مدير أمن أمانة العاصمة صنعاء د . عمر عبد الكريم الذي تحدث للزميل فارس غانم من "الاستثمار" في حوار خاص , أكد أن انخفاض معدل الجريمة تم وفقاً لخطة إستراتيجية استهدفت تجاوز الأحداث التي مرت بها العاصمة خلال العام 2011 م.
موضحاً أن الشبكة الأمنية التقنية والإلكترونية بحاجة إلى صيانة ، وإنها ساعدت كثيراً في ضبط الجريمة وتوفير الأمن ..
o عقد مؤتمري مجلس الأمن والحوار الوطني في ظل إجراءات أمنية مشددة. ما مدى انعكاس ذلك على الوضع الأمني برمته ( بالأرقام )؟
- كما تعلمون فإن الإجراءات الأمنية الحالية المنفذة في أمانة العاصمة, التي تقوم بها جميع الوحدات العسكرية والأمنية قد تمت بموجب خطة أمنية من قبل اللجنة العسكرية والأمنية العليا, وذلك لتعزيز الإجراءات الأمنية في العاصمة, في إطار دور اللجنة العسكرية والأمنية لخلق أجواء من الطمأنينة والشعور بالأمن لدى المواطن وإعادة ثقة المواطن بالدولة وهذا من ناحية ومن ناحية أخرى لإحكام السيطرة على العاصمة وتعزيز دور أجهزة الأمن في ملاحقة وتعقب الجريمة وضبط المجرمين الذين يعبثون بالأمن من ظاهرة حمل وانتشار السلاح في عواصم المحافظات وخاصة في أمانة العاصمة باعتبارها الواجهة السياسية للبلاد وفرض سيادة القانون باتجاه إعادة بناء الدولة الحديثة وهذه الإجراءات قد تمت قبل انعقاد مؤتمري مجلس الأمن والحوار الوطني, ولكن عند انعقادهما تم التشديد على تعزيز الإجراءات الأمنية ورفع مستوى جاهزية مختلف الوحدات العسكرية والأمنية لتأمين هاذين الحدثين الهامين, وقد وجدت هذه الإجراءات ارتياحا بالغا لدى المواطنين وبرهنت على مدى قدرة الأجهزة الأمنية على حفظ الأمن والاستقرار وقدرتها على تنفيذ المهام المناطة بها .. علاوة على أن هذه الإجراءات الأمنية جاءت لتوفر أجواء آمنة لانعقاد المؤتمرين وخاصة مؤتمر الحوار الوطني وحماية المشاركين في هذا المؤتمر, وقد كان لهذه الإجراءات نتائج إيجابية حيث انخفض معدل وقوع الجرائم في أمانة العاصمة وخاصة جرائم السرقات بمختلف أنواعها وضبط أخطر أفراد العصابات والمجرمين الذين لهم سوابق في مجال النهب والسلب والتقطع, وضبط السيارات التي بدون أرقام أو تحمل أرقاما مزورة, وكذا ضبط حركة الدراجات النارية وإعادة ترقيمها ببيانات ومعلومات صحيحة, وفرض الرقابة على تحركاتها العشوائية في الشوارع, ومع ذلك فإن هذه الإجراءات تظل تعاني من قصور بدون مساهمة وتعاون المجتمع وعلى وجه الخصوص القطاع الخاص .
o مطلع العام الجاري بدأتم بمناقشة إعادة هيكلة وزاره الداخلية والأمن بمساعدة أردنية وبريطانية وهذا يتطلب تطور في التشريع واستحداث تقنية عصرية جديدة هل أنتم مستعدون لذلك وما هي ملامحه ؟
- الهدف من إعادة هيكلة وزارة الداخلية هو إعادة بناء وتطوير وتحديث وزارة الداخلية وتفعيل دورها في الحفاظ على الأمن والاستقرار جنباً إلى جنب مع الأجهزة الأمنية الأخرى .. وتأتي هذه العملية تلبية لمتطلبات المرحلة وما تشهده بلادنا من تطورات وتحولات إضافة إلى ما يشهده العالم من تطورات, وقد كان من الضروري أن يعاد بناء وهيكلة وزارة الداخلية بالاستعانة بالأشقاء الأردنيين والأصدقاء من دول الاتحاد الأوروبي, وذلك على أسس علمية وأكاديمية ومما ينسجم مع الواقع .. وقد تمخض عن هذه العملية إقرار هيكلة جديدة حيث ألغيت بعض الإدارات واستحدثت إدارات أخرى جديدة؛ بحيث ترتبط هذه الإدارات بوسائل تقنية متطورة تتواكب مع العصر ولم يقتصر الأمر على الهيكلة التنظيمية في تحديث البناء الإداري للوزارة ولكن رافقتها عملية تشريعية تلبي وتحقق هذه الهيكلة بما يلبي طموحات التغيير إلى الأفضل .. فمثلاً لم تكن هناك إدارة في هيكل وزارة الداخلية لحقوق الإنسان وإدارة للمفتش العام .. كما أن إعادة هيكلة وزارة الداخلية صارت عملية ضرورية لإنهاء عملية الازدواج في المهام والتخصصات وتؤدي إلى بناء جهاز شرطة يقوم على أسس علمية وعمل العقيدة الأمنية المرتكزة على المثل العليا, ويساهم جنباً إلى جنب في نشر مبادئ العدالة الاجتماعية والمساواة بين الناس, وخدمة المواطن وتعزيز الأمن والاستقرار وحماية مصالح الدولة والمجتمع, ويفرض هيبة الدولة وتطبيق سيادة القانون ويحمي الحريات الإنسانية وحقوق الإنسان لا أن يكون جهازا قمعيا لحماية مصالح القلة على حساب مصالح المجتمع, وهذا لن يتأتى إلا بتطوير الوعي الأمني والقانوني لدى المنتسبين للشرطة من أجل نبذ السلوكيات التي تسيء لجهاز الأمن كاستغلال الوظيفة, وتجاوز القانون, وعدم الحفاظ على كرامة الإنسان, ومن أجل ذلك أولت قيادة وزارة الداخلية ممثلة في الأخ اللواء الدكتور عبد القادر قحطان- وزير الداخلية- في إطار عملية إعادة تحسين معيشة منتسبي وزارة الداخلية, الرعاية الكاملة, والاهتمام بالجانب المعنوي, ومنحهم الحوافز التشجيعية, وإرساء مبدأ التنافس ومنحهم المكافآت .. كما أكدت عملية إعادة الهيكلة على تطوير وسائل وأساليب العمل الأمني الشرطوي في مكافحة الجريمة بحيث تعتمد على التقنية الحديثة .
o الاختلالات الأمنية هي ليست نتيجة طارئة ولكنها نتيجة السياسات والتراكمات إلى أي مدى يمكن الموائمة بين الاثنين لتحقيق الأمن الاجتماعي ؟
- هذا صحيح فالوضع الأمني يتبلور بمعزل عن الوضع العام السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي بل هناك تأثير متبادل يفرض نفسه بقوة على المجتمعات الإنسانية وبالتالي لا بد أن يكون هناك مساهمة مجتمعية في حفظ الأمن والاستقرار بما يعزز دور أجهزه الأمن في هذا الجانب .
ومن خلال ما يجري على أرض الواقع فإن معظم الأسباب والدوافع التي تقف خلف أغلب الأعمال ومظاهر الاختلالات الأمنية تكون بسبب الفقر والبطالة, وبالتالي فإنه ما لم تكن هناك سياسات ذات آفاق وأبعاد إستراتيجية, سواء من قبل الدولة أو من قبل القطاع الخاص, من شأنها وضع معالجات وحلول للقضاء على الفقر والبطالة وتحسين مستوى الدخل ومن شأنها أن تؤمن الحياة المعيشية للناس؛ فإن الوضع الأمني سيشهد الكثير من التداعيات والاختلالات وسيؤثر على الأمن والاستقرار في المجتمع, وبالتالي سيكون عائقاً للتنمية والاستثمار .
وهذا ينطبق على القرارات التي يتم اتخاذها على نحو عشوائي, وتمس حياة الناس بشكل عام أو شريحة من الشرائح, سواء من قبل الدولة أو القطاع الخاص, دون مراعاة ما سيترتب عليه من عواقب سيئة على الجانب الأمني.
ونؤكد في هذا الجانب على ضرورة أن يكون هناك تعاونا وشراكة حقيقية, ما بين الدولة والقطاع الخاص, في وضع سياسات اقتصادية علمية, تقوم على خطط وبرامج تعمل على وضع ومعالجات لكافة المعضلات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية, التي يعاني منها, وهذا سيؤسس لبناء مجتمع آمن ومستقر.
- ما هي أهم الضمانات الأمنية التي تقدمونها للمستثمرين؟
على اعتبار أن المرحلة القادمة تتطلب مساهمة القطاع الخاص في عمليات التنمية وزيادة فاعلية دوره في التنمية الاقتصادية, وما يريده القطاع الخاص هو توفير بيئة آمنة وضمانات كافية, فإن مثل هذه الضمانات تتمثل في إيجاد قاعدة راسخة من الشروط القانونية والأمنية, وذلك بفرض هيبة الدولة وسيادة القانون وإعادة النظر في كافة التشريعات القائمة حاليا, وإيجاد تشريعات جديدة منها حرية الاستثمار مع وجود ضوابط تنظم العلاقة ما بين الدولة والمجتمع من ناحية والقطاع الخاص من ناحية أخرى .. علاوة على ذلك أن يساهم القطاع الخاص إلى جانب تقديم رؤية شاملة في الكيفية التي سيساهم بها في التنمية الاقتصادية والمجالات، ومن ناحية أخرى وجود قضاء عادل ونزيه ومستقل لا يخضع لأي هيمنة بحيث يفصل في جميع النزاعات ... ويحمي حقوق القطاع الخاص دون مساومة أو انحياز. شريطة أن يراعى عند النظر في القضايا مسألة الوقت بحيث يتم الإسراع في البت في القضايا والتنفيذ.. ورفع القيود التي تكبل القطاع الخاص بقيود فيما يتعلق بقوانين الاستثمار والضرائب ووضع معالجات بديلة .. بحيث يمكن من الإسهام في عملية التنمية ويضبط نهائياً عملية الفجوة لأعمال التحايل على القوانين لحماية مصالحه..
o معظم الاستثمارات في العاصمة ومحيطها مرتبطة بالعقارات وهو ملف شائك ومرتبط بمافيا الأراضي في العاصمة .هل لديكم رؤية لحل هذا الملف و معالجته بفرض هيبة القانون؟
- كافة المعالجات مرتبطة بمؤتمر الحوار وسيتمخض عنه نتائج ستؤدي إلى سيادة القانون واستعادة الدولة ... والمافيات ظهرت وصارت تشكل وسائل تزوير وتقوم بتزوير وثائق .... وأكثر القضايا المتعلقة بالأرض سببها التزوير وادعاء الملكية ، وسندات بصائر من أكثر من طرف بما يعقد عملية البت فيها على نحو سريع .
o يتطلب هذا الأمر إلى أن يمتد التعاون إلى الشراكة والاستثمار مع القطاع الخاص عبر شبكة إلكترونية على المنافذ والمداخل والمديريات في العاصمة... ما هي رؤيتكم لذلك؟
- كما ذكرنا سابقاً ودائما ما نؤكد عليه دائماً فإن مسألة الحفاظ على الأمن والاستقرار هي عملية مساهمة مجتمعية ترتكز على مبدأ الأمن للجميع ... ويستطيع القطاع الخاص أن يلعب دورا بارزا في هذا الجانب بإقامة شراكة حقيقية مع الدولة في تطوير وسائل وأساليب أجهزة الأمن مما يمكنه من رفع قدراتها الأمنية وتعزيز دورها في الحفاظ على الأمن والاستقرار وفي أمانة العاصمة نطمح إلى أن يعمل القطاع الخاص بأحدث الوسائل التقنية في مجال الربط الشبكي في مداخل المدن والشوارع الرئيسية أو مجال كشف المواد الممنوعة والأسلحة ، وهذا سيساعدنا كثيرا على تقدم وتحسين الأداء الأمني .
إضافة إلى ذلك فإن على القطاع الخاص أن يتحمل مسئوليته تجاه المجتمع والوطن بحيث يعمل على تقديم رؤى استثمارية فعالة في هذا الجانب بحيث يسهم بشكل فعال في خلق مجتمع آمن ومستقر .
o في هذا الإطار هل مازالت الكاميرات الالكترونية التي كانت منتشرة في العاصمة تؤدي دورها ؟
- الشبكة الموجودة, التي تم تركيبها منذ خمس سنوات تؤدي مهمة أمنية كبيرة وهي شبكة ممتدة في عدة نواحي من أمانة العاصمة إلا أنها خلال الأحداث السابقة التي جرت على الساحة قد تعرضت لأعمال تخريبية وأعطال مما أخرجها بنسبة خمسين بالمائة عن الجاهزية.
o ما هو المطلوب من القطاع الخاص والشركات والمؤسسات العاملة في هذا الإطار؟
- لقد كانت هذه الشبكة تساعدنا كثيرا في رصد حركة السير في الشارع ورصد وتعقب وضبط العديد من الجرائم المخلة بأمن الناس ولكنها بحاجة إلى إعادة تأهيل من جديد ، ونأمل أن يسهم معنا القطاع الخاص وخاصة العامل في هذا الجانب .
هناك مجالات متعددة يستطيع فيها القطاع الخاص أن يؤدي دوره في تعزيز الأمن والاستقرار مثل مد الأجهزة الأمنية بالتقنية اللازمة في مجال الربط الشبكي لتبادل المعلومات ما بين القيادة في إدارة أمن الأمانة والمناطق والمراكز؛ لضمان سرعة وصول المعلومات والبلاغات, وبالتالي ضمان سرعة الإجراءات الأمنية ، إضافة إلى مدنا بأجهزة كشف المواد الممنوعة والمحظورة وغيرها من المواد التي يتم تهريبها عبر المنافذ ومداخل أمانة العاصمة, وكل هذا سيعمل على رفع قدرة أجهزة الأمن في مكافحة الجريمة وبالتالي ضمان أمن واستقرار المجتمع وتوفير مناخات آمنة للاستثمار والتنمية .
o هل هناك خطة لفرض القانون وتعزيز الأمن في كافة مناطق العاصمة وضواحيها وبصورة خاصة مرافق الخدمات العامة والأسواق والمناطق الاستثمارية، وإتاحة الفرص للقطاع الخاص للمساهمة في توفير الأمن ؟
- هناك خطة أمنيه لتعزيز الإجراءات الأمنية وتأمين أمانه العاصمة ومنافذها وتؤدي الغرض المطلوب ولكن نطمح إلى تفعيل الإجراءات الأمنية بشكل أفضل مما هو عليه الآن بعيدا عن الأطقم والنقاط الثابتة والتفتيش باعتبارها مظاهر قديمة ولا تتواكب مع العصر .. ولكن تطمح إلى أن تعتمد الإجراءات الأمنية والحماية على الوسائل الحديثة من وسائل المراقبة والرصد التقني والإلكتروني حتى تضمن لنا وصول المعلومة وبالتالي تمنحنا سرعة السيطرة والمتابعة والضبط. وقد أشرنا سابقا إلى أن التميز في العلاقة مع المواطن والقطاع الخاص بصفة خاصة يتشكل فيها ردود أفعال إيجابية من خلال تعزيز الثقة بين الأمن والمجتمع؛ مما يشعر المواطن والمستثمر بوجود بيئة آمنة مستقرة يتحول فيها الأمن إلى عامل مساعد للاستقرار والأمن المجتمعي ويتطلب ذلك أن يكون للقطاع الخاص دور فاعل في توفير البيئة التي ينشئها من خلال إيجاد علاقة تكامل ما بين القطاع الخاص وجهاز الأمن من خلال مدها بوسائل تقنية.
مجلة الاستثمار العدد 45