أوضح الدكتور غسان بن عبدالرحمن الشبل، الرئيس التنفيذي لشركة الالكترونيات المتقدمة بأن الشركة نجحت وخلال فترة قصيرة في عمر الشركات من تحقيق سجل حافل في نقل التقنية الحديثة وتوطينها وفق أعلى مواصفات الجودة العالمية وبقاعدة إنتاج متنوعة المصادر تشمل القطاع العسكري وتقنية الاتصالات والمعلومات والقطاع الصناعي، نافياً ما يقال عن عدم كفاءة الشباب السعودي ومؤكداً على إن طموح الشباب وتحمله للمسؤولية ونظرته الواقعية للحياة هي ما يؤهله للنجاح والتميز في عمله ... فإلى الحوار :
* ما الهدف الذي قامت عليه شركة الالكترونيات المتقدمة عند تأسيسها ؟ ولماذا ركزت في بداياتها على المشاريع العسكرية ؟
تأسست شركة الالكترونيات المتقدمة عام 1988 لكنها بدأت عملياتها الفعلية للإنتاج في العام 1990 كإحدى شركات برنامج التوازن الإقتصادي ، حيث ركزت الشركة بشكل أساسي في انطلاقتها على المشاريع التي تتبع لوزارة الدفاع وكان لهذا التوجه أهداف عديدة لعل من أهمها :
- الأمير سلطان بن عبدالعزيز – رحمة الله عليه – كان رئيساً للجنة برنامج التوازن الاقتصادي وكان داعماً رئيسياً لعمليات نقل التقنية وإيجاد إمكانيات متقدمة في المملكة العربية السعودية من خلال مشاريع وزارة الدفاع والطيران إلى الشركات المحلية .
- المشاريع العسكرية بطبيعتها تنفيذها يتطلب مقدرات عالية إضافة إلى تركيز كبير جداً على الجودة والنوعية حيث لا يمكن المخاطرة والمغامرة في النتائج النهائية ، عدا عن إن المشاريع العسكرية بطبيعتها تنفيذها يحتاج جدولا زمنيا طويلا ومن خلال هذا الجدول الزمني يمكن إيجاد إمكانيات كبيرة من خلال المشاركة في تنفيذ المشاريع المختلفة وكانت بداية مشاريع الشركة وانطلاقتها مع تصنيع الكترونيات للدبابات M1A2 التي اشترتها المملكة في تلك الفترة وتلتها بعد ذلك تصنيع الالكترونيات للطائرة F 15 المقاتلة ومن هنا كانت الانطلاقة، وفي تلك الفترة في البداية واجهتنا عدة تحديات من حيث وضع الإستراتيجية ومنها :
الفكر السائد عن المملكة العربية السعودية إنها بلد مستهلك وليس صناعيا والفكرة السائدة عن المملكة إنها جهة مستهلكة وليست جهة مبدعة تصنيعياً أو ذات تقنيات عالية، وبالتالي كان هناك نوع من التخوف من إشراك شركة الالكترونيات المتقدمة في مشاريع متقدمة ومعقدة من قبل كثير من الجهات .
السمعة التي نرغب في بنائها عن منتجات الشركة حيث كنا متخوفين بوصم منتجاتنا بسمعة سيئة كالمنتجات الرديئة القادمة من بعض الدول بالرغم من مضاهاتها لأعلى مستويات الجودة العالمية، وكما يقول المثل "مزمار الحي لا يطرب " إلا إن الشباب السعودي أثبت أنه يطرب بإبداع وإتقان .
الفكرة الأساسية التي انتهجناها هي عملية نقل التقنية من خلال إشراك الكفاءات السعودية، لأننا لو عملنا على نقل التقنية بعمالة غير سعودية فإن نقل التقنية سيعود بالفائدة على دول تلك العمالة وعن طريق المملكة العربية السعودية ، لأنهم سيرجعون مؤهلين للعمل في التقنية الحديثة ، لذلك كان تركيزنا بشكل أساسي على التوطين وتجاوزنا في سبيل ذلك العديد من التحديات التي حولناها إلى إنجازات .
أحد أبرز التحديات الاجتماعية التي واجهناها هي الواسطة حيث في حال تم التوسط لشخص غير منتج أو لا يعمل فالمجتمع يعزز إن السعودي لا يعمل، لذلك ركزنا في البداية على عدم قبول الواسطة واستشرنا كبار المسؤولين في الدولة حيث نوظف الأكفأ فقط وبدون أي اعتبارات اجتماعية أخرى .
الازدواج الوظيفي وهو منح العمل للأجنبي وتكليف الموظف السعودي باستقاء التجربة منه وهي تجربة فاشلة حيث يفهم العامل الأجنبي ضمنياً بأن عملية نقل التجربة للموظف السعودي ستخسره أمانه الوظيفي، هل تعتقد بأن هذا العامل سيحرص على تدريب الموظف السعودي ونقل التجربة له ؟ الإجابة لا طبعاً ، لذلك استعضنا عن عملية الازدواج الوظيفي بإعطاء كل موظف يلتحق بالعمل معنا دورة مكثفة عن متطلبات العمل الذي سيقوم به ونمنحه مسؤولية وثقة كاملة، حيث أثبتت التجربة إن العائد كان رائعاً وكان أفضل من أن تضع الموظف السعودي متدرباً مدى الحياة.
التدريب على رأس العمل ، حيث يجب على كل موظف التدرب على مهارات أساسية مثل عمليات اللحام للإلكترونيات وهذا مطلب أساسي تعاقدي وغيرها من البرامج التدريبية التي يحصل بعدها على شهادة معتمدة ، وبناءً عليه ينتقل إلى شخص منتج بأسرع وقت ممكن وفي بعض الأحيان نقوم بإرسال موظفينا السعوديين إلى الخارج للعمل في خطوط الإنتاج لدى الشركات العالمية لنقل الخبرة والمقدرة ومن ثم يقومون بإدارة خطوط الإنتاج في الشركة بعد عودتهم مدربين وجاهزين للعمل بخبرة لا تقل جودة وكفاءةً وأداء عمل عن أفضل الفنيين في الشركات العالمية حول العالم .
وفي مرحلة لاحقة دخلنا في مشاريع مختلفة مدنية مثل أنظمة الاتصالات الأرضية وشبكات الجوال والمعلومات إضافة الدخول في مجال تنفيذ الحلول المتكاملة للشركات المختلفة ومن ثم الأنظمة الصناعية مثل العدادات الالكترونية وأنظمة التحكم والسيطرة والمراقبة ومتابعة العربات والأساطيل وإدارتها وبالتالي استطعنا إيجاد قاعدة كبيرة متنوعة المصادر فأصبح لدينا قطاع عسكري وقطاع تقنية اتصالات ومعلومات وقطاع صناعي .
نجحت شركة الالكترونيات المتقدمة في توطين التقنية الحديثة في المملكة العربية السعودية ما هي ابرز المشاكل التي واجهتموها في توطين الوظائف الفنية وكيف استطعتم تجاوز هذه التحديات ؟
من أبرز التحديات التي واجهتنا هي العمليات الإجرائية في نقل التقنية والاعتماد على الشباب السعوديين في تصنعيها والكثير ينظر لها على إنها عملية معقدة أو شبه مستحيلة وتعريض المشاريع إلى مخاطر التنفيذ، ونعني بالتحديات الإجرائية إن المشاريع التي شاركنا فيها في البداية كانت تتطلب رخص تصدير من دول مختلفة والتي تأتي منها التقنية خاصة في العالم الغربي وبطبيعة الحال فإن حكومات تلك الدول تعمل على حماية اقتصادها وهذا شيء طبيعي وبالتالي كان من الصعب الحصول على رخص تصدير لولا الدعم مباشر من الحكومة للحصول على تلك الرخص.
كيفية إقناع الجهات المستفيدة في السعودية بإشراك شركة الالكترونيات المتقدمة وهي شركة ناشئة في مجال التقنية لن يشكل أي عامل خطر عليهم في مشاريعهم وكان الحل في إجبار الشركات الأجنبية المنفذة للمشاريع على إشراك الشركات المحلية ولو ترك الخيار للشركات الأجنبية فلن تنفق ريالاً واحداًَ مع أي شركة محلية .
تكاليف نقل التقنية عالية جداً وفي حال لم يوجد التزام طويل المدى وإستراتيجي مع الدولة فمن الصعب على القطاع الخاص الاستثمار في قطاع نقل التقنية .
* كيف تعملون على استقطاب الطاقات البشرية المميزة وما هي الحوافز التي تقدمونها للمبدعين والمتميزين ؟
الشركة تعمل جاهدة على أن يكون لها قنوات متعددة لمعرفة وتحديد الشباب ممن لديه قدرات متخصصة قادرة على الخدمة في التقنيات المتقدمة وبالتالي فنحن لدينا اتصالات مستمرة مع الجامعات والمعاهد الفنية وكل المنظومات التعليمية التي تخدم توجهات الشركة ونقوم بالتواصل مع المتفوقين من الخريجين سنوياً كما قمنا بعدة مبادارت كتبني ورعاية مشروع التخرج بكلية الهندسة والحاسب في جامعة الملك سعود ، وبالاضافة لذلك تبني افضل مشاريع التخرج وبرعاية لجنة تحكيم والتي نستطيع من خلالها معرفة المتميزين الذين يستحقون العمل معنا في الشركة، وتشارك الشركة باستمرار في يوم المهنة ومن خلالها يتم عرض المزايا والحوافز لتحفيز الشباب للانضمام للشركة .
أما عن الحوافز فإننا في شركة الالكترونيات المتقدمة نعمل على أن تكون المعدلات لدينا مواكبة للرواتب في السوق السعودي إضافة إلى المزايا الطبيعية مثل بدل السكن والتأمين الصحفي المميز في أغلب المنشآت الصحية في المملكة عدا عن الحوافز الأخرى مثل منح قرض سكني للموظفين المميزين ويسدده على عدة سنوات وعند انتهاء مدة التسديد يعاد جزء من القرض للموظف كمكافأة وهذا كتحفيز للموظفين، كذلك مكافآت نهاية العام والمكافآت المؤجلة تتراكم وتتزايد مع عدد سنوات الخدمة وهي غير مكافأة الخدمة .
تساهم شركة الالكترونيات المتقدمة في دعم العديد من المبادرات الهادفة مثل تكريم المتميزين في الجامعات السعودية ودعم مشاريع التخرج للطلاب وبرنامج لقاءات و برامج التوطين وأيام المهنة وذلك لإيجاد المزيد من فرص العمل للشباب الخريجين وتهيئتهم لاكتساب الخبرات المتقدمة، ما ابرز الإعتبارات التي ينطلق منها هذا الدعم؟
نؤمن إيمانا كاملا بأن الشركة لديها مسؤولية اجتماعية تجاه المجتمع ونحن لدينا في الشركة أكثر من 1000 موظف عاملين وفاعلين في خدمة مجتمعهم ولنا دور في التدريب التعاوني وفي استيعاب أعداد كبيرة من الطلبة في فترة الصيف وتنظيم الدورات حتى خارج الشركة ، كما لدينا نشاطات مع جمعية الأطفال المعوقين، ونشاطات الخدمة الاجتماعية وتبني بعض الأعمال الخيرية والمشاركة في أيام المهنة وتبني مشاريع التخرج ونحن نؤكد على ضرورة مساهمة كل الشركات في عملية العلم والتقنية كل حسب دوره .
* توجهت الدولة إلى سن التشريعات بشأن منح المرأة المزيد من فرص العمل في القطاع الخاص، أين المرأة في شركة الالكترونيات المتقدمة ؟ وهل لدى الشركة تصور خاص نحو زيادة تمكين السيدات في مختلف المواقع الوظيفية والقيادية ؟
يؤلمني أن أقول إنه لا يوجد لدينا أي عاملة في شركة الالكترونيات المتقدمة حالياً والمرأة السعودية مشهود لها بالكفاءة في العمل والحرص عليه والإنتاجية العالية، ونظراً لكثرة الأعداد التي تخرجها الجامعات والمعاهد لذلك كان لزاماً على الشركات ضرورة تبني توظيف المرأة وشركة الالكترونيات المتقدمة ستنظر مستقبلاً في عملية توظيف المرأة ونحن في مرحلة التقييم لتحديد الأدوار التي قد تعمل المرأة فيها بالشركة، وطبيعة عملنا اليوم لا تؤهل لتوظيف نساء نظراً للطبيعة الإنتاجية التي تتطلب الاختلاط والصعوبات الحالية ستتغير مع الزمن وسنبدأ بإعطاء الفرصة للمرأة مستقبلاً .
* درجت الشركة على تكريم المتميزين من موظفيها سنوياً وفرصة الالتقاء مع قيادات الشركة، ما الأثر الذي تتركه مثل هذه الفعاليات على أداء الموظفين وبيئة العمل ؟
الهدف الذي تقوم عليه اللقاءات والاجتماعات السنوية هام جداً ونحن نعول عليه كثيراً، ولدينا أكثر من اجتماع فهناك لقاء اجتماعي مع الموظفين ويجتمع فيها جميع أفراد الشركة وأبناؤهم حيث نقضي يوماً كاملاً في منتجع أو استراحة للتعارف بين موظفي الشركة والتقارب فيما بينهم عدا عن التقارب بين موظفي الشركة وإدارتها، بالإضافة إلى اللقاء السنوي للحديث عن خطط الشركة وإستراتيجيتها والمشاريع تعتزم الشركة القيام بها ومن خلال هذا ا لاجتماع يتم الاستماع لأسئلة الموظفين والإجابة عليها في الاجتماع حيث تلغي الحواجز بين الموظفين بجميع فئاتهم ومستوياتهم..
* ما هي النصيحة التي توجهها للشباب الذين يودون العمل في مجال الوظائف المهنية والفنية ؟
أقول للشاب الذي يرغب للشاب : لكي تنجح في عملك يجب أن تتوفر لديك عوامل النجاح التالية :
الطموح والإيمان الكامل بأن لديه مقدرات لا تقل عن الآخرين.
لا بد من الشعور بالالتزام والمسؤولية تجاه عمله وما يقدمه مجتمعه.
الواقعية في النظرة للحياة ، فالحياة منافسة حتى في النمو الوظيفي ، حيث يجب الصبر وبذل الجهود للوصول إلى القمة، وللأسف فإن سبب تسرب وفشل الكثير من الشباب يرجع بالدرجة الأولى إلى قلة الصبر والحياة لا تمشي بهذه الطريقة حيث يجب التدرج للحصول على أفضل الفرص الوظيفية .
* حصلت شركة الالكترونيات المتقدمة على جوائز عديدة في مجال توطين الوظائف، هل لكم أن تلقوا الضوء على أبرز هذه الجوائز ؟
لعل أبرز الجوائز التي حصلنا عليها هي جائزة الأمير نايف بن عبدالعزيز – رحمة الله عليه – للسعودة وحصلنا على الجائزة لأكثر من مرة وبالمركز الأول وهي جائزة تثبت التزامنا التام بتوطين الوظائف التقنية والفنية والإدارية بالشركة .
* أطلقت وزارة العمل برنامج نطاقات لحث الشركات السعودية على توطين الوظائف ، ما هي نسبة التوطين لديكم في الشركة وكيف ترون البرنامج ؟
وزارة العمل قامت بمشاريع جبارة لتحفيز التوطين ومنها برنامج نطاقات وهو فكرة رائدة لتوطين الوظائف في القطاع الخاص لكن ما يؤخذ على الوزارة هو تركيزها غالباً على العقاب للمخالفين وبدون تأكيدها على الثواب والمكافأة لمن يطبق إشتراطات الحد الأدنى الذي تفرضه الوزارة في التوطين، والمفترض منح الشركات التي تمكنت من الوصول للحد الأدنى الذي تفرضه الوزارة في عملية التوطين مكافآت وحوافز قد تتمثل في إشراك الشركات بشكل أكبر في المشاريع الحكومية والأسعار التنافسية حتى تحذو الشركات الأخرى حذو الشركات الموطنة .
* تشارك شركة الالكترونيات المتقدمة في العديد من المعارض الدولية المتخصصة داخل وخارج المملكة، ما الهدف الذي تسعى إليه الشركة من هذه المشاركات ؟
تحرص شركه الالكترونيات المتقدمة على المشاركة بالمعارض المتخصصة داخليا و خارجيا و ذلك للتعريف بالإمكانيات المتقدمة التي تم إيجادها بمجال الأنظمة والأجهزة الإلكترونية ونظم المعلومات في المملكة العربية السعودية إضافة إلى تبادل الخبرات مع الشركات العالمية ومعرفة آخر ما توصلت إليه التكنولوجيا الحديثة في المجالات الدفاعية والصناعية والاتصالات وأنظمة الحاسب والبحث عن شركاء استراتيجيين في تلك المجالات لتنمية إمكانيات الشركة الفنية والتسويقية. ولا شك أن حضور مثل هذه المعارض له فوائد متعددة أخرى كوجود الشركات العالمية ذات الصلة تحت سقف واحد مما يتيح الفرصة للاطلاع على تقنياتهم والدخول معهم في اتفاقيات تعود بالنفع على مسيرة نقل التقنية وتوطينها بالمملكة إضافة إلى تجديد الصلة مع الشركات العلمية التي تربطنا بها علاقات عمل.
جريدة الرياض