الأخبار نُشر

مستقبل الصراع الاقتصادي بين القطبين "أمريكا والصين" عقب فوز ترامب

الأجندة الاقتصادية لترامب قائمة على تخفيض الضرائب على الشركات والأثرياء وعلى الحماية التجارية عن طريق فرض رسوم جمركية عالية على المنتجات المنافسة الخارجية وخاصة تلك المستوردة من الصين.

مستقبل الصراع الاقتصادي بين القطبين "أمريكا والصين" عقب فوز ترامب

وفي هذا الجانب، ستشهد فترة ترامب توجهات لإثارة الحروب التجارية مع الصين والتي أصبحت تمثل كابوسا للاقتصاد الأمريكي، فالصين تحقق نموا اقتصاديا عاليا وتستحوذ على نصيب الأسد في التجارة العالمية وفي إنتاج السلع الاستهلاكية والصناعية المتطورة تكنولوجيا وتصدرها إلى العالم بأسعار تنافسية، مثل السيارات وأجهزة الكمبيوتر والروبوتات وغيرها، وتعمل بجد واجتهاد للتربع على المركز الأول في الاقتصاد العالمي مع الذكرى المئوية للثورة الصينية في عام 2049.

وخلال السنوات الماضية عملت الصين وما تزال على تعزيز "قوتها الناعمة" من خلال إنشاء التكتلات السياسية والاقتصادية، مثل "منظمة شنغهاي" للتعاون السياسي والاقتصادي والأمني وتجمع "بريكس" للتعاون الاقتصادي والمالي والتجاري، وساهمت في إنشاء ثلاث مؤسسات مالية عالمية هي بنك التنمية الجديد برأسمال 100 مليار دولار ومقره شنغهاي لتمويل المشاريع التنموية في دول البريكس، وبنك الاستثمار في البنية التحتية برأسمال 100 مليار دولار لتمويل التنمية في الدول الأعضاء، إضافة إلى تأسيس الصندوق الاحتياطي برأسمال 100 مليار دولار لدعم الاستقرار النقدي في دول البريكس.

كما أن الصين تتبنى مبادرة "الحزام والطريق" لإعادة إحياء طريق الحرير بين الصين وبقية دول العالم، وفي هذا الإطار، كانت اليمن، بموقعها الاستراتيجي في الملاحة التجارية الدولية، تمثل محطة هامة في الطريق بين الصين وأفريقيا والشرق الأوسط وأوروبا، وفي عام 2013، وافقت الصين على منح اليمن قرضا ميسرا بأكثر من نصف مليار دولار لتطوير ميناء عدن حتى يساهم بشكل فعال في الحركة التجارية بين الصين وشركائها في العالم، وللأسف، جاءت المليشيات المسلحة لتجتاح صنعاء أواخر عام 2014، وما تبعه من انهيار مؤسسات الدولة، مما دفع بالصين للعمل وفق الخطة "ب"، والتوجه نحو جيبوتي لتطوير مينائها ويصبح نقطة محورية في حركة التجارة البحرية العالمية.

واضح أن العالم يشهد صراع تكتلات ومحاور، والعديد من دول المنطقة ترتب أوضاعها للانضمام إلى التكتلات الجديدة مثل تكتل بريكس، حيث انضمت مؤخرا إليه مصر وإيران والإمارات وأثيوبيا وفي الطريق للانضمام السعودية والجزائر وتركيا وغيرها، ما عدى اليمن التائهة والمنقسمة على نفسها فقدت بوصلة المستقبل وظلت الطريق في أن يكون لها موقع يليق بها تحت الشمس، رغم تمتعها بالموقع الجغرافي الاستراتيجي على باب المندب الذي تمر من خلاله 70% من التجارة البحرية بين دول آسيا وأفريقيا وأوروبا...

وإجمالا، فإن السنوات القادمة ستشهد صراعا محموما على الجبهة الاقتصادية بين الصين زعيمة تكتل بريكس وإلى جانبها روسيا والهند والبرازيل وعدد من الدول المنظمة للتكتل، والمحور الأمريكي الأوروبي بقيادة الولايات المتحدة، والذي يمتلك من أدوات القوة الناعمة الكثير، مثل تأثيره على سياسات وتوجهات مؤسسات التمويل الدولية، البنك الدولي وصندوق النقد الدولي وبنوك التنمية والاستثمار في قارات العالم، إضافة إلى مصادر التمويل من البنوك وأسواق الأوراق المالية المنتشرة في عواصم العالم الغربي،

وأحد مجالات الصراع بين القطبين هو قوة النفوذ في اقتصادات الدول النامية وخاصة في أفريقيا ودول أمريكا اللاتينية، وتمتلك الصين في هذا الجانب باعا أطول من حيث تقديم القروض والمساعدات التنموية للعديد من الدول وخاصة في مجال تطوير البنية التحتية من موانئ ومطارات وقطارات وطرق واتصالات وكهرباء وغيرها وهو ما تحتاجه تلك الدول،  بينما دول المحور الأمريكي تقف عاجزة عن تمويل مشاريع من ذلك النوع كما وحجما، مما يجعل الصين تتمتع بميزة نسبية عالية في علاقاتها مع تلك الدول، وتستفيد أيضا منها من خلال الحصول على عقود الامتياز لاستخراج المعادن النفيسة والنادرة وخاصة في دول جنوب الصحراء الأفريقية، كما تضمن أن تكون أسواقها مفتوحة للمنتجات الصينية المتنوعة...

د. مطهر عبد العزيز العباسي

 

 


 

مواضيع ذات صلة :