حوارات نُشر

عبدالله علي السـنيدار: الوحدة الاندماجية قد لا تكون هي الحل الامثل ولكننا حريصون على بقاء وطننا اليمني موحدا باي شكل من الاشكال

 

قال النائب الاول لرئيس حزب التضامن الوطني عبد الله علي السنيدار: ان جماعة الاخوان المسلمين لم تكن غائبة او مغيبة في المجتمعات العربية قبل ثورات الربيع العربي – بل انها كانت تمثل جزء رئيسي من الانظمة السياسية الاستبدادية في عدد من الدول العربية, مؤكدا انها فرضت منهجها الفكري الاستئصالي في المناهج الدراسية والمؤسسات التعليمية, وحتى في بيوت الله منذ عدة عقود.

واكد السنيدار رئيس الاتحاد العام للغرف التجارية والصناعية سابقاً ايضا ان صعود هذه الجماعات الى الحكم في بعض البلدان التي شهدت ثورات – لم يكن الا اكمالا للمد الذي بدأته وخططت طيلة تلك السنوات .. مبيناً ان ما تمارسه اليوم من تهميش واقصاء ومصادرة بحق الاخرين ليس سوى استمرار لتوجهاتها السابقة وما قامت به من تصفيات واغتيالات للشخصيات الوطنية فطابعها الدموي وعشقها للعنف جعلها اسيرة لذلك الماضي .. موضحاً أن افراد هذه الجماعة لا يستندون الى اي ايديولوجية, ويصنفون من يختلف معهم بالكفار وهم وحدهم عباد الله الصالحون المكلفون بتطبيق شريعة الله في ارضه, وذلك يعد بالنسبة لهم مبررا كافيا لإزهاق ارواح غيرهم ومصادرة حقه في الحياة .

وحذر رجل الاعمال المعروف المدير العام لمجموعة السنيدار التجارية من مغبة توسع نفوذ هذه الجماعة في اليمن, معتبرا المخططات التي تحيكها هذه الجماعة في الوقت الحالي والتي تسعى من خلالها للسيطرة على الدولة والعمل على "اخونتها" واشاعة النعرات الطائفية والمناطقية والقبلية بين ابناء الشعب – خطرا حقيقيا لابد من التنبه له.

وتحدث السنيدار الذي يشغل رئيس جمعية الصداقة اليمنية الايطالية – في حوار خاص لصحيفة (14أكتوبر) عن الحوار الوطني والكثير من القضايا التي تشهدها الساحة اليمنية – مستعرضا ابرز التحديات والمشكلات الاقتصادية التي تواجهها بلادنا, مقدما العديد من الرؤى والافكار العلمية والمنهجية التي اعتبر ان من شأنها ان تعيد للاقتصاد الوطني عافيته – فالى حصيلة الحوار:

بداية ماهي وجهة نظركم حول القضايا المطروحة على طاولة مؤتمر الحوار الوطني؟ وماهي رؤيتكم للمعالجات التي يجب ان يخرج بها هذا المؤتمر؟

مؤتمر الحوار الذي تجري فعالياته اليوم يختلف عن جميع المؤتمرات التي اقيمت في بلادنا خلال الفترات السابقة, وذلك من نواحي عديدة, سواء من حيث القضايا المطروحة على طاولته, او من حيث النخب السياسية الممثلة فيه, أو من حيث المرحلة التاريخية ومتغيرات اللحظة الراهنة .. فمن حيث القضايا المطروحة هناك العديد منها, وقد برزت الى السطح ولم تكن مألوفة في السابق – ومنها قضية الدولة المدنية الحديثة, وضرورة وجود دولة تسود على كامل التراب الوطني من (صعدة الى المهرة, ومن الحديدة الى عمران) وغيرها, الى جانب ضرورة وجود دستور عصري يعالج مشكلة التجانس والتنوع بين مختلف فئات وشرائح ومكونات المجتمع ويساوي بينها في الحقوق والواجبات ويخرج بحلول عادلة لقضيتي الجنوب وصعدة, ويفتح عيني النظام والدولة على المناطق المحرومة من برامج وخدمات التنمية, ومن حيث النخب السياسية الممثلة في هذا المؤتمر فقد جاء في عصر التعددية السياسية والتنوع الفكري, ومثلت جميعها الحوار ولم يبق الا بعض مكونات الحراك الجنوبي التي لديها بعض المحاذير, والمخاوف .. ولضمان مشاركتها يجب افساح المجال امامها بتقديم الضمانات اللازمة لها التي من شأنها ان تحل كافة قضاياها ومشكلاتها وترد مظالمها وتلبي كافة مطالبها, وازالة مخاوفها لتلتحق بركب الحوار الوطني الشامل .. ومن حسن الحظ ان هذا المؤتمر ينعقد في ظل رعاية دولية وإقليمة ضامنة على العكس من المؤتمرات السابقة التي كانت تنعقد في ظل غياب العامل الاقليمي والدولي الذي يمثل عامل نجاح .. كما ان هذا المؤتمر جاء بعد مخاض عسير وفي عصر الشفافية وانشطار الثورة العلمية وتواجد اعلامي غير مسبوق, حيث ان الآراء تطرح فيه دون حجر او تحفظ وهذا عامل مهم للنجاح, كما ان الشعب اليمني نفسه يقف مراقبا وضاغطا على المتحاورين وذلك بهدف الخروج بنتائج تجنب اليمن العودة الى عصر الصراعات الجهوية, او فرض نتائج لا يرضى بها, ولهذا يدرك المتحاورون انهم امام خيارين: ( اما تقديم حلول ناجعة لمشكلات الواقع الراهن, او ان الشعب بمختلف مكوناته سيرفضهم وبالتالي يجدون انفسهم خارج اطار الواقع) .. وبشكل عام نحن نعلق كل الامال على هذا المؤتمر لانه يعد فرصتنا التاريخية الاخيرة, ورهاناتنا كبيرة بان تكون مخرجاته مثمرة ومرضية لكل الاطراف, ومن خلالها نتمكن جميعا صوب عملية البناء وتعمير ما دمرته الحروب والصراعات, ومن ثم التأسيس لدولة المواطنة المتساوية.

خلال ثورات الربيع العربي برزت الى الواجهة جماعة "الاخوان المسلمين" التي بدأت تفرض سيطرتها على كافة القوى السياسية في البلدان التي شهدت ثورات وفي مقدمتها بلادنا .. ما تعليقكم على ذلك؟ وكيف تقرأون مستقبل هذه الجماعات؟

في الحقيقة ان جماعة الاخوان المسلمين لم تكن غائبة او مغيبة في المجتمعات العربية – بل انها كانت تمثل جزء رئيسي من الانظمة السياسية والاجتماعية وقد ظهرت في البداية بالتزامن مع نشوء الحركة الوهابية في شبه الجزيرة العربية, وحينها تم تزاوج السياسية بالدين, ومثل كلا منهما شرعية وجود للآخر, وقد ارتبطت هذه الجماعة مع الانظمة السياسية الاستبدادية بتحالفات وصراعات مختلفة, ثم فرضت منهجها الفكري الاستئصالي في المناهج الدراسية والمؤسسات التعليمية, وحتى في بيوت الله وذلك في شتى الاقطار العربية – وفي البلدان العربية التي كانت انشطتها السياسية محضورة تركت تلك الانظمة لهذه الجماعات المساجد ومؤسسات التعليم التابعة لها وذلك لتقوم بتدريس افكارها ومبادئها وايديولوجياتها وتنشر رؤاها الفكرية وتفسر الدين على هواها وبمقاسها .. ولذلك تمكنت من توسيع نفوذها في قطاعات التعليم وفي مجال الوعظ الديني, ومن المساجد اعلنت عصيانها ومن ثم قيادة مسيراتها ضد حلفائها من الحكام في سبيل الانقضاض على الحكم, ومن ثم اخونة بقية مؤسسات الدولة بعد ان اكملت اخونتها لمناهج التعليم والمعلمين والغالبية العظمى من طلاب الجامعات, وبالفعل تمكنت مؤخرا من الاستيلاء بشكل كلي على الحكم ومراكز صناعة القرار في عدد من بلدان الربيع العربي, بعد ان كانت في السابق فارضة سيطرتها على منضمات المجتمع المدني كنقابة الاطباء والصيادلة والمعلمين والمحامين وحتى النقابات التي يفترض ان لا وجود لهذه الجماعات المتسمة بالرجعية فيها مثل نقابة الصحفيين واتحادات الادباء والكتاب, فهذة جميعا يفترض ان يكونوا المرآة التي نرى من خلالها عيوبنا وتشوهاتنا لكنها وللاسف تحولت الى حاملة لمشاريع الجمود والتخلف مع انه من الطبيعي ان يكون لهذه المنظمات المجتمعية قيادات تنويرية تعي كل ما يحيط بها من متغيرات .. اما بعد اندلاع ثورات الربيع العربي فلم يكن صعود هذه الجماعات الى الحكم الا اكمالا للمد الذي بدأوه وخططوا ورسموا له منذ عقود طويلة, وايضا عملية الاعلان عن انهم حققوا مبتغاهم في السيطرة على الحكم, لانهم في الاساس حكام سابقين ولكن تحت عباءة الانظمة التي كانت تدعي التقدمية والحداثة في حين انها تمثل ابشع صور التخلف واليمن خير دليل, فلم تكن جماعة الاخوان المسلمين مشروع معارضة بل انها كانت قد امتلكت شرعية الوجود من خلال تأسيسها مركز الدعوة والارشاد عام (1973م) وشرعية اخونة الحياة عام (1974م) من خلال صدور قانون انشاء المعاهد العلمية, وكانت متواجدة في مختلف اجهزة الدولة, وفي اجهزة المخابرات ايضا, والمؤسسة العسكرية, وكانت تمثل الحاكم الفعلي ولكن تحت عباءة النظام – وما تشهده الساحة الان ليس سوى حلقة استكمال السطو على الدولة – وبالنسبة لنظرتي لمستقبل هذه الجماعة فإنني استطيع الجزم بـان نفوذها وسيطرتها على بعض مراكز صناعة القرار لن يدوم طويلا لأنها للأسف لا تملك مشروعا وطنيا لتحديث وعصرنة الحياة والمجتمع, وما يحدث في مصر وتونس خير دليل على الفشل الذريع لهذه الجماعة .. التي مصيرها المحتوم هو الاندثار والتلاشي.

ما تعليقكم على الممارسات التي يقوم بها الاخوان المسلمين في اليمن, والمتمثلة في عمليات الاقصاء والتهميش والمصادرة ضد كل القوى والشخصيات الحية في الساحة بما في ذلك شركائهم في (اللقاء المشترك) – وذلك بهدف السيطرة والاستحواذ على السلطة بكل مؤسساتها؟

كما ذكرت لك ان الجماعات الدينية لم تكن وليدة اللحظة بل انه سبق لها الاستيلاء على المؤسسات العامة منذ عام (1962م) وقد الغت واقصت غيرها من خلال ممارسة العنف المنظم والممنهج واقامة دعاوى الحسبة على الكثير ممن يخالفونها في الرأي, وما تمارسه اليوم من تهميش واقصاء ومصادرة ليس سوى استمرار لتوجهاتها السابقة وما قامت به من تصفيات وعمليات اغتيال للشخصيات الوطنية فطابعها الدموي وعشقها للعنف جعلها اسيرة لذلك الماضي, وحتى المتحالفون معها في (اللقاء المشترك) كانوا يعتقدون ان الظروف قد تغيرت وان هذه الجماعة يمكن ان تحسن من اداءها وسلوكياتها – لكنهم للأسف كانوا واهمين وغير مدركين لطبيعة وتكوين هذه الجماعة ولم يستوعبوا التاريخ او يقرؤونه بشكل صحيح, بل انهم اعتمدوا على بعض التصريحات التي يطلقها البعض من قياداتهم المعتدلة والمسيسة وذلك بهدف الاستهلاك او لغرض تحقيق مكاسب واهداف سياسية تخرجهم من بوتقة وتهمة الارهاب – ولكن فراد هذه الجماعة يستندون الى ايديولوجية لا يرون في من يختلف معهم الا انه كافر وهم وحدهم عباد الله الصالحون في الارض, الذين يحملون على عاتقهم تطبيق شريعة الله في ارضه, وهذا يعد بالنسبة لهم مبررا كافيا لإزهاق ارواح غيرهم ومصادرة حقه في الحياة .

برايكم ما هو الخطر الحقيقي الذي يهدد اليمن ووحدته, وسلمه الاجتماعي؟

الخطر الحقيقي يكمن في المخططات التي تحيكها حاليا جماعة الاخوان المسلمين والتي تسعى من خلالها للسيطرة على الدولة والعمل على "اخونتها" واشاعة النعرات الطائفية والمناطقية والقبلية بين ابناء الشعب, وهناك خطر اخر يتمثل في عدم الاعتراف بالمشكلات التي تظهر, واعتماد الحل الامني كخيار استراتيجي وحيد لمواجهة المعارضين واقصائهم – كما ان الفقر والبطالة والفساد ونهب الثروات واستيلاء بعض النافذين على الثروات, والتستر عليهم وعدم محاسبتهم وشعور بعض المناطق بالتهميش والاقصاء وممارسة التمييز القبلي والمناطقي والسلالي والعرقي والعنصري ضد فئات واسعة في المجتمع اليمني كلها مجتمعة تمثل عوامل تهديد للوحدة الوطنية, وتقوض السلم الاجتماعي.

ماهي رسالتكم لأبناء الجنوب, وصعدة, وتهامة, وغيرها من المناطق التي تشهد نوع من الحراك والتذمر الشعبي – ثم ماهي الرسالة التي توجهونها للأحزاب السياسية وكل العقلاء في الساحة اليمنية؟

الحراك الشعبي ضد المظالم والفساد والتهميش مشروع وحق انساني كفلته كافة المواثيق الدولية وقوانين حقوق الانسان, وما يحصل في بلادنا امر طبيعي, ونتاج لممارسات سياسية واقتصادية وجهوية غير مشروعة زادت عن حدها الطبيعي خصوصا بعد سيطرة جماعة الاخوان على الكثير من مراكز القرار في الدولة, وكذلك تجاهل السلطة لمطالب الناس بالرفض وانكار عليهم حقهم وغير ذلك من الممارسات الخارجة عن القانون – جميعها ادت الى ارتفاع سقف تلك المطالب حتى وصلت الى مطلب الانفصال لأبناء الجنوب, وبالنسبة للحراك التهامي وما يحدث في صعدة فإنني اؤاكد لك انه اذا لم يتم الاستجابة لمطالبهم ويتم ايضا معالجة قضاياهم بشكل عادل وانساني – فربما يجدون في المطالب التي يرفعها الحراك الجنوبي دليلهم للحاق به – ولذلك يجب رد المظالم الى اهلها في مختلف مناطق اليمن وذلك اذا ما اردنا يمناً موحدا ومعافا – اما ابناء الجنوب فإنني اقول لهم: اننا بكم وانتم بنا مظالمكم هي مظالمنا ومطالبكم نحن معها لا نرفضها – واننا نشعر بمعاناتكم ونحن مع اعادة الارض الى اصحابها ورفع الظلم عن جميع من تعرضوا له, كما اننا مع الاعتذار لكل الجنوبيين عن ما لحق بهم من ظلم واضطهاد ومع حل عادل للقضية الجنوبية, ولكن ايضا السفينة ان غرقت فإنها ستغرقنا جميعا, وقد لا نجد جميعنا وطناً لا في الشمال ولا في الجنوب, ولا في صعدة ولا في تهامة, ولا في بقية المحافظات اليمنية الاخرى – قد لا تكون الوحدة الاندماجية هي الحل الامثل ولكننا حريصون على بقاء وطننا اليمني موحدا باي شكل من الاشكال الوحدة فنحن مع الوحدة حتى في اضعف صورها, ولا يعني هذا اننا نطلب بقاء الوحدة بالقوة, لكن المصلحة تقتضي لنا في الشمال ولإخواننا في الجنوب ان نبقى دولة موحدة, ولتكن على غرار دولة الامارات العربية المتحدة او حتى على غرار اثيوبيا أو أي نموذج فيدرالي في العالم – وانا بدوري استشعر معاناة الاخوة في الجنوب واشعر بالاعتزاز بهم اكثر من اعتزازي بعشيرتي او قبيلتي او المنطقة التي انتمي اليها, اما بالنسبة لرسالتي الى الاحزاب والقوى السياسية وكل العقلاء في الساحة اليمنية فإنني اقول لهم: اليمن امانة في اعناقكم فلا تسهموا او تتصارعوا من اجل تمزيقه, كونوا وطنيون وضعوا المصلحة العامة في صدارة اهتماماتكم وفوق مصالح احزابكم الضيقة لان اليمن بيتنا جميعا.

معلوم ان اغلب المشكلات اليمنية ناجمة عن تدهور الاوضاع الاقتصادية, وفي ظل تفاقم الازمات في هذا المجال – وباعتباركم أحد الشخصيات الاقتصادية التي لها خبرة وتجربة واسعة في هذا المجال – برأيك ماهي المعالجات الممكنة والضرورية في الوقت الحالي التي من شأنها ان تعيد للاقتصاد اليمني عافيته؟

اعتقد ان امامنا نحن اليمنيين بشكل عام الكثير من المهام والاعمال الضرورية في هذا الجانب وجميعها تستلزم وقت وجهد طويل وتكاتف من الجميع وتحديدا القوى السياسية الفاعلة في الساحة اليمنية عموما, لان اقتصادنا يشهد فعلا حالة من التدهور المستمر وعملية تعافيه تتطلب وقت طويل فما انجز حتى الان من قبل حكومة الوفاق عبارة عن حلول ومعالجات "ترقيعية" لازمات ومشكلات آنية وهذه لن تدوم طويلا – وما نحتاجه اليوم هو حلول استراتيجية بعيدة المدى وهذه الحلول تتمثل في دراسة الواقع الاقتصادي بشكل دقيق وتشخيص كافة مشكلاته والعمل على صياغة استراتيجية متكاملة للأمن الغذائي ووضع ذلك ضمن اولويات الامن القومي .. ومن ثم العمل على وضع قوانين ومعايير جديدة للاستثمار وخاصة الأجنبي منه, الى جانب التركيز على الاستثمارات المتعلقة بالمشروعات المتوسطة والصغيرة باعتبارها الطريقة المثلى التي من خلالها نتمكن من توفير الكثير من فرص العمل واحتواء ظاهرة البطالة التي تزداد اتساعا يوما بعد يوم, وقبل كل ذلك لابد من معالجة مشكلة الامن والاستقرار التي تمثل العائق الاكبر امام الاستثمارات العربية والأجنبية ورؤوس الأموال اليمنية المهاجرة – ومعالجة هذا الامر سيجعل بلادنا بيئة جاذبة للاستثمار لا منفرة له, وهناك الكثير من المهام التي يتوجب القيام بها في الوقت الحالي هنا لكننا اذا ما تمكنا من تنفيذ تلك الاولويات فان اقتصادنا سيتعافى وستصبح بقية المشكلات عبارة عن معوقات ثانوية من السهل تلافيها .. واقول لك ايضا اليمن مازالت بكراً وهناك الكثير من الثروات أهمها النفط والغاز والأسماك لو استغلت بشكل امثل فإن الاقتصاد الوطني ستعود له عافيته وسيشهد نقلة نوعية كبيرة وستتدفق العملات الأجنبية وتزدهر العملية التنموية بشكل عام وسنستغني عن طلب المعونات والمساعدات من الاخرين, والاهم من ذلك كله لابد من التأسيس الصحيح لدولة مدنية حديثة قائمة على النظام والقانون والعدالة والمواطنة المتساوية.

ذكرت في حديث صحفي سابق ان النظام السابق خلف بنية اقتصادية هشة تفتقر لأبسط المقومات الاقتصادية الاساسية؟ برأيك ماهي الاسباب؟

الاسباب كثيرة اهمها عشوائية الادارة واغفال عملية التخطيط, وغياب الرؤى والدراسات والبرامج الاقتصادية الاستراتيجية, وعدم العمل بسياسة اللامركزية في صناعة القرار, وتهميش الكفاءات الإدارية والاقتصادية المؤهلة تأهيلاً علمياً صحيحاً, وتفشي طاهرة الفساد في جميع مفاصل الدولة وانهيار منظومة القيم في الجهاز الإداري للدولة, وعدم تطبيق النظام والقانون, وهشاشة العملية التعليمية وسوء مخرجاتها, وغياب الرقابة والمحاسبة, والتلاعب بالعملية الاستثمارية من خلال فتح المجال امام المشائخ والنافذين وابناء المسئولين للتحكم بكل صغيرة وكبيرة فيه وهذا هو السبب الذي ادى الى طرد المستثمرين حيث لم يكن يسمح لأي مستثمر بإنشاء مشروع ما الا اذا اشرك معه احد اولئك العابثين - وهناك الكثير والكثير من الاسباب التي ادت الى تدهور البنية الاقتصادية عام بعد آخر ليصل الى ما هو عليه الان.

الى أي مدى اثرت الازمة التي شهدتها ولا تزال تشهدها اليمن عليكم في القطاع الخاص؟

للأسف الشديد المرحلة الماضية كانت شديدة الوطأة على القطاع الخاص بشكل عام حيث ان التبعات والاثار كانت مهولة فالكثير من الشركات والمصانع والمشاريع الاستثمارية افلست وانهارت بشكل تام, والبعض الاخر تعرض لخسائر فادحة, ونتيجة لذلك اضطر العديد من رجال الاعمال والمستثمرين الى تسريح المئات من العمال وهذا بدوره شكل ازمة اخرى وعبئ اخر على الدولة حيث ان أولئك المسرحين انضموا الى صفوف العاطلين وبالتالي ازداد معدل البطالة فآثار الازمة كانت كبيرة ومؤثرة على القطاع الخاص وبشكل يصعب شرحه وتصويره.

ما المطلوب من الدولة عمله تجاه القطاع الخاص في الوقت الحالي؟ وما الدور الذي يمكن ان يلعبه للتخفيف من اعباء الازمات الاقتصادية التي تشهدها البلاد؟

المطلوب هو وضع الاعتبار لهذا القطاع الذي يمثل احد اهم ركائز الاقتصاد الوطني وذلك من خلال اشراكه في عملية صناعة القرارات الاقتصادية, أي اقامة شراكة حقيقية وفعالة معه اسوة بما هو متبع في شتى اقطار العالم, ثم تعمل على دراسة واقع هذا القطاع وتناقش مشكلاته وقضاياه والتحديات التي يواجهها ومن ثم تعمل على حلها ومعالجتها وتهيئ كافة الظروف والاجواء الامنة والمناسبة لنشاطاته ومشروعاته, ومن خلال ذلك تتمكن الدولة من فتح بوابة للاستثمار الداخلي وهذا بدورة سيعمل على حل الكثير من المشكلات والازمات التي تواجهها الدولة وفي صدارتها البطالة .. وهذا معناه ان المسالة اصلا مرتبط بالدولة وهي التي بيدها الحل, فاذا ما عالجت مشكلات القطاع الخاص واعادت الاعتبار له فانه في المقابل سيقف الى جانبها وسيعمل على انعاش الواقع الاقتصادي وحلحلة العديد من الازمات التي تعصف بالبلد .. القطاع الخاص يريد أن يطمئن وان تتوفر له الاجواء المناسبة والآمنة بحيث يتخذ قرارته الاقتصادية دون خوف او أي قلق.

انطلاقا من احداث وتحولات الماضي اليمني, وفي ظل معطيات ومتغيرات الراهن – كيف تقرأون المستقبل؟

المستقبل بالنسبة لليمنيين يدعو للتفاؤل ويبشر بالخير, فالأمم لا تنهض الا من رحم احزانها ومعاناتها واليمنيون دائما وعلى مر التاريخ يتعثرون لكنهم يخرجون من كبواتهم ويتجاوزون ازماتهم بعزيمة اكثر ايمانا بالمستقبل .. وبصراحة انا اقرأ مستقبل اليمن المشرق في عيون الاطفال وفي تفتح ازهار نيسان, اقرأه عند اشاهد العامل اليمني البسيط وهو يصارع الفقر بنحت الصخور وتحويلها الى مدرجات زراعية يقتات منها هو واطفاله, اقرأ المستقبل عندما اتأمل الفتيات الصغيرات اللاتي لا يجدن الخبز ولكنهن يحملن على ظهورهن حقائبهن المدرسية, اقرأه في عيون الامهات وهن يرقبن عودة ازواجهن وابناءهن حاملين معهم ما تيسر من لقمة العيش – لذلك اوأكد لك ان اليمن ستتجاوز ازماتها الحالية ومستقبلها مشرق وواعد بالخير والرفاه لكل اليمنيين.

ماهي مشاريعكم المستقبلية؟  

لدينا الكثير من المشاريع والاجندة والبرامج السياسية والاقتصادية والاستثمارية التي نرى انها ستسهم في عملية اعادة بناء الوطن وفق اسس علمية ومنهجية سليمة تلبي طموحات واحلام وآمال اليمنيين في عموم محافظات الوطن – ولعل اهمها من وجهة نظري الشخصية التاسيس لقوى سياسية جديدة تحمل على عاتقها مهمة بناء الدولة المدنية المنشودة والارتقاء بمستوى العملية الديمقراطية والتداول السلمي للسلطة .. الى جانب التاسيس لاقتصاد وطني قوي قادر مواجهة المشكلات والازمات الاقتصادية التي تشهدها البلد ويلبي على الاقل المتطلبات الاساسية للناس, وبصراحة انا ارى في حزب التضامن الوطني الذي انتخبت مؤخرا نائبا اول لرئيسة الصورة المثلى لهذه القوى, والى ذلك ارى ان الاهتمام بالجانب التعليمي والتوعوي والتثقيفي يعد واحدا من الاولويات التي يفترض ان يتنبه لها الجميع, ولذلك اقول لك انني بصدد الاعداد لإطلاق قناة فضائية تعنى بالجانب التثقيفي والتوعوي وما يتعلق بالحقوق والحريات العامة وغيرها من القضايا الهامة التي من شانها ان تسهم في تنشئة جيل جديد خال من العقد السياسية والمناطقية والقبلية والمذهبية وغيرها.

كلمة اخيرة؟  

علينا ان ندرك ونعي جيدا اننا امام مهمة وطنية تاريخية ومفصلية تتطلب من الجميع نبذ الاحقاد والضغائن والثارأت, والتحلي بالصبر والحكمة والشعور بالمسئولية, وان نتقبل بعضنا البعض, ونتحمل مسئولياتنا ونغلب المصلحة الوطنية على كافة المصالح والاهداف والاطماع الشخصية– فاليمن لم تعد تحتمل المزيد من اعمال الفوضى والصراعات والمناكفات – ولننطلق جميعاً صوب العمل والبناء والتعمير, وصولا الى تحقيق دولتنا المدنية الحديثة.


 

مواضيع ذات صلة :