليكوم من استثماراتها الحالية فى الجزائر، ووجود أى توجهات لسحبها إذا ما تفاقمت الأزمة الحالية.
ولم تعلق أوراسكوم تليكوم على هذه التساؤلات، مكتفية بالتأكيد على اعتزامها اتخاذ الإجراءات القانونية للاحتجاج على إعادة تقدير الضريبة والطعن عليه بموجب اتفاقية الاستثمار والقوانين النافذة لدى مصلحة الضرائب ووزارة المالية الجزائرية.
وقال محمد صديق، المحلل المالى فى شركة برايم للأوراق المالية، القرارات الجزائرية الأخيرة تعد تراجعا عن السياسات السابقة التى تتعلق بجذب الاستثمارات الأجنبية، ومنها الاستثمارات المصرية.
وتوقع صديق حدوث تأثيرات سلبية على شركة أوراسكوم تليكوم جراء فرض مصلحة الضرائب الجزائرية ضرائب بقيمة ٥٩٦.٦ مليون دولار على ثلاث سنوات تدخل ضمن فترات الإعفاء المقررة، وفقا لاتفاقات الاستثمار فى هذا البلد.
ورأى أن الإجراءات الأخيرة ستدفع الشركة إلى إعادة تقييم عامل المخاطرة فى السوق الجزائرية، خاصة فى ظل عدم احترام الحكومة الاستثمارات الأجنبية والاتفاقات التى دخلت على أساسها البلاد، مرجحا تغيير النظرة الاستثمارية للجزائر فى ظل هذه التطورات.
وقال إن أوراسكوم تليكوم ستكون مضطرة لدفع الأموال المطلوبة، لحين الانتهاء من البت فى الاعتراضات القانونية والإدارية التى تعتزم الشركة التقدم بها، والتى قد تصل إلى اللجوء إلى التحكيم الدولى، خاصة أن الجانب الجزائرى لن يسمح بتحويل الشركة نصف أرباحها عن العام ٢٠٠٩ إلى الشركة الأم.
وأشار إلى أن المطالبات الجزائرية من الممكن أن تصيب الشركة بمشاكل تتعلق بالأرباح المحققة خلال الفترة المقبلة.
وأشارت أوراسكوم تليكوم إلى أن هذه المطالبة الضريبية ستؤدى إلى خفض الأرباح التى سيتم توزيعها فى عام ٢٠١٠ من الأرباح الصافية لشركة أوراسكوم تليكوم- الجزائر عن العام المالى ٢٠٠٩، غير أنها أكدت ثقتها فى قدراتها على تخفيف مخاطر مركز السيولة النقدية المحتمل بشكل فعال للوفاء بجميع التزاماتها المالية.
كانت أوراسكوم قد أعلنت فى بيان لها يوم الأربعاء الماضى عن أن شركتها التابعة فى الجزائر تلقت إخطارا ضريبيا رسميا من مصلحة ضرائب الشركات الكبرى عن أعوام ٢٠٠٥-٢٠٠٦-٢٠٠٧ والتى قدرت فيه المصلحة الضرائب وغرامات التأخير بنحو ٥٩٦.٦ مليون دولار بعد إعادة تقدير الضريبة.
ودخلت أوراسكوم تليكوم السوق الجزائرية عام ٢٠٠١، واضطرت لبيع سبع من وحدات لها فى أسواق أفريقية صغيرة للوفاء بالتزاماتها، بعد أن فازت بأول رخصة خاصة للهاتف النقال بقيمة ٧٢٠ مليون دولار واستطاعت أن تزيح شركة الاتصالات الحكومية إلى المركز الثانى فى أقل من سنتين فى سوق الهاتف النقال.
وحققت الشركة نموا إلى أن أصبحت صاحبة أكبر عدد مشتركين فى السوق الجزائرية بنحو ١٤.٧ مليون مشترك.

البنوك والشركات المصرية تعلن التراجع
تراجعت بعض البنوك المحلية عن خططها لتأسيس فروع فى الجزائر على خلفية أعمال الشغب التى طالت الاستثمارات المصرية هناك.
ويعتبر البنك التجارى الدولى من أبرز البنوك التى كانت ترغب فى إنشاء فرع بالجزائر قبل عامين، لكن تعرض المصالح المصرية للتخريب وضع هذه الفكرة فى مأزق إلى حين تحسن العلاقات المصرية الجزائرية.
يذكر أن البنك المركزى الجزائرى قد أصدر قراراً خلال الربع الأول من ٢٠٠٩ يحرم فيه البنوك العاملة تحت رقابته من منح قروض استهلاكية للعملاء "قروض سيارات وغيرها" على خلفية زيادة عجز الميزان السلعى غير البترول بسبب زيادة الاستيراد على حساب نسب التصدير، مما أصاب البنوك الجزائرية بضرر بالغ.
ووضعت الحكومة الجزائرية بعض العقبات أمام الشركات الراغبة فى الاستثمار، بعد تعديل قانونها المحلى بشأن ملكية المشروعات للأجانب، حيث اشترطت على الشركات أن تبلغ نسبة الأجانب فى الشركات ٤٩٪ إذا كانت مع جهات حكومية، وبنسبة لا تزيد على ٣٠٪ مع القطاع الخاص.
وأدت هذه القرارات إلى تخلى عدد من الشركات المصرية والعربية عن خططها للاستثمار فى الجزائر، على رأسها شركة إعمار الإماراتية التى تراجعت على خلفية هذه التعديلات عن إنشاء وتنفيذ ٤ مشروعات بتكلفة ٢٠ مليار دولار.
أعلن مسؤول بارز فى وزارة التجارة والصناعة عن تجميد العمل بإقامة منطقة صناعية فى الجزائر مساحتها ٢ مليون متر مربع بسبب عدم تفعيل اتفاقية التيسير العربية التى وقعت عليها الجزائر بالحروف الأولى فقط مما سيصعب على القطاع الخاص الاستفادة من مزايا تصدير إنتاجه من هذه المنطقة دون دفع رسوم جمركية.
قال مسؤول بارز فى وزارة التجارة والصناعة: إن القطاع الخاص كان سيتولى إنشاء هذه المنطقة وليس جهات حكومية حيث كان هو الأقدر على إدارتها وتشغيلها من خلال شراكة بين مستثمرين مصريين وجزائريين.
ولفت إلى أن المنطقة الصناعية تستهدف إقامة صناعات مصرية جزائرية كبيرة تقوم بتصدير إنتاجها إلى الخارج، الأمر الذى يوفر العديد من فرص العمل الجديدة للمصريين والجزائريين فى صناعات ثقيلة مثل الصلب والأسمدة والأسمنت، كما أنها مهمة للصناعات المتوسطة والصغيرة.

المقاولات تجمد (خططها الإستثمارية) فى الجزائر
طرحت مشاعر العنف التى أبداها مئات الجزائريين تجاه التواجد المصرى على أراضيهم عدة استفسارات تدور جميعها حول مستقبل الاستثمارات المصرية هناك، والتعاقدات القائمة والخاضعة حاليا للدراسة.
ونظرا لاحتلال قطاع المقاولات المصرية نصيب الأسد من الاستثمارات المصرية فى الجزائر والبالغة جملتها نحو ٦ مليارات دولار، منها مليارا دولار للمقاولات، جست الصحافة المصرية النبض تجاه الأعمال القائمة حاليا هناك، ومستقبل المشروعات التى من المقرر الدخول فيها مستقبلا.
ففى شركة "المقاولون العرب" التى يصل حجم أعمالها بالجزائر إلى مليار جنيه، كشف مصدر مسؤول بها أن الشركة جمدت جميع تطلعاتها الاستثمارية فى السوق الجزائرية لحين إصدار اعتذار رسمى من الحكومة هناك وتهدئة الأوضاع وتأمين عودة العاملين المصريين بالشركة الذين ما زالوا مهددين حتى الآن.
وقال المصدر، الذى فضل عدم ذكر اسمه، إن قرارا داخليا صدر من مجلس إدارة الشركة بوقف دراسة جميع العطاءات المطروحة فى دولة الجزائر لحين قيام الحكومة الجزائرية بإجراء تحقيقات فيما حدث من مشاغبات وتهديدات للعاملين المصريين بالشركة هناك.
وبينما لم يؤكد أو ينف المهندس إبراهيم محلب، رئيس مجلس إدارة شركة "المقاولون العرب"، هذا القرار الداخلى، قال فى الوقت نفسه إن "المصريين العاملين بالشركة هناك يعانون شبه انهيار وحالة نفسية سيئة للغاية، فالكرة فى ملعب الجزائريين الآن وإن لم يحتاجونا فنحن نرحب بذلك".
وكشف محلب فى تصريح صحفي أنه أجرى زيارة سريعة إلى موقعين لشركة "المقاولون العرب" بالجزائر نهاية الأسبوع الماضى والتقى خلالها مجموعات كبيرة من العاملين، فضلا عن عاملين مصريين من شركات أخرى غير "المقاولون العرب" الذين أعربوا عن رغبتهم الملحة فى العودة إلى الوطن.
وأشار إلى أن العاملين فى مواقع العمل بخير ولم تسجل أى إصابات بينهم، غير أنه عاد ليؤكد أن العاملين تنتابهم حالة رعب ولم يغادروا منازلهم وسكنهم منذ أسبوع، أى قبل لقاء كرة القدم بين فريقى البلدين فى القاهرة يوم السبت الماضى.
وقال محلب، إن الجزائر بها ١٠ آلاف عامل مصرى، مشيرا إلى أن حجم العمالة الجزائرية فى «المقاولون العرب» يصل إلى ١٥٠٠ عامل.
وأضاف أن الجانب الجزائرى يتحمل المسؤولية كاملة، مشيدا بالقرار الذى اتخذه الرئيس مبارك باستدعاء السفير المصرى لدى الجزائر للوقوف على حقيقة الأحداث هناك.
وأكد أنه لم يلتق أياً من المسؤولين الحكوميين بالجزائر، مشيرا إلى أنه تم إيفاد اثنين من المسؤولين بالخارجية الجزائرية لاستقباله فى المطار كشكل من أشكال البروتوكول.
وأوضح رئيس "المقاولون العرب"، أنه التقى مسؤولين فى الأمن الجزائرى وتطرقوا لعمليات تأمين العمالة المصرية بالجزائر، مؤكدا أن "كرامة المصريين أهم من أى أعمال أخرى".
وقال المهندس أحمد السيد، رئيس الشركة القابضة للتشييد، تابعة للحكومة المصرية، إن الشركة لديها نشاط مقاولات فى السوق الجزائرية تقوم به شركة واحدة تابعة لها وهى شركة السد العالى للمشروعات الكهربائية والصناعية "هايديليكو" والتى تعمل فى مناقصات تتعلق بقطاع الكهرباء وبحجم أعمال بلغ ٢٩٥ مليون دينار جزائرى أى ١٤.٦ مليون دولار
وأضاف السيد أن الشركة اقتربت من إنهاء تنفيذ تعاقداتها مع السوق الجزائرية، وذلك بعد فترات عمل طويلة قامت خلالها الشركة بالالتزام بواجباتها فى مواعيدها المحددة.
وأكد أن الشركة واجهت مشكلات قانونية ومالية مع أحد البنوك الجزائرية بسبب فتح اعتمادات مستندية، لكن تم حل هذه المشكلة بتدخل من الدكتور محمود محيى الدين وزير الاستثمار، مستبعدا أن تكون هناك مشكلات سياسية.
ونتيجة لهذاجمَّدت شركة المقاولون العرب خططها الاستثمارية فى الجزائر، على خلفية الاعتداءات التى ارتكبها جزائريون ضد الشركات المصرية العاملة فى البلاد، فيما توقعت مصادر أن تقدم شركة "أوراسكوم تليكوم" على خطوة مماثلة إثر القرارات الأخيرة التى تجعلها مضطرة إلى سداد ٦٠٠ مليون دولار ضرائب متأخرة على شركة "جيزى" للهاتف المحمول.
وفي ذات الصدد يعمل فى الجزائر حالياً ما يزيد على ١٠ آلاف مواطن مصرى فى استثمارات ومشروعات جملتها ٦ مليارات دولار، تستحوذ أوراسكوم تليكوم على ٤ مليارات منها، فيما كان نصيب المقاولون العرب مليار دولار.
ورجّح خبراء اقتصاديون أن تلجأ "أوراسكوم تليكوم" إلى التحكيم الدولى حال إصرار الحكومة الجزائرية على إجبارها على سداد ٦٠٠ مليون دولار.
وجمَّدت وزارة الصناعة والتجارة مشروع إنشاء منطقة صناعية بالجزائر، لتصدير المنتجات المصرية ـ الجزائرية على مساحة ٢ مليون متر مربع، وذلك لعدم التزام الجانب الجزائرى باتفاقيات تيسير الاستثمار العربية.

عز يرفع شعار الغضب بوجه الجزائر
من جانبها، تابعت مجموعة "حديد عز" مفاوضاتها مع الحكومة الجزائرية لإنشاء مصنع "عز ستيل الجزائرية" بتكلفة تقديرية ٢ مليار دولار، بعد صدور قانون الاستثمار الجديد الذى يحرم "عز"من تملك حصة حاكمة فى المصنع، على الرغم من أن عقد الإنشاء موقع منذ فترة، وتعتمد مجموعة عز على عدم قانونية تطبيق الشروط الجديدة بأثر رجعى.
تجرى حاليًا مفاوضات مكثفة بين شركة حديد عز ووكالة تطوير الاستثمار الجزائرية لإنشاء مصنع "عز ستيل الجزائرية" فى ولاية جيجل، شرق الجزائر بتكلفة تقديرية ٢ مليار دولار، وتهدف المفاوضات إلى الوصول إلى صيغة تعاقدية ترضى الطرفين، بعد صدور قانون الاستثمار الجديد والذى لا يسمح للشركات الأجنبية بتملك حصة حاكمة فى المشروعات التى تنشأها فى الجزائر.
وقالت مصادر قريبة الصلة بالمفاوضات الجارية إن الحكومة الجزائرية تسعى إلى تطبيق القانون على شركة عز، رغم عدم قانونية ذلك باعتبار أن القوانين لاتطبق بأثر رجعى، مشيرة إلى أن «عز» يسعى إلى تطبيق بنود العقد الموقع كاملة، ولكن بالتراضى مع الحكومة الجزائرية وذلك حفاظا على العلاقات بين الطرفين.
وكشفت المصادر عن أن شركة حديد عز متمسكة بالحصة الحاكمة والمقدرة بـ ٥١%، مع الحق فى الادارة، وهو بند استراتيجى لن تسمح الشركة بإلغائه، معتبرة أن المشكلة الرئيسية حاليا تكمن فى إمكانية وجود التمويل المالى من جانب الشريك الجزائرى من عدمه، خاصة أن المشروع يتكلف أكثر من ٢ مليار دولار.
وقال سمير نعمانى مدير المبيعات بالمجموعة إن المفاوضات مع الحكومة الجزائرية تجرى فى إطارها الطبيعى، وأنه لايوجد خلافات جذرية بين الطرفين، مشيرًا إلى أن عقد إنشاء المصنع تم توقيعه قبل إقرار القانون.
واضاف أن جميع التراخيص والإجراءات المطلوبة لإنشاء المصنع تم الانتهاء منها قبل صدور قانون الاستثمار، كما تم حسم معظم الملفات الخاصة بالمشروع بدءًا بتخصيص الأرض، وانتهاءً بالطاقة.
وأوضح أن السوق الجزائرية واعدة وتنمو بشكل جيد وتحتاج إلى إنشاء مصانع لإنتاج الحديد والصلب، فى ظل الطلب المتزايد واحتياج السوق لـ٣ ملايين طن حديد سنويا.
وكشف عن أن الشركة تدرس عددًا من الفرص لإنشاء مصنع حديد، مشيرًا إلى أن الشركة تركز على دول شمال أفريقيا، والخليج، والسودان.

من يستعيد نفسية المصري المهانة ..؟
في حين أتفق عدد من الخبراء النفسيين على أن حالة الغضب، وما وصفوه بالإحساس بالمهانة بين المصريين، ليست وليدة مباراة الجزائر وما أعقبها من اعتداءات على المصريين فى الخرطوم فحسب، ولكنها تعكس إحساسا بين المصريين بأنهم لا يحصلون على حقوقهم، وأن الحكومة لا ترعاهم مما تسبب فى شحنة غضب مكتومة لدى المصريين تفجرت فى قضية تحظى بإجماعهم وبتغطية مكثفة من وسائل الإعلام وهى مباراة الجزائر.
قال إبراهيم محلب، رئيس شركة المقاولون العرب،بعد عودته من الجزائر، إن العاملين المصريين يعانون انهياراً وحالتهم النفسية سيئة للغاية. وأضاف: "الكرة الآن فى ملعب الجزائريين، وإذا لم يحتاجونا فنحن نرحب بذلك".
واعتبر الدكتور أحمد شوقى العقباوى، أستاذ الطب النفسى،أن لدى الشعب المصرى إحساسًا متجذرًا بأن "الحكومة بايعانا"، وذلك على الرغم من أن التصرف كان على أعلى مستوى من خلال اتصالات الرئيس مبارك بنظيره السودانى لتأمين المباراة وتحركات وزيرى الخارجية والطيران لتأمين وصول المصريين السالم إلى القاهرة.
وأضاف العقباوى أن تصرفات مجموعات البلطجية الجزائريين أعطت المصريين- جميعا- إحساسا بأنهم تعرضوا لـ"الضرب على قفاهم" فبعد هزيمة رياضية انتظروها نصرا، وجدوا أنفسهم مطاردين فى الشوارع مما أشعر بالإهانة، خاصة مع الدور الذى تلعبه مصر كـ"أخ أكبر" فى المنطقة، بينما يشعر مواطنوها بأنهم مهانون فى الكثير من الدول العربية.
ويرى العقباوى أن ما زاد من شعور المصريين بالإهانة هو أن الأمن عند السودانيين بـ"عافية شوية"، مما سمح لبلطجية الجزائر بجميع أنواع التحرشات والإهانات بالمصريين، خاصة أن السفير المصرى فى الخرطوم "عمل البحر طحينة"، وأكد قدرة السودانيين على السيطرة على الأوضاع الأمنية، وهذا ليس مستغربا ممن يمثل الخارجية المصرية التى عهد المصريون عنها تقصيرا مستمرا فى خدمتهم وحمايتهم.
وتابع العقباوى أن الشحن الإعلامى أيضا ساهم فى تضخيم المباراة وجعلها كأنها معركة حربية مع إسرئيل، وقال: الأمة العربية كلها يظهر غضبها بين أفرادها وبعضهم البعض وليس مع الآخرين، لأنهم فى مواجهة إسرائيل يشعرون بأنهم مهزومون وفى مرتبة أدنى لينطبق عليهم القول: "أسد علىَّ وفى الحروب نعامة".
وأرجع الدكتور هاشم بحرى، أستاذ الطب النفسى فى جامعة الأزهر، الغضب الشديد الذى اجتاح المصريين فى أعقاب المباراة إلى أنهم تقبلوا الكثير من التعديات من جانب الأعداء، إسرائيل وغيرها، بمنطق أنه من المتوقع منهم أن يفعلوا ذلك، إلا أن مجىء هذه الاعتداءات من جانب الجزائريين الذين تربطهم بالمصريين علاقات قوية للغاية دفعهم لقول جملة يوليوس قيصر الشهيرة عندما تعرض للطعن من صديقه: "حتى أنت يا بروتس" .
وقال دكتور إبراهيم حسين، أستاذ الطب النفسى جامعة عين شمس، إنه عندما يتعرض الإنسان للمهانة أكثر من مرة داخل بلده أو خارجها، فإنه إما أن يتحول لإنسان يقبل الذل والمهانة ولا تثير فيه أى مشاعر، لأنه يصاب بحالة من حالات فصام الشخصية وإما أن يكتم الغضب بداخله انتظارا لأى فرصة سانحة لتفجير الغضب والعنف والانتقام.
وأضاف حسين أن شعور المصريين بالدونية بالداخل والخارج وأنهم كلما حاولوا إنجاز شىء أفسدته الحكومة، أدى لحالة الإحباط الشديد والشعور الجارف بالمهانة بين المصريين، خاصة بعد أن أصبحت كرة القدم مصدر السعادة والتعاسة.


 

مواضيع ذات صلة :